إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مجلة الصرف الجديدة.. تحرير الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتوقعات بالارتفاع الإيرادات إلى أكثر من 20%

 

*رفع القيود على تداول العملات الأجنبية وفتح أبواب الاستثمار على مصراعيه

*ثورة في التشريعات قد تنقذ تونس من أزمة الارتهان للخارج

تونس- الصباح

تشهد تونس تسارعًا في إصدار مجلة الصرف الجديدة، قانون ينظم العلاقات المالية مع الخارج. تهدف هذه المجلة إلى تحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد.

واجتمع رئيس الحكومة ووزراء المالية والاقتصاد والصناعة والسياحة ومحافظ البنك المركزي لمناقشة مشروع قانون تنظيم العلاقات المالية مع الخارج. وتمّ إصدار مجلة الصرف الجديدة في تونس في 14 مارس 2024، بعد مسار تشريعي طويل ومناقشات مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين، في انتظار أن تتم المصادقة عليه رسميا خلال الأسابيع القادمة من قبل البرلمان.

وتهدف هذه المجلة إلى تحديث قانون الصرف الحالي الذي يعود إلى سنة 1976، وتسهيل المعاملات المالية الخارجية، وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، ودعم الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن أبرز التغييرات في مجلة الصرف الجديدة وفق ما اطلعت عليه "الصباح"، نجد تحرير تدريجي للمعاملات المالية الخارجية، وإلغاء العديد من القيود على تحويلات العملات، وتسهيل فتح حسابات بالعملات الأجنبية للمقيمين، والسماح للمؤسسات التونسية بالاقتراض من الخارج وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر.

آفاق مجلة الصرف الجديدة

ويتوقع أن يكون لمجلة الصرف الجديدة تأثير إيجابي على الاقتصاد التونسي. فمن خلال تحرير المعاملات المالية الخارجية، ستصبح تونس أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، وسيزداد حجم الصادرات، مما سيساهم في تحسين النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، كما توقع بعض الخبراء أن تزيد الإيرادات بنسبة 10% إلى 20% خلال عام 2024، في حين توقع آخرون أن تزيد الإيرادات بنسبة 30% إلى 40% خلال نفس الفترة.

ويشدد بعض خبراء الاقتصاد، لـ"الصباح"، على ضرورة العمل على بعث بنوك الكترونية، تقدم خدمات دفع بالأرصدة الأجنبية، إلى جانب استقبال الأموال بالعملات الأجنبية، وذلك في خطوة تهدف إلى تنمية الاقتصاد الوطني، وأيضا الاقتصاد الرقمي، والحد من البطالة إلى مستويات أقل من 10%، والتشجيع على تسويق المنتوجات التونسية بمختلف أصنافها، الرقمية منها، أو المنتوجات التقليدية، والمنتوجات ذات القيمة المضافة العالية المبتكرة من قبل فئة من الشباب التونسي، علما وان التجارة الالكترونية العالمية، سجلت في الفترة الأخيرة تطوراً كبيراً نتيجة التقدم الكبير في عالم التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، حيث بلغ حجم التجارة الالكترونية حول العالم حوالي 3.8 تريليون دولار في عام 2019، وفي أواخر 2020 وصل إلى 6.8 تريليون دولار، وهناك تريليونات الدولارات التي تهدرها تونس بسبب الانغلاق المالي غير المبرر، علاوة على ذلك، فإن الثقة المتزايدة في المدفوعات عبر الإنترنات من قبل المتسوقين تعني أن التحول الرقمي لقطاع التجزئة في المنطقة يسير على قدم وساق، وهناك رغبة من الجميع في الدفع واستلام المدفوعات بالعملات الأجنبية، كما تتسابق شركات التجزئة لمواكبة ذلك من خلال مواصلة ابتكارها للعروض الاستهلاكية وتنويعها. وبالمقابل، يسارع المستهلكون في الاستجابة ليزداد المشهد التنافسي حدةً مع استمرار ارتفاع معيار توقعات المستهلكين في قادم السنوات.

تحديات تفرضها مجلة الصرف

ومن بين التحديات التي تواجهها مجلة الصرف تطبيق ما جاء فيها على أرض الواقع.، حيث ما تزال بعض التشريعات في حاجة إلى تعديل من قبل اللجنة المالية للبرلمان قبل المصادقة عليها، بالإضافة إلى بنود تتعلق بمحاربة التهريب وغسيل الأموال، كما يصعب حماية الدينار التونسي من التقلبات في أسعار العملات الأجنبية، في حال المضي نحو الانفتاح المالي.

