إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مجلس النواب بعد سنة من التحديات .. المصادقة على 36 قانونا مقدما من رئاسة الجمهورية.. وتقديم النواب لـ30 مقترحا

 

حسام محجوب لـ"الصباح": ما أنجزه النواب في جهاتهم يؤكد مدى نجاعة الغرفة الأولى ..

رابح الخريفي لـ"الصباح": نقص معرفة النواب بالسياسات العمومية من أسباب "الفشل"

تونس – الصباح

أسئلة عديدة رافقت مجلس نواب الشعب في نسخته الجديدة النابعة عن دستور 2022 وفلسفة الجمهورية الجديدة التي طرح رئيس الجمهورية قيس سعيد أبرز ملامحها وخطوطها العريضة في عدة المناسبات بدءا من حملته الانتخابية وبانت ملامحها بشكل أوضح في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021، بعد أخذه بزمام تسيير الدولة لعل من أبرزها قرار تجميد البرلمان السابق وإقالة الحكومة ووضع حد لمنظومة الحكم السابقة واتخاذ جملة من الإجراءات الإصلاحية والتدابير الاستثنائية بموجبها تم التمهيد لمشهد برلماني جديد يختلف عن السابق، من بينها وضع المرسوم 55 المؤرّخ في 15 سبتمبر 2022 بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، وما أقره من نظام انتخابي على الأفراد وعبر برامج جهوية محلية بامتياز، ونسخة جديدة للمؤسسة التشريعية بغرفتين وتغيير آليات التشريع وعمل النواب، وفق سياسة القرب من المواطن والناخب والجهة لكل نائب.

وقد رافق تلك المرحلة سواء تعلق الأمر بالمؤسسة التشريعية بغرفتيها أو الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها وصولا إلى تنصيب البرلمان ووضع قانونه الداخلي وتنظيم سير عمل البرلمان لتطفو اليوم إلى المشهد العام أسئلة واستفهامات أخرى يتنزل أغلبها في سياقات تقييم ومتابعة ومقارنة وتحفيز واستشراف لأداء يكون أكثر نجاعة وعملية بعد سنة "أولى" برلمان والتحديات المطروحة على الوظيفة التشريعية في علاقة بالسلطة والوظيفة التنفيذية في الجمهورية الجديدة وذلك في تناغم مع توجهات رئاسة الجمهورية لتكريس إصلاحات وتشريعات وقوانين توجبها متطلبات الجمهورية الجديدة.

 منجز محل جدل

 أكد مجلس نواب الشعب في مقطع "فيديو" نشره على موقعه بشبكة التواصل الاجتماعي مؤخرا أنه منذ انطلاق أشغاله يوم 13 مارس 2023 إلى غاية 13 من الشهر الجاري، صادق على 36 مشروع قانون كحصيلة لعام كامل من العمل التشريعي للبرلمان.

ويذكر أنه تم تنظيم الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها يوم 17 ديسمبر 2022. وتم عقد الجلسة العامة الافتتاحية يوم 13 مارس 2023 وصادق البرلمان خلال المدة النيابيّة الأولى، التي اختتمت يوم 31 جويلية 2023، على 9 مشاريع قوانين، أبرزها القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدواء والمواد الصحيّة والقانون الأساسي المتعلق بالموافقة على مذكرة التفاهم بين تونس والكيبيك في مادة الضمان الاجتماعي والقانون الأساسي المتعلق بتنقيح المرسوم المتعلق بتنظيم القضاء العسكري.

فيما انطلقت الدورة النيابية الثانية يوم 3 أكتوبر 2023، وصادق البرلمان في الفترة التي تلتها على 27 مشروع قانون، أبرزها القانون المتعلق بمكافحة المنشطات في المجال الرياضي وقانون المالية التعديلي لسنة 2023 والقانون المتعلق بتسليم المجرمين بين تونس والجزائر والقانون المتعلق بالصلح الجزائي إضافة إلى القانون المتعلق بانضمام تونس إلى مجلس أوروبا والقانونين الخاصين ببطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين.

وكان البرلمان عقد 13 اجتماعا و8 جلسات عامة، من 13 مارس إلى 28 أفريل من السنة الماضية، لإعداد نظامه الداخلي والمصادقة عليه وذلك قبل الشروع في تركيز الهياكل النيابية، ليعلن يوم 11 ماي من السنة نفسها عن تكوين 6 كتل نيابية وعن حصصها وحصة غير المنتمين إلى الكتل في المسؤوليات بهياكل المجلس وعن تكوين مكتب البرلمان وتوزيع المسؤوليات داخله.

