لا إصلاح للمؤسسات العمومية دون مهندس وفي 6 سنوات هاجر 39 ألف مهندس
تونس-الصباح
صرحت وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني الزنزري في زيارة إلى ولاية القصرين، اطلعت خلالها على سيرعدد من المشاريع ،" أنه لا مجال لتعطيل المشاريع العمومية وإهدار المال العام " وهو ما أحالنا إلى التساؤل حول أسباب تعطل المشاريع، هو سؤال طرحناه على عميد المهندسين التونسيين كمال سحنون الذي أفاد "الصباح " أن تعطل المشاريع العمومية أعمق بكثير مما هو ظاهر للعموم .
إذ قال العميد أن العمادة تتابع المهندسين الاستشاريين ومهندسي مكاتب الدراسات وخبراء المساحة ومكاتب المراقبة الفنية وتبين بالكاشف أن البيروقراطية معقدة بصفة كبيرة جدا ما جعل اتخاذ القرارات من قبل الإدارات التونسية لا يتم بالسهولة والسرعة اللازمة وهذا ناتج عن عديد الأسباب أولها أن عددا هاما من النصوص التشريعية تجاوزها الزمن ما جعل العمادة تعمل مع الوزارات المعنية على رأسها وزارة التجهيز لتحيين هذه القوانين والنصوص التشريعية.
وأشار أن العمادة تثمن قرار تنقيح وزيرة التجهيز لقانون سنة 1941 المتعلق بطريقة تعيين المهندسين المصممين، وهذا التحيين تم بتاريخ 31 جانفي 2024 .
وأبرز أن هذا التنقيح تم التحاور بشأنه مع وزارة التجهيز منذ 3 سنوات وهو ما تم منذ شهر بفضل فهم الوزيرة لهذا الملف ومواصلة عملها على رأس الوزارة ما مكّن من الحسم فيه .
وأشار عميد المهندسين كمال سحنون أنه لابد من مراجعة العديد من القوانين على غرار الأمر الحكومي 71 لسنة 1978 المتعلق بالمصادقة على كراس الشروط الإدارية المتعلقة بإنجاز البناءات المدنية، حيث طالبت العمادة بتحيينه منذ 6 سنوات لكن مازال إلى اليوم على حاله، وهي قوانين يساعد تحيينها على التسريع في إنجاز المشاريع وتلغي التأويل الذي يحول دون السرعة في اتخاذ القرار نظرا إلى أن الفصل 96 من المجلة الجزائية ينص على أن كل اجتهاد يمكن أن ينجر عنه خطأ إجرائي يحاسب عليه الموظف، وهو ما يجعل المسؤول الإداري أو التقني مكبلا وغير قادر على اتخاذ القرار، وهو ما جعل العمادة تقدم العديد من المقترحات لتنقيح هذه القوانين والأوامر من أجل تسريع المشاريع.
ماذا عن تعطل المشاريع الاستثمارية؟!
وبالنسبة للتسريع في إنجاز المشاريع الاستثمارية أشار عميد المهندسين أنه تم تقديم مقترحات لوزارتي البيئة والاقتصاد والمالية وأيضا رئاسة الحكومة والجمهورية للتسريع في إسناد الرخص الخاصة بهذه المشاريع الاستثمارية على اعتبار أن هذه الرخص تعود إلى 3 إدارات وهي الحماية المدنية والوكالة الوطنية لحماية المحيط والإدارة العامة للسلامة الصناعية وهذا يعني أن المستثمر يعود بالنظر إلى 3 إدارات خاصة وأنه أحيانا يجد نفسه عاجزا أمام تناقض القرار بينها.
وعن تقدم انجاز المشاريع العمومية أفادنا عميد المهندسين التونسيين أن الإدارة التونسية تضغط أحيانا على المصممين العموميين ومكاتب الدراسات دون إسناد bon de commande إلا أنه فيما بعد يتعطل الإمضاء عليها بسبب طول وتشعب الإجراءات وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى مشكل البيروقراطية أكثر منه التمويل على اعتبار أن التمويلات تكون في العادة مرصودة إلا أن طول الإجراءات هي من يعطل سرعة الإنجاز.
