يبدو أن التخمة التي سجلتها المسلسلات الرمضانية على مختلف القنوات العربية بكل ما فيها من غث أو سمين قد غطت على المسلسل الأطول الذي لا يتوقف على مدار الساعة والذي لم تلتقطه كاميرا أمهر وأشهر المخرجين..
مسلسل الحال من جوف النار أبطاله مجرد أرقام في سجلات صناع القرار ولا علاقة لهم بالفن والشهرة والسينما ولكنهم يتحركون على أكبر مسرح من مسارح الحياة ويكتبون للتاريخ وللعالم أروع الملاحم التي ينطق بها الأطفال وهم يلهثون رغم الإجهاد والتعب في ملاحقة المظلات التي تلقي لهم بالطعام فيتدافعون كلما سمعوا صوت الطائرات تحلق في سماء غزة ..وأحيانا كثيرة تتداخل أصوات طائرات الإغاثة بطائرات القصف الإسرائيلي فتختلط علب المساعدات بالدم و يعود من حظي بكيس من الدقيق مبتهجا فيما يعود غيره خائبا ولكنه مطمئن أن جاره سيقتسم الكيس مع كل من حوله ..
مسلسل غزة في جوف النار قد لا ينتهي قريبا و قد يمر شهر رمضان ويأتي العيد ولا يتوقف عن طحن البشر ..فلا شيء يدعو للعجلة وكل المؤشرات القادمة من هذا الجزء من العالم الذي يتحدث عنه الجميع ولا يتحرك أحد لإنقاذه تدفع للاعتقاد بان مسلسل الحرب قد يطول وإنه ليس مهما أن يموت ثلاثون ألف أو خمسون ألف أو مائة ألف أو حتى مائتير ألف أو اكثر وأن يهجر مليون أو مليونين طالما أن ذلك يشفي غليل من يقود العدوان منذ أكثر من خمسة أشهر ..
أبطال مسلسل غزة في جوف النار مليوني مواطن فلسطيني في القطاع المنكوب ينامون و يصحون على وقع حرب إبادة جماعية غير مسبوقة بعد أن ودعوا أكثر من مائة ألف ضحية من ذويهم بين شهيد وجريح وأسير ومشرد ...من المفارقات أن مسلسل غزة الذي تجاوزت حلقاته 160 حلقة مفتوح على كل السيناريوهات وقد يستمر أشهرا أو سنوات أو عقود ..و ليس مهما أن تتضاعف حصيلة الضحايا وتتفاقم الخسائر وتتحول غزة إلى مقبرة للنساء والأطفال فالأهم حسب مخرج المسلسل أن تتحقق أهداف من خطط ورسم ونفذ المجزرة البشرية الأبشع في تاريخ الإنسانية ..
يصر صناع القرار من متابعي مسلسل غزة الذي كتب بدماء الفلسطينيين على التأني في التعاطي مع ما يحدث و تدبر كيفية التدخل لإبعاد شبح الجوع عن الأهالي وإنهاء المجازر ..وبدل فتح المعابر البرية التي تربط غزة بمحيطها الجغرافي وحيث تتكدس منذ أشهر المساعدات الغذائية الانسانية، توجهوا نزولا عند شروط المعتدي إلى حل سحري يتمثل في إسقاط المساعدات جوا للحد من المجاعة التي تهدد الجميع .. ثم عادوا للبحث عن إقامة ميناء بحري لنقل المساعدات عبر البحر الأحمر الذي يستوجب الانتهاء منه ثلاثة أشهر أو أكثر ...
طبعا نهاية المسلسل الدموي لن تتضح قريبا وتبقى مفتوحة على الأسوأ مع فشل وانهيار كل الجهود الإنسانية لكسر الحصار عن غزة و فشل كل النداءات في التأثير على صناع الحرب وممولي جيش الاحتلال بالمال والسلاح ..
بعيدا عن آلام غزة وجرحها النازف لا تزال فئات من المتضامنين تصر على رفض ما يحدث من جرائم إبادة، والتنديد بقتل وإعدام الاطفال والنساء والشيوخ والمرضى ...