وجرى في الجلسة العامة ليوم 23 ماي من سنة 2023 انتخاب 13 لجنة قارة سيادية وتنصيب مكاتبها في اليوم الموالي للجلسة لتنطلق في أعمالها المتعلقة بدراسة مشاريع القوانين وإعداد التقارير حولها ويتكون البرلمان الحالي من 154 نائبا من أصل 161، في انتظار استكمال انتخاب بقية الأعضاء وعددهم سبعة.

  صورة مغايرة

إذ أكد أغلب المتابعين لعمل البرلمان نجاح النواب الجديد في كسب التحدي بالقطع مع الصورة السلبية للنواب والبرلمان التي ميزت المشهد البرلماني والسياسي خلال عشرية ما بعد الثورة، والانضباط الذي كان عليه أغلب النواب من حيث الحضور وإبداء الإصرار على قيام المؤسسة التشريعية بدور هام في المرحلة المفصلية التي تمر بها الدولة. وهو ما يؤكده توثيق الجلسات وعمل اللجان وأنشطة البرلمان المنشورة على موقع البرلمان رغم الخيارات التنظيمية التي تم اعتمادها في هذا المجلس بمنع حضور المجتمع المدني والمراقبين في الداخل وغيرها من الخيارات الخاصة بالحضور الإعلامي وغيره والتي أثار بعدها ردود أفعال مختلفة. إذ أكد جل النواب في عديد المناسبات باعتبار أن جلهم كان منخرطا في تأييد قرارات 25 جولية 2021 ودعم المسار الذي يقوده سعيد.

 وفسر حسام محجوب، نائب رئيس البرلمان مكلف بشؤون التشريع، في حديثه عن تقييم عمل البرلمان بعد سنة من انطلاق عمله أن الحملة التي شنها البعض ضد البرلمان الحالي تحت عنوان "التقييم" ليس لها أي معنى وتبين أن البعض لم يفهم بعد دستور 2022 وما جاء فيه من خصوصيات دستورية تنظم سير عمل المؤسسات والدولة. وأوضح بالقول في تصريح لـ"الصباح": "في الحقيقة المصادقة على 36 قانون بعد عام من عمل البرلمان يعد انجازا هاما وبنسق ماراطوني للنواب، نظرا لعدة اعتبارات أبرزها أنه بعد تنصيب البرلمان في 13 مارس 2023 اتجه النواب إلى تركيز اللجان ووضع النظام الداخلي بنسق مسارع غير مسبوق، لأن الجميع على وعي بالتحديات المطروحة وإيماننا جميعا كنواب بضرورة كسب هذا التحدي وتحقيق التوزانات المطلوبة في تلك المرحلة واستعادة ثقة التونسي في الدولة ومؤسساتها والبرلمان بعد الترذيل الذي طالها في مرحلة الحكم السابقة".

وأكد محدثنا أن البرلمان انطق عمليا في العمل التشريعي نهاية شهر ماي قبل دخوله في عطلة برلمانية في الصائفة الماضية عاد إثرها لمباشرة مهامه في 3 أكتوبر الماضي.

  تحديات

كما أفاد حسام محجوب أن البرلمان الحالي نجح في الفترة الماضية في كسب جوانب من التحديات المطروحة بعد تقديم صورة مغايرة لمشاهد البرلمانات السابقة، وذلك بتقديم ما يقارب 30 مقترح قانون وذلك انسجاما مع ما تضمنه الدستور الجديد الذي ينص في فصله 96 على أن الأولوية في مناقشة القوانين لتلك التي ترد من رئاسة الجمهورية. معتبرا ما تحقق في مناقشة قانون ميزانية الدولة لسنة 2024 انجازا هاما يحسب للبرلمان.

واعتبر نائب رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بشؤون التشريع، أن البرلمان قام بدوره الرقابي وفق ما جاء في نفس الدستور الجديد وأضاف قائلا: "حسب الدستور الجديد الحكومة مسؤولة أمام رئيس الجمهورية فهو من يعينها ويسائلها ويقيم عملها وليس البرلمان، لأنها تطبق سياسة رئيس الجمهورية ولكن إذا ما حادت عن تلك السياسة يمكن لمجلس النواب تقديم لائحة لوم ضدها".

