إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد: وثّقوا وثّقوا ...إنها محرقة العصر

كل جرائم الاحتلال بكبيرها وصغيرها يجب أن توثّق بكل الوسائل المتاحة بالصور والتسجيلات والشهادات والتصريحات وكل ما يمكن أن يشكل شهادة للتاريخ وللعدالة وللذاكرة على بشاعة وفظاعة ما ارتكبه ويرتكبه الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني على مدى عقود ...ربما يستهين البعض بهذه العملية ويعتبرها بلا جدوى وربما اعتبر البعض إنها ترف ليس للفلسطينيين اليوم رغبة في القيام به وهم الذين يبحثون عن مكان آمن فلا يجدون ويبحثون عن رغيف فلا يحصلون عليه وربما اعتبر آخرون انه لا فائدة من توثيق ما يقوم به مجرمو حرب في ظل نظام عالمي جائر فيما تقف العدالة الدولية بائسة عاجزة عن ملاحقتهم منذ أكثر من سبعة عقود ..

وهي في الحقيقة مواقف لها مبرراتها وتجد لها في غطرسة كيان الاحتلال واحتقاره للقانون الدولي وللشرعية الدولية ما يعزّز القناعة بأنه لا رادع لهذا الكيان الإرهابي الذي لا يرتوي من الدماء والذي قام على السطو على أرض من منحه الأمان و رحب به ووفر له فرصة العيش بكرامة يوم كان ملاحقا مطاردا من النازيين ..

في صفعة جديدة للمجتمع الدولي ولكل المؤسسات الدولية والحقوقية، وفي تحد سافر لجلسات الاستماع التي تحتضنها العدل الدولية في "لاهاي" كشف رئيس حكومة كيان الاحتلال عن خطته لما بات يسمى باليوم التالي للحرب على غزة والذي سبقته دعاية إعلامية غير مسبوقة سواء في الإعلام العبري أو الإعلام الغربي الحليف ...وجاء هذا الإعلان بعد مائة وأربعين يوما بالتمام والكمال من المحرقة المفتوحة في غزة والتي تزامن بالأمس مع عشرات المجازر في مختلف مناطق غزة ...

طبعا طوال خمسة أشهر من العدوان خبر ناتنياهو كل ردود الأفعال الدولي بشرقه وغربه وأدرك أنه لا شيء سيحرك عمليا المجتمع الدولي على أرض الواقع لإنهاء التقتيل الحاصل في حق أهالي غزة المحاصرين اليوم بين ثالوث القصف والتجويع والتهجير ...والتحرك ليس بالضرورة عسكريا، فقد فهمنا أن هذا ليس بالأمر المتاح وإن العالم الحر أوالقوى الحرة مستعدّة لإرسال جيوشها إلى أقصى نقطة في المحيط ولكنها لن تغامر بتحريك فيلق لصد جيش الاحتلال، ولكن القصد أن الضغط كان يمكن أن يكون اقتصاديا وسياسيا وديبلوماسيا بتعليق العلاقات مؤقتا أو بفرض عقوبات اقتصادية وتجارية.. وهي كلها إجراءات ممكنة في مختلف النزاعات والصراعات وتم اعتمادها وأثبتت فاعليتها ولكنها ليست في وارد التنفيذ عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي وهذا الكيان الذي تعوّد على الابتزاز والمساومات باعتماد المحرقة النازية ومخلفات عقدة الذنب التي لم تشف منها أوروبا ...إلى جانب هذه المواقف التي تتجاوز درجة التواطؤ وترتقي إلى المشاركة في المحرقة الراهنة التي ذهب الرئيس البرازيلي إلى اعتبار أنها تشبه جرائم النازيين في ألمانيا ولكن أيضا ما ذهب إليه المسئول الأممي "غريفيث" الذي اعتبر أنها فظاعات غير مسبوقة بما يعني ضمنيا إنها تتجاوز جرائم النازيين، فقد وجد ناتنياهو وحكومته العنصرية المتطرفة المناخ مناسبا لارتكاب كل أنواع الجرائم التي جعلت من قطاع غزة مقبرة للأحياء يموت فيها الأطفال تحت القصف أو جوعا وبردا ويموت الكبار كمدا وقهرا فيما تنحصر مهمة المجتمع الدولي في إحصاء ما يفرزه عداد الموت الذي لا يتوقف ...