هجرة أكثر من 39 ألف مهندس!!؟
وكشف سحنون أن القطاع يعاني من تفاقم هجرة الكفاءات نظرا لكفاءتها التكوينية ما يمكنها من الاندماج في اقتصاديات العالم بسهولة مقارنة بالمهندسين من جنسيات أخرى، وأكد أن المهندس في تونس لا يتحصل على المكانة التي يستحقها ماديا ومهنيا، فمثلا المهندسون في المؤسسات والمنشآت العمومية طالبوا خلال تحركات 2021 بالحصول على المنحة الخصوصية إلا أن هذه المنحة تم تفعيلها بـ 93 مؤسسة من إجمالي 247، وهو ما خلق حالة من التململ لدى المهندس الذي يشعر أنه غير مرغوب فيه، وهو ما يشجعه على المغادرة في الوقت الذي تعاني فيه المؤسسات والمنشآت العمومية من وضع صعب تفاقم مع هجرة عدد كبير من كفاءاتها خاصة وأن إصلاح هذه المؤسسات لا يمكن أن يتم دون مهندسيها، علما وأن المهندس، وفق محدثنا، هو العمود الفقري للمؤسسات العمومية.
وأبرز محدثنا أن ما زاد الطين بلّة أنه لا يتم تعويض المهندسين المغادرين بمهندسين آخرين خريجي جامعات الهندسة ولهم كفاءة بل بتقنيين أو حتى بموظفين عاديين ليس لهم الكفاءة الهندسية الضرورية.
وبين أن هجرة الكفاءات من المهندسين للبلاد سيعقد إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية وهو ما يجعل العمادة تتمسك بسحب المنحة الخصوصية على كل المهندسين في كل المؤسسات العمومية.
وكشف عميد المهندسين أنه من ضمن 93 مؤسسة أقرت لفائدتها الحكومة المنحة الخصوصية بقيت 4 منها دون تفعيل وهو ما اعتبره المهندسون إجحافا في حقهم، كما اعتبروا أن المهندس مستهدف وهو دون شك مستهدف، رغم أن رئيس الجمهورية شدد على وجوب إعطاء المهندس مكانته التي يستحق،حسب تأكيده.
وأشار أن معدل هجرة المهندسين منذ 2016 إلى 2023 وخلال 6 سنوات قد بلغ 39 ألف مهندس ما يعني أن عدد المهندسين الذين يهاجرون سنويا يبلغ 6500 مهندس، كاشفا أن تونس تكون سنويا 8500 مهندس كل مهندس يكلف تكونه 100 ألف دينار وهذا يعني أن تونس تخسر سنويا 650 مليارا بسبب هجرة كفاءاتنا من المهندسين.
حنان قيراط
لا إصلاح للمؤسسات العمومية دون مهندس وفي 6 سنوات هاجر 39 ألف مهندس
تونس-الصباح
صرحت وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني الزنزري في زيارة إلى ولاية القصرين، اطلعت خلالها على سيرعدد من المشاريع ،" أنه لا مجال لتعطيل المشاريع العمومية وإهدار المال العام " وهو ما أحالنا إلى التساؤل حول أسباب تعطل المشاريع، هو سؤال طرحناه على عميد المهندسين التونسيين كمال سحنون الذي أفاد "الصباح " أن تعطل المشاريع العمومية أعمق بكثير مما هو ظاهر للعموم .
إذ قال العميد أن العمادة تتابع المهندسين الاستشاريين ومهندسي مكاتب الدراسات وخبراء المساحة ومكاتب المراقبة الفنية وتبين بالكاشف أن البيروقراطية معقدة بصفة كبيرة جدا ما جعل اتخاذ القرارات من قبل الإدارات التونسية لا يتم بالسهولة والسرعة اللازمة وهذا ناتج عن عديد الأسباب أولها أن عددا هاما من النصوص التشريعية تجاوزها الزمن ما جعل العمادة تعمل مع الوزارات المعنية على رأسها وزارة التجهيز لتحيين هذه القوانين والنصوص التشريعية.
وأشار أن العمادة تثمن قرار تنقيح وزيرة التجهيز لقانون سنة 1941 المتعلق بطريقة تعيين المهندسين المصممين، وهذا التحيين تم بتاريخ 31 جانفي 2024 .
وأبرز أن هذا التنقيح تم التحاور بشأنه مع وزارة التجهيز منذ 3 سنوات وهو ما تم منذ شهر بفضل فهم الوزيرة لهذا الملف ومواصلة عملها على رأس الوزارة ما مكّن من الحسم فيه .
