شهدت تونس مؤخرًا، تسريعا في نسق إصدار مجلة الصرف الجديدة، وهي قانون ينظم العلاقات المالية مع الخارج. وتهدف هذه المجلة إلى تحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد.
واجتمع رئيس الحكومة أحمد الحشّاني مساء الاثنين 26 فيفري الجاري مع وزراء المالية والاقتصاد والصناعة والسياحة ومحافظ البنك المركزي لمناقشة مشروع قانون تنظيم العلاقات المالية مع الخارج. وأكد رئيس الحكومة على أهمية مشروع مجلة الصرف والتدابير المنبثقة عنه، مشيراً إلى أنه يأتي في إطار مهام وزارة المالية والبنك المركزي.
وقدمت وزيرة المالية عرضًا حول مشروع مجلة الصرف الجديدة، ووضحت المسار التشاركي الذي اعتمد لصياغته، بالإضافة إلى محاوره الأساسية، والتي تشمل مراجعة مفهوم الإقامة، وإقرار مبادئ التحرير لبعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد لتمكين الشركات التونسية من إنجاز التحويلات إلى الخارج، فضلا عن مراجعة منظومة العقوبات والخطايا المالية. وتقرر عقد مجلس وزاري مضيّق ثان للموافقة على المشروع بعد التعديل، ثم عرضه على مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن، ومن ثمّ تقديمه لمجلس نواب الشعب.
وتسمح المجلة الجديدة بتحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، مما يُسهل على الشركات والأفراد إجراء معاملاتهم المالية. كما تسعى المجلة الجديدة إلى تطوير منظومة الصرف اليدوي، مما يُحسّن من كفاءة هذه المنظومة ويُقلّل من تكاليفها.
تحرير الاقتصاد
وتُعدّ مجلة الصرف الجديدة خطوة إيجابية نحو تحرير الاقتصاد التونسي وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومن المتوقع أن تُساهم هذه المجلة في تحسين مناخ الأعمال وتعزيز النمو الاقتصادي.
وكان محافظ البنك المركزي السابق مروان العباسي، قد أعلن موفى العام الماضي أنه من المنتظر أن ينطلق خلال العام الجاري العمل بقانون الصرف الجديد، الذي يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال لتحفيز المبادرة، واقتحام الأسواق الخارجية، مشيرا إلى انه تم عرض القانون على رئاسة الحكومة لتبدي موقفها منه، لافتا إلى أن القانون لن يفضي حتما إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
وبين ذات المصدر، أن مشاكل الصرف يمكن تجاوزها وسيصبح ممكنا بالنسبة للتونسيين فتح أرصدة بالعملة الأجنبية في حال تطورت الاستثمارات الخارجية وعودة محركات الإنتاج إلى سالف نشاطها، مشيرا إلى أن البنك المركزي قدم مؤخرا مسودة تقنية لقانون الصرف تضمنت مقترحات البنك، لافتا إلى أن الحكومة هي التي تُعد هذا القانون.
وعود لم تر النور
ورغم الوعود المقدمة اليوم من الجهات الرسمية حول تحرير الدفع الالكتروني بالأرصدة الأجنبية، لفائدة المستثمرين ورجال الأعمال التونسيين، دون سواهم، فإن إبقاء الأفراد وخاصة نخبة الشباب التونسي في التسويق والابتكار والبرمجة، بعيدين عن دائرة التمتع بهذه الامتيازات، لن يجلب الكثير لتونس، خاصة وأن احد محركات النمو الرئيسية في البلاد ما تزال معطلة ومشتتة في الولوج إلى المنصات العالمية، وهي احد المآخذ، على ضعف قانون الصرف الجديد، والذي لا يجيز لكافة التونسيين بفتح أرصدة بالعملات الأجنبية، في حين باتت دول عربية أخرى كانت في السابق متخلفة في هذا المجال، رائدة في الاقتصاد الرقمي، بعد أن منحت الفرصة لشبابها من العمل عن بعد، وفتح أرصدة بالعملات الأجنبية، وترويج منتوجاتهم، لتحتل مراتب متقدمة في العالم وعلى رأسهم الدول الخليجية.