أمام هذه المشاهد الغارقة في الدم وغيرها جاء قرار الفيتو الأمريكي بردا و سلاما لناتنياهو الذي تلقى الرّسالة القادمة من مجلس الأمن الدولي بعد الفيتو الأمريكي الأرعن الذي منح كيان الاحتلال الضوء الأخضر للمضي قدما في تنفيذ مخططه ودفع أهالي غزة إلى نقطة اللاعودة ونقصد بذلك دفعهم للهروب بجلدهم إلى أي فضاء يفتح أمامهم هروبا من الجحيم أمام تكدس جثث وأشلاء الضحايا على الطرقات ...كل ذلك فيما يواصل قطعان المستوطنين طرد الفلسطينيين من بيوتهم و سرقة أراضيهم تمهيدا لإقامة ألاف المستوطنات في الضفة وفيما تواصل الآلة العسكرية اغتيال النشطاء وتهويد المقدسات بدعم وحماية جيش الاحتلال تمهيدا لتكرار سيناريو غزة ...

توثيق ما يجري في غزة تحت أنظار العالم من ظلم تجاوز كل الحدود وحفظه ونشره وتقديمه للمؤسسات الإعلامية والقضائية مسؤولية إنسانية وأخلاقية وتاريخية تتجاوز الفلسطينيين أنفسهم وهي مسؤولية تنسحب على كل متتبعي هذه المحرقة التي تسقط بالتقادم ..وهي أيضا وفاء لكل الضحايا الذين خذلهم العالم ولم يجدوا لهم مساندا وهي أيضا احترام ووفاء لكل التضحيات البطولية التي قام بها صحفيون وصحفيات من طينة خاصة لم يتوانوا في التضحية بأنفسهم ليكشفوا قبح الاحتلال ويقدموا للعالم وثيقة إدانة لكيان الاحتلال الذي سيتعين أن يواجه آجلا أو عاجلا العدالة الدولية التي لا يمكن أن تظل شاهدا أخرسا على هذه الفظاعات والتي ستنتفض وتستجيب لملايين الأصوات التي باتت تنادي بالحرية لفلسطين Free Free Palestine ..

اسيا العتروس

 

 

ممنوع من الحياد: وثّقوا وثّقوا ...إنها محرقة العصر

كل جرائم الاحتلال بكبيرها وصغيرها يجب أن توثّق بكل الوسائل المتاحة بالصور والتسجيلات والشهادات والتصريحات وكل ما يمكن أن يشكل شهادة للتاريخ وللعدالة وللذاكرة على بشاعة وفظاعة ما ارتكبه ويرتكبه الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني على مدى عقود ...ربما يستهين البعض بهذه العملية ويعتبرها بلا جدوى وربما اعتبر البعض إنها ترف ليس للفلسطينيين اليوم رغبة في القيام به وهم الذين يبحثون عن مكان آمن فلا يجدون ويبحثون عن رغيف فلا يحصلون عليه وربما اعتبر آخرون انه لا فائدة من توثيق ما يقوم به مجرمو حرب في ظل نظام عالمي جائر فيما تقف العدالة الدولية بائسة عاجزة عن ملاحقتهم منذ أكثر من سبعة عقود ..

وهي في الحقيقة مواقف لها مبرراتها وتجد لها في غطرسة كيان الاحتلال واحتقاره للقانون الدولي وللشرعية الدولية ما يعزّز القناعة بأنه لا رادع لهذا الكيان الإرهابي الذي لا يرتوي من الدماء والذي قام على السطو على أرض من منحه الأمان و رحب به ووفر له فرصة العيش بكرامة يوم كان ملاحقا مطاردا من النازيين ..

في صفعة جديدة للمجتمع الدولي ولكل المؤسسات الدولية والحقوقية، وفي تحد سافر لجلسات الاستماع التي تحتضنها العدل الدولية في "لاهاي" كشف رئيس حكومة كيان الاحتلال عن خطته لما بات يسمى باليوم التالي للحرب على غزة والذي سبقته دعاية إعلامية غير مسبوقة سواء في الإعلام العبري أو الإعلام الغربي الحليف ...وجاء هذا الإعلان بعد مائة وأربعين يوما بالتمام والكمال من المحرقة المفتوحة في غزة والتي تزامن بالأمس مع عشرات المجازر في مختلف مناطق غزة ...

