وصفه الناقد الادبي الخالد توفيق بكار بـ " قائد حركة الطليعة الشعرية في تونس ".. مبدع هادئ قليل الكلام ينشط بشكل الفت على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال اشعار وتدوينات نابعة من الواقع معبرة عنه
محمد الحبيب الزناد الشاعر المؤسس لحركة الطليعة الشعرية في تونس الى جانب الراحل الطاهر الهمامي مازال على العهد مع هذه الحركة التي يراها أسلوب كتابة وتعبير وتمرد على المتعارف عليه لأجل نص ابداعي يكشف الواقع ويقدمه بكل صفاء وعمق دون قيد مهما كان..
**كيف جئت الى الشعر؟
-كتبتُ الشّعر في سنّ مبكّرة تأثّرا بما كنت أطّلع عليه من قصائد الوالد وما يُنشر في الصّحف والمجلات التي تتوفّر في بيتنا علاوة على دروس مادّة العربية في التعليم الثانوي التي كنت متفوقا فيها. و لكنّ انطلاقتي الحقيقية كانت سنة 1967 في الجامعة حيث كانت قصائدي الأولى تلقى صدى لدى الطّلبة و في نفس السّنة نشرت لي جريدة الشّعب قصيدة (الشيّات الصّغير) التي أسالت الحبر بين مستحسن و مستهجن لخروجها على ناموس الشعر العربي في شكلها و مضمونها ممّا حفّزني على المضيّ قُدُما على درب التجديد و التّجريب بما نشرته من قصائد في الملحق الثقافي لجريدة العمل و خاصة في مجلّة الفكر التي نشرت كذلك قصائد مجدّدة للمرحوم الطاهر الهمّامي و فضيلة الشابي رغم معارضة بعض الشعراء من أسرة التّحرير و لا سيما الرّاحليّن جعفر ماجد و نورالدين صمُود اللذين اقترحا أن تنشر قصائدنا تحت ما سمّياه (في غير العمودي و الحرّ) و قد تكفّل الطاهر الهمّامي بكتابة بيانات تؤسّس لهذا التّيار وتدافع عنه. وكان لنصوص الرّاحليّن محمّد المصمولي (قصائد مضادّة) ومحمود التونسي المنشورة في مجلّة الفكر تشابه مع تجربة في غير العمودي والحرّ علاوة ما نشره فيها عزّالدّين المدني و سمير العيّادي من قصص مجدّدة لا تشبه السّائد فيما سمّاه المدني بالأدب التّجريبي و نظّر له في كتاب بهذا الإسم. وبالتّوازي مع حركة التّجديد في الشعر و القصّة برز مُجدّدون في الفنون التّشكيلية والمسرح والسينما والموسيقى والنّقد انخرطوا في حركة الطّليعة التي كانت متناغمة مع مثيلاتها في المشرق العربي (مجلّة شعر نموذجا) وفي الغرب ولا سيما فرنسا بداية من ستينيّات القرن العشرينكان لدور الثقافة ولا سيما دار ابن خلدون نشاط منقطع النّظير ساهم فيه نادي الشعر الذي أشرفتُ عليه ومجلّة ثقافة بإشراف سمير العيّادي وقد استقطب هذا النشاط جمهورا من الشباب المتعطّش إلى التّجديد و المتمرّد على القوالب الجاهزة في شتّى مجالات الإبداع و توسّع هذا النشاط ليشمل وسائل الإعلام المرئية و المسموعة كما تجوّل الشعراء المجدّدون خارج العاصمة ولقوا حيثما حلّوا كلّ الإقبال.
وكان صدور ديواني الأول" المجزوم بلم" سنة 1970 حافزا للطاهر الهمّامي وفضيلة الشابي فأصدرا تباعا باكورتي أعمالهما و تتالت التجارب التجديدية المختلفة عن حركة في غير العمودي والحرّ مع بروز الرّاحل محمد الصّغيّر أولاد أحمد والمنصف المزغنّي وغيرهما كثير.
