إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نبيل عمرو الوزير و المسؤول الاعلامي السابق في السلطة الفلسطينية لـ"الصباح": ليس من الواضح إلى أين ستقودنا الحرب في غزة ولا مبرر للخلافات الفلسطينية ولابد من عودة كل الفصائل تحت مظلة منظمة التحرير..

تونس- الصباح

دعا نبيل عمرو إلى عودة وانضواء جميع الفصائل الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية دون تحفظات أو شروط، وقال في حديث خص به "الصباح"، "لا يوجد مبرر لاستمرار الانقسام الفلسطيني، لذلك نقول أنه لابد من عودة الجميع داخل منظمة التحرير الفلسطينية دون تحفظات أو شروط"، كما قلل نبيل عمرو من شأن الخلافات السياسية والعسكرية الإسرائيلية الداخلية وتأثيرها على حرب الإبادة في غزة، معتبرا أن هناك إجماعا في إسرائيل حول مواصلة الحرب، وقال نبيل عمرو الوزير الأسبق في السلطة الفلسطينية ومستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لشؤون الثقافة والإعلام، وعضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين انه من غير المتوقع أن يتغير المشهد في إسرائيل أو تتغير العقليات بمغادرة ناتنياهو..، وفيما يلي نص الحديث.

حوار: آسيا العتروس

* أكثر من خمسة أشهر تمر على حرب الإبادة الجماعية في غزة دون أن يحرك العالم ساكنا..،متى وكيف ستكون نهاية هذه الحرب وما هي السيناريوهات القائمة؟

-لا أحد يعرف الخلاصات النهائية لما يجري في غزة هناك تشابك في القوى والأجندات، وهناك عجز دولي، وهناك تفوق عسكري إجرامي، المشهد من الممكن أن نشاهده كما هو ودون خلاصات. هناك تجمع الآن عند مدينة رفح وهناك أيضا ضغوط أمريكية يهدف إلى أن تقوم إسرائيل بمعالجة قضية المدنيين قبل اجتياح رفح. من جانب آخر المفاوضات مستمرة ومآلاتها غير واضحة، المساعدات نسبيا بدأت تصل ولكن المشكلة لا تزال قائمة ولا توجد صيغة لإدخال المزيد فغزة تحتاج لأكثر مما تحصل. علينا التوضيح أن القضية ليست قضية مساعدات إنسانية، مصير غزة مطروح اليوم على البحث وهذا مرتبط بنتائج الحرب. الدور الأمريكي متفق مع إسرائيل حول الأهداف ولكنه مختلف حول الوسائل، الوضع الداخلي والاحتجاجات الشعبية تشير إلى أن الوضع الداخلي لم يعد يحتمل المزيد هناك تذمر داخل الحزبين الديموقراطي والجمهوري مع استمرار حرب التدمير والمذابح. الموقف الأمريكي يريد نتائج ولكن له تحفظات على إسرائيل. بعبارة أخرى الموقف الأمريكي يريد تقليل المآسي وهذه مقاربة غير منطقية في نهاية المطاف.

*ما مدى تأثير الخلافات الإسرائيلية- الإسرائيلية الداخلية داخل المجلس الأمني والكنيست وحتى الشارع الإسرائيلي على ما يجري في غزة وهل لهذه المفاضلة بين ناتنياهو وغانتس أي معنى؟

-فيما يتعلق بما يجري في غزة ليس هناك أي تأثير هناك شبة إجماع إسرائيلي على ضرورة مواصلة الحرب، فهناك تميزات ومطالب بانتخابات مبكرة باعتبار أنهم غير راضين عن أداء ناتنياهو في إدارة الحرب والفشل أيضا في استباق عملية طوفان الأقصى. الوضع قابل للتطور وربما تكون هناك انتخابات مبكرة بشأن المفاضلة بين ناتنياهو وغانتس فهذا أمر معلن وتؤكده استطلاعات الرأي، وغانتس يحظى في استطلاعات الرأي بالأسبقية ويمكن أن يحصل على 40 مقعدا مقابل 20 لناتنياهو وهذا أيضا لا يعني انه إذا ذهب ناتنياهو سيكون هناك عقلية تقبل بدولة فلسطينية أو بحق الشعب الفلسطيني الأمر يتعلق بصراع داخلي لا تبنى عليه آمال والصراع هنا على السلطة والحكم.

