إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. العرب خارج التاريخ والجغرافيا ...

 

كان يفترض أن تعلن الحداد وتنكس الأعلام  بعد فشلها الذريع وخروجها من التاريخ والجغرافيا إزاء الإبادة الحاصلة في غزة ..إلا أنها اختارت، وفيما تقترب الحرب المتوحشة على غزة من نهاية شهرها الخامس، إحياء فعاليات احتفالية حول حماية وإحياء التراث الثقافي الفلسطيني ...

طبعا نتحدث عن الجامعة العربية التي لم تعد لا جامعة ولا عربية منذ وقت طويل والتي تثبت اليوم أنها خارج التاريخ والجغرافيا وخارج الأحداث، وهي التي بقيت على الهامش في جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة والتي لا يمكن إلا لمن فقد إنسانيته أن لا يستنفر، وأن لا يندد بما يحدث من إبادة جماعية للأطفال والنساء في غزة، ولكل مكونات الشعب الفلسطيني بما في ذلك الأطباء الذين يحاولون رغم المعاناة إنقاذ المرضى والمصابين، ويجاهدون، وهم يقومون يوميا بعشرات العمليات الجراحية لبتر الأعضاء أو للولادة  دون تبنيج أو مسكنات فضلا عن استهداف المرضى والفنانين والصحفيين الذين ينقلون الحقائق وهو ما جعل رئيس البرازيل يظهر في موقف أكثر عروبة وإنسانية من العرب ويشبّه ما يحدث بالمحرقة النازية ...

نعم سبق أن وصل إلى معبر رفح وزيرا خارجية بلجيكا وإيرلندا للوقوف على ما يجري على ارض الواقع وسبق أن نقلا شهاداتهما عن منع الاحتلال عبور شاحنات المساعدات لإغاثة الأهالي تماما كما سبق أن رأينا نوابا فرنسيين يغامرون ويصلون بدورهم إلى معبر رفح و يخاطبون العالم بان ما يجري جريمة ابادة جماعية للشعب الفلسطيني... ولكن حتى الآن لم نشهد زيارة مسؤولين عن الجامعة العربية آو البرلمان العربي آو أحد مؤسساتها إلى رفح والحال أن هذا من أبسط الأمور، وهو رسالة إنسانية عابرة للحدود، ومهمة بالنسبة للأهالي الذين يتألمون على وقع محنة مضاعفة بين ظلم الاحتلال وظلم الاشقّاء ...

طبعا لا أحد ينكر أهمية حماية وإحياء التراث الثقافي الفلسطيني، ولا أحد يمكن أن يستهين بالذّاكرة الفلسطينية، وما تتعرض له من هجمة إرهابية ومحاولة لتزييف التاريخ وتغيير الوقائع على الأرض وفرض الرواية الإسرائيلية وإلغاء الحق الفلسطيني بل وإنكار وجود الشعب الفلسطيني ...

و بدل أن يكون للجامعة موقف في حجم الجحيم الذي تعيش على وقعه غزة وبدلا من مراجعة الأحداث والاستفادة من كل الدروس والخيبات السابقة والفشل في الأزمات السابقة، والصراعات المدمرة من سوريا إلى العراق وليبيا والسودان واليمن وفلسطين بالأمس، واليوم اختارت جامعتنا الموقّرة الأدوار السهلة  في الفضاءات المرفّهة لتغطية إخفاقاتها وفشلها في تجميع القوى العربية ودعوتها إلى كلمة واحدة للضغط على جرائم الاحتلال والسعي جديّا إلى إنهاء وتعليق التطبيع وتجميد لعبة المصالح الاقتصادية والعسكرية وإيقاف الرحلات الجوية وهي كلها حلول سبق للمجتمع الدولي أن اعتمدها لوضع حد لنظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا بعد ثلاثة قرون من الإجرام، وهي تظل حلولا ممكنة ومتاحة لو توفّر الحد الأدنى من الإرادة السياسية ..قد لا نبالغ إذا اعتبرنا أن الجامعة العربية الغائبة في الاختبارات الصعبة تمتهن بهذه الخطوة لعبة الرقص على الأشلاء وتفاقم معاناة الضحايا الذين خذلهم العالم ...وكان الأمين العام للجامعة ومعه جيش مستشاريه وكل الدول الأعضاء فقدت مرة واحدة قدرتها على السمع والبصر، وفقدت القدرة على التمييز في اختيار الأحداث والمواعيد التي يتعين إحياؤها فيما أطفال غزة ونساءها وشيوخها وشبابها يتساقطون على وقع القصف أو الجوع أو المرض أو البرد ...

لا أحد ينكر مخاطر ما تتعرض له القدس والأقصى على أيدي زمرة المستوطنين الإرهابيين ولا أحد أيضا يمكن أن يقلّل من حجم الجرائم التي تستهدف التراث الفلسطيني والهوية الفلسطينية التي تنسف تحت أنظار العالم .. ولكن كان أحرى وأولى بالجامعة أن تدفع منظمات مثل  "الإسيسكو" و"اليونيسكو" و"الألكسو"إلى التصدي جديا للإجرام المستمر في غزة، ولعملية الإبادة المفتوحة  في القطاع ...

بالتأكيد نعم لإنقاذ التراث الفلسطيني وإنقاذ الذاكرة الفلسطينية ولكن أولى الأولويات اليوم إنقاذ الإنسان الفلسطيني ووقف الحرب الهمجية وإنهاء الظلم المضاعف ...أليس هذا أهم من الرقص على الجثث يا أولي الألباب ؟

آسيا العتروس  

ممنوع من الحياد..    العرب خارج التاريخ والجغرافيا ...