**بوصفك أحد مؤسسي حركة الطليعة الأدبية بتونس ماذا تحتفظ ذاكرتك من هذه التجربة؟
-كان لدور الثقافة ولا سيما دار ابن خلدون نشاط منقطع النّظير ساهم فيه نادي الشعر الذي أشرفتُ عليه ومجلّة ثقافة بإشراف سمير العيّادي و قد استقطب هذا النشاط جمهورا من الشباب المتعطّش إلى التّجديد والمتمرّد على القوالب الجاهزة في شتّى مجالات الإبداع و توسّع هذا النشاط ليشمل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كما تجوّل الشعراء المجدّدون خارج العاصمة و لقوا حيثما حلّوا كلّ الإقبال . وكان صدور ديواني الأول" المجزوم بلم" سنة 1970 حافزا للطاهر الهمّامي وفضيلة الشابي فأصدرا تباعا باكورتي أعمالهما وتتالت التجارب التجديدية المختلفة عن حركة في غير العمودي والحرّ مع بروز الرّاحل محمد الصّغيّر أولاد أحمد والمنصف المزغنّي وغيرهما كثير.
**قال الناقد الراحل محمد صالح بن عمر "ان هدف حركة الطليعة كان " انشاء ادب تونسي لا شرقي ولا غربي " فهل تراها كسبت هذا الرهان من وجهة نظرك؟
-كان الراحل محمد صالح بن عمر – وهو لازال طالبا بالجامعة التونسية-من الأوائل الذين اهتموا بحركة الطليعة ودافع عنها في مقالات نشرها في الصحف والمجلات الثقافية
وكان الراحل يعتبر في هذه المقالات ان الحبيب الزناد والطاهر الهمامي على وجه الخصوص متجذران في تربتهما التونسية ولاسيما في توظيفهما اللغة الدارجة توظيفا لم نجده الا في كتابات البشير خريف وعلىالدو عاجي ثم انهما لم يتأثرا كثيرا او بصفة فيها نوع من التماهي مع مايأتي من المشرق العربي رغم اطلاعهما على الحركات الشعرية الجديدة في الشعر الحر وروادها من أمثال السياب ونزار قباني والبياتي وعبد الصبور وما تنشره مجلة "شعر" من قصائد النثر لشعراء بارزين.
وكان الحبيب الزناد من المعجبين بشكل كبير بالشاعر الفرنسي "جاك بريفار" أكثر من تأثره بشعراء اخرين لسبب بسيطان " جاك بريفار" له من روح التجديد والاضافة ما يستهوي الشباب ومثل هذا الامر ينطبق على الراحل صالح القرمادي.
**يرى بعض النقاد ان حركة الطليعة انتجت ابداعا قصصيا ومسرحيا جيدا وفي المقابل فإنها لم تقدم الشعر الذي يرتقي الى مستوى الجودة والريادة في المدونة التونسية ماهي قراءتك لهذا الموقف؟
-لا أوافق على هذا الطرح باعتبار ان حركة الطليعة كانت سباقة في القصة وكان هناك تناغم كبير بين الشعراء الطليعيين والقصاصين المجددين على غرار الكاتب عزالدين المدني والراحل سمير العيادي.