بالأمس أقدمت مجموعات من النساء في كوبا على قص شعورهن تضامنا مع فلسطين.. قص الشعر في الموروث الثقافي الإنساني رفض لانتهاك إنسانية الإنسان ودليل على الإحساس بوجع الآخر ..قطع جزء من الجسد كانت ارقي أنواع التعبير عن رفض ما يحدث من ظلم للإنسان الفلسطيني ومن سلب لهويته وتدمير لحقه في الحياة والبقاء ..
الصورة التالية تأتي من غزة حيث ترفض أمريكية مقيمة هناك مغادرة القطاع بعد نجاتها من قصف دمر بيتها ..."ديبوراه دواول" الأمريكية الوحيدة التي تقيم في غزة ترفض المغادرة رغم الجحيم الذي تعيش على وقعه غزة وترفض الهروب بجلدتها وترك الأهالي يواجهون الموت و المعاناة لوحدهم ..وهي تصر على البقاء بين أهل القطاع وتخاطب حكومة بلادها الداعم الأول والأكبر للاحتلال بأن "ما يحدث في غزة ظلم ..وإنها هناك لأني لا تريد أن تأخذ إسرائيل كل غزة وفلسطين"..
"ديبوراه "مثل "اراشيل كوري" واحدة من ألاف الأبطال في مسلسل غزة الدموي وهي شاهد على حجم المأساة وصوت مزعج لإسرائيل وحلفاءها و شركاءها في الجريمة ... أصل الصراع وأصل الحكاية حكاية وجود وهوية وأرض وبقاء أو فناء وقد لخصتها هذه الأمريكية بقولها "لن أغادر أبدا لأنه إذا غادرت فان إسرائيل ستأخذ كل غزة أو كل فلسطين فهم يريدون من الجميع المغادرة، لذلك بقيت لأنني لا أريدهم أن يأخذوا فلسطين"..
اسيا العتروس
يبدو أن التخمة التي سجلتها المسلسلات الرمضانية على مختلف القنوات العربية بكل ما فيها من غث أو سمين قد غطت على المسلسل الأطول الذي لا يتوقف على مدار الساعة والذي لم تلتقطه كاميرا أمهر وأشهر المخرجين..
مسلسل الحال من جوف النار أبطاله مجرد أرقام في سجلات صناع القرار ولا علاقة لهم بالفن والشهرة والسينما ولكنهم يتحركون على أكبر مسرح من مسارح الحياة ويكتبون للتاريخ وللعالم أروع الملاحم التي ينطق بها الأطفال وهم يلهثون رغم الإجهاد والتعب في ملاحقة المظلات التي تلقي لهم بالطعام فيتدافعون كلما سمعوا صوت الطائرات تحلق في سماء غزة ..وأحيانا كثيرة تتداخل أصوات طائرات الإغاثة بطائرات القصف الإسرائيلي فتختلط علب المساعدات بالدم و يعود من حظي بكيس من الدقيق مبتهجا فيما يعود غيره خائبا ولكنه مطمئن أن جاره سيقتسم الكيس مع كل من حوله ..
مسلسل غزة في جوف النار قد لا ينتهي قريبا و قد يمر شهر رمضان ويأتي العيد ولا يتوقف عن طحن البشر ..فلا شيء يدعو للعجلة وكل المؤشرات القادمة من هذا الجزء من العالم الذي يتحدث عنه الجميع ولا يتحرك أحد لإنقاذه تدفع للاعتقاد بان مسلسل الحرب قد يطول وإنه ليس مهما أن يموت ثلاثون ألف أو خمسون ألف أو مائة ألف أو حتى مائتير ألف أو اكثر وأن يهجر مليون أو مليونين طالما أن ذلك يشفي غليل من يقود العدوان منذ أكثر من خمسة أشهر ..
