يخطئ من يعتقد أن المرافعات المستمرة في أروقة العدل الدولية يمكن أن تفرمل جيش الاحتلال أو تعيد لرئيس حكومة كيان الاحتلال الرشد المفقود، بل واهم من يعتقد أن ناتنياهو يبحث عن فرصة لإيقاف الحرب والجواب واضح ولا يحتاج اطلاعا خارقا فناتنياهو يدرك جيدا أن إنهاء الحرب يعني نهايته وملاحقته في المحاكم داخل إسرائيل وخارجها بعد أن بات مجرم الحرب الأول المطلوب عالميا، ولولا ما يحظى به من حصانة وحماية أمريكية لكان خلف القضبان يحاكم على جرائم الإبادة التي اقترفها قبل وبعد السابع من أكتوبر، وليست الأدلة ما ينقص لمحاكمة ناتنياهو ولكن ما ينقص جرعة من العدل في نظام دولي مجحف بحق الضعيف كريم مع الجلاد..
شهدت محكمة العدل الدولية على مدار الأسبوع تقديم اثنين وخمسين دولة مرافعاتها بشأن جرائم الإبادة التي يقترفها كيان الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ خمسة أشهر وهي شهادات تاريخية موثقة بالحجج والبراهين والأدلة والشهادات التي تدين لا إسرائيل وحدها بل وحلفاءها ممن يدعمونها في هذه الحرب القذرة بالمال والسلاح ...
شهادات على أهميتها في مخاطبة الرأي العام الدولي الذي نفض عنه السردية الإسرائيلية الزائفة بعد أن اكتشف جذور الصراع وحجم المظلمة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني على مدى عقود أمام فظاعات الاحتلال، التي تبقى استشارية بمعنى أنه قد لا يكون لها تأثير مباشر على المحرقة الدائرة في غزة و منها في الضفة والتي يتابع العالم أطوارها الموثقة ...
أمام العدل الدولية كانت مرافعة تونس التي تولى تقديمها الخبير التونسي في القانون الدولي سليم اللغمانى، والذي أكد موقف تونس التاريخي الثابت إزاء الاحتلال معتبرا أن الاحتلال الإسرائيلي تعمد ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن إسرائيل تنتهك قواعد للقانون الدولي بشكل ممنهج، من خلال احتلالها الأراضي الفلسطينية وضم القدس، وآخرها حربها على قطاع غزة وتعمدها استهداف الأماكن والأفراد المحميين، استنادا إلى الاتفاقيات والقوانين الدولية.
وقال اللغماني "أن إسرائيل ترتكب كل تلك الجرائم تنفيذا لخطة ترمى إلى تدمير الفلسطينيين كشعب، داعيا الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الآمن الدولي، إلى العمل من أجل إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني.. وخلص اللغماني إلى أنها قرائن تدل وتؤكد على تعمد ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، مشيرا إلى أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والممارسات المتبعة من قبل إسرائيل منذ سنة1967، تبرهن على وجود مخطط إسرائيلي بهذا الغرض، مشددا على أن إسرائيل تنتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ويجرى حاليا القضاء على هذا الشعب في وجوده وذاته...لا خلاف أن هذا الموقف يختزل المظلة غير المسبوقة التي يعيش على وقعها الشعب الفلسطيني ولا خلاف أيضا في أن العدل الدولية شهدت إجماعا دوليا على إدانة الاحتلال ورفضه وخرقه لكل القوانين والأعراف الدولية.. ويبقى السؤال المطروح كيف السبيل إلى تفعيل هذه المواقف وكيف يمكن وضع حد لحمام الدم الحاصل والذي تواصل على مدى مرافعات العدل الدولية بما يعزز القناعة بأن كيان الاحتلال مطمئن بان هناك دوما ذلك الغطاء الذي يمنحه الحصانة ويوفر له كل أسباب مواصلة جرائمه بعد كل ما تابعه العالم ..