وبين أن البرلمان وجه إلى حد غرة مارس أكثر من ألف سؤال إلى الحكومة وتمت الإجابة على ما نسبته 92% من الأسئلة المطروحة ونشر ذلك على الموقع الرسمي لمجلس النواب. معتبرا ما قام به النواب خلال الفترة الماضية من دورفي جهاتهم والاقتراب من واقع ومشاغل ومطالب المواطنين عبر بلورة ذلك في مقترحات قوانين وتنقيحات لأخرى يؤكد مدى نجاعة الغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية قبل اكتمال نصاب الغرفة الثانية المتمثلة في المجلس الوطني للأقاليم والجهات.

  ردود أفعال متباينة

وشكلت الوظيفة التشريعية في نسختها الحالية في مختلف مراحل تكوينها وعملها محل جدل واسع في الأوساط السياسية والدستورية والقانونية والمدنية خاصة أنها تتضمن شروطا جديدة لم يسبق أن تضمنتها البرلمانات السابقة، وفق تأكيد متابعين وباحثين مختصين في المجال، من بينها الشروط الجديدة المتمثلة في الانتخاب على الأفراد وعبر تقديم برامج خاصة بكل جهة وسحب الوكالة من النائب والحصانة الدبلوماسية وطريقة تقديم المبادرات التشريعية ومقترحات القوانين وغيرها.

ويرى رابح الخرايفي، المختص في القانون العام، أن تقييم البرلمان يتم عبر اعتماد معايير مختلفة لتقييم المردودية في المصادقة على القوانين سواء الواردة من رئاسة الجمهورية أو تلك التي يتم تقديمها كمقترحات من النواب. واعتبر أن المعيار الأساسي في ذلك هو اعتماد مدى السرعة والنجاعة في المصادقة على تلك القوانين من ناحية وجدوى وفاعلية المجلس واللجان والقوانين. وأضاف قائلا: "ما يتعلق بمقترحات القوانين المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية هناك سرعة ونجاعة في الانجاز والمصادقة ولكن فيا يتعلق بمقترحات النواب تعد معطلة. ويبدو أن ذلك يعود لعدم فهم النواب لطبيعة لأدوارهم. ويكفي العودة في ذلك إلى مقترح المجلة الجزائية ومجلة المياه والمجلة الجزائية وغيرها من المقترحات المعطلة إلى حد الآن".

كما اعتبر محدثنا أن المساءلة في حاجة إلى المراجعة وذلك عبر توجيه أسئلة في إطار الدور الرقابي للبرلمان إلى بعض الوزراء الذين حملهم مسؤولية تردي الوضع وغياب أي مبادرة أو برامج تهدف إلى حلحلة القضايا والإشكاليات المطروحة على غرار وزارات البيئة والفلاحة وأملاك الدولة على اعتبار أن الفوضى وتواصل الاستيلاء على الأراضي الفلاحية وتحويلها إلى عقارات وغيرها يطرح أكثر من تساؤل.

وأرجع المختص في القانون العام أن من بين أسباب فشل مجلس النواب في القيام بدوره على النحو المطلوب والمنتظر منذ انطلاق عمله في العام الماضي إلى اليوم يعود في جانب منه إلى نقص معرفة النواب بالسياسات العمومية وقال: "للأسف ليس لنا نواب لهم دراية سياسية واضحة على غرار ما هو موجود في برلمانات أغلب دول العالم، لأن الأكاديمية البرلمانية في تقديري في حاجة إلى تشريك المختصين في القيام بهذا الدور أو بعث فرع للقانون الخاص".

فيما أكد حسام محجوب أن النواب بالبرلمان استفادوا من دور الأكاديمية البرلمانية في مرحلة أولى من خلال التكوين والتأطير الذي قدمته للنواب وتعززت الفائدة بعد دخول وحدة جديدة في تابعة للمجلس تعنى بالدراسات والتوثيق والإسناد القانوني منذ بداية السنة الجارية باعتبار أن النواب ليسوا مختصين في القانون وليس لأغلبهم تجارب سابقة في العمل السياسي أو البرلماني، وفق تأكيده.

ورغم غياب المجتمع المدني عن البرلمان إلا أن منظمة "أنا يقظ" أصدرت تقريرها حول مجلس النواب الحالي وبينت أنه طيلة عمل سنة كاملة لم يصادق إلا على مشاريع قوانين رئاسة الجمهورية بنسبة 97% ، في حين أنّه لم يصادق على أي مشروع مقترح من النواب باستثناء مقترح وحيد يتعلّق بتجريم التطبيع والذي تمّ رفع جلسته دون استئنافها إلى غاية اليوم.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

مجلس النواب بعد سنة من التحديات .. المصادقة على 36 قانونا مقدما من رئاسة الجمهورية.. وتقديم النواب لـ30 مقترحا

 

حسام محجوب لـ"الصباح": ما أنجزه النواب في جهاتهم يؤكد مدى نجاعة الغرفة الأولى ..

