إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. فرنسا ماكرون والحرب على غزة ...

 

ما سيبقى عالقا في الذاكرة عن الدور الفرنسي في الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة منذ 169 يوما أن الرئيس الفرنسي ماكرون ظل على موقفه بأنه من حق إسرائيل الدفاع عن النفس نافيا هذا الحق عن الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال منذ عقود وما سيبقى عالقا في الذاكرة دعوة ماكرون الذي انضم إلى قافلة القادة الغربيين الذين توافدوا على إسرائيل بعد طوفان الأقصى لتشكيل تحالف دولي ضد حماس على غرار التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق وتجاهل ماكرون رجل السياسة والاقتصاد وهو المولع بالتاريخ والفن والمسرح والأدب أن في فلسطين شعب يعاني ظلم الاحتلال منذ سبعة عقود وأكثر وأن في غزة مليوني فلسطيني يعيشون في سجن مفتوح يتدبرون أمرهم بما توفر ولا حق لهم في الكرامة أو التنقل أو السفر ..

وسيبقى في الذاكرة أيضا أن فرنسا ماكرون التي أضاءت برج ايفل بألوان علم كيان الاحتلال ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر بأكثر من أربعة آلاف جندي للقتال في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة ..

ما سيبقى عالقا أيضا ما أقدمت عليه فرنسا من اهانة للمناضلة الفلسطينية التاريخية مريم أبو دقة التي تعرضت للسجن في فرنسا بعد دعوتها بشكل رسمي للمشاركة في محاضرات في هذا البلد... صحيح أن هؤلاء يشاركون في الحرب بدافع شخصي قد يكون إيديولوجيا أو ماليا بدافع الكسب باعتبار المغريات التي يقدمها كيان الاحتلال للمرتزقة الذين يستخدمهم من شتى أنحاء العالم ولكنهم في نهاية المطاف فرنسيون وهم بذلك يكرسون عقلية وثقافة مرتزقة بودينارالين اختصوا في الانقلابات في إفريقيا ..

صحيح أن فرنسا ماكرون عدلت بعضا من مواقفها مع تفاقم فضاعات الحرب وتواتر الاحتجاجات في الشارع الفرنسي رغم كل القيود والعقوبات التي فرضت على المحتجين وكذلك مع دخول العدل الدولية على الخط واعتبار ما يجري ضد الفلسطينيين جريمة إبادة جماعية موثقة.. ولكن الموقف الفرنسي ظل عند خط حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في كل موقف يعلنه الاليزي... و من هذا المنطلق فان وصف متحدث وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان، أمس مشاهد إهانة جندي إسرائيلي من أصل فرنسي، لفلسطينيين معصوبي الأعين في غزة بأنها “صادمة ومقززة”... بعد انتشار الفيديو في كل المواقع وما أثاره من ردود فعل وانتقادات وذهب لوموان إلى أن القضاء الفرنسي هو السلطة المختصة بالنظر في الجرائم المرتكبة بالدول الأجنبية من قبل أشخاص يحملون الجنسية الفرنسية، ويمارس هذه السلطة بشكل مستقل وفقا للمبدأ الدستوري للفصل بين السلطات..".

الحقيقة إن المسؤول الفرنسي حضرته أشياء وغابت عنه أشياء فما أقدم عليه الجندي الفرنسي الإسرائيلي من اهانة لمعتقلين فلسطينيين يفترض أنهم أسرى حرب ويفترض أنهم في حماية اتفاقية جنيف لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات لكن فرنسا بلد الحقوق والحريات والقيم الإنسانية المشتركة فشلت في الاختبار من البداية واختارت الانحياز الأعمى الذي لا يختلف في شيء عن الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل ..

الدور الفرنسي في الحرب المسعورة الدائرة في غزة لا يمكن استثناؤه من المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية والإنسانية إن بقي لها معنى.. فرنسا ماكرون على خلاف فرنسا شيراك وحتى ميتران اختارت الانتصار للجلاد وللمحتل وتجاهلت فرنسا بلد الثورة الحقوقية التي غيرت وجه العالم حق الفلسطيني الإنسان وظهرت بمظهر عقلية.. أربعة آلاف جندي فرنسي إسرائيلي يشاركون في هذه الحرب بمقتضى القوانين الفرنسية التي تخول لهم ذلك وربما يكونون تورطوا في ارتكاب جرائم حرب في غزة.. ومن هنا نستحضر ما دعا إليه النائب عن حزب فرنسا الأبية المعارض توماس بورتس، بتعليق اتفاقية فرنسا- إسرائيل الموقعة عام 1959، التي تتيح للإسرائيليين من أصل فرنسي الخدمة في الجيش الإسرائيلي...