وتُعدّ مجلة الصرف الجديدة خطوة إيجابية نحو تحرير الاقتصاد التونسي وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومن المتوقع أن تُساهم هذه المجلة في تحسين مناخ الأعمال وتعزيز النمو الاقتصادي

وكان محافظ البنك المركزي السابق، قد أعلن انه من المنتظر أن ينطلق خلال العام الجاري العمل بقانون الصرف الجديد، الذي يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال لتحفيز المبادرة، واقتحام الأسواق الخارجية، مشيرا إلى انه تم عرض القانون على رئاسة الحكومة لتبدي موقفها منه، لافتا إلى أهمية تعديل القانون ليتماشى مع التغييرات العالمية.

وبين ذات المصدر، أن مشاكل الصرف يمكن تجاوزها وسيصبح ممكنا بالنسبة للتونسيين فتح أرصدة بالعملة الأجنبية في حال تطورت الاستثمارات الخارجية وعودة محركات الإنتاج إلى سالف نشاطها، مشيرا إلى أن البنك المركزي قدم مؤخرا مسودة تقنية لقانون الصرف تضمنت مقترحات البنك، لافتا إلى أن الحكومة هي التي تُعد هذا القانون.

كما أكد رئيس الحكومة على أهمية مشروع مجلة الصرف والتدابير المنبثقة عنه، مشيراً إلى أنه يأتي في إطار مهام وزارة المالية والبنك المركزي، وقدمت وزيرة المالية عرضًا حول مشروع مجلة الصرف الجديدة، ووضحت المسار التشاركي الذي اعتمد لصياغته، بالإضافة إلى محاوره الأساسية، والتي تشمل مراجعة مفهوم الإقامة، وإقرار مبادئ التحرير لبعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد لتمكين الشركات التونسية من إنجاز التحويلات إلى الخارج، فضلا عن مراجعة منظومة العقوبات والخطايا المالية. وتقرر عقد مجلس وزاري مضيّق ثان للموافقة على المشروع بعد التعديل، ثم عرضه على مجلس الوزراء، ومن ثمّ تقديمه لمجلس نواب الشعب.

وتسمح المجلة الجديدة بتحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، مما يُسهل على الشركات والأفراد إجراء معاملاتهم المالية. كما تُسعى المجلة الجديدة إلى تطوير منظومة الصرف اليدوي، مما يُحسّن من كفاءة هذه المنظومة ويُقلّل من تكاليفها.

فرص للمقيمين بالخارج

ويمتلك التونسيون المقيمون بالخارج فرصًا استثمارية مميزة في بلدهم الأم، وذلك بفضل قانون الصرف الذي يمنحهم العديد من الامتيازات منذ عام 1993، منها تحويل عائدات الاستثمارات (رأس المال والأرباح) من بيع أي استثمار بدولة الإقامة بالعملة الصعبة، مع المحافظة على صفة غير المقيم بتونس، وحرية الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية، مع إمكانية التصريح بالاستثمارات عبر منصة المشاريع، وإمكانية جلب معدات أو تجهيزات تدخل في إطار رأس المال، بالإضافة إلى حرية تكوين شركات غير مقيمة ضمن قانون الاستثمار، مع حرية شاملة وكاملة في المعاملات المالية والتجارية.

كما تتيح جملة الحوافز المتوفرة في قانون الصرف، إمكانية منح أموال بالعملة الصعبة لشركات تونسية في إطار استثمار ثنائي، بشرط ألا تتجاوز قيمة الأموال الممنوحة 10 مليون دينار سنويًا، فضلا عن حرية توريد العملة من الخارج، مع التصريح لدى الديوانة التونسية في حال جلب أموال نقدا ("الكاش")، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على قروض بنكية بالدينار التونسي، مما يُعد مكسبًا هامًا للراغبين في العودة نهائيًا إلى تونس. وقبل عام 2011، كان التونسيون بالخارج ملزمين بتحويل كل أموالهم من حساباتهم الخارجية إلى تونس وإغلاقها نهائيًا والتصريح بأملاكهم بالخارج كاملة في غضون 6 أشهر، لكي يتمكنوا من العودة نهائيًا إلى الوطن. ولكن منذ عام 2011، تم إلغاء هذا الشرط، مما سمح للتونسيين بالخارج بالعودة دون تصفية كل ممتلكاتهم أو حساباتهم البنكية في الخارج. ويُمكن للتونسيين بالخارج اليوم فتح حساب بالعملة الصعبة في الخارج، مع التصريح بذلك لضمان.