رابح الخريفي لـ"الصباح": نقص معرفة النواب بالسياسات العمومية من أسباب "الفشل"

تونس – الصباح

أسئلة عديدة رافقت مجلس نواب الشعب في نسخته الجديدة النابعة عن دستور 2022 وفلسفة الجمهورية الجديدة التي طرح رئيس الجمهورية قيس سعيد أبرز ملامحها وخطوطها العريضة في عدة المناسبات بدءا من حملته الانتخابية وبانت ملامحها بشكل أوضح في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021، بعد أخذه بزمام تسيير الدولة لعل من أبرزها قرار تجميد البرلمان السابق وإقالة الحكومة ووضع حد لمنظومة الحكم السابقة واتخاذ جملة من الإجراءات الإصلاحية والتدابير الاستثنائية بموجبها تم التمهيد لمشهد برلماني جديد يختلف عن السابق، من بينها وضع المرسوم 55 المؤرّخ في 15 سبتمبر 2022 بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، وما أقره من نظام انتخابي على الأفراد وعبر برامج جهوية محلية بامتياز، ونسخة جديدة للمؤسسة التشريعية بغرفتين وتغيير آليات التشريع وعمل النواب، وفق سياسة القرب من المواطن والناخب والجهة لكل نائب.

وقد رافق تلك المرحلة سواء تعلق الأمر بالمؤسسة التشريعية بغرفتيها أو الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها وصولا إلى تنصيب البرلمان ووضع قانونه الداخلي وتنظيم سير عمل البرلمان لتطفو اليوم إلى المشهد العام أسئلة واستفهامات أخرى يتنزل أغلبها في سياقات تقييم ومتابعة ومقارنة وتحفيز واستشراف لأداء يكون أكثر نجاعة وعملية بعد سنة "أولى" برلمان والتحديات المطروحة على الوظيفة التشريعية في علاقة بالسلطة والوظيفة التنفيذية في الجمهورية الجديدة وذلك في تناغم مع توجهات رئاسة الجمهورية لتكريس إصلاحات وتشريعات وقوانين توجبها متطلبات الجمهورية الجديدة.

 منجز محل جدل

 أكد مجلس نواب الشعب في مقطع "فيديو" نشره على موقعه بشبكة التواصل الاجتماعي مؤخرا أنه منذ انطلاق أشغاله يوم 13 مارس 2023 إلى غاية 13 من الشهر الجاري، صادق على 36 مشروع قانون كحصيلة لعام كامل من العمل التشريعي للبرلمان.

ويذكر أنه تم تنظيم الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها يوم 17 ديسمبر 2022. وتم عقد الجلسة العامة الافتتاحية يوم 13 مارس 2023 وصادق البرلمان خلال المدة النيابيّة الأولى، التي اختتمت يوم 31 جويلية 2023، على 9 مشاريع قوانين، أبرزها القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدواء والمواد الصحيّة والقانون الأساسي المتعلق بالموافقة على مذكرة التفاهم بين تونس والكيبيك في مادة الضمان الاجتماعي والقانون الأساسي المتعلق بتنقيح المرسوم المتعلق بتنظيم القضاء العسكري.

فيما انطلقت الدورة النيابية الثانية يوم 3 أكتوبر 2023، وصادق البرلمان في الفترة التي تلتها على 27 مشروع قانون، أبرزها القانون المتعلق بمكافحة المنشطات في المجال الرياضي وقانون المالية التعديلي لسنة 2023 والقانون المتعلق بتسليم المجرمين بين تونس والجزائر والقانون المتعلق بالصلح الجزائي إضافة إلى القانون المتعلق بانضمام تونس إلى مجلس أوروبا والقانونين الخاصين ببطاقة التعريف وجواز السفر البيومتريين.

وكان البرلمان عقد 13 اجتماعا و8 جلسات عامة، من 13 مارس إلى 28 أفريل من السنة الماضية، لإعداد نظامه الداخلي والمصادقة عليه وذلك قبل الشروع في تركيز الهياكل النيابية، ليعلن يوم 11 ماي من السنة نفسها عن تكوين 6 كتل نيابية وعن حصصها وحصة غير المنتمين إلى الكتل في المسؤوليات بهياكل المجلس وعن تكوين مكتب البرلمان وتوزيع المسؤوليات داخله.

