"حوالي نصف أطفال تونس الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و5 سنوات لا يتمتعون بالحد الأدنى من النظام الغذائي الذي يحتاجونه"، وذلك حسب نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات لأوضاع الأم والطفل لسنة 2023.
لا يمكن المرور على هذه المؤشرات الخطيرة دون إطلاق ناقوس التحذير بشأن وضعية أطفال تونس غذائيا وصحيا اليوم وما تطرحه هذه الإحصائيات من إشكاليات ومخاوف مستقبلا على الفرد وشباب تونس الغد وعلى المجموعة الوطنية لما قد يخلفه سوء تغذية الطفل اليوم من مشاكل وكلفة صحية في الكهولة والشيخوخة.
ومن هذه الزاوية تحديدا لا يمكن أن يمر المعنيون بالأمر سواء من وزارات أو هياكل أو مجتمع مدني، مرور الكرام على ما كشفه المسح الأخير حول مؤشرات أوضاع الأم والطفل.
كشف المسح أيضا أن "قلة التنوع الغذائي لدى الأطفال تتفاوت حسب مستوى الوضع المادي للأسر، حيث تبلغ نسبة الأطفال الذين يعانون من قلة التنوع الغذائي عند الأسر الفقيرة 62 بالمائة مقابل 34 بالمائة للأسر الغنية".
واعتبرت وزارة الصحة في بلاغ بالمناسبة حول الإستراتجية الوطنية للتغذية السليمة للطفل أعدتها إدارة الرعاية الصحة الأساسية أن "البيئة غير الملائمة أحد أهم أسباب سوء التغذية عند الأطفال نظرا لغياب إستراتيجية لغذاء الأطفال وعدم توافق إجازة الأمومة مع توصيات منظمة العمل الدولية إضافة إلى عدم تطبيق قانون بدائل حليب الأم".
وبينت أن "34 بالمائة فقط من الأطفال يتم وضعهم على الثدي خلال الساعة الأولى بعد الولادة في حين تواصل 18 بالمائة فقط من النساء الرضاعة الطبيعية الحصرية إلى غاية سن 6 أشهر".
كما تشير معطيات سلطة الإشراف إلى أن "السمنة وفقر الدم تمثلان مشكلا كبيرا للصحة العمومية بالنسبة للأطفال والمراهقين والبالغين على حد السواء. إذ تعاني 30 بالمائة من النساء الحوامل من فقر الدم مع خطر عدم توفير المغذيات الدقيقة أثناء الحمل وللرضع خلال الأشهر الأولى من الحياة".
مشاغل قديمة
لا تعد هذه الإشكاليات المتعلقة بصحة الأطفال وتغذيتهم مستجدة بل تكشف تقارير ومسوحات سابقة عن هذه المخاطر التي ظلت للأسف دون معالجة ففي أكتوبر 2022، كانت وزيرة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّنّ آمال بلحاج موسى قد أعطت إشارة انطلاق حملة تحسيسيّة واسعة حول الرضاعة الطبيعة. وكشفت حينها الوزيرة عن جملة من المعطيات من بينها أن "نسبة الرضاعة الطبيعية للأطفال في سنّ الستّ أشهر ضعيفة ولا تتجاوز 13.5% في تونس مقابل 44% كمعدّل عالميّ".
وقالت الوزيرة أيضا إن التقرير الوطني حول وضع الطفولة لسنتي 2020 و2021 أكد "أن 11% من الأطفال في تونس يعانون من سوء التغذية".
سابقا حذرت عديد الجهات المهتمة بالطفولة من خطورة موضوع التهاون في تغذية الأطفال نظرا لتداعياته الخطيرة آنيا ومستقبلا، فقد حذر رئيس الجمعية التونسية لحماية صحة الطفل كامل المنستيري في تصريحات إعلامية من "خطورة الوجبات الغذائية الجاهزة التي أضحت تقدم للأطفال بشكل دائم، فلهذه المواد الغذائية والإدمان على الوجبات الدسمة والسريعة تداعيات صحية سلبية وخطيرة على صحة الأطفال".
مضيفا أن من بين أضرار الغذاء غير الصحي للأطفال "زيادة احتمالات إصابتهم بالسمنة والإصابة بمرض السكري وأمراض القلب. ومن أضرار الغذاء غير الصحي للأطفال أيضا تقليل نسبة الذكاء لديهم وإضعاف الذاكرة ومهارات اللغة كما أنه يؤثر في قدرتهم على التركيز وفي ضعف مستوى التحصيل الدراسي لديهم".
تدخلات غير كافية
ورغم وجود بعض البرامج المرصودة في سياق معالجة جملة من الإشكاليات التي يواجهها الأطفال ومن بينها مسألة التغذية إلا أنها يبدو إلى حد الآن غير كافية وهي بحاجة للمزيد من الجهود. نذكر بهذا الصدد برنامج المساعدات المالية لفائدة الأطفال أبناء العائلات محدودة الدخل الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و18، وكان وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي قد أعطي منذ أكثر مذ حوالي سنة ونصف إشارة انطلاق مشروع "التحويلات المالية المراعية لتغذية الأطفال الأكثر هشاشة في تونس"، الذي تنجزه وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الحكومة الألمانية وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة بتونس "اليونيسيف".
