جددت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي المهداوي في اجتماع لها بالوزارة مؤخرا التأكيد على ضرورة التزام المخابز بمنع تسليم مادة الخبز في الأكياس البلاستيكية. ويأتي ذلك في إطار جهود الدولة للحد من المنتجات البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد مع التذكير بان بلادنا قد انخرطت في مسار للانتقال الايكولوجي انسجاما مع الأطر الدولية المنظمة للتحركات من أجل حماية البيئة والمحيط في العالم.
ولنا أن نشير إلى أن كثيرا من المخابز في تونس لم تعد توفر آليا ومنذ فترة الأكياس البلاستيكية للحرفاء، التي كانت تمنحها مجانا وذلك تنفيذا للاتفاقيات مع الدولة حول الموضوع. وهذا أمر إيجابي في المطلق لأننا نعلم خطر مادة البلاستيك على البيئة ونتفهم الجهود التي تقوم بها دول العالم والمنظمات النشيطة في المجال للحد من استعمال هذه المادة التي تضر بالخصوص بالبيئة البحرية، لكن ما هو غريب بعض الشيء هو تحميل المواطن لوحده الثمن. فهو اليوم مجبر على اقتناء أكياس للخبز بثمن يعادل أحيانا ثمن الخبز ( ثمن الأكياس بالمخابز يتراوح بين 150 و200 مليم). وبما أن التونسي يحبذ وضع الخبز في أكياس نظيفة ويفضل أن لا تكون مستعملة سابقا، فإنه أصبح يقتني آليا الخبز ويشتري معه كيس الخبز.
والأكياس البديلة(أو يفترض أن تكون كذلك) اليوم متنوعة. فبعض المخابز وخاصة تلك التي يفترض أنها تقع في إحياء راقية وتبيع خبزا متنوعا وبأسعار حرة صارت تبيع أكياسا مرسكلة في رغبة للإشارة إلى التزامها بقواعد احترام البيئة والتنمية المستدامة لكن البعض الآخر استغل الوضع بأن أصبح يبيع أكياسا بلاستيكية مدهون عليها اسم المخبزة والمعطيات الإشهارية الخاصة بها. والسؤال، إلى أي مدى يستجيب الأمر إلى معايير احترام حقوق المستهلك الذي أصبح اليوم يدفع ثمنا لشراء كيس بلاستيكي فيه دعاية للمتجر، وأيضا إلى أي مدى تخضع هذه الأكياس إلى رقابة حقيقية للتثبت من نوعيتها والتزامها بمعايير احترام البيئة؟
إننا وإذ نطرح الموضوع، فلأنه من المفروض أن يكون كل إجراء يتخذ في أي إطار كان، خاصة إذا كانت له علاقة مباشرة بحياة المواطن مسبوقا بدراسة تضع في الاعتبار كل الاحتمالات وفي قضية الحال توضح مدى الالتزام بالبيئة موضوعنا وأيضا مدى الالتزام بعدم المساس بميزانية المواطن. لكن إذا ما علمنا قيمة الخبز بالنسبة للمستهلك التونسي، فإننا نتخيل حجم النفقات التي تضاف من اجل اقتناء هذه المادة الأساسية والمدعومة من الدولة ويمكننا أيضا تخيل المرابيح من صنع هذه الأكياس البديلة.
وإذ يمكن أن نتفهم عدم استعداد المخابز التي تقتصر على بيع أنواع الخبز المدعوم، لتحمل مسؤولية الإجراءات الحمائية البيئية، فثمن الخبز المدعوم يبقى زهيدا مقارنة بالأسعار العالية للأنواع الأخرى ( خبز القمح الكامل وخبز الشعير وخبز الحبوب المتنوعة...)، فإننا لا نستوعب في المقابل بسهولة كيف يدعى المواطن لتحمل المسؤولية دون أن يكون ذلك مسبوقا بإعداد جيد للمرحلة الانتقالية.
وقد لا نبالغ عندما نقول أن الكثير من المواطنين لم يفهموا جيدا لماذا أصبحت المخابز تمنع الأكياس البلاستيكية (المجانية ) التي ظلت لسنوات طويلة تمنحها مجانا وباتت توفر أخرى بمقابل.
والسؤال الأهم في هذا السياق، هل تغير سلوك المواطن جذريا بعد منع المخابز تسليم الخبز في أكياس بلاستيكية؟
نخشى أن تكون الإجابة سلبية. ويكفي أن نلاحظ كيف يتوجه البعض وهو حامل الخبز على يديه لأقرب دكان لاقتناء كيس بلاستيكي حتى نفهم ذلك. ويكفي أن نلاحظ أن الكثيرين ممن يفوق ثمن الكيس "المرسكل"إمكانياتهم ( ملاحظة ضرورية وهي أن الأكياس المرسكلة صغيرة وتتمزق بسهولة ملفتتة للانتباه) يقصدون المخابز وهم مسلحون بأكياس بلاستيكية تجنبا للمفاجآت، حتى نفهم أن الرسالة لم تبلغ الناس بشكل واضح ولا يحتمل التأويل.
ربما لابد من دراسة علمية دقيقة في علاقة بالموضوع توضح كل الجوانب، وتجيب عن الأسئلة، لكن مبدئيا، أمامنا عمل كبير على مستوى التوعية والفهم وربط صلة المواطن بما يحدث حوله.