يقول لوموان في تبرير توفير السلاح لكيان الاحتلال أن " فرنسا تمتلك آلية ترخيص صارمة للغاية لاستخدام المواد الحربية”. وانه يجب على البلد الذي ترسل إليه الأسلحة أن يحترم حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي"... وهذا في الواقع يتنزل في إطار تبرير ما لا يبرر لأنه مهما كانت القيود المعتمدة في استخدام السلاح فان من يحصل عليها سيستعملها لفرض القوة والهيمنة ولن يطلب إذنا لأجل ذلك... سبق للنائب الفرنسي توماس بورتس، أن طالب أيضا بمحاكمة أربعة آلاف جندي يقاتلون في صفوف جيش الاحتلال وأوضح النائب الفرنسي بأن القضاء الفرنسي ملزم بالتحقيق في مسؤولية الفرنسيين المقاتلين في المنطقة عن تصرفاتهم المخالفة للقانون الدولي والفرنسي... وهو الأمر الذي ذهبت إليه جنوب إفريقيا التي سبق وأعلنت أنها ستقاضي الجنود الذين انضموا للجيش الإسرائيلي في هذه الحرب ..

فرنسا ماكرون العضو الدائم في مجلس الأمن سقطت في الاختبار وكشفت عن حجم النفاق الأوروبي والغربي في اعتماد سياسة المكيالين والانتصار للجلاد والمحتل على حساب الضحايا.. مشهد تلك المرأة التي أوقفت ماكرون وهي تترجاه أن يفعل أي شيء لإيقاف الحرب وإيقاف قتل الأطفال والأمهات تحت القصف أو بسبب الجوع جعلته في موقع لا يحسد عليه وهو يردد أنه يفعل ما يستطيع وأن ما يحدث بسبب عملية السابع من أكتوبر وأظهرته في مظهر لا يليق بفرنسا كزعيم لأوروبا وللعالم الحرب ...

نكاد نجزم أن تغيير الموقف الفرنسي المتصلب حصل أولا بسبب موقف الرأي العام الفرنسي وصوت الشارع الذي انتفض ضد الرواية الإسرائيلية الزائفة ولكن أيضا بسبب التململ الحاصل في المؤسسات الرسمية الفرنسية بعد أن أرسل اثني عشر سفيرا فرنسيا في الشرق الأوسط ومنطقة المغرب العربي مذكرة جماعية إلى قصر الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية، وهي سابقة في تاريخ الدبلوماسية الفرنسية، وتضمَّنت تحذيرا صريحة من تداعيات المواقف التي اتخذها ماكرون لدعم إسرائيل، والتي جعلت فرنسا في موقع المتواطئ والشريك في أعمال الإبادة التي قام بها الاحتلال في غزة...

اسيا العتروس

 

ممنوع من الحياد..   فرنسا ماكرون والحرب على غزة ...

 

ما سيبقى عالقا في الذاكرة عن الدور الفرنسي في الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة منذ 169 يوما أن الرئيس الفرنسي ماكرون ظل على موقفه بأنه من حق إسرائيل الدفاع عن النفس نافيا هذا الحق عن الشعب الفلسطيني الخاضع للاحتلال منذ عقود وما سيبقى عالقا في الذاكرة دعوة ماكرون الذي انضم إلى قافلة القادة الغربيين الذين توافدوا على إسرائيل بعد طوفان الأقصى لتشكيل تحالف دولي ضد حماس على غرار التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا والعراق وتجاهل ماكرون رجل السياسة والاقتصاد وهو المولع بالتاريخ والفن والمسرح والأدب أن في فلسطين شعب يعاني ظلم الاحتلال منذ سبعة عقود وأكثر وأن في غزة مليوني فلسطيني يعيشون في سجن مفتوح يتدبرون أمرهم بما توفر ولا حق لهم في الكرامة أو التنقل أو السفر ..

وسيبقى في الذاكرة أيضا أن فرنسا ماكرون التي أضاءت برج ايفل بألوان علم كيان الاحتلال ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر بأكثر من أربعة آلاف جندي للقتال في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة ..

ما سيبقى عالقا أيضا ما أقدمت عليه فرنسا من اهانة للمناضلة الفلسطينية التاريخية مريم أبو دقة التي تعرضت للسجن في فرنسا بعد دعوتها بشكل رسمي للمشاركة في محاضرات في هذا البلد... صحيح أن هؤلاء يشاركون في الحرب بدافع شخصي قد يكون إيديولوجيا أو ماليا بدافع الكسب باعتبار المغريات التي يقدمها كيان الاحتلال للمرتزقة الذين يستخدمهم من شتى أنحاء العالم ولكنهم في نهاية المطاف فرنسيون وهم بذلك يكرسون عقلية وثقافة مرتزقة بودينارالين اختصوا في الانقلابات في إفريقيا ..