*لماذا كل هذا العجز في إدخال المساعدات؟

-عملية إدخال المساعدات إلى غزة اتخذت شكل فيلم هوليوودي، كما لو أنه مشتق من مشاهد الأفلام التي أُنتجت عن الحرب العالمية الثانية.

منذ بداية الحرب، والعالم يهتم بإدخال المساعدات الإغاثية أكثر من اهتمامه بوقف الحرب، وكان هذا بمثابة اختبار ميداني للقدرات، أظهر على مدى أشهر طويلة عجزاً مطبقاً في أمر إدخال ما دون الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية لمليونين ونصف مليون آدمي، فُرض على كل فرد منهم أن يقضي نحبه أو ينتظر.

أقامت إسرائيل سداً لا ثغرات فيه يمنع دخول المساعدات التي تكدست وراء المعابر الحدودية حيث شوهدت آلاف الشاحنات تنتظر إشارة من يد جندي إسرائيلي كي تدخل إلى حيث يتم التفتيش الذي يستغرق ساعات، وأحياناً أياماً، ما حدا بدول الجوار مصر والأردن إلى إرسال مساعداتهم عبر الطائرات، وكانت هذه الوسيلة المبتكرة في بلادنا فاتحة لأن تحذو أميركا حذوها فترسل حاملات الساندويشات. ولسوء حظ المنتظرين على الأرض المحروقة أن بعض الأطفال ماتوا سحقاً تحت الصناديق الهابطة من السماء.

*إحداث ميناء لإيصال المساعدات ما الهدف من ذلك ولماذا الآن؟

-بالتأكيد هناك أهداف من وراء هذا الميناء البحري، وهذا يؤكد تورط أمريكا في هذه الحرب بوسائل متعددة من تزويد بالسلاح وضخ الأموال تم تقديم نحو 18 مليار دولار منذ بدء الحرب كل هذا إلى جانب وجود خبراء عسكريين وضباط مزدوجي الجنسية. أمريكا موجودة في هذه الحرب وتطور وجودها في الميناء، والإنزال الجوي ورعاية المحادثات هو تأكيد على الحضور الأمريكي في المنطقة الآن وما بعد الآن. أمريكا موجودة في الترتيبات تمارس الضغط في لبنان وفي البحر الأحمر. أميركا التي ظهرت في هذه الحرب كأصغر دولة في العالم، ترغب في إيصال مساعدات ولم تستطع، وبعد أن وصلت اللعبة مع إسرائيل، حد استحالة زيادة المسموح به ولو بشاحنة واحدة، قررت معالجة الأمر من البحر، ولكن بما لا يزعج إسرائيل، ما دامت كل الصناديق تخضع لتفتيش منها، وما دامت الثغرة البحرية التي فُتحت في الجدار المغلق تنسجم مع ما كانت تطرحه إسرائيل قبل هذه الحرب، من حلول لحياة المحاصرين، ومنها ما هو أكثر من ميناء طوارئ، بل مدينة عائمة على سطح البحر، بما يعني أن إسرائيل تواصل حصارها براً، وبصورة مطلقة وتفتح ثغرة تتحكم منها بالهواء الذي يتنفسه أهل غزة. الأميركيون يأتون هذه المرة على خلاف المرة السابقة، فبدل حاملات الطائرات العملاقة التي وصلت لدعم إسرائيل وحمايتها من احتمالات اتساع نطاق الحرب بعد موقعة السابع من أكتوبر، وهي في قاع الإحباط والانهيار المعنوي، ها هي تأتي لحماية نتائج الحرب المشتركة بينها وبين إسرائيل، التي ما زالت توصف باليوم التالي.