م.ي
تونس-الصباح
"حوالي نصف أطفال تونس الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و5 سنوات لا يتمتعون بالحد الأدنى من النظام الغذائي الذي يحتاجونه"، وذلك حسب نتائج المسح العنقودي متعدد المؤشرات لأوضاع الأم والطفل لسنة 2023.
لا يمكن المرور على هذه المؤشرات الخطيرة دون إطلاق ناقوس التحذير بشأن وضعية أطفال تونس غذائيا وصحيا اليوم وما تطرحه هذه الإحصائيات من إشكاليات ومخاوف مستقبلا على الفرد وشباب تونس الغد وعلى المجموعة الوطنية لما قد يخلفه سوء تغذية الطفل اليوم من مشاكل وكلفة صحية في الكهولة والشيخوخة.
ومن هذه الزاوية تحديدا لا يمكن أن يمر المعنيون بالأمر سواء من وزارات أو هياكل أو مجتمع مدني، مرور الكرام على ما كشفه المسح الأخير حول مؤشرات أوضاع الأم والطفل.
كشف المسح أيضا أن "قلة التنوع الغذائي لدى الأطفال تتفاوت حسب مستوى الوضع المادي للأسر، حيث تبلغ نسبة الأطفال الذين يعانون من قلة التنوع الغذائي عند الأسر الفقيرة 62 بالمائة مقابل 34 بالمائة للأسر الغنية".
واعتبرت وزارة الصحة في بلاغ بالمناسبة حول الإستراتجية الوطنية للتغذية السليمة للطفل أعدتها إدارة الرعاية الصحة الأساسية أن "البيئة غير الملائمة أحد أهم أسباب سوء التغذية عند الأطفال نظرا لغياب إستراتيجية لغذاء الأطفال وعدم توافق إجازة الأمومة مع توصيات منظمة العمل الدولية إضافة إلى عدم تطبيق قانون بدائل حليب الأم".
وبينت أن "34 بالمائة فقط من الأطفال يتم وضعهم على الثدي خلال الساعة الأولى بعد الولادة في حين تواصل 18 بالمائة فقط من النساء الرضاعة الطبيعية الحصرية إلى غاية سن 6 أشهر".
كما تشير معطيات سلطة الإشراف إلى أن "السمنة وفقر الدم تمثلان مشكلا كبيرا للصحة العمومية بالنسبة للأطفال والمراهقين والبالغين على حد السواء. إذ تعاني 30 بالمائة من النساء الحوامل من فقر الدم مع خطر عدم توفير المغذيات الدقيقة أثناء الحمل وللرضع خلال الأشهر الأولى من الحياة".
مشاغل قديمة
لا تعد هذه الإشكاليات المتعلقة بصحة الأطفال وتغذيتهم مستجدة بل تكشف تقارير ومسوحات سابقة عن هذه المخاطر التي ظلت للأسف دون معالجة ففي أكتوبر 2022، كانت وزيرة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّنّ آمال بلحاج موسى قد أعطت إشارة انطلاق حملة تحسيسيّة واسعة حول الرضاعة الطبيعة. وكشفت حينها الوزيرة عن جملة من المعطيات من بينها أن "نسبة الرضاعة الطبيعية للأطفال في سنّ الستّ أشهر ضعيفة ولا تتجاوز 13.5% في تونس مقابل 44% كمعدّل عالميّ".
وقالت الوزيرة أيضا إن التقرير الوطني حول وضع الطفولة لسنتي 2020 و2021 أكد "أن 11% من الأطفال في تونس يعانون من سوء التغذية".
سابقا حذرت عديد الجهات المهتمة بالطفولة من خطورة موضوع التهاون في تغذية الأطفال نظرا لتداعياته الخطيرة آنيا ومستقبلا، فقد حذر رئيس الجمعية التونسية لحماية صحة الطفل كامل المنستيري في تصريحات إعلامية من "خطورة الوجبات الغذائية الجاهزة التي أضحت تقدم للأطفال بشكل دائم، فلهذه المواد الغذائية والإدمان على الوجبات الدسمة والسريعة تداعيات صحية سلبية وخطيرة على صحة الأطفال".
مضيفا أن من بين أضرار الغذاء غير الصحي للأطفال "زيادة احتمالات إصابتهم بالسمنة والإصابة بمرض السكري وأمراض القلب. ومن أضرار الغذاء غير الصحي للأطفال أيضا تقليل نسبة الذكاء لديهم وإضعاف الذاكرة ومهارات اللغة كما أنه يؤثر في قدرتهم على التركيز وفي ضعف مستوى التحصيل الدراسي لديهم".
تدخلات غير كافية
ورغم وجود بعض البرامج المرصودة في سياق معالجة جملة من الإشكاليات التي يواجهها الأطفال ومن بينها مسألة التغذية إلا أنها يبدو إلى حد الآن غير كافية وهي بحاجة للمزيد من الجهود. نذكر بهذا الصدد برنامج المساعدات المالية لفائدة الأطفال أبناء العائلات محدودة الدخل الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و18، وكان وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي قد أعطي منذ أكثر مذ حوالي سنة ونصف إشارة انطلاق مشروع "التحويلات المالية المراعية لتغذية الأطفال الأكثر هشاشة في تونس"، الذي تنجزه وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الحكومة الألمانية وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة بتونس "اليونيسيف".