- المستشفيات بشقيها العمومي والخاص مجرّد محطة لاكتساب الخبرة لا غير
تونس-الصباح
يتواصل، للأسف، وبأكثر حدّة نزيف هجرة الأدمغة في تونس لا سيما من الإطارات الصحية فأكثر من 23 ألف مترشح قدموا في فترة زمنية وجيزة ترشّحهم للهجرة... معضلة تتعمق في ظل وجود أرضية خصبة تشجع على الهجرة على غرار تدني الأجور وارتفاع كلفة العيش وغياب مقومات مناخ ملائم للعمل، خاصة في القطاع الصحي الذي يعاني تراجعا رهيبا ونقصا حادا في الإمكانيات البشرية والمادية..
في آخر إحصائيات للوكالة التونسية للتعاون الفني , بلغ عدد التونسيين المنتدبين بالخارج عن طريق الوكالة التونسية للتعاون الفني، منذ بداية سنة 2024 إلى غاية موفى فيفري الماضي 505 إطارا ينشط أغلبهم في المجال "شبه الطبي" بنسبة 40 بالمائة...
وسجلت الوكالة التونسية للتعاون الفني انخفاضا في عدد المنتدبين مقارنة بنفس الفترة في السنة الماضية، إذ بلغ عددهم 549 شخصا في شهري جانفي وفيفري 2023، حسب إحصائيات نشرت على الموقع الالكتروني للوكالة.
ومثلت ألمانيا الوجهة الأولى للمنتدبين التونسيين بـ 115 منتدبا تليها كندا بـ 92 منتدبا وتوزع الآخرون على بلدان الخليج والبلدان الأوروبية والبلدان الإفريقية. والتحق خلال نفس الفترة 335 شخصا بمراكز عملهم في الخارج.
وتلقت الوكالة 30 عرض انتداب من عديد البلدان على غرار المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وكندا وفرنسا وغيرها في حين لم يتجاوز عدد عروض الانتداب 14 عرضا خلال نفس الفترة من السنة الماضية.
وتجاوز عدد المترشحين 23 ألف مترشح يرغبون في الحصول على فرصة عمل في الخارج عن طريق التعاون الفني، وينتمي أغلبهم إلى قطاع التعليم والصناعة الكهربائية والميكانيكية والالكترونية، فيما بلغ عدد المتعاونين والخبراء أكثر من 25 آلف متعاون..
ويلاحظ في الإحصائيات والمعطيات السالفة الذكر أن ألمانيا أصبحت الوجهة الأولى في استقطاب الكفاءات التونسية بعد أن كان الآمر حكرا على دول الخليج ..
من جهة أخرى وبعيدا عن لغة الأرقام جدير بالذكر أن أسبابا عديدة تقف وراء تنامي هجرة الادمغة وتحديدا الإطارات الطبية والشبه الطبية حيث يتوقّع كثير من أهل الاختصاص أن نقف خلال العشرية القادمة على مستشفيات تونسية دون أطباء آو إطارات شبه طبية في ظل "تسونامي" الهجرة إلى بلدان أوروبية وعربية وافريقية ...
وفي هذا الإطار يعتبر كثيرون أن الإمكانيات المنعدمة في المستشفيات التونسية (سواء العمومية أو حتى الخاصة) جعلت الهجرة لدى الأطباء والإطارات الشبه طبية ضرورة حتمية في ظل النقص الفادح في الإمكانيات وفي الموارد البشرية زد على ذلك تدني الأجر، لتتحول بذلك مستشفياتنا بشقّيها العمومي والخاص إلى مجرد محطة لدى الخريجين الجدد من أطباء وممرضين وإطارات شبه طبية لاكتساب الخبرة لا غير ..
في هذا السياق يرى الباحث والأكاديمي المهتم بالهجرة لطفي السنوسي في معرض تصريحاته مؤخرا لموقع أصوات مغاربية أن أزمة هجرة الكفاءات التونسية مرتبطة بهنات تعيشها الجامعة التونسية إلى جانب تفاقم أزمة التشغيل في تونس وتدني الأجور.