تعميم خدمات الدفع عن بعد

ووفق ما أعلن عنه مسؤولون في الحكومة لـ"الصباح"، فإن تونس بفضل الإجراءات المتخذة في قانون الصرف، تسير على طريق تعميم الخدمات المصرفية عن بعد، وتعمل على سن قوانين جديدة لتحفيز الشركات والعملاء على التجارة الإلكترونية وذلك عبر تخفيض الرسوم الخاصة بالدفع عبر البطاقات البنكية، علما وان العمليات الالكترونية بدأت تشهد نسقا تصاعديا منذ سنة 2015، حيث تجاوزت أكثر من مليون ونصف المليون عملية.

ويشدد العديد من الخبراء على ضرورة أن تندمج تونس اليوم في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي انطلق في تعويض الاقتصاد التقليدي تدريجيا منذ السنوات الأخيرة، وهي مطالبة اليوم بإرساء منظومات جديدة تحفز المؤسّسات الاقتصادية على الانخراط فيها، وتشجيعها على المضي قدما في تطوير بنيتها الرقمية، وأيضا العمل على تحرير الدينار التونسي، من خلال الحد من المديونية والرفع في نسبة النمو إلى أكثر من 5 بالمائة، وذلك بهدف فتح المعاملات الالكترونية الخارجية لهذه الشركات بما يجعلها تحقق إيرادات هامة، وتساهم هي بدورها في الرفع من احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وأيضا في تحقيق الانتعاشة الاقتصادية المرجوة.

وبشكل عام، تُعد مجلة الصرف الجديدة خطوة إيجابية نحو تحرير الاقتصاد التونسي وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن المهم أن يتم تطبيق المجلة بشكل فعّال وأن يتم التغلب على التحديات التي تواجهها في أسرع الآجال.

 سفيان المهداوي

.........................

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مجلة الصرف الجديدة..  تحرير الاقتصاد وجذب الاستثمارات وتوقعات بالارتفاع الإيرادات إلى أكثر من 20%

 

*رفع القيود على تداول العملات الأجنبية وفتح أبواب الاستثمار على مصراعيه

*ثورة في التشريعات قد تنقذ تونس من أزمة الارتهان للخارج

تونس- الصباح

تشهد تونس تسارعًا في إصدار مجلة الصرف الجديدة، قانون ينظم العلاقات المالية مع الخارج. تهدف هذه المجلة إلى تحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد.

واجتمع رئيس الحكومة ووزراء المالية والاقتصاد والصناعة والسياحة ومحافظ البنك المركزي لمناقشة مشروع قانون تنظيم العلاقات المالية مع الخارج. وتمّ إصدار مجلة الصرف الجديدة في تونس في 14 مارس 2024، بعد مسار تشريعي طويل ومناقشات مع مختلف الفاعلين الاقتصاديين، في انتظار أن تتم المصادقة عليه رسميا خلال الأسابيع القادمة من قبل البرلمان.

وتهدف هذه المجلة إلى تحديث قانون الصرف الحالي الذي يعود إلى سنة 1976، وتسهيل المعاملات المالية الخارجية، وتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، ودعم الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن أبرز التغييرات في مجلة الصرف الجديدة وفق ما اطلعت عليه "الصباح"، نجد تحرير تدريجي للمعاملات المالية الخارجية، وإلغاء العديد من القيود على تحويلات العملات، وتسهيل فتح حسابات بالعملات الأجنبية للمقيمين، والسماح للمؤسسات التونسية بالاقتراض من الخارج وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر.

آفاق مجلة الصرف الجديدة

ويتوقع أن يكون لمجلة الصرف الجديدة تأثير إيجابي على الاقتصاد التونسي. فمن خلال تحرير المعاملات المالية الخارجية، ستصبح تونس أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، وسيزداد حجم الصادرات، مما سيساهم في تحسين النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، كما توقع بعض الخبراء أن تزيد الإيرادات بنسبة 10% إلى 20% خلال عام 2024، في حين توقع آخرون أن تزيد الإيرادات بنسبة 30% إلى 40% خلال نفس الفترة.