وقد اختار الناقد والاديب الكبير توفيق بكار ديوان الحبيب الزناد " المجزوم بلم" لدراسته وتقديمه كما كان صاحب مقدمة ديوان " الحصار " للراحل الطاهر الهمامي
**حركة الطليعة لم تعمر سوى 4 سنوات فهل يعني انها كانت تحمل بوادر فشلها منذ لحظة التأسيس الأولى؟
-غير صحيح فحركة الطليعة مازالت قائمة الذات الى الان في المشهد الشعري اليوم
**ماهي عناصر البقاء الى اليوم لهذه الحركة؟
-تكفي الإشارة هنا ان الحبيب الزناد الذي توقف عن نشر دواوينه الشعرية منذ1989 يتوفر اليوم في مكتبه على اضعاف ما نشره سابقا في ديوانيه " المجزوم بلم " و"كيمياء الألوان" ثم ان الحركة اثرت في الحركة الشعرية في تونس من خلال تنوع التجارب من ذلك حركة " نص"التي استلهمت مشروعها من حركة الطليعة واشير هنا ان الراحل محمد الصغير أولاد احمدا شار سابقا ان ديوان " المجزوم بلم" هو دستوره الشعري وأيضا قصيدة النثر تأثرت بالحركة وفد وجدت اقبالا من الطلبة والشباب على الشعر الجديد الذي خرج عن دراية ووعي واقتناع عنالبحور الشعرية المعروفة وهذا لا يعني ان الحبيب الزناد والطاهر الهمامي لا يملكان فصائد موزونة بل اجزم ان هذا الثنائي من افضل العارفين والمتقنين للعروض الشعرية
والخلاصة التي اروم التوقف عندها في هذا الشأن ان الشعراء الذين برزوا بشكل لافت على الساحة الشعرية التونسية اليوم هم امتداد لحركة الطليعة من أمثال الراحل محمد الغزي ويوسف رزوقة والمنصف الوهايبي وادم فتحي وغيرهم كثير ويظهر ذلك جليا في غزارة كتاباتهم
**" الهايكو " تجربة شعرية برز فيها بشكل لافت المبدع سالم اللبان ...كيف هي علاقتها بها اليوم؟
-سالم اللبان شخصية مبدعة متعددة المواهب وهو من المؤسسين لقصيدة " الهايكو" التي انطلقت بها ب" المجزوم بلم" وعمل سالم اللبان على تأسيس جمعية " الهايكو"وله اليوم 10 مجاميع منها 3 من " الهايك" جاء الى المنستير وقد جمعتنا جمعية " الهايكو" التي قدمت أنشطة ثقافية متنوعة احدث حراكا هاما واضفت حيوية كبيرة على الساحة الثقافية والفكرية في المنستير وهو أيضا مؤسس ومدير فرقة مسرحية بالجهة ومن المؤسف انه لم يأخذ حظه وكانت لي معه تجربة طريفة من خلال كتابة ونشر قصائد على اوزان مخصوصة على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال قصيد الراحل محمد الغزي "وعرضتها فعارضها سالم اللبان أيضا
كانت لهذه التجربة اثر في تحريك الساحة كما كانت لنا تجربة " التراشق" بين الشعراء واليوم تراني أعيش الألم والحزن يعتصرني وانا اتابع بألم ما يعيشه قطاع غزة من دمار
**المجزوم بلم " أشهر ديوان شعري لك هل تراه اليوم وبعد أكثر من ثلاثين سنة قادرا على تمثل ما نعيشه اليوم؟
-نعم ديوان " المجزوم بلم " هو الحاضر وقد كتب في شانه الجامعي الكبير حمادي صمود في مقال له نشر في معجم البابطين " ديوان " المجزوم بلم" محطة" دون ان أنسي الدكتور احمد الحيزم أضف الى ذلك الدراسات الجامعية والنقدية والتحليلية العديدة التي تناولت هذا الديوان بالتحليل والقراءة