وجرى في الجلسة العامة ليوم 23 ماي من سنة 2023 انتخاب 13 لجنة قارة سيادية وتنصيب مكاتبها في اليوم الموالي للجلسة لتنطلق في أعمالها المتعلقة بدراسة مشاريع القوانين وإعداد التقارير حولها ويتكون البرلمان الحالي من 154 نائبا من أصل 161، في انتظار استكمال انتخاب بقية الأعضاء وعددهم سبعة.

  صورة مغايرة

إذ أكد أغلب المتابعين لعمل البرلمان نجاح النواب الجديد في كسب التحدي بالقطع مع الصورة السلبية للنواب والبرلمان التي ميزت المشهد البرلماني والسياسي خلال عشرية ما بعد الثورة، والانضباط الذي كان عليه أغلب النواب من حيث الحضور وإبداء الإصرار على قيام المؤسسة التشريعية بدور هام في المرحلة المفصلية التي تمر بها الدولة. وهو ما يؤكده توثيق الجلسات وعمل اللجان وأنشطة البرلمان المنشورة على موقع البرلمان رغم الخيارات التنظيمية التي تم اعتمادها في هذا المجلس بمنع حضور المجتمع المدني والمراقبين في الداخل وغيرها من الخيارات الخاصة بالحضور الإعلامي وغيره والتي أثار بعدها ردود أفعال مختلفة. إذ أكد جل النواب في عديد المناسبات باعتبار أن جلهم كان منخرطا في تأييد قرارات 25 جولية 2021 ودعم المسار الذي يقوده سعيد.

 وفسر حسام محجوب، نائب رئيس البرلمان مكلف بشؤون التشريع، في حديثه عن تقييم عمل البرلمان بعد سنة من انطلاق عمله أن الحملة التي شنها البعض ضد البرلمان الحالي تحت عنوان "التقييم" ليس لها أي معنى وتبين أن البعض لم يفهم بعد دستور 2022 وما جاء فيه من خصوصيات دستورية تنظم سير عمل المؤسسات والدولة. وأوضح بالقول في تصريح لـ"الصباح": "في الحقيقة المصادقة على 36 قانون بعد عام من عمل البرلمان يعد انجازا هاما وبنسق ماراطوني للنواب، نظرا لعدة اعتبارات أبرزها أنه بعد تنصيب البرلمان في 13 مارس 2023 اتجه النواب إلى تركيز اللجان ووضع النظام الداخلي بنسق مسارع غير مسبوق، لأن الجميع على وعي بالتحديات المطروحة وإيماننا جميعا كنواب بضرورة كسب هذا التحدي وتحقيق التوزانات المطلوبة في تلك المرحلة واستعادة ثقة التونسي في الدولة ومؤسساتها والبرلمان بعد الترذيل الذي طالها في مرحلة الحكم السابقة".

وأكد محدثنا أن البرلمان انطق عمليا في العمل التشريعي نهاية شهر ماي قبل دخوله في عطلة برلمانية في الصائفة الماضية عاد إثرها لمباشرة مهامه في 3 أكتوبر الماضي.

  تحديات

كما أفاد حسام محجوب أن البرلمان الحالي نجح في الفترة الماضية في كسب جوانب من التحديات المطروحة بعد تقديم صورة مغايرة لمشاهد البرلمانات السابقة، وذلك بتقديم ما يقارب 30 مقترح قانون وذلك انسجاما مع ما تضمنه الدستور الجديد الذي ينص في فصله 96 على أن الأولوية في مناقشة القوانين لتلك التي ترد من رئاسة الجمهورية. معتبرا ما تحقق في مناقشة قانون ميزانية الدولة لسنة 2024 انجازا هاما يحسب للبرلمان.

واعتبر نائب رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بشؤون التشريع، أن البرلمان قام بدوره الرقابي وفق ما جاء في نفس الدستور الجديد وأضاف قائلا: "حسب الدستور الجديد الحكومة مسؤولة أمام رئيس الجمهورية فهو من يعينها ويسائلها ويقيم عملها وليس البرلمان، لأنها تطبق سياسة رئيس الجمهورية ولكن إذا ما حادت عن تلك السياسة يمكن لمجلس النواب تقديم لائحة لوم ضدها".

