إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أي بدائل لتغطية التكاليف الإضافية؟.. التعديل الشهري لأسعار المحروقات.. الآلية التي قبرت..

 

تونس-الصباح

مضى عن توقف الحكومة عن العمل بآلية التعديل الشهري لأسعار المحروقات العام وثمانية أشهر، ولم تتخذ إلى اليوم أي قرار جديد يخص هذه الآلية لا بوقفها نهائيا ولا بالعودة إليها، والحال أن الأسعار العالمية في أسواق النفط تشهد اضطرابات متتالية بين الترفيع والانخفاض ليصل مؤخرا سعر برميل النفط العالمي إلى حدود الـ 85 دولارا.

ووسط تكتم الدولة عن هذه المسالة، يبدو أن قرار العودة لاعتماد هذه الآلية مستبعد في الظرف الحالي والقرار الأقرب سيكون تفعيل قرار رفع الدعم نهائيا عن الطاقة باعتماد الأسعار الحقيقية للمحروقات وهذا ما باحت به الحكومة في برنامجها الإصلاحي منذ سنتين في النقطة المتعلقة بإصلاح وترشيد منظومة الدعم ..

لكن الواقع الطاقي اليوم للبلاد وعدم استقرار الأسعار العالمية للنفط، يبعث عن الكثير من القلق في ما يتعلق بمنظومة الدعم، وتأثيراتها السلبية المحتملة على مزيد إنهاك الميزانية العمومية، ففي الوقت الذي تشهد فيه أسعار أسواق النفط العالمية ارتفاعا تجاوزت توقعات الحكومة التي ضمنتها في قانون المالية لسنة 2024، أثبتت الأرقام المحينة الصادرة عن وزارة الصناعة والطاقة والمناجم منذ يومين تراجع إنتاج تونس من النفط بنسبة 10 بالمائة...

حيث تراجع إنتاج تونس من النفط، خلال شهر جانفي 2024، إلى مستوى 0.13 مليون طن مكافئ نفط، مما شكل انخفاضا بنسبة 10 بالمائة مقارنة بشهر جانفي 2023، إذ بلغ حوالي 0.14 مليون طن مكافئ نفط، وبلغ إنتاج سوائل الغاز، بما في ذلك إنتاج معمل قابس، وفق بيانات المرصد الوطني للطاقة، قرابة 8 آلاف طن مكافئ نفط خلال شهر جانفي 2024 مقابل 12 ألف طن مكافئ نفط خلال نفس الفترة من سنة 2023 مسجلا انخفاضا بنسبة 32 بالمائة.

وكل هذه الأرقام الجديدة تؤكد تواصل العجز الطاقي الذي فاق الـ 50 بالمائة، وهو ما يتطلب تدخل الدولة في أسرع وقت ممكن للحد من نزيف الاستيراد والرفع من الإنتاج الوطني وترشيد الدعم عموما...

وبالعودة إلى ارتفاع سعر البرميل فقط في اليومين الأخيرين الذي استقر عند 85 دولارا، في حين أن الدولة حددته بـ 81 دولارا مما يؤكد بصفة برقية تكبد ميزانية الدولة تكاليف إضافية تصل إلى 560 مليون دينار، والحال أن كل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل تؤدي مباشرة  إلى زيادة في نفقات الدعم بـ 140 مليون دينار ..

كما أن كل اضطراب في أسعار النفط العالمية له ضريبته المباشرة والمكلفة على ميزانية الدولة، وهذا ما دأبت عليه بلادنا خلال السنوات الأخيرة مع تواصل المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022 و2023، ارتفاعا ملحوظا من 4 آلاف مليون دينار إلى 7086 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل الـ 15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات إلى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها  في 6 أشهر...

وكانت الحكومة قد أعلنت منذ مطلع السنة المنقضية عن برنامجها الإصلاحي في قطاع الطاقة والذي يهدف بالأساس إلى بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية، مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار والمحافظة على  دور الشركة التونسية لصناعة التكرير في تأمين التزود وتطوير طاقات الخزن، فضلا عن ذلك تعمل الوزارة على  ترشيد استهلاك المواد البترولية مستقبلا، حسب ما جاء في البرنامج الحكومي الإصلاحي....

كما كشفت البيانات الواردة في قانون المالية لسنة 2024، عن اعتزام الحكومة التونسية زيادة معلوم المحروقات بنسبة تتراوح بين 10 و20%، ويشمل الجدول مجموعة من الزيادات في المنتجات البترولية، وهي البنزين الخالي من الرصاص، والغازوال العادي، والغازوال 50، والفيول، وغاز البترول المسيل، وفحم البترول، والغاز الطبيعي، والكهرباء.

وهو ما يؤكد أن الدولة لن تبقى مكتوفة الأيادي، ومن المتوقع أن تفعل قريبا قرارات البرنامج الإصلاحي لترشيد الدعم باتجاه رفعه نهائيا، أو العودة إلى إقرار زيادات في أسعار المحروقات والتعديل فيها طبقا لآلية التعديل الآلي التي  أكدت اعتمادها بصفة شهرية... لكن يبقى الغموض حول الصيغة التي ستطبق بها هذا القرار إلى حد اليوم...

وللتذكير فان آخر زيادة في أسعار المحروقات كانت في شهر نوفمبر من سنة 2022، باعتماد آلية التعديل الشهري وهي الزيادة الخامسة التي وصفت بالثقيلة بالنظر إلى نسبة الترفيع التي ناهزت الـ 7 بالمائة من بين الزيادات التي عرفتها أسعار المحروقات من تاريخ دخول الآلية حيز التنفيذ في 2018..