**هل مازال الحنين يهزك الى حركة الطليعة في زمن مضى؟
-كتبت ونشرت ديواني " المجزوم بلم " ولم أتجاوز من العمر سوى بعض السنوات بعد العشرين والحنين يهزني الى تلك الفترة ناهيك ان كل اشعاري التي كتبتها والمتمردة على الاوزان اتسمت بالتلقائية والتجاوب مع الدنيا ومشاغل الحياة في اللغة وكانت المضامين حارقة اكثر بكثير مما نقراه اليوم ومن هذا المنطلق أؤكد مرة أخرى ان الشعر المتمرد على الاوزان يمثلني وهو يمكنني من التجريب في اللغة ويقطع مع الاقتباس والعودة الى التراث
لقد قام جيلنا بثورة على مستوى الوزن والموسيقى واللغة التي حملت في طياتها إضافة وتلقائية بمضامين تتناول المعيش اليومي والفقر والخصاصة والاحتياج واليوم نرى ان الشعراء اتجهوا الى الترميز والابحار في عوالم أخرى لاعلاقة لها بواقعنا وهو توجه يزعجني
وافخر اليوم ان حركة الطليعة لم تكن جمعية اونادي ادبي بل كانت أسلوب كتابة وتعبير فكل شاعر او كاتب قصصي له شخصيته واسلوبه في التعبير وحرص كبير على الإضافة في كل نص يبتكره ومثل هذا الامر نجده مفقودا بالشكل الكبير عند اغلب شعراء اليوم
= الشاعر محمد الحبيب الزناد قليل الظهور اليوم في المنابر الشعرية هل هذا اختيار منك؟
-هو اختيار مني قلة الظهور في الملتقيات والمهرجانات الشعرية على اعتبار انني ارفض بشدة طرق الأبواب للحضور فالحبيب الزناد لم يكن يوما ما من طالبي الدعوات للحضور
يكفيني شرف انني كنت من مؤسسي الصالون الادبي " الهادي نعمان " بالمنستير الذي يتوفر اليوم على نشاط ابداعي راقي بإدارة الشاعر الحبيب المرموش وسبق لي ان تراست وادرت في فترة مضت نادي الشعر بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون
**تتابع دون شك الحراك الادبي في تونس اليوم .. الى أي مدي يمكن القول اننا نعيش حراكا متطورا متجددا؟
**ماهي قراءتك للشعر المنشور اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي فهل يشي ذلك بميلاد جيل شعري جديد يقطع مع الكتاب الورقي؟
-اتابع ما ينشر من اشعار على وسائل التواصل الاجتماعي ولا اخفي سرا اذا قلت ان هناك شعراء يتوفرون على محاولات فيها بحث وتجديد ومتطورة تفرض الاحترام والطريف ان هؤلاء الشعراء الذين اكتشفتهم وشدتني اشعارهم على وسائل التواصل الاجتماعي لم التقهم ولو مرة بل علاقتي بهم كانت على مستوى ما ينشروه من اشعار على وسائل التواصل الاجتماعي انا معجب بكتابات فوزية العلوي وجهاد المثناني والمكي الهمامي وعبدالرزاق الميساوي وعبد العزيز الهمامي وحسين الجبيلي
**تتابع دون شك الحراك الادبي في تونس اليوم .. الى أي مدي يمكن القول اننا نعيش حراكا متطورا متجددا؟
-المشكل الكبير اننا نعيش كما كبيرا من الشعراء على حساب المتابعة والقراءة والنشر والمواكبة
لقد تغير المشهد الثقافي والادبي في تونس حيث قل الاقبال على الكتاب الشعري الورقي في ظل غياب واضح وجلي للبرامج الاذاعية والتلفزيونية التي تواكب هذا الكم الكبير من الشعر والسرد بالتعريف والتحليل والتقويم مقارنة بالفضاءات الإعلامية العربية الأخرى
كانت إذاعة المنستير سباقة من خلال الراحل محمد البدوي الذي كان وراء بروز الكثير من الكتاب والشعراء حيث كان له برنامج إذاعي اسبوعي يواكب ويقدم كل الإصدارات ويستضيف أصحابها للتعريف بهم وحتى أيام قرطاج الشعرية التي أشرفت على دورتيها الشاعرة المحترمة جميلة الماجري وفتحت المجال من خلالها لكل التجارب والمدارس الشعرية دون اقصاء سرعان ما تم الغاؤها بقرار لم افهم كنهه الى الان ثم هذا الغياب للصحف المختصة في الشأن الادبي بمختلف تفرعاته الا ما ندر زد على المحاباة في توجيه الدعوات للمهرجانات الشعرية زد على ذلك الحضور الباهت للجمهور في درو الثقافة للاستماع للشعر وارتفاع أسعار النشر والترويج كلها عوامل اثرت سلبا على حضور الشعر في المشهد الادبي التونسي وتراني اليوم أقول ان " تونس اليوم بلاد المليون شاعر ...دون جمهور مواكب بشغف لذلك"