حياة السايب
جددت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي المهداوي في اجتماع لها بالوزارة مؤخرا التأكيد على ضرورة التزام المخابز بمنع تسليم مادة الخبز في الأكياس البلاستيكية. ويأتي ذلك في إطار جهود الدولة للحد من المنتجات البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد مع التذكير بان بلادنا قد انخرطت في مسار للانتقال الايكولوجي انسجاما مع الأطر الدولية المنظمة للتحركات من أجل حماية البيئة والمحيط في العالم.
ولنا أن نشير إلى أن كثيرا من المخابز في تونس لم تعد توفر آليا ومنذ فترة الأكياس البلاستيكية للحرفاء، التي كانت تمنحها مجانا وذلك تنفيذا للاتفاقيات مع الدولة حول الموضوع. وهذا أمر إيجابي في المطلق لأننا نعلم خطر مادة البلاستيك على البيئة ونتفهم الجهود التي تقوم بها دول العالم والمنظمات النشيطة في المجال للحد من استعمال هذه المادة التي تضر بالخصوص بالبيئة البحرية، لكن ما هو غريب بعض الشيء هو تحميل المواطن لوحده الثمن. فهو اليوم مجبر على اقتناء أكياس للخبز بثمن يعادل أحيانا ثمن الخبز ( ثمن الأكياس بالمخابز يتراوح بين 150 و200 مليم). وبما أن التونسي يحبذ وضع الخبز في أكياس نظيفة ويفضل أن لا تكون مستعملة سابقا، فإنه أصبح يقتني آليا الخبز ويشتري معه كيس الخبز.
والأكياس البديلة(أو يفترض أن تكون كذلك) اليوم متنوعة. فبعض المخابز وخاصة تلك التي يفترض أنها تقع في إحياء راقية وتبيع خبزا متنوعا وبأسعار حرة صارت تبيع أكياسا مرسكلة في رغبة للإشارة إلى التزامها بقواعد احترام البيئة والتنمية المستدامة لكن البعض الآخر استغل الوضع بأن أصبح يبيع أكياسا بلاستيكية مدهون عليها اسم المخبزة والمعطيات الإشهارية الخاصة بها. والسؤال، إلى أي مدى يستجيب الأمر إلى معايير احترام حقوق المستهلك الذي أصبح اليوم يدفع ثمنا لشراء كيس بلاستيكي فيه دعاية للمتجر، وأيضا إلى أي مدى تخضع هذه الأكياس إلى رقابة حقيقية للتثبت من نوعيتها والتزامها بمعايير احترام البيئة؟
إننا وإذ نطرح الموضوع، فلأنه من المفروض أن يكون كل إجراء يتخذ في أي إطار كان، خاصة إذا كانت له علاقة مباشرة بحياة المواطن مسبوقا بدراسة تضع في الاعتبار كل الاحتمالات وفي قضية الحال توضح مدى الالتزام بالبيئة موضوعنا وأيضا مدى الالتزام بعدم المساس بميزانية المواطن. لكن إذا ما علمنا قيمة الخبز بالنسبة للمستهلك التونسي، فإننا نتخيل حجم النفقات التي تضاف من اجل اقتناء هذه المادة الأساسية والمدعومة من الدولة ويمكننا أيضا تخيل المرابيح من صنع هذه الأكياس البديلة.
وإذ يمكن أن نتفهم عدم استعداد المخابز التي تقتصر على بيع أنواع الخبز المدعوم، لتحمل مسؤولية الإجراءات الحمائية البيئية، فثمن الخبز المدعوم يبقى زهيدا مقارنة بالأسعار العالية للأنواع الأخرى ( خبز القمح الكامل وخبز الشعير وخبز الحبوب المتنوعة...)، فإننا لا نستوعب في المقابل بسهولة كيف يدعى المواطن لتحمل المسؤولية دون أن يكون ذلك مسبوقا بإعداد جيد للمرحلة الانتقالية.
وقد لا نبالغ عندما نقول أن الكثير من المواطنين لم يفهموا جيدا لماذا أصبحت المخابز تمنع الأكياس البلاستيكية (المجانية ) التي ظلت لسنوات طويلة تمنحها مجانا وباتت توفر أخرى بمقابل.
والسؤال الأهم في هذا السياق، هل تغير سلوك المواطن جذريا بعد منع المخابز تسليم الخبز في أكياس بلاستيكية؟
نخشى أن تكون الإجابة سلبية. ويكفي أن نلاحظ كيف يتوجه البعض وهو حامل الخبز على يديه لأقرب دكان لاقتناء كيس بلاستيكي حتى نفهم ذلك. ويكفي أن نلاحظ أن الكثيرين ممن يفوق ثمن الكيس "المرسكل"إمكانياتهم ( ملاحظة ضرورية وهي أن الأكياس المرسكلة صغيرة وتتمزق بسهولة ملفتتة للانتباه) يقصدون المخابز وهم مسلحون بأكياس بلاستيكية تجنبا للمفاجآت، حتى نفهم أن الرسالة لم تبلغ الناس بشكل واضح ولا يحتمل التأويل.
ربما لابد من دراسة علمية دقيقة في علاقة بالموضوع توضح كل الجوانب، وتجيب عن الأسئلة، لكن مبدئيا، أمامنا عمل كبير على مستوى التوعية والفهم وربط صلة المواطن بما يحدث حوله.