إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي.. ميناء أمريكي في غزة.. لماذا؟

 

بقلم: كمال بن يونس

تأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تنفيذ خطة إحداث "ميناء مؤقت" بالقرب من قطاع غزة في فلسطين المحتلة..

رسميا أعلن أن الهدف من هذا "الميناء المؤقت" هو إيصال حوالي مليوني وجبة أكل يوميا للمدنيين الذين يعانون منذ حوالي 6اشهر من التجويع والتشريد وحرب إبادة تسببت إلى حد الآن في سقوط أكثر من مائة ألف قتيل وجريح وفي عشرات التفت الإصابات بإعاقات خطيرة... فضلا عن تسببها في توسع رقعة الحرب نحو لبنان والعراق واليمن والبحر الأحمر وسوريا والضفة الغربية والقدس المحتلين..

لكن لماذا غضت واشنطن الطرف عن الأسلوب الأسهل لإيصال المساعدات أي المعابر البرية مع مصر والأردن؟

وإذا كانت مصر والأردن تعطلان دخول المساعدات برا، مثلما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية، فلماذا لا يقع فتح المعابر الأرضية القادمة من شمال قطاع غزة والتي تخضع لإسرائيل فقط؟

إذن فالقضية ليست قضية "مساعدات إنسانية" فقط... بالنسبة الولايات المتحدة الأمريكية التي يعلم الجميع أن لديها قواعد عسكرية ومخازن أسلحة عملاقة داخل إسرائيل... ولديها "جسر جوي" دائم مع إسرائيل...

بعبارة أخرى فان الطائرات العسكرية الأمريكية الضخمة التي تنقل منذ سنوات، وبنسق اكبر منذ 7 أكتوبر الماضي، أسلحة وذخيرة للجيش الإسرائيلي يمكنها أن توصل كميات "المساعدات الغذائية والإنسانية" إلى داخل قطاع غزة... وان تشرف عبر قوات أمريكية على تسليمها للهلال والصليب الأحمر الدوليين..

إذن القضية ليست قضية توزيع مساعدات فقط.. بل إن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أعلن بدوره أن "المساعدات الغذائية والإنسانية الهائلة التي سوف تقدمها واشنطن عبر البواخر والميناء الذي سيقع إنجازه بالقرب من قطاع غزة ليست بديلا عن المساعدات التي تصل عبر الشاحنات المعابر البرية"...

أضف إلى كل هذا فان المعلومات المتوفرة تؤكد أن إنجاز هذا "الميناء المؤقت " يستوجب ما لا يقل عن ستين يوما...

فهل سيصبر مليونا فلسطيني على الجوع والحرمان من الدواء والغذاء والمساكن اللائقة شهرين آخرين أو أكثر؟

وهل يمكن للبواخر الأمريكية التي ستنطلق من قبرص توفير حاجيات شعب فلسطين المحاصر وأطفاله من الغذاء والدواء والخيام في وقت تواصل فيه المدافع والطائرات الحربية الإسرائيلية تقتيل المدنيين الفلسطينيين وإطلاق المزيد من القنابل والقذائف والصواريخ المدمرة؟!!

قطعا لا...

وكان من الأيسر إصدار أوامر واضحة من واشنطن لحكومة ناتنياهو كي توقف الحرب...

وإذا رفضت الرضوخ كان من الأيسر دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد للمصادقة على قرار وقف إطلاق النار ملزم.. دون "فيتو" أمريكي... احتراما لقرارات سابقة بينها قرار الجمعية العامة للامم المتحدة بموافقة 152 دولة... ليس بينها واشنطن...

إذن لماذا جاء الحديث عن الميناء المؤقت في سواحل قطاع غزة المحتل الآن؟

+ بعض الخبراء فسره بوجود مشروع أمريكي إسرائيلي لتوظيف هذا "الميناء المؤقت" لاحقا في استغلال حقول الغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط وتحديدا تلك التي توجد في "سواحل قطاع غزة ومصر وقبرص ولبنان وسوريا"...

+ خبراء آخرون اعتبروا إنجاز هذا الميناء والخط البحري مع القواعد العسكرية الأمريكية في قبرص واليونان "مبادرة عسكرية أمريكية جيو -إستراتيجية" لدعم الحضور العسكري والسياسي الأمريكي في شرق البحر الأبيض المتوسط...

وجاءت هذه المبادرة بعد أكثر من عشرين عاما عن تراجع الاهتمام الأمريكي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط و"الشرق الأوسط" مقابل التوجه لبحر الصين وشرق آسيا حيث حوالي ثلاثة أرباع الحركة التجارية البحرية العالمية..