**كيف تبدو لك علاقة النقد بالشعر في المشهد الادبي التونسي اليوم؟
-لا أخفى سرا اذا قلت ان حركة النقد في تونس اليوم تقتصر على بعض المحاولات لأساتذة جامعيين اهتموا بالكتابات الشعرية والسردية في تونس
**حدثني عن المنستير؟
-المنستير هي المتنفس ...هي البحر والحب والجمال والطيبة ..هي ارض المنشاة والصبا والشباب ...هي ملهمتي الأولى في الشعر
**اترك لك حرية اختتام هذا اللقاء معك ؟
-اهدي القراء هذا القصيد من ديواني " المجزوم بلم"
وعنوانه " حزن"
في المساء
يحزن العصفور
يملا الفضاء زقزقة
يحزن الضفدع المقهور
يملا المياه نقنقة
يحزن الانسان ذو التدبير
يبحث عن مشنقة
محمد الحبيب الزناد في سطور:
محمد الحبيب الزناد من مواليد 1946 بمدينة المنستير في أسرة علم متعدّدة الأفراد و كان والده المرحوم عبدالله الزنّاد(1903 / 1992) من أوائل المعلّمين إلى جانب نظمه للشعر و اهتمامه بالتاريخ و التّراجم و قد صدر له كتاب (المنستير عبر العصور) زاول شاعرنا تعليمه الابتدائي و جزءا من تعليمه الثانوي بمسقط رأسه قبل أن ينتقل إلى تونس العاصمة حيث تحصّل على الباكالوريا آداب في معهد إبن شرف و على الإجازة في العربيّة من كليّة الآداب و العلوم الإنسانية 9 أفريل. اشتغل قبل تخرّجه بالصحافة (جريدة العمل و وكالة تونس أفريقيا للأنباء) و في عام 1972 باشر مهنة التعليم داخل البلاد و خارجها إلى سنة 2007 و لكنّ خنينه إلى العمل بالصحافة عاوده سنة 1985 حيث كان متعاونا خارجيّا بإذاعة المنستير إلى سنة 2000. صدر ديوانه الأول عام 1970 ( المجزوم بلم) عن دار الثقافة إبن خلدون بإشراف الأديب الرّاحل سمير العيّادي و نال به جائزة النقّاد الشّبان و صدر ديوانه الثاني (كيمياء الألوان) سنة 1989 عن الدّار التونسية للنشر ضمن سلسة إبداع التي كان يشرف عليها الأستاذ الرّاخل توفيق بكّار و نال به جائزة وزارة الثقافة. وهو الآن يستعدّ لنشر أعماله الكاملة. حَظيت تجربة الزَّنَّاد باهتمام الجامعيين من خلال بحوث و أطروحات و تُرجمت بعض قصائده إلى الفرنسية و اعتبره الأستاذان صالح القرمادي و توفيق بكّار "قائد حركة الطّليعة الشعرية في تونس" في كتاب مشترك بالفرنسية بعنوان (كتّاب من تونس) أصدراه بباريس عن دار سندباد
حوار: محسن بن احمد
تونس- الصباح
وصفه الناقد الادبي الخالد توفيق بكار بـ " قائد حركة الطليعة الشعرية في تونس ".. مبدع هادئ قليل الكلام ينشط بشكل الفت على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال اشعار وتدوينات نابعة من الواقع معبرة عنه
محمد الحبيب الزناد الشاعر المؤسس لحركة الطليعة الشعرية في تونس الى جانب الراحل الطاهر الهمامي مازال على العهد مع هذه الحركة التي يراها أسلوب كتابة وتعبير وتمرد على المتعارف عليه لأجل نص ابداعي يكشف الواقع ويقدمه بكل صفاء وعمق دون قيد مهما كان..