*هل هي بداية اليوم التالي للحرب؟

- الميناء المؤقت هو شكل من أشكال الحضور الأميركي في سيناريوهات ما بعد الحرب، وباللغة العسكرية هو رأس جسر لإنزالات، ليس بالضرورة أن تكون جنوداً ودبابات ومدافع، وإذا ما سلّمنا بحقيقة أنها حرب مشتركة عنوانها «حماس» وهدفها المباشر إنهاء حكمها وسلاحها، فإن كل ما سيأتي في اليوم التالي وما بعده سيكون مشتركاً ومنسقاً بدقة مع الإسرائيليين، دون استبعاد التنسيق، ولو من الدرجة الثانية مع غيرهم.

أميركا في حرب غزة ليست مجرد ميناء مؤقت حتى نحاكمه كما لو أنه مؤامرة، ونطالب أميركا بالتراجع عنها، ولا مجرد وسيط لإنجاز هدنة وتبادل، إنها المهندس الشامل لنفوذها في المنطقة وفي كل العالم ولأذرعها الإقليمية التي تتفق معها على إنهاء حكم "حماس" في غزة، وتقويض رأس ماله الأساسي، السلاح.

أميركا التي تتحدث عمّا بعد الحرب أكثر مما تتحدث عن الحرب ذاتها، ليست بحاجة إلى إرسال قوات لغزة، فالجنود الإسرائيليون أو مزدوجو الجنسية يكفون ويزيدون، ورؤوس الجسور الأميركية المنتشرة في جميع جغرافيات الشرق الأوسط تحتاج إلى استكمال ضروري، وهذه المرة في غزة، وذلك وفق منطق أن نفوذ الدول وخصوصاً العظمى منها لا يقف عند حد .

*إزاء كل ما سبق أليس الحديث اليوم عن حكومة وطنية واندلاع الحرب الكلامية وحرب البيانات بين "فتح" و"حماس" هو الطعم أو الفخ لمزيد الانقسامات والصراعات؟

-من الذي يضع الطعم..، الخلاف قائم بين "فتح" و"حماس" مهما كانت المعاناة التي نعيش على وقعها، ولا يمكن إخفاء ذلك أو وضعه على شماعة المؤامرة. ما يحدث من حرب كلامية يؤكد أن الطبيعة السياسية الفلسطينية غير كفأة وليست بمستوى إدارة الأحداث سواء الحاكمة أو المعارضة. كان هناك أكثر من حوار في الجزائر وموسكو وفشلت حكومة التكنوقراط لا احد راض عنها وهي تعكس تخبط السلطة في وقت تتفاقم فيه معاناة الفلسطينيين .

*هل من أمل متبق مع العدل الدولية؟

-العدل الدولية لا توقف ما تفعله إسرائيل التي تستثني نفسها من كل الشرائع الدولية وهي تعتبر أنها خارجة عن النطاق كله ومحصنة من كل الملاحقات، بالنسبة لنا كفلسطينيين فان وجود إسرائيل في قفص الاتهام جزء من المعركة وهذا ضد الرواية الإسرائيلية الزائفة.

*ما المطلوب اليوم فلسطينيا عربيا ودوليا؟

-مع الأسف الذي يحدد القدرات ليس الحقوقيون، العالم يفكر فيما بعد هذه الحرب وسيتعين انتظار المعركة الأكبر السياسية لتحديد مصير الشعب الفلسطيني، طبعا الدعم الدولي مهم جدا وهذا لا يعني بالضرورة انه إذا وقف العالم معنا انه سيردع إسرائيل. هناك تطور كبير ومهم في التعاطف الشعبي في هذه المرحلة ولكن يجب أن يكون هناك تطور جدي فلسطيني وعربي لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه نحن إزاء معركة طويلة لن تتحقق في يوم. تطور الموقف الأوروبي مؤسسيا مهم جدا وفي مصلحة الشعب الفلسطيني، السجال قائم داخل الساحة الفلسطينية.