صحيح أن فرنسا ماكرون عدلت بعضا من مواقفها مع تفاقم فضاعات الحرب وتواتر الاحتجاجات في الشارع الفرنسي رغم كل القيود والعقوبات التي فرضت على المحتجين وكذلك مع دخول العدل الدولية على الخط واعتبار ما يجري ضد الفلسطينيين جريمة إبادة جماعية موثقة.. ولكن الموقف الفرنسي ظل عند خط حق إسرائيل في الدفاع عن النفس في كل موقف يعلنه الاليزي... و من هذا المنطلق فان وصف متحدث وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان، أمس مشاهد إهانة جندي إسرائيلي من أصل فرنسي، لفلسطينيين معصوبي الأعين في غزة بأنها “صادمة ومقززة”... بعد انتشار الفيديو في كل المواقع وما أثاره من ردود فعل وانتقادات وذهب لوموان إلى أن القضاء الفرنسي هو السلطة المختصة بالنظر في الجرائم المرتكبة بالدول الأجنبية من قبل أشخاص يحملون الجنسية الفرنسية، ويمارس هذه السلطة بشكل مستقل وفقا للمبدأ الدستوري للفصل بين السلطات..".

الحقيقة إن المسؤول الفرنسي حضرته أشياء وغابت عنه أشياء فما أقدم عليه الجندي الفرنسي الإسرائيلي من اهانة لمعتقلين فلسطينيين يفترض أنهم أسرى حرب ويفترض أنهم في حماية اتفاقية جنيف لحقوق الإنسان في مثل هذه الحالات لكن فرنسا بلد الحقوق والحريات والقيم الإنسانية المشتركة فشلت في الاختبار من البداية واختارت الانحياز الأعمى الذي لا يختلف في شيء عن الموقف الأمريكي الداعم لإسرائيل ..

الدور الفرنسي في الحرب المسعورة الدائرة في غزة لا يمكن استثناؤه من المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية والإنسانية إن بقي لها معنى.. فرنسا ماكرون على خلاف فرنسا شيراك وحتى ميتران اختارت الانتصار للجلاد وللمحتل وتجاهلت فرنسا بلد الثورة الحقوقية التي غيرت وجه العالم حق الفلسطيني الإنسان وظهرت بمظهر عقلية.. أربعة آلاف جندي فرنسي إسرائيلي يشاركون في هذه الحرب بمقتضى القوانين الفرنسية التي تخول لهم ذلك وربما يكونون تورطوا في ارتكاب جرائم حرب في غزة.. ومن هنا نستحضر ما دعا إليه النائب عن حزب فرنسا الأبية المعارض توماس بورتس، بتعليق اتفاقية فرنسا- إسرائيل الموقعة عام 1959، التي تتيح للإسرائيليين من أصل فرنسي الخدمة في الجيش الإسرائيلي...

يقول لوموان في تبرير توفير السلاح لكيان الاحتلال أن " فرنسا تمتلك آلية ترخيص صارمة للغاية لاستخدام المواد الحربية”. وانه يجب على البلد الذي ترسل إليه الأسلحة أن يحترم حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي"... وهذا في الواقع يتنزل في إطار تبرير ما لا يبرر لأنه مهما كانت القيود المعتمدة في استخدام السلاح فان من يحصل عليها سيستعملها لفرض القوة والهيمنة ولن يطلب إذنا لأجل ذلك... سبق للنائب الفرنسي توماس بورتس، أن طالب أيضا بمحاكمة أربعة آلاف جندي يقاتلون في صفوف جيش الاحتلال وأوضح النائب الفرنسي بأن القضاء الفرنسي ملزم بالتحقيق في مسؤولية الفرنسيين المقاتلين في المنطقة عن تصرفاتهم المخالفة للقانون الدولي والفرنسي... وهو الأمر الذي ذهبت إليه جنوب إفريقيا التي سبق وأعلنت أنها ستقاضي الجنود الذين انضموا للجيش الإسرائيلي في هذه الحرب ..

فرنسا ماكرون العضو الدائم في مجلس الأمن سقطت في الاختبار وكشفت عن حجم النفاق الأوروبي والغربي في اعتماد سياسة المكيالين والانتصار للجلاد والمحتل على حساب الضحايا.. مشهد تلك المرأة التي أوقفت ماكرون وهي تترجاه أن يفعل أي شيء لإيقاف الحرب وإيقاف قتل الأطفال والأمهات تحت القصف أو بسبب الجوع جعلته في موقع لا يحسد عليه وهو يردد أنه يفعل ما يستطيع وأن ما يحدث بسبب عملية السابع من أكتوبر وأظهرته في مظهر لا يليق بفرنسا كزعيم لأوروبا وللعالم الحرب ...

نكاد نجزم أن تغيير الموقف الفرنسي المتصلب حصل أولا بسبب موقف الرأي العام الفرنسي وصوت الشارع الذي انتفض ضد الرواية الإسرائيلية الزائفة ولكن أيضا بسبب التململ الحاصل في المؤسسات الرسمية الفرنسية بعد أن أرسل اثني عشر سفيرا فرنسيا في الشرق الأوسط ومنطقة المغرب العربي مذكرة جماعية إلى قصر الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية، وهي سابقة في تاريخ الدبلوماسية الفرنسية، وتضمَّنت تحذيرا صريحة من تداعيات المواقف التي اتخذها ماكرون لدعم إسرائيل، والتي جعلت فرنسا في موقع المتواطئ والشريك في أعمال الإبادة التي قام بها الاحتلال في غزة...

اسيا العتروس