 

وفاء بن محمد

 أي بدائل لتغطية التكاليف الإضافية؟.. التعديل الشهري لأسعار المحروقات.. الآلية التي قبرت..

 

تونس-الصباح

مضى عن توقف الحكومة عن العمل بآلية التعديل الشهري لأسعار المحروقات العام وثمانية أشهر، ولم تتخذ إلى اليوم أي قرار جديد يخص هذه الآلية لا بوقفها نهائيا ولا بالعودة إليها، والحال أن الأسعار العالمية في أسواق النفط تشهد اضطرابات متتالية بين الترفيع والانخفاض ليصل مؤخرا سعر برميل النفط العالمي إلى حدود الـ 85 دولارا.

ووسط تكتم الدولة عن هذه المسالة، يبدو أن قرار العودة لاعتماد هذه الآلية مستبعد في الظرف الحالي والقرار الأقرب سيكون تفعيل قرار رفع الدعم نهائيا عن الطاقة باعتماد الأسعار الحقيقية للمحروقات وهذا ما باحت به الحكومة في برنامجها الإصلاحي منذ سنتين في النقطة المتعلقة بإصلاح وترشيد منظومة الدعم ..

لكن الواقع الطاقي اليوم للبلاد وعدم استقرار الأسعار العالمية للنفط، يبعث عن الكثير من القلق في ما يتعلق بمنظومة الدعم، وتأثيراتها السلبية المحتملة على مزيد إنهاك الميزانية العمومية، ففي الوقت الذي تشهد فيه أسعار أسواق النفط العالمية ارتفاعا تجاوزت توقعات الحكومة التي ضمنتها في قانون المالية لسنة 2024، أثبتت الأرقام المحينة الصادرة عن وزارة الصناعة والطاقة والمناجم منذ يومين تراجع إنتاج تونس من النفط بنسبة 10 بالمائة...

حيث تراجع إنتاج تونس من النفط، خلال شهر جانفي 2024، إلى مستوى 0.13 مليون طن مكافئ نفط، مما شكل انخفاضا بنسبة 10 بالمائة مقارنة بشهر جانفي 2023، إذ بلغ حوالي 0.14 مليون طن مكافئ نفط، وبلغ إنتاج سوائل الغاز، بما في ذلك إنتاج معمل قابس، وفق بيانات المرصد الوطني للطاقة، قرابة 8 آلاف طن مكافئ نفط خلال شهر جانفي 2024 مقابل 12 ألف طن مكافئ نفط خلال نفس الفترة من سنة 2023 مسجلا انخفاضا بنسبة 32 بالمائة.

وكل هذه الأرقام الجديدة تؤكد تواصل العجز الطاقي الذي فاق الـ 50 بالمائة، وهو ما يتطلب تدخل الدولة في أسرع وقت ممكن للحد من نزيف الاستيراد والرفع من الإنتاج الوطني وترشيد الدعم عموما...

وبالعودة إلى ارتفاع سعر البرميل فقط في اليومين الأخيرين الذي استقر عند 85 دولارا، في حين أن الدولة حددته بـ 81 دولارا مما يؤكد بصفة برقية تكبد ميزانية الدولة تكاليف إضافية تصل إلى 560 مليون دينار، والحال أن كل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل تؤدي مباشرة  إلى زيادة في نفقات الدعم بـ 140 مليون دينار ..

كما أن كل اضطراب في أسعار النفط العالمية له ضريبته المباشرة والمكلفة على ميزانية الدولة، وهذا ما دأبت عليه بلادنا خلال السنوات الأخيرة مع تواصل المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022 و2023، ارتفاعا ملحوظا من 4 آلاف مليون دينار إلى 7086 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل الـ 15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات إلى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط إلى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها  في 6 أشهر...

وكانت الحكومة قد أعلنت منذ مطلع السنة المنقضية عن برنامجها الإصلاحي في قطاع الطاقة والذي يهدف بالأساس إلى بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية، مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار والمحافظة على  دور الشركة التونسية لصناعة التكرير في تأمين التزود وتطوير طاقات الخزن، فضلا عن ذلك تعمل الوزارة على  ترشيد استهلاك المواد البترولية مستقبلا، حسب ما جاء في البرنامج الحكومي الإصلاحي....

كما كشفت البيانات الواردة في قانون المالية لسنة 2024، عن اعتزام الحكومة التونسية زيادة معلوم المحروقات بنسبة تتراوح بين 10 و20%، ويشمل الجدول مجموعة من الزيادات في المنتجات البترولية، وهي البنزين الخالي من الرصاص، والغازوال العادي، والغازوال 50، والفيول، وغاز البترول المسيل، وفحم البترول، والغاز الطبيعي، والكهرباء.

وهو ما يؤكد أن الدولة لن تبقى مكتوفة الأيادي، ومن المتوقع أن تفعل قريبا قرارات البرنامج الإصلاحي لترشيد الدعم باتجاه رفعه نهائيا، أو العودة إلى إقرار زيادات في أسعار المحروقات والتعديل فيها طبقا لآلية التعديل الآلي التي  أكدت اعتمادها بصفة شهرية... لكن يبقى الغموض حول الصيغة التي ستطبق بها هذا القرار إلى حد اليوم...

وللتذكير فان آخر زيادة في أسعار المحروقات كانت في شهر نوفمبر من سنة 2022، باعتماد آلية التعديل الشهري وهي الزيادة الخامسة التي وصفت بالثقيلة بالنظر إلى نسبة الترفيع التي ناهزت الـ 7 بالمائة من بين الزيادات التي عرفتها أسعار المحروقات من تاريخ دخول الآلية حيز التنفيذ في 2018..

 

وفاء بن محمد