تتعدد الانتقادات للإجرام الذي ترتكبه إسرائيل في مؤتمرات أوروبية وغربية تدين حرب إبادة الفلسطينيين.
أصوات الحق تكلّمت في البرلمان الأوروبي وفي برلمانات أوروبية وعالمية أخرى تعلن أمام البشرية أنّ حرب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي حرب إبادة وأن ما يقوم به الفدائيون الفلسطينيون هو نضال للتحرر من ربقة الاستعمار وأن اتهام ثوار السابع من أكتوبر بالإرهاب هو اعتداء على تاريخ نضال الثوار الذين حرروا أمريكا من الاستعمار الأنقليزي والذين قاوموا الاستعمار النازي ولم يتركوا له مجالا للشعور بالأمن في البلدان التي أستعمرها ويسروا مهمة قوات الحلفاء التي حررت أوروبا من النظام الهتلري، وأن اتهام الثوار في فلسطين بالإرهاب يهضم حق الثوار في تونس والجزائر والمغرب ودول أفريقيا وآسيا ويطمس حق ثوار فيتنام وأمريكا اللاتينية وكل حركات التحرر التي قاومت الاستعمار .
النائبة الأيرلندية كليردالي وزملائها الذين شجبوا بقوة وإصرار العدوان الوحشي من منابر في بلدانهم أو غيرها المساندة للشرعية الدولية ولتحرير فلسطين شعوبا وحكومات وهم يستحقون تحية خاصة لوقوفهم الدائم مع الحق وإصداعهم به دون خوف أو وجل، وقد جرب الشعب الأيرلندي البطل وشعوب أخرى مرارة الاستعمار ولم يتهموا بالإرهاب إلا من طرف من استعمرهم عندما انتفضوا ضدّهم.
لماذا لا تقوم الجامعة العربية بمتابعة التصريحات التي تقف إلى جانب حق فلسطين وتعممها بكل لغات العالم وتعلن تقديرها لبلدانها والفاعلين في مجتمعاتها وإعلامها وتسند لها شهادات تقدير تنشر على الملأ وتملأ الفراغ الذي تغتنمه حكومة إسرائيل إعلاميا لتقديم صورة مغرضة وخاطئة عن المسلمين والعرب؟
العرب ليسوا أعداء للغرب
أذكّر بذلك بمناسبة احتضان بلادنا لأشقّاء عرب يتحمّلون مسؤولية حماية بلدانهم وأمنها ومنها حماية الأمن العربي لأنّ حكومات إسرائيل المتعاقبة التي شاركت كذبا في مسرحيات مدريد وأسلو وكمب دافيد استضعفت الأمة العربية واُستندت إلى حليفها الأكبر وآلاته الإعلامية ومرّرت ما يسمى بـ"الشواء" "showa" أي محارق المعسكرات النازية لاستمالة الرأي العام الأمريكي والغربي واستنباط صور للمسلمين والعرب تستدل بها كذبا وبهتانا على نوازع كراهية وفتنة وتخلق بها جوا من العداوة المفتعلة بين دولنا والدّول العظمى الموالية لإسرائيل والحقيقة أن العداوة موجهة فقط للجانب الإسرائيلي المتطرف ولحكومات إسرائيلية تعمل بكل آلتها الإعلامية لتشويه الدين الإسلامي الحنيف وللعرب أو تنفذ حرب إبادة لا ينكرها إلا الذين ينصبون عداوة للمسلمين والعرب ولا يعترفون بالشرعية الدولية التي كتبت بطاقة ولادة الكيان الإسرائيلي .