فلسطينيا لا يوجد مبرر لاستمرار الانقسام الفلسطيني لذلك نقول انه لابد من عودة الجميع داخل منظمة التحرير الفلسطينية دون تحفظات أو شروط، ونذهب إلى انتخابات عامة في الوقت المناسب، هناك نخب تأخذ شرعيات متعددة ولكن يجب ألا تكون على رأس الاجندا ولذلك يجب إعادة الأمانة للشعب لانتخاب برلمان وحكومة.. دعنا نقول أن كل هذا قد يبدو غير مناسب الآن.

*هل يمكن أن يمتد "السيناريو" الراهن في غزة إلى الضفة؟

-صعب..، إمكانيات الحرب غير متوفرة. المقاومة مستمرة في الضفة بكل الوسائل المتاحة وما دام هناك احتلال ستظل هناك مقاومة. الضفة بكل مقوماتها التعليمية وبكل بنيتها لا يمكن ابتلاعها رغم قدرات الاحتلال. الضفة تقاوم منذ أول يوم بعد الـ67 وكل بيئة تقاوم بما توفر لها. هناك على الأرض صراع ترعاه أمريكا وتموله وليس من المتوقع أن يأتي أي طرف سواء الاتحاد الأوروبي أو أمريكا اللاتينية أو غيرها من الأطراف المتضامنة مع القضية الفلسطينية.

الرأي العام العالمي والمؤسساتي له دور سياسي مهم للقضية الفلسطينية ولكن إمكانية العمل على الأرض محدودة ما دامت أمريكا تقود العملية.

القضية قضية إمكانيات ولا يمكن للشرق الأوسط أن يعرف الاستقرار دون حل القضية الفلسطينية.

*هل ما زال حل الدولتين قائم؟

-أوسلو فشل ولا يعني هذا أن فكرة السلام انتهت الآن، العالم بدأ يفكر جديا انه إذا أرادت تحقيق الاستقرار في المنطقة لا بد من منح الشعب الفلسطيني حقوقه وإقامة دولته على حدود الـ67 وعاصمتها القدس الشرقية مع حل قضية اللاجئين. العالم اجمع على ذلك كيف سنتعامل نحن كعرب مع كل التطورات ونعمل في هذا الإطار أو نختلف هذه مسألة أخرى والأولوية لوحدة وطنية فلسطينية وعربية ودولية وهنا أهمية الدور الأوروبي.

*حسب اعتقادك، هل مازال هناك دور عربي يمكن التعويل عليه بعد كل هذا الصمت؟

-بالتأكيد وخصوصا السعودية والخليج ومصر وإذا جر تنسيق عربية واستخدام الأوراق لمصلحة القضية الفلسطينية.

*وماذا عن التطبيع؟

-التطبيع أصبح حقيقة مطلوبة دوليا والسعودية وضعت شروطا للتطبيع وهي لا ترفض من حيث المبدأ إذا تم تلبية الحقوق الفلسطينية.

القضية مرتبطة بسيادة الدول وعلى الدول العربية المطبعة أو غير المطبعة أن تتخذ موقفا حازما.. إذا حدث ذلك سيكون مهما. أمامنا معركة طويلة وتحتاج لكل الجهود والقوى. بعد نهاية الحرب سنواجه احتمالين، إما أن يذهب العالم بجدية نحو حل الدولتين بما يوفر فرصة حقيقية لقيام دولة فلسطينية. وإما أن تفتر همة العالم ليعود حل الدولتين من جديد مجرد شعار تملك إسرائيل قدرة على إعاقة تنفيذه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نبيل عمرو الوزير و المسؤول الاعلامي السابق في السلطة الفلسطينية لـ"الصباح":   ليس من الواضح إلى أين ستقودنا الحرب في غزة ولا مبرر للخلافات الفلسطينية ولابد من عودة كل الفصائل تحت مظلة منظمة التحرير..