أبطال مسلسل غزة في جوف النار مليوني مواطن فلسطيني في القطاع المنكوب ينامون و يصحون على وقع حرب إبادة جماعية غير مسبوقة بعد أن ودعوا أكثر من مائة ألف ضحية من ذويهم بين شهيد وجريح وأسير ومشرد ...من المفارقات أن مسلسل غزة الذي تجاوزت حلقاته 160 حلقة مفتوح على كل السيناريوهات وقد يستمر أشهرا أو سنوات أو عقود ..و ليس مهما أن تتضاعف حصيلة الضحايا وتتفاقم الخسائر وتتحول غزة إلى مقبرة للنساء والأطفال فالأهم حسب مخرج المسلسل أن تتحقق أهداف من خطط ورسم ونفذ المجزرة البشرية الأبشع في تاريخ الإنسانية ..
يصر صناع القرار من متابعي مسلسل غزة الذي كتب بدماء الفلسطينيين على التأني في التعاطي مع ما يحدث و تدبر كيفية التدخل لإبعاد شبح الجوع عن الأهالي وإنهاء المجازر ..وبدل فتح المعابر البرية التي تربط غزة بمحيطها الجغرافي وحيث تتكدس منذ أشهر المساعدات الغذائية الانسانية، توجهوا نزولا عند شروط المعتدي إلى حل سحري يتمثل في إسقاط المساعدات جوا للحد من المجاعة التي تهدد الجميع .. ثم عادوا للبحث عن إقامة ميناء بحري لنقل المساعدات عبر البحر الأحمر الذي يستوجب الانتهاء منه ثلاثة أشهر أو أكثر ...
طبعا نهاية المسلسل الدموي لن تتضح قريبا وتبقى مفتوحة على الأسوأ مع فشل وانهيار كل الجهود الإنسانية لكسر الحصار عن غزة و فشل كل النداءات في التأثير على صناع الحرب وممولي جيش الاحتلال بالمال والسلاح ..
بعيدا عن آلام غزة وجرحها النازف لا تزال فئات من المتضامنين تصر على رفض ما يحدث من جرائم إبادة، والتنديد بقتل وإعدام الاطفال والنساء والشيوخ والمرضى ...
بالأمس أقدمت مجموعات من النساء في كوبا على قص شعورهن تضامنا مع فلسطين.. قص الشعر في الموروث الثقافي الإنساني رفض لانتهاك إنسانية الإنسان ودليل على الإحساس بوجع الآخر ..قطع جزء من الجسد كانت ارقي أنواع التعبير عن رفض ما يحدث من ظلم للإنسان الفلسطيني ومن سلب لهويته وتدمير لحقه في الحياة والبقاء ..
الصورة التالية تأتي من غزة حيث ترفض أمريكية مقيمة هناك مغادرة القطاع بعد نجاتها من قصف دمر بيتها ..."ديبوراه دواول" الأمريكية الوحيدة التي تقيم في غزة ترفض المغادرة رغم الجحيم الذي تعيش على وقعه غزة وترفض الهروب بجلدتها وترك الأهالي يواجهون الموت و المعاناة لوحدهم ..وهي تصر على البقاء بين أهل القطاع وتخاطب حكومة بلادها الداعم الأول والأكبر للاحتلال بأن "ما يحدث في غزة ظلم ..وإنها هناك لأني لا تريد أن تأخذ إسرائيل كل غزة وفلسطين"..
"ديبوراه "مثل "اراشيل كوري" واحدة من ألاف الأبطال في مسلسل غزة الدموي وهي شاهد على حجم المأساة وصوت مزعج لإسرائيل وحلفاءها و شركاءها في الجريمة ... أصل الصراع وأصل الحكاية حكاية وجود وهوية وأرض وبقاء أو فناء وقد لخصتها هذه الأمريكية بقولها "لن أغادر أبدا لأنه إذا غادرت فان إسرائيل ستأخذ كل غزة أو كل فلسطين فهم يريدون من الجميع المغادرة، لذلك بقيت لأنني لا أريدهم أن يأخذوا فلسطين"..