حكومة نتنياهو كشّرت عن أنيابها بإعلان رئيس وزرائها صراحة أنّه لن يعترف بدولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل وهذا رأيه منذ زمن بعيد لم يفصح عنه لأنّه كان يهيئ لتطبيقه وينتظر الفرصة لذلك وقد وفّرتها له أمام العالم العملية الفدائية "طوفان الأقصى" التي ينكر على ثوار فلسطين الحق في القيام بها ويستغلها لإقناع مناصريه في الداخل ليعيدوا انتخابه على رأس الحكومة وفي الخارج للظهور بمظهر الضحية التي يدعي أنها مهددة من طرف الفلسطينيين والعرب بالزّوال ويستعمل منذ عقود قصّة التهجير اليهودي ومحارقهم ليستجلب عطف الذين يشعرون بذنب مسؤوليتهم عن ذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
قرّروا فسخ القضيّة الفلسطينية من أجنداتهم
شاركت خلال الصائفة الماضية في ورشات عمل نظمتها اليومية “لوموند“ الفرنسية بمقرها بباريس حول الإستراتيجية السياسية والدبلوماسية في قضايا الشرق الأوسط أكّد خلالها خبراء من مراسلي الصحيفة لعشرات السنين في عواصم الشرق الأوسط وكبار محلّلي اليومية ذات الصدى العالمي أن القناعة حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة لدى نواب اليمين في مجلس الشيوخ والكونغرس أنّه لم يعد من مصلحة بلاد "الأونكل سام" إضاعة جهودها في البحث عن حل للنزاع الإسرائيلي- العربي وأن مسؤولية ذلك تعود حسب مجلس الشيوخ الأمريكي وغلاة اليمين فيه للفلسطينيين وللإسرائيليين الذين "عليهم أن يجدوا حلا فيدراليا لعلاقاتهم تحت ظل حكم إسرائيلي".
ويذهب الخبراء خلال الورشات المذكورة للجزم أنّ القرار الذي اتّخذته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها هو“فسخ“.. (هكذا!) قضية النزاع العربي الإسرائيلي من أجندة الدبلوماسية الأمريكية والغربية والتفرّغ لقضايا أخرى تهم اُلتناحر الظاهر الخفي على بسط مناطق النفوذ الأمريكي الغربي أمام الصين التي بدأت تتسرب لمناطق تعتبرها أمريكا تابعة لفضاء تأثيرها ضمن صراع القوى الأعظم.
كيف تواجه فلسطين والدول العربية الدعاية الصهيونية؟
السؤال اليوم أمام عاصفة العنف التي تجتاح فلسطين وتقتل الأطفال والشيوخ والنساء وتحكم على جيل كامل من أطفال فلسطين المستقبل بإعاقات جسدية ونحت صور ترسخ في عقولهم لموت أمهاتهم وآبائهم وإخوانهم وهم نائمون في بيوتهم بصواريخ لا تبقي لا بشرا ولا حجرا. السؤال هو ماذا نفعل كمسلمين وكعرب لنستنبط مواجهة ناجعة للدعاية الإسرائيلية التي تسوّقها في الغرب بأنّنا دعاة إرهاب وكراهية لشعوب غربية نصادقها وتتشارك دولنا معها بتعاون يضمن تبادل المصالح للتنمية ولخلق ثروات تفيد شعوبها وشعوبنا وتقيها آفات الحروب والجوع والتشرد وتتصدى للدعايات الكاذبة التي نجح المتطرفون اليهود والإرهابيون الذين لا يعترفون بالحدود ولا يسلم من إيذائهم دين.
ظن الغرب وعلى رأسه أمريكا أن الفرصة سانحة للتحكم في بلدان عربية عن طريق ما سمي بالإسلام السياسي ولإسلام براء منه وتسبب لها حروبا هدمتها وقتلت الملايين من أهلها وتمكنوا من زرعها في عقول الشعوب الغربية التي نتعاون معها ونسعى لمجارات مسارات تطوّرها وكسب المهارات التي مكّنتها من اعتلاء المراتب الأولى في سلّم التّقدم البشري والاقتصادي ويكن لها المسلمون والعرب كل التقدير.
لا يفهون شيئا من تعاليم الدين الإسلامي
المسلمون والعرب يؤمنون بقيم دينهم السمحة وهو دين سلام ومحبة وتآزر وتضامن ويرومون بناء جسور التعاون مع شعوب أوروبا ومع الديانات الأخرى ومع البشرية جمعاء التي تؤمن بنفس المبادئ ولا يضمرون عداوة لأي كان وقد كانوا أوّل من شجب غارات الحادي عشر من سبتمبر على نيويورك، واُستنكروا كل العمليات الإرهابية التي حصلت في العواصم الأوروبية والعالمية وشارك قادتهم في الصفوف الأولى في مسيرات التضامن مع الدّول المستهدفة ولم يكن ذلك من باب الاستجداء أو التّعاطف المصلحي بل كان نابعا من إيمان عميق بأنّ استغلال مبادئ الدين، أي دين لأغراض سياسية هو مناف لتعاليم الدّين الإسلامي والأديان السماوية.