تونس- الصباح

دعا نبيل عمرو إلى عودة وانضواء جميع الفصائل الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية دون تحفظات أو شروط، وقال في حديث خص به "الصباح"، "لا يوجد مبرر لاستمرار الانقسام الفلسطيني، لذلك نقول أنه لابد من عودة الجميع داخل منظمة التحرير الفلسطينية دون تحفظات أو شروط"، كما قلل نبيل عمرو من شأن الخلافات السياسية والعسكرية الإسرائيلية الداخلية وتأثيرها على حرب الإبادة في غزة، معتبرا أن هناك إجماعا في إسرائيل حول مواصلة الحرب، وقال نبيل عمرو الوزير الأسبق في السلطة الفلسطينية ومستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لشؤون الثقافة والإعلام، وعضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين انه من غير المتوقع أن يتغير المشهد في إسرائيل أو تتغير العقليات بمغادرة ناتنياهو..، وفيما يلي نص الحديث.

حوار: آسيا العتروس

* أكثر من خمسة أشهر تمر على حرب الإبادة الجماعية في غزة دون أن يحرك العالم ساكنا..،متى وكيف ستكون نهاية هذه الحرب وما هي السيناريوهات القائمة؟

-لا أحد يعرف الخلاصات النهائية لما يجري في غزة هناك تشابك في القوى والأجندات، وهناك عجز دولي، وهناك تفوق عسكري إجرامي، المشهد من الممكن أن نشاهده كما هو ودون خلاصات. هناك تجمع الآن عند مدينة رفح وهناك أيضا ضغوط أمريكية يهدف إلى أن تقوم إسرائيل بمعالجة قضية المدنيين قبل اجتياح رفح. من جانب آخر المفاوضات مستمرة ومآلاتها غير واضحة، المساعدات نسبيا بدأت تصل ولكن المشكلة لا تزال قائمة ولا توجد صيغة لإدخال المزيد فغزة تحتاج لأكثر مما تحصل. علينا التوضيح أن القضية ليست قضية مساعدات إنسانية، مصير غزة مطروح اليوم على البحث وهذا مرتبط بنتائج الحرب. الدور الأمريكي متفق مع إسرائيل حول الأهداف ولكنه مختلف حول الوسائل، الوضع الداخلي والاحتجاجات الشعبية تشير إلى أن الوضع الداخلي لم يعد يحتمل المزيد هناك تذمر داخل الحزبين الديموقراطي والجمهوري مع استمرار حرب التدمير والمذابح. الموقف الأمريكي يريد نتائج ولكن له تحفظات على إسرائيل. بعبارة أخرى الموقف الأمريكي يريد تقليل المآسي وهذه مقاربة غير منطقية في نهاية المطاف.

*ما مدى تأثير الخلافات الإسرائيلية- الإسرائيلية الداخلية داخل المجلس الأمني والكنيست وحتى الشارع الإسرائيلي على ما يجري في غزة وهل لهذه المفاضلة بين ناتنياهو وغانتس أي معنى؟

-فيما يتعلق بما يجري في غزة ليس هناك أي تأثير هناك شبة إجماع إسرائيلي على ضرورة مواصلة الحرب، فهناك تميزات ومطالب بانتخابات مبكرة باعتبار أنهم غير راضين عن أداء ناتنياهو في إدارة الحرب والفشل أيضا في استباق عملية طوفان الأقصى. الوضع قابل للتطور وربما تكون هناك انتخابات مبكرة بشأن المفاضلة بين ناتنياهو وغانتس فهذا أمر معلن وتؤكده استطلاعات الرأي، وغانتس يحظى في استطلاعات الرأي بالأسبقية ويمكن أن يحصل على 40 مقعدا مقابل 20 لناتنياهو وهذا أيضا لا يعني انه إذا ذهب ناتنياهو سيكون هناك عقلية تقبل بدولة فلسطينية أو بحق الشعب الفلسطيني الأمر يتعلق بصراع داخلي لا تبنى عليه آمال والصراع هنا على السلطة والحكم.