**كيف جئت الى الشعر؟
-كتبتُ الشّعر في سنّ مبكّرة تأثّرا بما كنت أطّلع عليه من قصائد الوالد وما يُنشر في الصّحف والمجلات التي تتوفّر في بيتنا علاوة على دروس مادّة العربية في التعليم الثانوي التي كنت متفوقا فيها. و لكنّ انطلاقتي الحقيقية كانت سنة 1967 في الجامعة حيث كانت قصائدي الأولى تلقى صدى لدى الطّلبة و في نفس السّنة نشرت لي جريدة الشّعب قصيدة (الشيّات الصّغير) التي أسالت الحبر بين مستحسن و مستهجن لخروجها على ناموس الشعر العربي في شكلها و مضمونها ممّا حفّزني على المضيّ قُدُما على درب التجديد و التّجريب بما نشرته من قصائد في الملحق الثقافي لجريدة العمل و خاصة في مجلّة الفكر التي نشرت كذلك قصائد مجدّدة للمرحوم الطاهر الهمّامي و فضيلة الشابي رغم معارضة بعض الشعراء من أسرة التّحرير و لا سيما الرّاحليّن جعفر ماجد و نورالدين صمُود اللذين اقترحا أن تنشر قصائدنا تحت ما سمّياه (في غير العمودي و الحرّ) و قد تكفّل الطاهر الهمّامي بكتابة بيانات تؤسّس لهذا التّيار وتدافع عنه. وكان لنصوص الرّاحليّن محمّد المصمولي (قصائد مضادّة) ومحمود التونسي المنشورة في مجلّة الفكر تشابه مع تجربة في غير العمودي والحرّ علاوة ما نشره فيها عزّالدّين المدني و سمير العيّادي من قصص مجدّدة لا تشبه السّائد فيما سمّاه المدني بالأدب التّجريبي و نظّر له في كتاب بهذا الإسم. وبالتّوازي مع حركة التّجديد في الشعر و القصّة برز مُجدّدون في الفنون التّشكيلية والمسرح والسينما والموسيقى والنّقد انخرطوا في حركة الطّليعة التي كانت متناغمة مع مثيلاتها في المشرق العربي (مجلّة شعر نموذجا) وفي الغرب ولا سيما فرنسا بداية من ستينيّات القرن العشرينكان لدور الثقافة ولا سيما دار ابن خلدون نشاط منقطع النّظير ساهم فيه نادي الشعر الذي أشرفتُ عليه ومجلّة ثقافة بإشراف سمير العيّادي وقد استقطب هذا النشاط جمهورا من الشباب المتعطّش إلى التّجديد و المتمرّد على القوالب الجاهزة في شتّى مجالات الإبداع و توسّع هذا النشاط ليشمل وسائل الإعلام المرئية و المسموعة كما تجوّل الشعراء المجدّدون خارج العاصمة ولقوا حيثما حلّوا كلّ الإقبال.
وكان صدور ديواني الأول" المجزوم بلم" سنة 1970 حافزا للطاهر الهمّامي وفضيلة الشابي فأصدرا تباعا باكورتي أعمالهما و تتالت التجارب التجديدية المختلفة عن حركة في غير العمودي والحرّ مع بروز الرّاحل محمد الصّغيّر أولاد أحمد والمنصف المزغنّي وغيرهما كثير.