ويشدد بعض خبراء الاقتصاد، لـ"الصباح"، على ضرورة العمل على بعث بنوك الكترونية، تقدم خدمات دفع بالأرصدة الأجنبية، إلى جانب استقبال الأموال بالعملات الأجنبية، وذلك في خطوة تهدف إلى تنمية الاقتصاد الوطني، وأيضا الاقتصاد الرقمي، والحد من البطالة إلى مستويات أقل من 10%، والتشجيع على تسويق المنتوجات التونسية بمختلف أصنافها، الرقمية منها، أو المنتوجات التقليدية، والمنتوجات ذات القيمة المضافة العالية المبتكرة من قبل فئة من الشباب التونسي، علما وأن التجارة الالكترونية العالمية، سجلت في الفترة الأخيرة تطوراً كبيراً نتيجة التقدم الكبير في عالم التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، حيث بلغ حجم التجارة الالكترونية حول العالم حوالي 3.8 تريليون دولار في عام 2019، وفي أواخر 2020 وصل إلى 6.8 تريليون دولار، وهناك تريليونات الدولارات التي تهدرها تونس بسبب الانغلاق المالي غير المبرر، علاوة على ذلك، فإن الثقة المتزايدة في المدفوعات عبر الإنترنات من قبل المتسوقين تعني أن التحول الرقمي لقطاع التجزئة في المنطقة يسير على قدم وساق، وهناك رغبة من الجميع في الدفع واستلام المدفوعات بالعملات الأجنبية، كما تتسابق شركات التجزئة لمواكبة ذلك من خلال مواصلة ابتكارها للعروض الاستهلاكية وتنويعها. وبالمقابل، يسارع المستهلكون في الاستجابة ليزداد المشهد التنافسي حدةً مع استمرار ارتفاع معيار توقعات المستهلكين في قادم السنوات.
تسريع نسق الإجراءات
وبات من الضروري اليوم على محافظ البنك المركزي الجديد فتحي النوري، العمل على تسريع ظهور مجلة الصرف الجديدة في أسرع الآجال، خصوصا وان تونس في حاجة اليوم إلى الانفتاح أكثر على الأسواق العالمية وإجراء كافة العمليات المالية بأريحية أكثر، كما يشدد العديد من الخبراء على ضرورة أن تندمج تونس اليوم في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي انطلق في تعويض الاقتصاد التقليدي تدريجيا منذ السنوات الأخيرة ، وهي مطالبة اليوم بإرساء منظومات جديدة تحفز المؤسّسات الاقتصادية على الانخراط فيها، وتشجيعها على المضي قدما في تطوير بنيتها الرقمية وأيضا العمل على تحرير الدينار التونسي، من خلال الحد من المديونية والرفع في نسبة النمو إلى أكثر من 5 بالمائة، وذلك بهدف فتح المعاملات الالكترونية الخارجية لهذه الشركات بما يجعلها تحقق إيرادات هامة، وتساهم هي بدورها في الرفع من احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وأيضا في تحقيق الانتعاشة الاقتصادية المرجوة.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
شهدت تونس مؤخرًا، تسريعا في نسق إصدار مجلة الصرف الجديدة، وهي قانون ينظم العلاقات المالية مع الخارج. وتهدف هذه المجلة إلى تحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد.
واجتمع رئيس الحكومة أحمد الحشّاني مساء الاثنين 26 فيفري الجاري مع وزراء المالية والاقتصاد والصناعة والسياحة ومحافظ البنك المركزي لمناقشة مشروع قانون تنظيم العلاقات المالية مع الخارج. وأكد رئيس الحكومة على أهمية مشروع مجلة الصرف والتدابير المنبثقة عنه، مشيراً إلى أنه يأتي في إطار مهام وزارة المالية والبنك المركزي.
وقدمت وزيرة المالية عرضًا حول مشروع مجلة الصرف الجديدة، ووضحت المسار التشاركي الذي اعتمد لصياغته، بالإضافة إلى محاوره الأساسية، والتي تشمل مراجعة مفهوم الإقامة، وإقرار مبادئ التحرير لبعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، والسماح بالتعامل بالأصول المشفرة، وتطوير منظومة الصرف اليدوي، وإحداث صفة متعامل صرف معتمد لتمكين الشركات التونسية من إنجاز التحويلات إلى الخارج، فضلا عن مراجعة منظومة العقوبات والخطايا المالية. وتقرر عقد مجلس وزاري مضيّق ثان للموافقة على المشروع بعد التعديل، ثم عرضه على مجلس الوزراء في أقرب وقت ممكن، ومن ثمّ تقديمه لمجلس نواب الشعب.
وتسمح المجلة الجديدة بتحرير بعض التحويلات المالية بين تونس والخارج، مما يُسهل على الشركات والأفراد إجراء معاملاتهم المالية. كما تسعى المجلة الجديدة إلى تطوير منظومة الصرف اليدوي، مما يُحسّن من كفاءة هذه المنظومة ويُقلّل من تكاليفها.
تحرير الاقتصاد
وتُعدّ مجلة الصرف الجديدة خطوة إيجابية نحو تحرير الاقتصاد التونسي وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومن المتوقع أن تُساهم هذه المجلة في تحسين مناخ الأعمال وتعزيز النمو الاقتصادي.
وكان محافظ البنك المركزي السابق مروان العباسي، قد أعلن موفى العام الماضي أنه من المنتظر أن ينطلق خلال العام الجاري العمل بقانون الصرف الجديد، الذي يهدف إلى المساهمة في تحسين مناخ الأعمال لتحفيز المبادرة، واقتحام الأسواق الخارجية، مشيرا إلى انه تم عرض القانون على رئاسة الحكومة لتبدي موقفها منه، لافتا إلى أن القانون لن يفضي حتما إلى فتح أرصدة بالعملة الأجنبية لكل التونسيين.