ما نلاحظه أيضا ونحن نتابع هذه المحرقة ونصر على أنها محرقة رغم إصرار كيان الاحتلال على التفرد في هذا الوصف واعتباره لا ينطبق إلا على المحرقة اليهودية، وهذا أيضا ما ذهب إليه الرئيس البرازيلي لولا داسيلفيا الذي لم يتراجع عن موقف قيد أنملة رغم تهديدات إسرائيل وانتقادات واشنطن وثبت على موقفه في اتّهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعيّة وتشبيه ما يحدث في غزة بـالمحرقة اليهوديّة. وهو الموقف ذاته الذي ردده على هامش أشغال مجموعة العشرين وبحضور وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الذي تصر بلاده على رفض إيقاف الحرب وتواصل تسليح حكومة ناتنياهو المتمردة على كل العالم ...
الموقف التالي الجدير بالإثارة فيتعلق بموقف اسبانيا البلد الأوروبي الذي برز حتى الآن بمواقفه الواضحة في رفض جرائم الاحتلال وإصراره على دفع أوروبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية. آخر هذه المواقف ما أعلنه وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أن بلاده لن تبيع أسلحة لإسرائيل ما دامت مستمرة في حربها على قطاع غزة، وجاء الإعلان من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وأعلن المسؤول أن بلاده لم تمنح أي ترخيص جديد لبيع الأسلحة لإسرائيل بعد 7 أكتوبر قائلا:"لن نبيع أسلحة لإسرائيل ما دام الوضع الحالي مستمرا"، طبعا هذا إلى جانب تمسك اسبانيا بعدم إيقاف تمويلاها عن الاونروا ومواصلة دعمهم في جهودها الراهنة لتوفير احتياجات الفلسطينيين الذين باتوا تحت مثلث القصف والتجويع والتهجير القسري.. ومن هنا أهمية هذه الإجراءات الأمنية التي سيكون من غير المتوقع أن تمتد إلى بقية الدول الأوروبية التي لا تزال خجولة في رفضها لجرائم الاحتلال بالرغم من التحول الحاصل في موقفها وهو تحول لم يبلغ المطلوب.. وحتى مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بوريل وإن كان أول من بادر بطرح فكرة منع تسليح إسرائيل فقد بدا مترددا ولم يذهب بعيدا في هذا الأمر وربما استشعر غضب الاحتلال وحلفاءه أيضا ...
اسيا العتروس
يخطئ من يعتقد أن المرافعات المستمرة في أروقة العدل الدولية يمكن أن تفرمل جيش الاحتلال أو تعيد لرئيس حكومة كيان الاحتلال الرشد المفقود، بل واهم من يعتقد أن ناتنياهو يبحث عن فرصة لإيقاف الحرب والجواب واضح ولا يحتاج اطلاعا خارقا فناتنياهو يدرك جيدا أن إنهاء الحرب يعني نهايته وملاحقته في المحاكم داخل إسرائيل وخارجها بعد أن بات مجرم الحرب الأول المطلوب عالميا، ولولا ما يحظى به من حصانة وحماية أمريكية لكان خلف القضبان يحاكم على جرائم الإبادة التي اقترفها قبل وبعد السابع من أكتوبر، وليست الأدلة ما ينقص لمحاكمة ناتنياهو ولكن ما ينقص جرعة من العدل في نظام دولي مجحف بحق الضعيف كريم مع الجلاد..
شهدت محكمة العدل الدولية على مدار الأسبوع تقديم اثنين وخمسين دولة مرافعاتها بشأن جرائم الإبادة التي يقترفها كيان الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ خمسة أشهر وهي شهادات تاريخية موثقة بالحجج والبراهين والأدلة والشهادات التي تدين لا إسرائيل وحدها بل وحلفاءها ممن يدعمونها في هذه الحرب القذرة بالمال والسلاح ...
شهادات على أهميتها في مخاطبة الرأي العام الدولي الذي نفض عنه السردية الإسرائيلية الزائفة بعد أن اكتشف جذور الصراع وحجم المظلمة التي يعاني منها الشعب الفلسطيني على مدى عقود أمام فظاعات الاحتلال، التي تبقى استشارية بمعنى أنه قد لا يكون لها تأثير مباشر على المحرقة الدائرة في غزة و منها في الضفة والتي يتابع العالم أطوارها الموثقة ...
