إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في اختتام المهرجان الدولي للعود بالمدينة.. ليلة استثنائية مع نصير شمة.. زرياب العصر

 

تونس -الصباح

أسدل الستار ليلة أول أمس على فعاليات المهرجان الدولي للعود بالمدينة في دورته الثالثة بمسرح الجهات بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي وسط جمهورغفير استمتع وتفاعل مع جل ألحان عازف العود العراقي الكبير نصير شمة، لتمنح ٱخر الحفل ثلاث جوائز لعازفين شبان اعترافا لمواهب تستحق التشجيع.. بتنظيم من النادي الثقافي الطاهر الحداد وتحت إشراف وزارة الثقافة..

ليلة الاختتام استهلت بتسجيل صوتي لأغنية "باقون" مصاحبة لصورة المسجد الأقصى على شاشة ضخمة.. أغنية ذات نفس ثوري تختزل مدى مقاومة وصمود الفلسطينيين كلمات الشاعر حسن عامر غناء احمد جراح وتلحين نصيرشمة، تعرض لأول مرة - حسب ما بينه الفنان المتميز على الدوام في كلمته قبل تدشين العرض قائلا: "مهما قدمنا لما يعانيه الشعب الفلسطيني لا يمكن أن نحقق جزء أو شعرة من حجم الظلم أو المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون، لكن أعتقد أن هذه بداية نهاية الاحتلال الغاشم ونهاية هذه المأساة ونهاية الدم الذي سال بكثافة غير مسبوقة.. ما يحصل في فلسطين هو إبادة حقيقية وكل العالم بدأ يعي بخطورة هذه الإبادة.. وكل رؤساء الدول الذين يدعمون إسرائيل صاروا يُضربون في كل مكان...من رئيس أمريكا نزولا إلى باقي الرؤساء وهذا دليل على أن الشعوب مازالت حية والوجع الفلسطيني الكبير أعطى ثماره.. ونحن جميعا سنشهد دولة فلسطين، عاصمتها القدس إن شاء الله".

تمكن رهيب من ٱلة العود

بإحساسه الذي ليس له مثيل وبأنامله الساحرة عزف نصير شمة خلال الحفل الذي احتضنته قاعة مسرح الجهات، فحرك أحاسيس المستمعين الذين يختلجهم مزيج جراء الاضطرابات اليومية التي نعيش..

عرض تارة ياخذ الحضور إلى أوجاع الشعب العربي وتارة أخرى يحملهم إلى عالم بعيد عن كل الأوجاع والٱلام سواء بألحانه الخاصة أو من خلال "شرقيات" مثل "غدا أفضل" أو "بنت الشلبية" أو ألحان تونسية خالدة على غرار "لاموني إلي غاروا مني" للفنان الراحل الهادي الجويني أو "ما حبيتش وعمري ما نحب" للراحل علي الرياحي .. فبفنه الذي لا حدود له، تمكن نصير شمة ليلة أول أمس من مغازلة الجمهور التونسي ودغدغته، وإن ارتجل بعوده بعض المقاطع الموسيقية تأكيدا على حبه وامتنانه لهذا البلد الذي عاش فيه سنوات طوال ودرس جيلا كاملا من الموسيقيين بالمعهد العالي للموسيقى بتونس..

وهذا وقد عزف الموسيقي العراقي الكبير على يد واحدة وهو أمر ليس بالهين خاصة إذا ما تعلق الأمر بٱلة العود وبالحان معقدة متشعبة بمقامات متنوعة..

++ عمق وثقافة واسعة

خلال سهرة الاختتام أبدع نصير شمة كذلك في عزف "بدايات" و"نقوش" و"قطاف" من شعر التراث ومقطوعات موسيقية تجمع بين العود والجاز، إذ ليس ببعيد أن أحيا حفلات في هذا النمط الموسيقي بأمريكا -حسب مداخلته- تحت عنوان "تأملات الشرق الأوسط" جال فيها الفنان العراقي عدة ولايات مع فنان الجاز وينتون مارسلس واوركسترا..

وهو ما يؤكد أن نصير شمة غالبا ما حرص على مواكبة الموسيقى العصرية دون أن يطمس هوية العود العربي حيث أشار خلال الحفل وهو يتحدث عن جولاته في أمريكا وعن آخر ألحانه إلى أن "آلة العود ذات تاريخ وحضارة يتجاوز عمرها 4000 سنة وقد ظلت في مأمن من عوادي الأيام، حضرت في دور العبادة في بابل ومع الجيوش والشعراء وفي مجالس الغناء وعشقها المفكرون والعلماء من الكندي والفارابي وابن سينا إلى الشعوب التي تسكن اليوم جغرافيا العالم العربي.."

مضيفا :عشق صوت العود ليس وليد اليوم لكنه راسخ في القدم وله تاريخ وأمجاد" ليؤكد أن المهرجان الدولي للعود بالمدينة ما كان لينظم لولا عراقة العود وقيمته الكبيرة في تاريخ الموسيقى العربية والإسلامية.

إذ ليس بالغريب من نصير شمة المثقف الأستاذ العبقري في مجاله أن يقدم محاضرات قيمة وثرية تعكس تمكنا واسعا في الاختصاص وبحوثا متواصلة حول آلة العود، التي ما فتئ أن استفادت منها اجيال واجيال..