طبعا طوال خمسة أشهر من العدوان خبر ناتنياهو كل ردود الأفعال الدولي بشرقه وغربه وأدرك أنه لا شيء سيحرك عمليا المجتمع الدولي على أرض الواقع لإنهاء التقتيل الحاصل في حق أهالي غزة المحاصرين اليوم بين ثالوث القصف والتجويع والتهجير ...والتحرك ليس بالضرورة عسكريا، فقد فهمنا أن هذا ليس بالأمر المتاح وإن العالم الحر أوالقوى الحرة مستعدّة لإرسال جيوشها إلى أقصى نقطة في المحيط ولكنها لن تغامر بتحريك فيلق لصد جيش الاحتلال، ولكن القصد أن الضغط كان يمكن أن يكون اقتصاديا وسياسيا وديبلوماسيا بتعليق العلاقات مؤقتا أو بفرض عقوبات اقتصادية وتجارية.. وهي كلها إجراءات ممكنة في مختلف النزاعات والصراعات وتم اعتمادها وأثبتت فاعليتها ولكنها ليست في وارد التنفيذ عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي وهذا الكيان الذي تعوّد على الابتزاز والمساومات باعتماد المحرقة النازية ومخلفات عقدة الذنب التي لم تشف منها أوروبا ...إلى جانب هذه المواقف التي تتجاوز درجة التواطؤ وترتقي إلى المشاركة في المحرقة الراهنة التي ذهب الرئيس البرازيلي إلى اعتبار أنها تشبه جرائم النازيين في ألمانيا ولكن أيضا ما ذهب إليه المسئول الأممي "غريفيث" الذي اعتبر أنها فظاعات غير مسبوقة بما يعني ضمنيا إنها تتجاوز جرائم النازيين، فقد وجد ناتنياهو وحكومته العنصرية المتطرفة المناخ مناسبا لارتكاب كل أنواع الجرائم التي جعلت من قطاع غزة مقبرة للأحياء يموت فيها الأطفال تحت القصف أو جوعا وبردا ويموت الكبار كمدا وقهرا فيما تنحصر مهمة المجتمع الدولي في إحصاء ما يفرزه عداد الموت الذي لا يتوقف ...

أمام هذه المشاهد الغارقة في الدم وغيرها جاء قرار الفيتو الأمريكي بردا و سلاما لناتنياهو الذي تلقى الرّسالة القادمة من مجلس الأمن الدولي بعد الفيتو الأمريكي الأرعن الذي منح كيان الاحتلال الضوء الأخضر للمضي قدما في تنفيذ مخططه ودفع أهالي غزة إلى نقطة اللاعودة ونقصد بذلك دفعهم للهروب بجلدهم إلى أي فضاء يفتح أمامهم هروبا من الجحيم أمام تكدس جثث وأشلاء الضحايا على الطرقات ...كل ذلك فيما يواصل قطعان المستوطنين طرد الفلسطينيين من بيوتهم و سرقة أراضيهم تمهيدا لإقامة ألاف المستوطنات في الضفة وفيما تواصل الآلة العسكرية اغتيال النشطاء وتهويد المقدسات بدعم وحماية جيش الاحتلال تمهيدا لتكرار سيناريو غزة ...

توثيق ما يجري في غزة تحت أنظار العالم من ظلم تجاوز كل الحدود وحفظه ونشره وتقديمه للمؤسسات الإعلامية والقضائية مسؤولية إنسانية وأخلاقية وتاريخية تتجاوز الفلسطينيين أنفسهم وهي مسؤولية تنسحب على كل متتبعي هذه المحرقة التي تسقط بالتقادم ..وهي أيضا وفاء لكل الضحايا الذين خذلهم العالم ولم يجدوا لهم مساندا وهي أيضا احترام ووفاء لكل التضحيات البطولية التي قام بها صحفيون وصحفيات من طينة خاصة لم يتوانوا في التضحية بأنفسهم ليكشفوا قبح الاحتلال ويقدموا للعالم وثيقة إدانة لكيان الاحتلال الذي سيتعين أن يواجه آجلا أو عاجلا العدالة الدولية التي لا يمكن أن تظل شاهدا أخرسا على هذه الفظاعات والتي ستنتفض وتستجيب لملايين الأصوات التي باتت تنادي بالحرية لفلسطين Free Free Palestine ..

اسيا العتروس