وبين أن البرلمان وجه إلى حد غرة مارس أكثر من ألف سؤال إلى الحكومة وتمت الإجابة على ما نسبته 92% من الأسئلة المطروحة ونشر ذلك على الموقع الرسمي لمجلس النواب. معتبرا ما قام به النواب خلال الفترة الماضية من دورفي جهاتهم والاقتراب من واقع ومشاغل ومطالب المواطنين عبر بلورة ذلك في مقترحات قوانين وتنقيحات لأخرى يؤكد مدى نجاعة الغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية قبل اكتمال نصاب الغرفة الثانية المتمثلة في المجلس الوطني للأقاليم والجهات.

  ردود أفعال متباينة

وشكلت الوظيفة التشريعية في نسختها الحالية في مختلف مراحل تكوينها وعملها محل جدل واسع في الأوساط السياسية والدستورية والقانونية والمدنية خاصة أنها تتضمن شروطا جديدة لم يسبق أن تضمنتها البرلمانات السابقة، وفق تأكيد متابعين وباحثين مختصين في المجال، من بينها الشروط الجديدة المتمثلة في الانتخاب على الأفراد وعبر تقديم برامج خاصة بكل جهة وسحب الوكالة من النائب والحصانة الدبلوماسية وطريقة تقديم المبادرات التشريعية ومقترحات القوانين وغيرها.

ويرى رابح الخرايفي، المختص في القانون العام، أن تقييم البرلمان يتم عبر اعتماد معايير مختلفة لتقييم المردودية في المصادقة على القوانين سواء الواردة من رئاسة الجمهورية أو تلك التي يتم تقديمها كمقترحات من النواب. واعتبر أن المعيار الأساسي في ذلك هو اعتماد مدى السرعة والنجاعة في المصادقة على تلك القوانين من ناحية وجدوى وفاعلية المجلس واللجان والقوانين. وأضاف قائلا: "ما يتعلق بمقترحات القوانين المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية هناك سرعة ونجاعة في الانجاز والمصادقة ولكن فيا يتعلق بمقترحات النواب تعد معطلة. ويبدو أن ذلك يعود لعدم فهم النواب لطبيعة لأدوارهم. ويكفي العودة في ذلك إلى مقترح المجلة الجزائية ومجلة المياه والمجلة الجزائية وغيرها من المقترحات المعطلة إلى حد الآن".

كما اعتبر محدثنا أن المساءلة في حاجة إلى المراجعة وذلك عبر توجيه أسئلة في إطار الدور الرقابي للبرلمان إلى بعض الوزراء الذين حملهم مسؤولية تردي الوضع وغياب أي مبادرة أو برامج تهدف إلى حلحلة القضايا والإشكاليات المطروحة على غرار وزارات البيئة والفلاحة وأملاك الدولة على اعتبار أن الفوضى وتواصل الاستيلاء على الأراضي الفلاحية وتحويلها إلى عقارات وغيرها يطرح أكثر من تساؤل.

وأرجع المختص في القانون العام أن من بين أسباب فشل مجلس النواب في القيام بدوره على النحو المطلوب والمنتظر منذ انطلاق عمله في العام الماضي إلى اليوم يعود في جانب منه إلى نقص معرفة النواب بالسياسات العمومية وقال: "للأسف ليس لنا نواب لهم دراية سياسية واضحة على غرار ما هو موجود في برلمانات أغلب دول العالم، لأن الأكاديمية البرلمانية في تقديري في حاجة إلى تشريك المختصين في القيام بهذا الدور أو بعث فرع للقانون الخاص".

فيما أكد حسام محجوب أن النواب بالبرلمان استفادوا من دور الأكاديمية البرلمانية في مرحلة أولى من خلال التكوين والتأطير الذي قدمته للنواب وتعززت الفائدة بعد دخول وحدة جديدة في تابعة للمجلس تعنى بالدراسات والتوثيق والإسناد القانوني منذ بداية السنة الجارية باعتبار أن النواب ليسوا مختصين في القانون وليس لأغلبهم تجارب سابقة في العمل السياسي أو البرلماني، وفق تأكيده.

ورغم غياب المجتمع المدني عن البرلمان إلا أن منظمة "أنا يقظ" أصدرت تقريرها حول مجلس النواب الحالي وبينت أنه طيلة عمل سنة كاملة لم يصادق إلا على مشاريع قوانين رئاسة الجمهورية بنسبة 97% ، في حين أنّه لم يصادق على أي مشروع مقترح من النواب باستثناء مقترح وحيد يتعلّق بتجريم التطبيع والذي تمّ رفع جلسته دون استئنافها إلى غاية اليوم.

نزيهة الغضباني