وأشار عميد المهندسين كمال سحنون أنه لابد من مراجعة العديد من القوانين على غرار الأمر الحكومي 71 لسنة 1978 المتعلق بالمصادقة على كراس الشروط الإدارية المتعلقة بإنجاز البناءات المدنية، حيث طالبت العمادة بتحيينه منذ 6 سنوات لكن مازال إلى اليوم على حاله، وهي قوانين يساعد تحيينها على التسريع في إنجاز المشاريع وتلغي التأويل الذي يحول دون السرعة في اتخاذ القرار نظرا إلى أن الفصل 96 من المجلة الجزائية ينص على أن كل اجتهاد يمكن أن ينجر عنه خطأ إجرائي يحاسب عليه الموظف، وهو ما يجعل المسؤول الإداري أو التقني مكبلا وغير قادر على اتخاذ القرار، وهو ما جعل العمادة تقدم العديد من المقترحات لتنقيح هذه القوانين والأوامر من أجل تسريع المشاريع.
ماذا عن تعطل المشاريع الاستثمارية؟!
وبالنسبة للتسريع في إنجاز المشاريع الاستثمارية أشار عميد المهندسين أنه تم تقديم مقترحات لوزارتي البيئة والاقتصاد والمالية وأيضا رئاسة الحكومة والجمهورية للتسريع في إسناد الرخص الخاصة بهذه المشاريع الاستثمارية على اعتبار أن هذه الرخص تعود إلى 3 إدارات وهي الحماية المدنية والوكالة الوطنية لحماية المحيط والإدارة العامة للسلامة الصناعية وهذا يعني أن المستثمر يعود بالنظر إلى 3 إدارات خاصة وأنه أحيانا يجد نفسه عاجزا أمام تناقض القرار بينها.
وعن تقدم انجاز المشاريع العمومية أفادنا عميد المهندسين التونسيين أن الإدارة التونسية تضغط أحيانا على المصممين العموميين ومكاتب الدراسات دون إسناد bon de commande إلا أنه فيما بعد يتعطل الإمضاء عليها بسبب طول وتشعب الإجراءات وهذا يعيدنا مرة أخرى إلى مشكل البيروقراطية أكثر منه التمويل على اعتبار أن التمويلات تكون في العادة مرصودة إلا أن طول الإجراءات هي من يعطل سرعة الإنجاز.
هجرة أكثر من 39 ألف مهندس!!؟
وكشف سحنون أن القطاع يعاني من تفاقم هجرة الكفاءات نظرا لكفاءتها التكوينية ما يمكنها من الاندماج في اقتصاديات العالم بسهولة مقارنة بالمهندسين من جنسيات أخرى، وأكد أن المهندس في تونس لا يتحصل على المكانة التي يستحقها ماديا ومهنيا، فمثلا المهندسون في المؤسسات والمنشآت العمومية طالبوا خلال تحركات 2021 بالحصول على المنحة الخصوصية إلا أن هذه المنحة تم تفعيلها بـ 93 مؤسسة من إجمالي 247، وهو ما خلق حالة من التململ لدى المهندس الذي يشعر أنه غير مرغوب فيه، وهو ما يشجعه على المغادرة في الوقت الذي تعاني فيه المؤسسات والمنشآت العمومية من وضع صعب تفاقم مع هجرة عدد كبير من كفاءاتها خاصة وأن إصلاح هذه المؤسسات لا يمكن أن يتم دون مهندسيها، علما وأن المهندس، وفق محدثنا، هو العمود الفقري للمؤسسات العمومية.
وأبرز محدثنا أن ما زاد الطين بلّة أنه لا يتم تعويض المهندسين المغادرين بمهندسين آخرين خريجي جامعات الهندسة ولهم كفاءة بل بتقنيين أو حتى بموظفين عاديين ليس لهم الكفاءة الهندسية الضرورية.
وبين أن هجرة الكفاءات من المهندسين للبلاد سيعقد إصلاح المؤسسات والمنشآت العمومية وهو ما يجعل العمادة تتمسك بسحب المنحة الخصوصية على كل المهندسين في كل المؤسسات العمومية.
وكشف عميد المهندسين أنه من ضمن 93 مؤسسة أقرت لفائدتها الحكومة المنحة الخصوصية بقيت 4 منها دون تفعيل وهو ما اعتبره المهندسون إجحافا في حقهم، كما اعتبروا أن المهندس مستهدف وهو دون شك مستهدف، رغم أن رئيس الجمهورية شدد على وجوب إعطاء المهندس مكانته التي يستحق،حسب تأكيده.
وأشار أن معدل هجرة المهندسين منذ 2016 إلى 2023 وخلال 6 سنوات قد بلغ 39 ألف مهندس ما يعني أن عدد المهندسين الذين يهاجرون سنويا يبلغ 6500 مهندس، كاشفا أن تونس تكون سنويا 8500 مهندس كل مهندس يكلف تكونه 100 ألف دينار وهذا يعني أن تونس تخسر سنويا 650 مليارا بسبب هجرة كفاءاتنا من المهندسين.