*لماذا كل هذا العجز في إدخال المساعدات؟

-عملية إدخال المساعدات إلى غزة اتخذت شكل فيلم هوليوودي، كما لو أنه مشتق من مشاهد الأفلام التي أُنتجت عن الحرب العالمية الثانية.

منذ بداية الحرب، والعالم يهتم بإدخال المساعدات الإغاثية أكثر من اهتمامه بوقف الحرب، وكان هذا بمثابة اختبار ميداني للقدرات، أظهر على مدى أشهر طويلة عجزاً مطبقاً في أمر إدخال ما دون الحد الأدنى من المستلزمات الحياتية لمليونين ونصف مليون آدمي، فُرض على كل فرد منهم أن يقضي نحبه أو ينتظر.

أقامت إسرائيل سداً لا ثغرات فيه يمنع دخول المساعدات التي تكدست وراء المعابر الحدودية حيث شوهدت آلاف الشاحنات تنتظر إشارة من يد جندي إسرائيلي كي تدخل إلى حيث يتم التفتيش الذي يستغرق ساعات، وأحياناً أياماً، ما حدا بدول الجوار مصر والأردن إلى إرسال مساعداتهم عبر الطائرات، وكانت هذه الوسيلة المبتكرة في بلادنا فاتحة لأن تحذو أميركا حذوها فترسل حاملات الساندويشات. ولسوء حظ المنتظرين على الأرض المحروقة أن بعض الأطفال ماتوا سحقاً تحت الصناديق الهابطة من السماء.

*إحداث ميناء لإيصال المساعدات ما الهدف من ذلك ولماذا الآن؟

-بالتأكيد هناك أهداف من وراء هذا الميناء البحري، وهذا يؤكد تورط أمريكا في هذه الحرب بوسائل متعددة من تزويد بالسلاح وضخ الأموال تم تقديم نحو 18 مليار دولار منذ بدء الحرب كل هذا إلى جانب وجود خبراء عسكريين وضباط مزدوجي الجنسية. أمريكا موجودة في هذه الحرب وتطور وجودها في الميناء، والإنزال الجوي ورعاية المحادثات هو تأكيد على الحضور الأمريكي في المنطقة الآن وما بعد الآن. أمريكا موجودة في الترتيبات تمارس الضغط في لبنان وفي البحر الأحمر. أميركا التي ظهرت في هذه الحرب كأصغر دولة في العالم، ترغب في إيصال مساعدات ولم تستطع، وبعد أن وصلت اللعبة مع إسرائيل، حد استحالة زيادة المسموح به ولو بشاحنة واحدة، قررت معالجة الأمر من البحر، ولكن بما لا يزعج إسرائيل، ما دامت كل الصناديق تخضع لتفتيش منها، وما دامت الثغرة البحرية التي فُتحت في الجدار المغلق تنسجم مع ما كانت تطرحه إسرائيل قبل هذه الحرب، من حلول لحياة المحاصرين، ومنها ما هو أكثر من ميناء طوارئ، بل مدينة عائمة على سطح البحر، بما يعني أن إسرائيل تواصل حصارها براً، وبصورة مطلقة وتفتح ثغرة تتحكم منها بالهواء الذي يتنفسه أهل غزة. الأميركيون يأتون هذه المرة على خلاف المرة السابقة، فبدل حاملات الطائرات العملاقة التي وصلت لدعم إسرائيل وحمايتها من احتمالات اتساع نطاق الحرب بعد موقعة السابع من أكتوبر، وهي في قاع الإحباط والانهيار المعنوي، ها هي تأتي لحماية نتائج الحرب المشتركة بينها وبين إسرائيل، التي ما زالت توصف باليوم التالي.