مدوّنون ومواطنون في أمريكا وغيرها من دول الشّمال يستدلون بالقرآن الكريم ردا على مجازر إسرائيل يكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي ويذكّرون بالأديان السماوية التي تحث على التحابب والتآزر ونبذ العنف ويستدلون كذلك بآيات قرآنية ذاكرين أنّ الدّين الإسلامي يأمر في آياته بأن لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلّا بالحق. وتتعدد التصريحات لدى المسيحيين وحتى اليهود الذين لا يتفقون مع سياسة حكومتهم في حرب الإبادة التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضدّ الشعب الفلسطيني الأعزل ولم يشهد العالم مجازر مثل التي ترتكبها عساكر الكيان الصهيوني في غزة على مرأى ومسمع من العالم وجثث سكانها تتناثر في كل مكان في الشوارع والمدن التي سويت عماراتها ومنازلها بالأرض.
".. وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.." (صَدَقَ اللهُ العظيمُ)
أكتب عن العذاب الذي يعيشه إخوتنا في فلسطين ووزراء الداخلية العرب كانوا بيننا رغبة في تذكير أنفسنا جميعا أنّ ديننا الحنيف أمرنا بالتّضامن والتمسّك بالعروة الوثقى وبالوقوف إلى جانب المساكين في فلسطين وشهر الخير والإيثار عن النفس يحل عليهم وعلينا وهم في خصاصة لا كهرباء ولا ماء ولا أكل غير آمنين على حياتهم وقد فقد الآلاف منهم عائلاتهم وأحبائهم وحكم على شعبهم بالتّشرد لأن الكيان الغاصب يخطّط لتهجير ما تبقى منهم ليحل مكانه المستوطنون اليهود المهاجرون من أصقاع الدنيا.
هل نعي أن ما تقوم به حكومة نتنياهو اليوم هو نفس الذي تخفيه مخطّطات الصهيونية الإسرائيلية التي ما زالت تسعى لهدم الأقصى واحتلاله لبناء معبد داوود المزعوم مكانه ولتحقيق ما تحلم به من بناء إسرائيل الكبرى "من النهر إلى البحر". ولم ينبس العالم الحر ببنت شفة والمستوطنون يدنسون ساحة الأقصى وحتى بيت الصلاة فيه.
قوات الرايخ الهتلرية لما دخلت روما لم تتجرأ على اُقتحام الفاتيكان ربما لأن البابا بي الثاني عشر اختار الحياد حفاظا على دولة الكنيسة رغم أن سلفه كان شجب قبل نشوب الحرب العالمية التمييز العنصري الذي كان مسلطا على اليهود في ألمانيا بعد صعود هتلر للحكم.
من يسعى للسلام لا يوفر السلاح للغاصب
آذان قادة الكيان المسقط صماء لا تستمع لنصائح حلفائها المحتشمة بالتوقف عن قتل الفلسطينيين وهي ترفقها دائما بمزيد تسليح جيش الاحتلال وبمساعدته دبلوماسيا عندما تضع الولايات المتحدة الأمريكية "فيتو" ويتبعها حلفاؤها مثل كندا وبريطانيا وغيرها من مناصري الصلف الصهيوني، "فيتو" ضد مشروع أممي بالإحجام عن التصويت لقرار يوصي بوقف إطلاق النار طبقا لاعتبارات إنسانية وحماية لما تبقى من شعب فلسطين بما يؤكد أنّ الغرب مصر على فسخ فلسطين من الوجود وهو يعلم أن ذلك مستحيلا وأن الأرض الفلسطينية التي سقتها دماء الشهداء ستعود إن عاجلا أو آجلا لأصحابها. .(يتبع(
*صحفي ومدير تحرير دار الصباح سابقا وسفير تونس سابقا
بقلم:مصطفى الخماري
أصوات الحق لا تسمع
تتعدد الانتقادات للإجرام الذي ترتكبه إسرائيل في مؤتمرات أوروبية وغربية تدين حرب إبادة الفلسطينيين.