لكن الأولويات الأمريكية تغيرت بعد "طوفان الأقصى" وتدويل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والعربي الإسرائيلي وتوسع منطقة الحروب لتشمل الخليج والعراق واليمن وسوريا وتستقطب سياسيا العالم اجمع... من إندونيسيا إلى جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية والرأي العام في البلدان الغربية...

+ في نفس الوقت اعتبرت مصادر عديدة أن واشنطن أرادت بمبادرتها العسكرية السياسية الجديدة ممارسة "ضغوطات قوية على سلطات الاحتلال الإسرائيلية" وعلى حكومة ناتنياهو التي يتهمها قادة غربيون أنها "تجاوزت حدودها" وأصبحت تتحدى الدول الغربية التي توفر لها منذ عقود الأموال والأسلحة المتطورة بما فيها السلاح النووي..

حسب هذه المصادر فان "الميناء المؤقت" قد يصبح" ميناء أمريكيا دائما "شرقي البحر المتوسط... للضغط على كل دول المنطقة، بما فيها إسرائيل ومصر والعراق وسوريا.. وهو سيغني واشنطن عن إرسال "حاملات طائرات" و"غواصات عملاقة" إلى المنطقة... بعد أن ارتفعت تكاليفها...

وستكون النتيجة تسخير تلك الآليات لبحر الصين ومنطقة شرق آسيا والصراع مع العملاقين الصيني والروسي..

+ في نفس الوقت قد تكون من بين أهداف هذا "الميناء المؤقت الأمريكي" مزيد إضعاف الدور الأوروبي جنوبي البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن توظيفه لـ"تحذير" إيران والصين وروسيا من لعب دور اكبر في المنطقة... وخاصة في فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا واليمن والعراق وكامل المشرق العربي وفي منطقتي الخليج والبحر الأحمر..

  _ في كل الحالات يبدو أن من بين نتائج إحداث هذا "الميناء المؤقت" أن يستخصر العالم تجربة "الجسر البحري" و"الإنزال الكبير" الذي قامت به القوات المسلحة الأمريكية في جوان 1944.. في البحر الفاصل بين بريطانيا وفرنسا... وكان ذلك الإنزال حاسما في إنجاز انتصار قوات "الحلفاء" على قوات "المحور" بزعامة ألمانيا النازية...

كل السيناريوهات واردة... في وقت تعددت فيه مبادرات "بناء نظام إقليمي ودولي جديد"...

 

 

 

رأي..   ميناء أمريكي في غزة.. لماذا؟

 

بقلم: كمال بن يونس

تأكد أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تنفيذ خطة إحداث "ميناء مؤقت" بالقرب من قطاع غزة في فلسطين المحتلة..

رسميا أعلن أن الهدف من هذا "الميناء المؤقت" هو إيصال حوالي مليوني وجبة أكل يوميا للمدنيين الذين يعانون منذ حوالي 6اشهر من التجويع والتشريد وحرب إبادة تسببت إلى حد الآن في سقوط أكثر من مائة ألف قتيل وجريح وفي عشرات التفت الإصابات بإعاقات خطيرة... فضلا عن تسببها في توسع رقعة الحرب نحو لبنان والعراق واليمن والبحر الأحمر وسوريا والضفة الغربية والقدس المحتلين..

لكن لماذا غضت واشنطن الطرف عن الأسلوب الأسهل لإيصال المساعدات أي المعابر البرية مع مصر والأردن؟

وإذا كانت مصر والأردن تعطلان دخول المساعدات برا، مثلما أوردت وسائل إعلام إسرائيلية، فلماذا لا يقع فتح المعابر الأرضية القادمة من شمال قطاع غزة والتي تخضع لإسرائيل فقط؟

إذن فالقضية ليست قضية "مساعدات إنسانية" فقط... بالنسبة الولايات المتحدة الأمريكية التي يعلم الجميع أن لديها قواعد عسكرية ومخازن أسلحة عملاقة داخل إسرائيل... ولديها "جسر جوي" دائم مع إسرائيل...

بعبارة أخرى فان الطائرات العسكرية الأمريكية الضخمة التي تنقل منذ سنوات، وبنسق اكبر منذ 7 أكتوبر الماضي، أسلحة وذخيرة للجيش الإسرائيلي يمكنها أن توصل كميات "المساعدات الغذائية والإنسانية" إلى داخل قطاع غزة... وان تشرف عبر قوات أمريكية على تسليمها للهلال والصليب الأحمر الدوليين..

إذن القضية ليست قضية توزيع مساعدات فقط.. بل إن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أعلن بدوره أن "المساعدات الغذائية والإنسانية الهائلة التي سوف تقدمها واشنطن عبر البواخر والميناء الذي سيقع إنجازه بالقرب من قطاع غزة ليست بديلا عن المساعدات التي تصل عبر الشاحنات المعابر البرية"...