*هل هي بداية اليوم التالي للحرب؟

- الميناء المؤقت هو شكل من أشكال الحضور الأميركي في سيناريوهات ما بعد الحرب، وباللغة العسكرية هو رأس جسر لإنزالات، ليس بالضرورة أن تكون جنوداً ودبابات ومدافع، وإذا ما سلّمنا بحقيقة أنها حرب مشتركة عنوانها «حماس» وهدفها المباشر إنهاء حكمها وسلاحها، فإن كل ما سيأتي في اليوم التالي وما بعده سيكون مشتركاً ومنسقاً بدقة مع الإسرائيليين، دون استبعاد التنسيق، ولو من الدرجة الثانية مع غيرهم.

أميركا في حرب غزة ليست مجرد ميناء مؤقت حتى نحاكمه كما لو أنه مؤامرة، ونطالب أميركا بالتراجع عنها، ولا مجرد وسيط لإنجاز هدنة وتبادل، إنها المهندس الشامل لنفوذها في المنطقة وفي كل العالم ولأذرعها الإقليمية التي تتفق معها على إنهاء حكم "حماس" في غزة، وتقويض رأس ماله الأساسي، السلاح.

أميركا التي تتحدث عمّا بعد الحرب أكثر مما تتحدث عن الحرب ذاتها، ليست بحاجة إلى إرسال قوات لغزة، فالجنود الإسرائيليون أو مزدوجو الجنسية يكفون ويزيدون، ورؤوس الجسور الأميركية المنتشرة في جميع جغرافيات الشرق الأوسط تحتاج إلى استكمال ضروري، وهذه المرة في غزة، وذلك وفق منطق أن نفوذ الدول وخصوصاً العظمى منها لا يقف عند حد .

*إزاء كل ما سبق أليس الحديث اليوم عن حكومة وطنية واندلاع الحرب الكلامية وحرب البيانات بين "فتح" و"حماس" هو الطعم أو الفخ لمزيد الانقسامات والصراعات؟

-من الذي يضع الطعم..، الخلاف قائم بين "فتح" و"حماس" مهما كانت المعاناة التي نعيش على وقعها، ولا يمكن إخفاء ذلك أو وضعه على شماعة المؤامرة. ما يحدث من حرب كلامية يؤكد أن الطبيعة السياسية الفلسطينية غير كفأة وليست بمستوى إدارة الأحداث سواء الحاكمة أو المعارضة. كان هناك أكثر من حوار في الجزائر وموسكو وفشلت حكومة التكنوقراط لا احد راض عنها وهي تعكس تخبط السلطة في وقت تتفاقم فيه معاناة الفلسطينيين .

*هل من أمل متبق مع العدل الدولية؟

-العدل الدولية لا توقف ما تفعله إسرائيل التي تستثني نفسها من كل الشرائع الدولية وهي تعتبر أنها خارجة عن النطاق كله ومحصنة من كل الملاحقات، بالنسبة لنا كفلسطينيين فان وجود إسرائيل في قفص الاتهام جزء من المعركة وهذا ضد الرواية الإسرائيلية الزائفة.

*ما المطلوب اليوم فلسطينيا عربيا ودوليا؟

-مع الأسف الذي يحدد القدرات ليس الحقوقيون، العالم يفكر فيما بعد هذه الحرب وسيتعين انتظار المعركة الأكبر السياسية لتحديد مصير الشعب الفلسطيني، طبعا الدعم الدولي مهم جدا وهذا لا يعني بالضرورة انه إذا وقف العالم معنا انه سيردع إسرائيل. هناك تطور كبير ومهم في التعاطف الشعبي في هذه المرحلة ولكن يجب أن يكون هناك تطور جدي فلسطيني وعربي لتمكين الشعب الفلسطيني من حقه نحن إزاء معركة طويلة لن تتحقق في يوم. تطور الموقف الأوروبي مؤسسيا مهم جدا وفي مصلحة الشعب الفلسطيني، السجال قائم داخل الساحة الفلسطينية.