 

كان يفترض أن تعلن الحداد وتنكس الأعلام  بعد فشلها الذريع وخروجها من التاريخ والجغرافيا إزاء الإبادة الحاصلة في غزة ..إلا أنها اختارت، وفيما تقترب الحرب المتوحشة على غزة من نهاية شهرها الخامس، إحياء فعاليات احتفالية حول حماية وإحياء التراث الثقافي الفلسطيني ...

طبعا نتحدث عن الجامعة العربية التي لم تعد لا جامعة ولا عربية منذ وقت طويل والتي تثبت اليوم أنها خارج التاريخ والجغرافيا وخارج الأحداث، وهي التي بقيت على الهامش في جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة والتي لا يمكن إلا لمن فقد إنسانيته أن لا يستنفر، وأن لا يندد بما يحدث من إبادة جماعية للأطفال والنساء في غزة، ولكل مكونات الشعب الفلسطيني بما في ذلك الأطباء الذين يحاولون رغم المعاناة إنقاذ المرضى والمصابين، ويجاهدون، وهم يقومون يوميا بعشرات العمليات الجراحية لبتر الأعضاء أو للولادة  دون تبنيج أو مسكنات فضلا عن استهداف المرضى والفنانين والصحفيين الذين ينقلون الحقائق وهو ما جعل رئيس البرازيل يظهر في موقف أكثر عروبة وإنسانية من العرب ويشبّه ما يحدث بالمحرقة النازية ...

نعم سبق أن وصل إلى معبر رفح وزيرا خارجية بلجيكا وإيرلندا للوقوف على ما يجري على ارض الواقع وسبق أن نقلا شهاداتهما عن منع الاحتلال عبور شاحنات المساعدات لإغاثة الأهالي تماما كما سبق أن رأينا نوابا فرنسيين يغامرون ويصلون بدورهم إلى معبر رفح و يخاطبون العالم بان ما يجري جريمة ابادة جماعية للشعب الفلسطيني... ولكن حتى الآن لم نشهد زيارة مسؤولين عن الجامعة العربية آو البرلمان العربي آو أحد مؤسساتها إلى رفح والحال أن هذا من أبسط الأمور، وهو رسالة إنسانية عابرة للحدود، ومهمة بالنسبة للأهالي الذين يتألمون على وقع محنة مضاعفة بين ظلم الاحتلال وظلم الاشقّاء ...

طبعا لا أحد ينكر أهمية حماية وإحياء التراث الثقافي الفلسطيني، ولا أحد يمكن أن يستهين بالذّاكرة الفلسطينية، وما تتعرض له من هجمة إرهابية ومحاولة لتزييف التاريخ وتغيير الوقائع على الأرض وفرض الرواية الإسرائيلية وإلغاء الحق الفلسطيني بل وإنكار وجود الشعب الفلسطيني ...

و بدل أن يكون للجامعة موقف في حجم الجحيم الذي تعيش على وقعه غزة وبدلا من مراجعة الأحداث والاستفادة من كل الدروس والخيبات السابقة والفشل في الأزمات السابقة، والصراعات المدمرة من سوريا إلى العراق وليبيا والسودان واليمن وفلسطين بالأمس، واليوم اختارت جامعتنا الموقّرة الأدوار السهلة  في الفضاءات المرفّهة لتغطية إخفاقاتها وفشلها في تجميع القوى العربية ودعوتها إلى كلمة واحدة للضغط على جرائم الاحتلال والسعي جديّا إلى إنهاء وتعليق التطبيع وتجميد لعبة المصالح الاقتصادية والعسكرية وإيقاف الرحلات الجوية وهي كلها حلول سبق للمجتمع الدولي أن اعتمدها لوضع حد لنظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا بعد ثلاثة قرون من الإجرام، وهي تظل حلولا ممكنة ومتاحة لو توفّر الحد الأدنى من الإرادة السياسية ..قد لا نبالغ إذا اعتبرنا أن الجامعة العربية الغائبة في الاختبارات الصعبة تمتهن بهذه الخطوة لعبة الرقص على الأشلاء وتفاقم معاناة الضحايا الذين خذلهم العالم ...وكان الأمين العام للجامعة ومعه جيش مستشاريه وكل الدول الأعضاء فقدت مرة واحدة قدرتها على السمع والبصر، وفقدت القدرة على التمييز في اختيار الأحداث والمواعيد التي يتعين إحياؤها فيما أطفال غزة ونساءها وشيوخها وشبابها يتساقطون على وقع القصف أو الجوع أو المرض أو البرد ...

لا أحد ينكر مخاطر ما تتعرض له القدس والأقصى على أيدي زمرة المستوطنين الإرهابيين ولا أحد أيضا يمكن أن يقلّل من حجم الجرائم التي تستهدف التراث الفلسطيني والهوية الفلسطينية التي تنسف تحت أنظار العالم .. ولكن كان أحرى وأولى بالجامعة أن تدفع منظمات مثل  "الإسيسكو" و"اليونيسكو" و"الألكسو"إلى التصدي جديا للإجرام المستمر في غزة، ولعملية الإبادة المفتوحة  في القطاع ...

بالتأكيد نعم لإنقاذ التراث الفلسطيني وإنقاذ الذاكرة الفلسطينية ولكن أولى الأولويات اليوم إنقاذ الإنسان الفلسطيني ووقف الحرب الهمجية وإنهاء الظلم المضاعف ...أليس هذا أهم من الرقص على الجثث يا أولي الألباب ؟

آسيا العتروس