وبين ذات المصدر، أن مشاكل الصرف يمكن تجاوزها وسيصبح ممكنا بالنسبة للتونسيين فتح أرصدة بالعملة الأجنبية في حال تطورت الاستثمارات الخارجية وعودة محركات الإنتاج إلى سالف نشاطها، مشيرا إلى أن البنك المركزي قدم مؤخرا مسودة تقنية لقانون الصرف تضمنت مقترحات البنك، لافتا إلى أن الحكومة هي التي تُعد هذا القانون.
وعود لم تر النور
ورغم الوعود المقدمة اليوم من الجهات الرسمية حول تحرير الدفع الالكتروني بالأرصدة الأجنبية، لفائدة المستثمرين ورجال الأعمال التونسيين، دون سواهم، فإن إبقاء الأفراد وخاصة نخبة الشباب التونسي في التسويق والابتكار والبرمجة، بعيدين عن دائرة التمتع بهذه الامتيازات، لن يجلب الكثير لتونس، خاصة وأن احد محركات النمو الرئيسية في البلاد ما تزال معطلة ومشتتة في الولوج إلى المنصات العالمية، وهي احد المآخذ، على ضعف قانون الصرف الجديد، والذي لا يجيز لكافة التونسيين بفتح أرصدة بالعملات الأجنبية، في حين باتت دول عربية أخرى كانت في السابق متخلفة في هذا المجال، رائدة في الاقتصاد الرقمي، بعد أن منحت الفرصة لشبابها من العمل عن بعد، وفتح أرصدة بالعملات الأجنبية، وترويج منتوجاتهم، لتحتل مراتب متقدمة في العالم وعلى رأسهم الدول الخليجية.
ويشدد بعض خبراء الاقتصاد، لـ"الصباح"، على ضرورة العمل على بعث بنوك الكترونية، تقدم خدمات دفع بالأرصدة الأجنبية، إلى جانب استقبال الأموال بالعملات الأجنبية، وذلك في خطوة تهدف إلى تنمية الاقتصاد الوطني، وأيضا الاقتصاد الرقمي، والحد من البطالة إلى مستويات أقل من 10%، والتشجيع على تسويق المنتوجات التونسية بمختلف أصنافها، الرقمية منها، أو المنتوجات التقليدية، والمنتوجات ذات القيمة المضافة العالية المبتكرة من قبل فئة من الشباب التونسي، علما وأن التجارة الالكترونية العالمية، سجلت في الفترة الأخيرة تطوراً كبيراً نتيجة التقدم الكبير في عالم التكنولوجيا الرقمية والاتصالات، حيث بلغ حجم التجارة الالكترونية حول العالم حوالي 3.8 تريليون دولار في عام 2019، وفي أواخر 2020 وصل إلى 6.8 تريليون دولار، وهناك تريليونات الدولارات التي تهدرها تونس بسبب الانغلاق المالي غير المبرر، علاوة على ذلك، فإن الثقة المتزايدة في المدفوعات عبر الإنترنات من قبل المتسوقين تعني أن التحول الرقمي لقطاع التجزئة في المنطقة يسير على قدم وساق، وهناك رغبة من الجميع في الدفع واستلام المدفوعات بالعملات الأجنبية، كما تتسابق شركات التجزئة لمواكبة ذلك من خلال مواصلة ابتكارها للعروض الاستهلاكية وتنويعها. وبالمقابل، يسارع المستهلكون في الاستجابة ليزداد المشهد التنافسي حدةً مع استمرار ارتفاع معيار توقعات المستهلكين في قادم السنوات.
تسريع نسق الإجراءات
وبات من الضروري اليوم على محافظ البنك المركزي الجديد فتحي النوري، العمل على تسريع ظهور مجلة الصرف الجديدة في أسرع الآجال، خصوصا وان تونس في حاجة اليوم إلى الانفتاح أكثر على الأسواق العالمية وإجراء كافة العمليات المالية بأريحية أكثر، كما يشدد العديد من الخبراء على ضرورة أن تندمج تونس اليوم في الاقتصاد الرقمي العالمي الذي انطلق في تعويض الاقتصاد التقليدي تدريجيا منذ السنوات الأخيرة ، وهي مطالبة اليوم بإرساء منظومات جديدة تحفز المؤسّسات الاقتصادية على الانخراط فيها، وتشجيعها على المضي قدما في تطوير بنيتها الرقمية وأيضا العمل على تحرير الدينار التونسي، من خلال الحد من المديونية والرفع في نسبة النمو إلى أكثر من 5 بالمائة، وذلك بهدف فتح المعاملات الالكترونية الخارجية لهذه الشركات بما يجعلها تحقق إيرادات هامة، وتساهم هي بدورها في الرفع من احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وأيضا في تحقيق الانتعاشة الاقتصادية المرجوة.