**بوصفك أحد مؤسسي حركة الطليعة الأدبية بتونس ماذا تحتفظ ذاكرتك من هذه التجربة؟
-كان لدور الثقافة ولا سيما دار ابن خلدون نشاط منقطع النّظير ساهم فيه نادي الشعر الذي أشرفتُ عليه ومجلّة ثقافة بإشراف سمير العيّادي و قد استقطب هذا النشاط جمهورا من الشباب المتعطّش إلى التّجديد والمتمرّد على القوالب الجاهزة في شتّى مجالات الإبداع و توسّع هذا النشاط ليشمل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كما تجوّل الشعراء المجدّدون خارج العاصمة و لقوا حيثما حلّوا كلّ الإقبال . وكان صدور ديواني الأول" المجزوم بلم" سنة 1970 حافزا للطاهر الهمّامي وفضيلة الشابي فأصدرا تباعا باكورتي أعمالهما وتتالت التجارب التجديدية المختلفة عن حركة في غير العمودي والحرّ مع بروز الرّاحل محمد الصّغيّر أولاد أحمد والمنصف المزغنّي وغيرهما كثير.
**قال الناقد الراحل محمد صالح بن عمر "ان هدف حركة الطليعة كان " انشاء ادب تونسي لا شرقي ولا غربي " فهل تراها كسبت هذا الرهان من وجهة نظرك؟
-كان الراحل محمد صالح بن عمر – وهو لازال طالبا بالجامعة التونسية-من الأوائل الذين اهتموا بحركة الطليعة ودافع عنها في مقالات نشرها في الصحف والمجلات الثقافية
وكان الراحل يعتبر في هذه المقالات ان الحبيب الزناد والطاهر الهمامي على وجه الخصوص متجذران في تربتهما التونسية ولاسيما في توظيفهما اللغة الدارجة توظيفا لم نجده الا في كتابات البشير خريف وعلىالدو عاجي ثم انهما لم يتأثرا كثيرا او بصفة فيها نوع من التماهي مع مايأتي من المشرق العربي رغم اطلاعهما على الحركات الشعرية الجديدة في الشعر الحر وروادها من أمثال السياب ونزار قباني والبياتي وعبد الصبور وما تنشره مجلة "شعر" من قصائد النثر لشعراء بارزين.
وكان الحبيب الزناد من المعجبين بشكل كبير بالشاعر الفرنسي "جاك بريفار" أكثر من تأثره بشعراء اخرين لسبب بسيطان " جاك بريفار" له من روح التجديد والاضافة ما يستهوي الشباب ومثل هذا الامر ينطبق على الراحل صالح القرمادي.
**يرى بعض النقاد ان حركة الطليعة انتجت ابداعا قصصيا ومسرحيا جيدا وفي المقابل فإنها لم تقدم الشعر الذي يرتقي الى مستوى الجودة والريادة في المدونة التونسية ماهي قراءتك لهذا الموقف؟
-لا أوافق على هذا الطرح باعتبار ان حركة الطليعة كانت سباقة في القصة وكان هناك تناغم كبير بين الشعراء الطليعيين والقصاصين المجددين على غرار الكاتب عزالدين المدني والراحل سمير العيادي.
وقد اختار الناقد والاديب الكبير توفيق بكار ديوان الحبيب الزناد " المجزوم بلم" لدراسته وتقديمه كما كان صاحب مقدمة ديوان " الحصار " للراحل الطاهر الهمامي
**حركة الطليعة لم تعمر سوى 4 سنوات فهل يعني انها كانت تحمل بوادر فشلها منذ لحظة التأسيس الأولى؟
-غير صحيح فحركة الطليعة مازالت قائمة الذات الى الان في المشهد الشعري اليوم