أصوات الحق تكلّمت في البرلمان الأوروبي وفي برلمانات أوروبية وعالمية أخرى تعلن أمام البشرية أنّ حرب إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي حرب إبادة وأن ما يقوم به الفدائيون الفلسطينيون هو نضال للتحرر من ربقة الاستعمار وأن اتهام ثوار السابع من أكتوبر بالإرهاب هو اعتداء على تاريخ نضال الثوار الذين حرروا أمريكا من الاستعمار الأنقليزي والذين قاوموا الاستعمار النازي ولم يتركوا له مجالا للشعور بالأمن في البلدان التي أستعمرها ويسروا مهمة قوات الحلفاء التي حررت أوروبا من النظام الهتلري، وأن اتهام الثوار في فلسطين بالإرهاب يهضم حق الثوار في تونس والجزائر والمغرب ودول أفريقيا وآسيا ويطمس حق ثوار فيتنام وأمريكا اللاتينية وكل حركات التحرر التي قاومت الاستعمار .
النائبة الأيرلندية كليردالي وزملائها الذين شجبوا بقوة وإصرار العدوان الوحشي من منابر في بلدانهم أو غيرها المساندة للشرعية الدولية ولتحرير فلسطين شعوبا وحكومات وهم يستحقون تحية خاصة لوقوفهم الدائم مع الحق وإصداعهم به دون خوف أو وجل، وقد جرب الشعب الأيرلندي البطل وشعوب أخرى مرارة الاستعمار ولم يتهموا بالإرهاب إلا من طرف من استعمرهم عندما انتفضوا ضدّهم.
لماذا لا تقوم الجامعة العربية بمتابعة التصريحات التي تقف إلى جانب حق فلسطين وتعممها بكل لغات العالم وتعلن تقديرها لبلدانها والفاعلين في مجتمعاتها وإعلامها وتسند لها شهادات تقدير تنشر على الملأ وتملأ الفراغ الذي تغتنمه حكومة إسرائيل إعلاميا لتقديم صورة مغرضة وخاطئة عن المسلمين والعرب؟
العرب ليسوا أعداء للغرب
أذكّر بذلك بمناسبة احتضان بلادنا لأشقّاء عرب يتحمّلون مسؤولية حماية بلدانهم وأمنها ومنها حماية الأمن العربي لأنّ حكومات إسرائيل المتعاقبة التي شاركت كذبا في مسرحيات مدريد وأسلو وكمب دافيد استضعفت الأمة العربية واُستندت إلى حليفها الأكبر وآلاته الإعلامية ومرّرت ما يسمى بـ"الشواء" "showa" أي محارق المعسكرات النازية لاستمالة الرأي العام الأمريكي والغربي واستنباط صور للمسلمين والعرب تستدل بها كذبا وبهتانا على نوازع كراهية وفتنة وتخلق بها جوا من العداوة المفتعلة بين دولنا والدّول العظمى الموالية لإسرائيل والحقيقة أن العداوة موجهة فقط للجانب الإسرائيلي المتطرف ولحكومات إسرائيلية تعمل بكل آلتها الإعلامية لتشويه الدين الإسلامي الحنيف وللعرب أو تنفذ حرب إبادة لا ينكرها إلا الذين ينصبون عداوة للمسلمين والعرب ولا يعترفون بالشرعية الدولية التي كتبت بطاقة ولادة الكيان الإسرائيلي .