أمام العدل الدولية كانت مرافعة تونس التي تولى تقديمها الخبير التونسي في القانون الدولي سليم اللغمانى، والذي أكد موقف تونس التاريخي الثابت إزاء الاحتلال معتبرا أن الاحتلال الإسرائيلي تعمد ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن إسرائيل تنتهك قواعد للقانون الدولي بشكل ممنهج، من خلال احتلالها الأراضي الفلسطينية وضم القدس، وآخرها حربها على قطاع غزة وتعمدها استهداف الأماكن والأفراد المحميين، استنادا إلى الاتفاقيات والقوانين الدولية.
وقال اللغماني "أن إسرائيل ترتكب كل تلك الجرائم تنفيذا لخطة ترمى إلى تدمير الفلسطينيين كشعب، داعيا الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الآمن الدولي، إلى العمل من أجل إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية والانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني.. وخلص اللغماني إلى أنها قرائن تدل وتؤكد على تعمد ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، مشيرا إلى أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين والممارسات المتبعة من قبل إسرائيل منذ سنة1967، تبرهن على وجود مخطط إسرائيلي بهذا الغرض، مشددا على أن إسرائيل تنتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ويجرى حاليا القضاء على هذا الشعب في وجوده وذاته...لا خلاف أن هذا الموقف يختزل المظلة غير المسبوقة التي يعيش على وقعها الشعب الفلسطيني ولا خلاف أيضا في أن العدل الدولية شهدت إجماعا دوليا على إدانة الاحتلال ورفضه وخرقه لكل القوانين والأعراف الدولية.. ويبقى السؤال المطروح كيف السبيل إلى تفعيل هذه المواقف وكيف يمكن وضع حد لحمام الدم الحاصل والذي تواصل على مدى مرافعات العدل الدولية بما يعزز القناعة بأن كيان الاحتلال مطمئن بان هناك دوما ذلك الغطاء الذي يمنحه الحصانة ويوفر له كل أسباب مواصلة جرائمه بعد كل ما تابعه العالم ..
ما نلاحظه أيضا ونحن نتابع هذه المحرقة ونصر على أنها محرقة رغم إصرار كيان الاحتلال على التفرد في هذا الوصف واعتباره لا ينطبق إلا على المحرقة اليهودية، وهذا أيضا ما ذهب إليه الرئيس البرازيلي لولا داسيلفيا الذي لم يتراجع عن موقف قيد أنملة رغم تهديدات إسرائيل وانتقادات واشنطن وثبت على موقفه في اتّهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعيّة وتشبيه ما يحدث في غزة بـالمحرقة اليهوديّة. وهو الموقف ذاته الذي ردده على هامش أشغال مجموعة العشرين وبحضور وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الذي تصر بلاده على رفض إيقاف الحرب وتواصل تسليح حكومة ناتنياهو المتمردة على كل العالم ...
الموقف التالي الجدير بالإثارة فيتعلق بموقف اسبانيا البلد الأوروبي الذي برز حتى الآن بمواقفه الواضحة في رفض جرائم الاحتلال وإصراره على دفع أوروبا للاعتراف بالدولة الفلسطينية. آخر هذه المواقف ما أعلنه وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، أن بلاده لن تبيع أسلحة لإسرائيل ما دامت مستمرة في حربها على قطاع غزة، وجاء الإعلان من مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وأعلن المسؤول أن بلاده لم تمنح أي ترخيص جديد لبيع الأسلحة لإسرائيل بعد 7 أكتوبر قائلا:"لن نبيع أسلحة لإسرائيل ما دام الوضع الحالي مستمرا"، طبعا هذا إلى جانب تمسك اسبانيا بعدم إيقاف تمويلاها عن الاونروا ومواصلة دعمهم في جهودها الراهنة لتوفير احتياجات الفلسطينيين الذين باتوا تحت مثلث القصف والتجويع والتهجير القسري.. ومن هنا أهمية هذه الإجراءات الأمنية التي سيكون من غير المتوقع أن تمتد إلى بقية الدول الأوروبية التي لا تزال خجولة في رفضها لجرائم الاحتلال بالرغم من التحول الحاصل في موقفها وهو تحول لم يبلغ المطلوب.. وحتى مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بوريل وإن كان أول من بادر بطرح فكرة منع تسليح إسرائيل فقد بدا مترددا ولم يذهب بعيدا في هذا الأمر وربما استشعر غضب الاحتلال وحلفاءه أيضا ...