وصرح السنوسي أن 6500 مهندس يغادرون تونس من إجمالي نحو 8 آلاف مهندس يتخرجون سنويا بالجامعات التونسية إلى جانب مغادرة الآلاف من القطاع الطبي لتحسين أوضاعهم الاجتماعية خارج تونس.
وتابع المتحدث أن من أسباب هجرة الكفاءات التونسية تنامي البطالة في صفوف خريجي التعليم العالي بسبب "الاختلال بين ما توفره الجامعات من شهادات علمية وبين ما تطلبه سوق الشغل من حاجات"، مؤكدا أن ميزانيات وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية كانت سنة 2011 في حدود 7.8 بالمائة من ميزانية الدولة التونسية وانخفضت إلى 3.8 بالمائة في 2023.
كما أوضح المتحدث ذاته أن معضلة التشغيل في تونس تأتي في غياب إستراتيجية حكومية للاستفادة من الكفاءات في كل المجالات مبرزا أن المستشفيات التونسية على سبيل المثال باتت تعاني نقصا حادا في أطباء الاختصاص إلى جانب تقلص عدد الكفاءات بالمؤسسات الصناعية وغيرها بسبب الهجرة.
وتوقع السنوسي ألا تتجاوز تونس معضلة هجرة الكفاءات إلا بعد 10 سنوات على أدنى تقدير بسبب الصعوبات المالية الكبيرة التي تواجهها في الأعوام الأخيرة، داعيا السلطات التونسية إلى الاهتمام بالكفاءات وتحفيزها على العمل داخل البلاد ومنحها كل مقومات النجاح محليا.
تجدر الإشارة إلى أن الوكالة التونسية للتعاون الفني كانت قد أعلنت سنة 2023 أنه تم انتداب 4510 متعاون تونسي للعمل في الخارج في وقت شهدت هجرة الأدمغة تطورا بـ 28 بالمائة بين سنتي 2023 و2022 وكانت الكفاءات في الطب والتعليم في مقدمة الاختصاصات المطلوبة في الخارج.
منال حرزي
- المستشفيات بشقيها العمومي والخاص مجرّد محطة لاكتساب الخبرة لا غير
تونس-الصباح
يتواصل، للأسف، وبأكثر حدّة نزيف هجرة الأدمغة في تونس لا سيما من الإطارات الصحية فأكثر من 23 ألف مترشح قدموا في فترة زمنية وجيزة ترشّحهم للهجرة... معضلة تتعمق في ظل وجود أرضية خصبة تشجع على الهجرة على غرار تدني الأجور وارتفاع كلفة العيش وغياب مقومات مناخ ملائم للعمل، خاصة في القطاع الصحي الذي يعاني تراجعا رهيبا ونقصا حادا في الإمكانيات البشرية والمادية..
في آخر إحصائيات للوكالة التونسية للتعاون الفني , بلغ عدد التونسيين المنتدبين بالخارج عن طريق الوكالة التونسية للتعاون الفني، منذ بداية سنة 2024 إلى غاية موفى فيفري الماضي 505 إطارا ينشط أغلبهم في المجال "شبه الطبي" بنسبة 40 بالمائة...
وسجلت الوكالة التونسية للتعاون الفني انخفاضا في عدد المنتدبين مقارنة بنفس الفترة في السنة الماضية، إذ بلغ عددهم 549 شخصا في شهري جانفي وفيفري 2023، حسب إحصائيات نشرت على الموقع الالكتروني للوكالة.
ومثلت ألمانيا الوجهة الأولى للمنتدبين التونسيين بـ 115 منتدبا تليها كندا بـ 92 منتدبا وتوزع الآخرون على بلدان الخليج والبلدان الأوروبية والبلدان الإفريقية. والتحق خلال نفس الفترة 335 شخصا بمراكز عملهم في الخارج.
وتلقت الوكالة 30 عرض انتداب من عديد البلدان على غرار المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وكندا وفرنسا وغيرها في حين لم يتجاوز عدد عروض الانتداب 14 عرضا خلال نفس الفترة من السنة الماضية.