حكومة نتنياهو كشّرت عن أنيابها بإعلان رئيس وزرائها صراحة أنّه لن يعترف بدولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل وهذا رأيه منذ زمن بعيد لم يفصح عنه لأنّه كان يهيئ لتطبيقه وينتظر الفرصة لذلك وقد وفّرتها له أمام العالم العملية الفدائية "طوفان الأقصى" التي ينكر على ثوار فلسطين الحق في القيام بها ويستغلها لإقناع مناصريه في الداخل ليعيدوا انتخابه على رأس الحكومة وفي الخارج للظهور بمظهر الضحية التي يدعي أنها مهددة من طرف الفلسطينيين والعرب بالزّوال ويستعمل منذ عقود قصّة التهجير اليهودي ومحارقهم ليستجلب عطف الذين يشعرون بذنب مسؤوليتهم عن ذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
قرّروا فسخ القضيّة الفلسطينية من أجنداتهم
شاركت خلال الصائفة الماضية في ورشات عمل نظمتها اليومية “لوموند“ الفرنسية بمقرها بباريس حول الإستراتيجية السياسية والدبلوماسية في قضايا الشرق الأوسط أكّد خلالها خبراء من مراسلي الصحيفة لعشرات السنين في عواصم الشرق الأوسط وكبار محلّلي اليومية ذات الصدى العالمي أن القناعة حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية وخاصة لدى نواب اليمين في مجلس الشيوخ والكونغرس أنّه لم يعد من مصلحة بلاد "الأونكل سام" إضاعة جهودها في البحث عن حل للنزاع الإسرائيلي- العربي وأن مسؤولية ذلك تعود حسب مجلس الشيوخ الأمريكي وغلاة اليمين فيه للفلسطينيين وللإسرائيليين الذين "عليهم أن يجدوا حلا فيدراليا لعلاقاتهم تحت ظل حكم إسرائيلي".
ويذهب الخبراء خلال الورشات المذكورة للجزم أنّ القرار الذي اتّخذته الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها هو“فسخ“.. (هكذا!) قضية النزاع العربي الإسرائيلي من أجندة الدبلوماسية الأمريكية والغربية والتفرّغ لقضايا أخرى تهم اُلتناحر الظاهر الخفي على بسط مناطق النفوذ الأمريكي الغربي أمام الصين التي بدأت تتسرب لمناطق تعتبرها أمريكا تابعة لفضاء تأثيرها ضمن صراع القوى الأعظم.
كيف تواجه فلسطين والدول العربية الدعاية الصهيونية؟
السؤال اليوم أمام عاصفة العنف التي تجتاح فلسطين وتقتل الأطفال والشيوخ والنساء وتحكم على جيل كامل من أطفال فلسطين المستقبل بإعاقات جسدية ونحت صور ترسخ في عقولهم لموت أمهاتهم وآبائهم وإخوانهم وهم نائمون في بيوتهم بصواريخ لا تبقي لا بشرا ولا حجرا. السؤال هو ماذا نفعل كمسلمين وكعرب لنستنبط مواجهة ناجعة للدعاية الإسرائيلية التي تسوّقها في الغرب بأنّنا دعاة إرهاب وكراهية لشعوب غربية نصادقها وتتشارك دولنا معها بتعاون يضمن تبادل المصالح للتنمية ولخلق ثروات تفيد شعوبها وشعوبنا وتقيها آفات الحروب والجوع والتشرد وتتصدى للدعايات الكاذبة التي نجح المتطرفون اليهود والإرهابيون الذين لا يعترفون بالحدود ولا يسلم من إيذائهم دين.
ظن الغرب وعلى رأسه أمريكا أن الفرصة سانحة للتحكم في بلدان عربية عن طريق ما سمي بالإسلام السياسي ولإسلام براء منه وتسبب لها حروبا هدمتها وقتلت الملايين من أهلها وتمكنوا من زرعها في عقول الشعوب الغربية التي نتعاون معها ونسعى لمجارات مسارات تطوّرها وكسب المهارات التي مكّنتها من اعتلاء المراتب الأولى في سلّم التّقدم البشري والاقتصادي ويكن لها المسلمون والعرب كل التقدير.
لا يفهون شيئا من تعاليم الدين الإسلامي
المسلمون والعرب يؤمنون بقيم دينهم السمحة وهو دين سلام ومحبة وتآزر وتضامن ويرومون بناء جسور التعاون مع شعوب أوروبا ومع الديانات الأخرى ومع البشرية جمعاء التي تؤمن بنفس المبادئ ولا يضمرون عداوة لأي كان وقد كانوا أوّل من شجب غارات الحادي عشر من سبتمبر على نيويورك، واُستنكروا كل العمليات الإرهابية التي حصلت في العواصم الأوروبية والعالمية وشارك قادتهم في الصفوف الأولى في مسيرات التضامن مع الدّول المستهدفة ولم يكن ذلك من باب الاستجداء أو التّعاطف المصلحي بل كان نابعا من إيمان عميق بأنّ استغلال مبادئ الدين، أي دين لأغراض سياسية هو مناف لتعاليم الدّين الإسلامي والأديان السماوية.