ويشدد بعض خبراء الاقتصاد، لـ"الصباح"، على ضرورة العمل على بعث بنوك الكترونية، تقدم خدمات دفع بالأرصدة الأجنبية، إلى جانب استقبال الأموال بالعملات الأجنبية، وذلك في خطوة تهدف إلى تنمية الاقتصاد الوطني، وأيضا الاقتصاد الرقمي، والحد من البطالة إلى مستويات أقل من 10%، والتشجيع على تسويق المنتوجات التونسية بمختلف أصنافها، الرقمية منها، أو المنتوجات التقليدية، والمنتوجات ذات القيمة المضافة العالية المبتكرة من قبل فئة من الشباب التونسي، علما وان التجارة الالكترونية العالمية، سجلت في الفترة الأخيرة تطوراً كبيراً نتيجة التقدم الكبير في عالم التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، حيث بلغ حجم التجارة الالكترونية حول العالم حوالي 3.8 تريليون دولار في عام 2019، وفي أواخر 2020 وصل إلى 6.8 تريليون دولار، وهناك تريليونات الدولارات التي تهدرها تونس بسبب الانغلاق المالي غير المبرر، علاوة على ذلك، فإن الثقة المتزايدة في المدفوعات عبر الإنترنات من قبل المتسوقين تعني أن التحول الرقمي لقطاع التجزئة في المنطقة يسير على قدم وساق، وهناك رغبة من الجميع في الدفع واستلام المدفوعات بالعملات الأجنبية، كما تتسابق شركات التجزئة لمواكبة ذلك من خلال مواصلة ابتكارها للعروض الاستهلاكية وتنويعها. وبالمقابل، يسارع المستهلكون في الاستجابة ليزداد المشهد التنافسي حدةً مع استمرار ارتفاع معيار توقعات المستهلكين في قادم السنوات.

تحديات تفرضها مجلة الصرف

ومن بين التحديات التي تواجهها مجلة الصرف تطبيق ما جاء فيها على أرض الواقع.، حيث ما تزال بعض التشريعات في حاجة إلى تعديل من قبل اللجنة المالية للبرلمان قبل المصادقة عليها، بالإضافة إلى بنود تتعلق بمحاربة التهريب وغسيل الأموال، كما يصعب حماية الدينار التونسي من التقلبات في أسعار العملات الأجنبية، في حال المضي نحو الانفتاح المالي.

وتُعدّ مجلة الصرف الجديدة خطوة إيجابية نحو تحرير الاقتصاد التونسي وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومن المتوقع أن تُساهم هذه المجلة في تحسين مناخ الأعمال وتعزيز النمو الاقتصادي

وكان محافظ البنك المركزي السابق، قد أعلن انه من المنتظر أن ينطلق خلال العام الجاري العمل بقانون الصرف الجديد، الذي يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال لتحفيز المبادرة، واقتحام الأسواق الخارجية، مشيرا إلى انه تم عرض القانون على رئاسة الحكومة لتبدي موقفها منه، لافتا إلى أهمية تعديل القانون ليتماشى مع التغييرات العالمية.

وبين ذات المصدر، أن مشاكل الصرف يمكن تجاوزها وسيصبح ممكنا بالنسبة للتونسيين فتح أرصدة بالعملة الأجنبية في حال تطورت الاستثمارات الخارجية وعودة محركات الإنتاج إلى سالف نشاطها، مشيرا إلى أن البنك المركزي قدم مؤخرا مسودة تقنية لقانون الصرف تضمنت مقترحات البنك، لافتا إلى أن الحكومة هي التي تُعد هذا القانون.

كما أكد رئيس الحكومة على أهمية مشروع مجلة الصرف والتدابير المنبثقة عنه، مشيراً إلى أنه يأتي في إطار مهام وزارة المالية والبنك المركزي، وقدمت وزيرة المالية عرضًا حول مشروع مجلة الصرف الجديدة، ووضحت المسار التشاركي الذي اعتمد لصياغته، بالإضافة إلى محاوره الأساسية، والتي تشمل مراجعة مفهوم الإقامة، وإقرار مبادئ التحرير لبعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد لتمكين الشركات التونسية من إنجاز التحويلات إلى الخارج، فضلا عن مراجعة منظومة العقوبات والخطايا المالية. وتقرر عقد مجلس وزاري مضيّق ثان للموافقة على المشروع بعد التعديل، ثم عرضه على مجلس الوزراء، ومن ثمّ تقديمه لمجلس نواب الشعب.