وتجاوز عدد المترشحين 23 ألف مترشح يرغبون في الحصول على فرصة عمل في الخارج عن طريق التعاون الفني، وينتمي أغلبهم إلى قطاع التعليم والصناعة الكهربائية والميكانيكية والالكترونية، فيما بلغ عدد المتعاونين والخبراء أكثر من 25 آلف متعاون..
ويلاحظ في الإحصائيات والمعطيات السالفة الذكر أن ألمانيا أصبحت الوجهة الأولى في استقطاب الكفاءات التونسية بعد أن كان الآمر حكرا على دول الخليج ..
من جهة أخرى وبعيدا عن لغة الأرقام جدير بالذكر أن أسبابا عديدة تقف وراء تنامي هجرة الادمغة وتحديدا الإطارات الطبية والشبه الطبية حيث يتوقّع كثير من أهل الاختصاص أن نقف خلال العشرية القادمة على مستشفيات تونسية دون أطباء آو إطارات شبه طبية في ظل "تسونامي" الهجرة إلى بلدان أوروبية وعربية وافريقية ...
وفي هذا الإطار يعتبر كثيرون أن الإمكانيات المنعدمة في المستشفيات التونسية (سواء العمومية أو حتى الخاصة) جعلت الهجرة لدى الأطباء والإطارات الشبه طبية ضرورة حتمية في ظل النقص الفادح في الإمكانيات وفي الموارد البشرية زد على ذلك تدني الأجر، لتتحول بذلك مستشفياتنا بشقّيها العمومي والخاص إلى مجرد محطة لدى الخريجين الجدد من أطباء وممرضين وإطارات شبه طبية لاكتساب الخبرة لا غير ..
في هذا السياق يرى الباحث والأكاديمي المهتم بالهجرة لطفي السنوسي في معرض تصريحاته مؤخرا لموقع أصوات مغاربية أن أزمة هجرة الكفاءات التونسية مرتبطة بهنات تعيشها الجامعة التونسية إلى جانب تفاقم أزمة التشغيل في تونس وتدني الأجور.
وصرح السنوسي أن 6500 مهندس يغادرون تونس من إجمالي نحو 8 آلاف مهندس يتخرجون سنويا بالجامعات التونسية إلى جانب مغادرة الآلاف من القطاع الطبي لتحسين أوضاعهم الاجتماعية خارج تونس.
وتابع المتحدث أن من أسباب هجرة الكفاءات التونسية تنامي البطالة في صفوف خريجي التعليم العالي بسبب "الاختلال بين ما توفره الجامعات من شهادات علمية وبين ما تطلبه سوق الشغل من حاجات"، مؤكدا أن ميزانيات وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية كانت سنة 2011 في حدود 7.8 بالمائة من ميزانية الدولة التونسية وانخفضت إلى 3.8 بالمائة في 2023.
كما أوضح المتحدث ذاته أن معضلة التشغيل في تونس تأتي في غياب إستراتيجية حكومية للاستفادة من الكفاءات في كل المجالات مبرزا أن المستشفيات التونسية على سبيل المثال باتت تعاني نقصا حادا في أطباء الاختصاص إلى جانب تقلص عدد الكفاءات بالمؤسسات الصناعية وغيرها بسبب الهجرة.
وتوقع السنوسي ألا تتجاوز تونس معضلة هجرة الكفاءات إلا بعد 10 سنوات على أدنى تقدير بسبب الصعوبات المالية الكبيرة التي تواجهها في الأعوام الأخيرة، داعيا السلطات التونسية إلى الاهتمام بالكفاءات وتحفيزها على العمل داخل البلاد ومنحها كل مقومات النجاح محليا.
تجدر الإشارة إلى أن الوكالة التونسية للتعاون الفني كانت قد أعلنت سنة 2023 أنه تم انتداب 4510 متعاون تونسي للعمل في الخارج في وقت شهدت هجرة الأدمغة تطورا بـ 28 بالمائة بين سنتي 2023 و2022 وكانت الكفاءات في الطب والتعليم في مقدمة الاختصاصات المطلوبة في الخارج.