فلسطينيا لا يوجد مبرر لاستمرار الانقسام الفلسطيني لذلك نقول انه لابد من عودة الجميع داخل منظمة التحرير الفلسطينية دون تحفظات أو شروط، ونذهب إلى انتخابات عامة في الوقت المناسب، هناك نخب تأخذ شرعيات متعددة ولكن يجب ألا تكون على رأس الاجندا ولذلك يجب إعادة الأمانة للشعب لانتخاب برلمان وحكومة.. دعنا نقول أن كل هذا قد يبدو غير مناسب الآن.

*هل يمكن أن يمتد "السيناريو" الراهن في غزة إلى الضفة؟

-صعب..، إمكانيات الحرب غير متوفرة. المقاومة مستمرة في الضفة بكل الوسائل المتاحة وما دام هناك احتلال ستظل هناك مقاومة. الضفة بكل مقوماتها التعليمية وبكل بنيتها لا يمكن ابتلاعها رغم قدرات الاحتلال. الضفة تقاوم منذ أول يوم بعد الـ67 وكل بيئة تقاوم بما توفر لها. هناك على الأرض صراع ترعاه أمريكا وتموله وليس من المتوقع أن يأتي أي طرف سواء الاتحاد الأوروبي أو أمريكا اللاتينية أو غيرها من الأطراف المتضامنة مع القضية الفلسطينية.

الرأي العام العالمي والمؤسساتي له دور سياسي مهم للقضية الفلسطينية ولكن إمكانية العمل على الأرض محدودة ما دامت أمريكا تقود العملية.

القضية قضية إمكانيات ولا يمكن للشرق الأوسط أن يعرف الاستقرار دون حل القضية الفلسطينية.

*هل ما زال حل الدولتين قائم؟

-أوسلو فشل ولا يعني هذا أن فكرة السلام انتهت الآن، العالم بدأ يفكر جديا انه إذا أرادت تحقيق الاستقرار في المنطقة لا بد من منح الشعب الفلسطيني حقوقه وإقامة دولته على حدود الـ67 وعاصمتها القدس الشرقية مع حل قضية اللاجئين. العالم اجمع على ذلك كيف سنتعامل نحن كعرب مع كل التطورات ونعمل في هذا الإطار أو نختلف هذه مسألة أخرى والأولوية لوحدة وطنية فلسطينية وعربية ودولية وهنا أهمية الدور الأوروبي.

*حسب اعتقادك، هل مازال هناك دور عربي يمكن التعويل عليه بعد كل هذا الصمت؟

-بالتأكيد وخصوصا السعودية والخليج ومصر وإذا جر تنسيق عربية واستخدام الأوراق لمصلحة القضية الفلسطينية.

*وماذا عن التطبيع؟

-التطبيع أصبح حقيقة مطلوبة دوليا والسعودية وضعت شروطا للتطبيع وهي لا ترفض من حيث المبدأ إذا تم تلبية الحقوق الفلسطينية.

القضية مرتبطة بسيادة الدول وعلى الدول العربية المطبعة أو غير المطبعة أن تتخذ موقفا حازما.. إذا حدث ذلك سيكون مهما. أمامنا معركة طويلة وتحتاج لكل الجهود والقوى. بعد نهاية الحرب سنواجه احتمالين، إما أن يذهب العالم بجدية نحو حل الدولتين بما يوفر فرصة حقيقية لقيام دولة فلسطينية. وإما أن تفتر همة العالم ليعود حل الدولتين من جديد مجرد شعار تملك إسرائيل قدرة على إعاقة تنفيذه.