وتسمح المجلة الجديدة بتحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، مما يُسهل على الشركات والأفراد إجراء معاملاتهم المالية. كما تُسعى المجلة الجديدة إلى تطوير منظومة الصرف اليدوي، مما يُحسّن من كفاءة هذه المنظومة ويُقلّل من تكاليفها.

فرص للمقيمين بالخارج

ويمتلك التونسيون المقيمون بالخارج فرصًا استثمارية مميزة في بلدهم الأم، وذلك بفضل قانون الصرف الذي يمنحهم العديد من الامتيازات منذ عام 1993، منها تحويل عائدات الاستثمارات (رأس المال والأرباح) من بيع أي استثمار بدولة الإقامة بالعملة الصعبة، مع المحافظة على صفة غير المقيم بتونس، وحرية الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية، مع إمكانية التصريح بالاستثمارات عبر منصة المشاريع، وإمكانية جلب معدات أو تجهيزات تدخل في إطار رأس المال، بالإضافة إلى حرية تكوين شركات غير مقيمة ضمن قانون الاستثمار، مع حرية شاملة وكاملة في المعاملات المالية والتجارية.

كما تتيح جملة الحوافز المتوفرة في قانون الصرف، إمكانية منح أموال بالعملة الصعبة لشركات تونسية في إطار استثمار ثنائي، بشرط ألا تتجاوز قيمة الأموال الممنوحة 10 مليون دينار سنويًا، فضلا عن حرية توريد العملة من الخارج، مع التصريح لدى الديوانة التونسية في حال جلب أموال نقدا ("الكاش")، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على قروض بنكية بالدينار التونسي، مما يُعد مكسبًا هامًا للراغبين في العودة نهائيًا إلى تونس. وقبل عام 2011، كان التونسيون بالخارج ملزمين بتحويل كل أموالهم من حساباتهم الخارجية إلى تونس وإغلاقها نهائيًا والتصريح بأملاكهم بالخارج كاملة في غضون 6 أشهر، لكي يتمكنوا من العودة نهائيًا إلى الوطن. ولكن منذ عام 2011، تم إلغاء هذا الشرط، مما سمح للتونسيين بالخارج بالعودة دون تصفية كل ممتلكاتهم أو حساباتهم البنكية في الخارج. ويُمكن للتونسيين بالخارج اليوم فتح حساب بالعملة الصعبة في الخارج، مع التصريح بذلك لضمان.

تعميم خدمات الدفع عن بعد

ووفق ما أعلن عنه مسؤولون في الحكومة لـ"الصباح"، فإن تونس بفضل الإجراءات المتخذة في قانون الصرف، تسير على طريق تعميم الخدمات المصرفية عن بعد، وتعمل على سن قوانين جديدة لتحفيز الشركات والعملاء على التجارة الإلكترونية وذلك عبر تخفيض الرسوم الخاصة بالدفع عبر البطاقات البنكية، علما وان العمليات الالكترونية بدأت تشهد نسقا تصاعديا منذ سنة 2015، حيث تجاوزت أكثر من مليون ونصف المليون عملية.

ويشدد العديد من الخبراء على ضرورة أن تندمج تونس اليوم في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي انطلق في تعويض الاقتصاد التقليدي تدريجيا منذ السنوات الأخيرة، وهي مطالبة اليوم بإرساء منظومات جديدة تحفز المؤسّسات الاقتصادية على الانخراط فيها، وتشجيعها على المضي قدما في تطوير بنيتها الرقمية، وأيضا العمل على تحرير الدينار التونسي، من خلال الحد من المديونية والرفع في نسبة النمو إلى أكثر من 5 بالمائة، وذلك بهدف فتح المعاملات الالكترونية الخارجية لهذه الشركات بما يجعلها تحقق إيرادات هامة، وتساهم هي بدورها في الرفع من احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وأيضا في تحقيق الانتعاشة الاقتصادية المرجوة.

وبشكل عام، تُعد مجلة الصرف الجديدة خطوة إيجابية نحو تحرير الاقتصاد التونسي وجذب الاستثمارات الأجنبية، ومن المهم أن يتم تطبيق المجلة بشكل فعّال وأن يتم التغلب على التحديات التي تواجهها في أسرع الآجال.

 سفيان المهداوي

.........................