أضف إلى كل هذا فان المعلومات المتوفرة تؤكد أن إنجاز هذا "الميناء المؤقت " يستوجب ما لا يقل عن ستين يوما...

فهل سيصبر مليونا فلسطيني على الجوع والحرمان من الدواء والغذاء والمساكن اللائقة شهرين آخرين أو أكثر؟

وهل يمكن للبواخر الأمريكية التي ستنطلق من قبرص توفير حاجيات شعب فلسطين المحاصر وأطفاله من الغذاء والدواء والخيام في وقت تواصل فيه المدافع والطائرات الحربية الإسرائيلية تقتيل المدنيين الفلسطينيين وإطلاق المزيد من القنابل والقذائف والصواريخ المدمرة؟!!

قطعا لا...

وكان من الأيسر إصدار أوامر واضحة من واشنطن لحكومة ناتنياهو كي توقف الحرب...

وإذا رفضت الرضوخ كان من الأيسر دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد للمصادقة على قرار وقف إطلاق النار ملزم.. دون "فيتو" أمريكي... احتراما لقرارات سابقة بينها قرار الجمعية العامة للامم المتحدة بموافقة 152 دولة... ليس بينها واشنطن...

إذن لماذا جاء الحديث عن الميناء المؤقت في سواحل قطاع غزة المحتل الآن؟

+ بعض الخبراء فسره بوجود مشروع أمريكي إسرائيلي لتوظيف هذا "الميناء المؤقت" لاحقا في استغلال حقول الغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط وتحديدا تلك التي توجد في "سواحل قطاع غزة ومصر وقبرص ولبنان وسوريا"...

+ خبراء آخرون اعتبروا إنجاز هذا الميناء والخط البحري مع القواعد العسكرية الأمريكية في قبرص واليونان "مبادرة عسكرية أمريكية جيو -إستراتيجية" لدعم الحضور العسكري والسياسي الأمريكي في شرق البحر الأبيض المتوسط...

وجاءت هذه المبادرة بعد أكثر من عشرين عاما عن تراجع الاهتمام الأمريكي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط و"الشرق الأوسط" مقابل التوجه لبحر الصين وشرق آسيا حيث حوالي ثلاثة أرباع الحركة التجارية البحرية العالمية..

لكن الأولويات الأمريكية تغيرت بعد "طوفان الأقصى" وتدويل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والعربي الإسرائيلي وتوسع منطقة الحروب لتشمل الخليج والعراق واليمن وسوريا وتستقطب سياسيا العالم اجمع... من إندونيسيا إلى جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية والرأي العام في البلدان الغربية...

+ في نفس الوقت اعتبرت مصادر عديدة أن واشنطن أرادت بمبادرتها العسكرية السياسية الجديدة ممارسة "ضغوطات قوية على سلطات الاحتلال الإسرائيلية" وعلى حكومة ناتنياهو التي يتهمها قادة غربيون أنها "تجاوزت حدودها" وأصبحت تتحدى الدول الغربية التي توفر لها منذ عقود الأموال والأسلحة المتطورة بما فيها السلاح النووي..

حسب هذه المصادر فان "الميناء المؤقت" قد يصبح" ميناء أمريكيا دائما "شرقي البحر المتوسط... للضغط على كل دول المنطقة، بما فيها إسرائيل ومصر والعراق وسوريا.. وهو سيغني واشنطن عن إرسال "حاملات طائرات" و"غواصات عملاقة" إلى المنطقة... بعد أن ارتفعت تكاليفها...

وستكون النتيجة تسخير تلك الآليات لبحر الصين ومنطقة شرق آسيا والصراع مع العملاقين الصيني والروسي..

+ في نفس الوقت قد تكون من بين أهداف هذا "الميناء المؤقت الأمريكي" مزيد إضعاف الدور الأوروبي جنوبي البحر الأبيض المتوسط، فضلا عن توظيفه لـ"تحذير" إيران والصين وروسيا من لعب دور اكبر في المنطقة... وخاصة في فلسطين المحتلة ولبنان وسوريا واليمن والعراق وكامل المشرق العربي وفي منطقتي الخليج والبحر الأحمر..

  _ في كل الحالات يبدو أن من بين نتائج إحداث هذا "الميناء المؤقت" أن يستخصر العالم تجربة "الجسر البحري" و"الإنزال الكبير" الذي قامت به القوات المسلحة الأمريكية في جوان 1944.. في البحر الفاصل بين بريطانيا وفرنسا... وكان ذلك الإنزال حاسما في إنجاز انتصار قوات "الحلفاء" على قوات "المحور" بزعامة ألمانيا النازية...

كل السيناريوهات واردة... في وقت تعددت فيه مبادرات "بناء نظام إقليمي ودولي جديد"...