 

وليد عبداللاوي

 

في اختتام المهرجان الدولي للعود بالمدينة..   ليلة استثنائية مع نصير شمة.. زرياب العصر

 

تونس -الصباح

أسدل الستار ليلة أول أمس على فعاليات المهرجان الدولي للعود بالمدينة في دورته الثالثة بمسرح الجهات بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي وسط جمهورغفير استمتع وتفاعل مع جل ألحان عازف العود العراقي الكبير نصير شمة، لتمنح ٱخر الحفل ثلاث جوائز لعازفين شبان اعترافا لمواهب تستحق التشجيع.. بتنظيم من النادي الثقافي الطاهر الحداد وتحت إشراف وزارة الثقافة..

ليلة الاختتام استهلت بتسجيل صوتي لأغنية "باقون" مصاحبة لصورة المسجد الأقصى على شاشة ضخمة.. أغنية ذات نفس ثوري تختزل مدى مقاومة وصمود الفلسطينيين كلمات الشاعر حسن عامر غناء احمد جراح وتلحين نصيرشمة، تعرض لأول مرة - حسب ما بينه الفنان المتميز على الدوام في كلمته قبل تدشين العرض قائلا: "مهما قدمنا لما يعانيه الشعب الفلسطيني لا يمكن أن نحقق جزء أو شعرة من حجم الظلم أو المعاناة التي يتعرض لها الفلسطينيون، لكن أعتقد أن هذه بداية نهاية الاحتلال الغاشم ونهاية هذه المأساة ونهاية الدم الذي سال بكثافة غير مسبوقة.. ما يحصل في فلسطين هو إبادة حقيقية وكل العالم بدأ يعي بخطورة هذه الإبادة.. وكل رؤساء الدول الذين يدعمون إسرائيل صاروا يُضربون في كل مكان...من رئيس أمريكا نزولا إلى باقي الرؤساء وهذا دليل على أن الشعوب مازالت حية والوجع الفلسطيني الكبير أعطى ثماره.. ونحن جميعا سنشهد دولة فلسطين، عاصمتها القدس إن شاء الله".

تمكن رهيب من ٱلة العود

بإحساسه الذي ليس له مثيل وبأنامله الساحرة عزف نصير شمة خلال الحفل الذي احتضنته قاعة مسرح الجهات، فحرك أحاسيس المستمعين الذين يختلجهم مزيج جراء الاضطرابات اليومية التي نعيش..

عرض تارة ياخذ الحضور إلى أوجاع الشعب العربي وتارة أخرى يحملهم إلى عالم بعيد عن كل الأوجاع والٱلام سواء بألحانه الخاصة أو من خلال "شرقيات" مثل "غدا أفضل" أو "بنت الشلبية" أو ألحان تونسية خالدة على غرار "لاموني إلي غاروا مني" للفنان الراحل الهادي الجويني أو "ما حبيتش وعمري ما نحب" للراحل علي الرياحي .. فبفنه الذي لا حدود له، تمكن نصير شمة ليلة أول أمس من مغازلة الجمهور التونسي ودغدغته، وإن ارتجل بعوده بعض المقاطع الموسيقية تأكيدا على حبه وامتنانه لهذا البلد الذي عاش فيه سنوات طوال ودرس جيلا كاملا من الموسيقيين بالمعهد العالي للموسيقى بتونس..

وهذا وقد عزف الموسيقي العراقي الكبير على يد واحدة وهو أمر ليس بالهين خاصة إذا ما تعلق الأمر بٱلة العود وبالحان معقدة متشعبة بمقامات متنوعة..

++ عمق وثقافة واسعة

خلال سهرة الاختتام أبدع نصير شمة كذلك في عزف "بدايات" و"نقوش" و"قطاف" من شعر التراث ومقطوعات موسيقية تجمع بين العود والجاز، إذ ليس ببعيد أن أحيا حفلات في هذا النمط الموسيقي بأمريكا -حسب مداخلته- تحت عنوان "تأملات الشرق الأوسط" جال فيها الفنان العراقي عدة ولايات مع فنان الجاز وينتون مارسلس واوركسترا..

وهو ما يؤكد أن نصير شمة غالبا ما حرص على مواكبة الموسيقى العصرية دون أن يطمس هوية العود العربي حيث أشار خلال الحفل وهو يتحدث عن جولاته في أمريكا وعن آخر ألحانه إلى أن "آلة العود ذات تاريخ وحضارة يتجاوز عمرها 4000 سنة وقد ظلت في مأمن من عوادي الأيام، حضرت في دور العبادة في بابل ومع الجيوش والشعراء وفي مجالس الغناء وعشقها المفكرون والعلماء من الكندي والفارابي وابن سينا إلى الشعوب التي تسكن اليوم جغرافيا العالم العربي.."

مضيفا :عشق صوت العود ليس وليد اليوم لكنه راسخ في القدم وله تاريخ وأمجاد" ليؤكد أن المهرجان الدولي للعود بالمدينة ما كان لينظم لولا عراقة العود وقيمته الكبيرة في تاريخ الموسيقى العربية والإسلامية.

إذ ليس بالغريب من نصير شمة المثقف الأستاذ العبقري في مجاله أن يقدم محاضرات قيمة وثرية تعكس تمكنا واسعا في الاختصاص وبحوثا متواصلة حول آلة العود، التي ما فتئ أن استفادت منها اجيال واجيال..

 

وليد عبداللاوي