مدوّنون ومواطنون في أمريكا وغيرها من دول الشّمال يستدلون بالقرآن الكريم ردا على مجازر إسرائيل يكتبون في وسائل التواصل الاجتماعي ويذكّرون بالأديان السماوية التي تحث على التحابب والتآزر ونبذ العنف ويستدلون كذلك بآيات قرآنية ذاكرين أنّ الدّين الإسلامي يأمر في آياته بأن لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلّا بالحق. وتتعدد التصريحات لدى المسيحيين وحتى اليهود الذين لا يتفقون مع سياسة حكومتهم في حرب الإبادة التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضدّ الشعب الفلسطيني الأعزل ولم يشهد العالم مجازر مثل التي ترتكبها عساكر الكيان الصهيوني في غزة على مرأى ومسمع من العالم وجثث سكانها تتناثر في كل مكان في الشوارع والمدن التي سويت عماراتها ومنازلها بالأرض.
".. وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.." (صَدَقَ اللهُ العظيمُ)
أكتب عن العذاب الذي يعيشه إخوتنا في فلسطين ووزراء الداخلية العرب كانوا بيننا رغبة في تذكير أنفسنا جميعا أنّ ديننا الحنيف أمرنا بالتّضامن والتمسّك بالعروة الوثقى وبالوقوف إلى جانب المساكين في فلسطين وشهر الخير والإيثار عن النفس يحل عليهم وعلينا وهم في خصاصة لا كهرباء ولا ماء ولا أكل غير آمنين على حياتهم وقد فقد الآلاف منهم عائلاتهم وأحبائهم وحكم على شعبهم بالتّشرد لأن الكيان الغاصب يخطّط لتهجير ما تبقى منهم ليحل مكانه المستوطنون اليهود المهاجرون من أصقاع الدنيا.
هل نعي أن ما تقوم به حكومة نتنياهو اليوم هو نفس الذي تخفيه مخطّطات الصهيونية الإسرائيلية التي ما زالت تسعى لهدم الأقصى واحتلاله لبناء معبد داوود المزعوم مكانه ولتحقيق ما تحلم به من بناء إسرائيل الكبرى "من النهر إلى البحر". ولم ينبس العالم الحر ببنت شفة والمستوطنون يدنسون ساحة الأقصى وحتى بيت الصلاة فيه.
قوات الرايخ الهتلرية لما دخلت روما لم تتجرأ على اُقتحام الفاتيكان ربما لأن البابا بي الثاني عشر اختار الحياد حفاظا على دولة الكنيسة رغم أن سلفه كان شجب قبل نشوب الحرب العالمية التمييز العنصري الذي كان مسلطا على اليهود في ألمانيا بعد صعود هتلر للحكم.
من يسعى للسلام لا يوفر السلاح للغاصب
آذان قادة الكيان المسقط صماء لا تستمع لنصائح حلفائها المحتشمة بالتوقف عن قتل الفلسطينيين وهي ترفقها دائما بمزيد تسليح جيش الاحتلال وبمساعدته دبلوماسيا عندما تضع الولايات المتحدة الأمريكية "فيتو" ويتبعها حلفاؤها مثل كندا وبريطانيا وغيرها من مناصري الصلف الصهيوني، "فيتو" ضد مشروع أممي بالإحجام عن التصويت لقرار يوصي بوقف إطلاق النار طبقا لاعتبارات إنسانية وحماية لما تبقى من شعب فلسطين بما يؤكد أنّ الغرب مصر على فسخ فلسطين من الوجود وهو يعلم أن ذلك مستحيلا وأن الأرض الفلسطينية التي سقتها دماء الشهداء ستعود إن عاجلا أو آجلا لأصحابها. .(يتبع(
*صحفي ومدير تحرير دار الصباح سابقا وسفير تونس سابقا