**ماهي عناصر البقاء الى اليوم لهذه الحركة؟
-تكفي الإشارة هنا ان الحبيب الزناد الذي توقف عن نشر دواوينه الشعرية منذ1989 يتوفر اليوم في مكتبه على اضعاف ما نشره سابقا في ديوانيه " المجزوم بلم " و"كيمياء الألوان" ثم ان الحركة اثرت في الحركة الشعرية في تونس من خلال تنوع التجارب من ذلك حركة " نص"التي استلهمت مشروعها من حركة الطليعة واشير هنا ان الراحل محمد الصغير أولاد احمدا شار سابقا ان ديوان " المجزوم بلم" هو دستوره الشعري وأيضا قصيدة النثر تأثرت بالحركة وفد وجدت اقبالا من الطلبة والشباب على الشعر الجديد الذي خرج عن دراية ووعي واقتناع عنالبحور الشعرية المعروفة وهذا لا يعني ان الحبيب الزناد والطاهر الهمامي لا يملكان فصائد موزونة بل اجزم ان هذا الثنائي من افضل العارفين والمتقنين للعروض الشعرية
والخلاصة التي اروم التوقف عندها في هذا الشأن ان الشعراء الذين برزوا بشكل لافت على الساحة الشعرية التونسية اليوم هم امتداد لحركة الطليعة من أمثال الراحل محمد الغزي ويوسف رزوقة والمنصف الوهايبي وادم فتحي وغيرهم كثير ويظهر ذلك جليا في غزارة كتاباتهم
**" الهايكو " تجربة شعرية برز فيها بشكل لافت المبدع سالم اللبان ...كيف هي علاقتها بها اليوم؟
-سالم اللبان شخصية مبدعة متعددة المواهب وهو من المؤسسين لقصيدة " الهايكو" التي انطلقت بها ب" المجزوم بلم" وعمل سالم اللبان على تأسيس جمعية " الهايكو"وله اليوم 10 مجاميع منها 3 من " الهايك" جاء الى المنستير وقد جمعتنا جمعية " الهايكو" التي قدمت أنشطة ثقافية متنوعة احدث حراكا هاما واضفت حيوية كبيرة على الساحة الثقافية والفكرية في المنستير وهو أيضا مؤسس ومدير فرقة مسرحية بالجهة ومن المؤسف انه لم يأخذ حظه وكانت لي معه تجربة طريفة من خلال كتابة ونشر قصائد على اوزان مخصوصة على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال قصيد الراحل محمد الغزي "وعرضتها فعارضها سالم اللبان أيضا
كانت لهذه التجربة اثر في تحريك الساحة كما كانت لنا تجربة " التراشق" بين الشعراء واليوم تراني أعيش الألم والحزن يعتصرني وانا اتابع بألم ما يعيشه قطاع غزة من دمار
**المجزوم بلم " أشهر ديوان شعري لك هل تراه اليوم وبعد أكثر من ثلاثين سنة قادرا على تمثل ما نعيشه اليوم؟
-نعم ديوان " المجزوم بلم " هو الحاضر وقد كتب في شانه الجامعي الكبير حمادي صمود في مقال له نشر في معجم البابطين " ديوان " المجزوم بلم" محطة" دون ان أنسي الدكتور احمد الحيزم أضف الى ذلك الدراسات الجامعية والنقدية والتحليلية العديدة التي تناولت هذا الديوان بالتحليل والقراءة
**هل مازال الحنين يهزك الى حركة الطليعة في زمن مضى؟
-كتبت ونشرت ديواني " المجزوم بلم " ولم أتجاوز من العمر سوى بعض السنوات بعد العشرين والحنين يهزني الى تلك الفترة ناهيك ان كل اشعاري التي كتبتها والمتمردة على الاوزان اتسمت بالتلقائية والتجاوب مع الدنيا ومشاغل الحياة في اللغة وكانت المضامين حارقة اكثر بكثير مما نقراه اليوم ومن هذا المنطلق أؤكد مرة أخرى ان الشعر المتمرد على الاوزان يمثلني وهو يمكنني من التجريب في اللغة ويقطع مع الاقتباس والعودة الى التراث
لقد قام جيلنا بثورة على مستوى الوزن والموسيقى واللغة التي حملت في طياتها إضافة وتلقائية بمضامين تتناول المعيش اليومي والفقر والخصاصة والاحتياج واليوم نرى ان الشعراء اتجهوا الى الترميز والابحار في عوالم أخرى لاعلاقة لها بواقعنا وهو توجه يزعجني
وافخر اليوم ان حركة الطليعة لم تكن جمعية اونادي ادبي بل كانت أسلوب كتابة وتعبير فكل شاعر او كاتب قصصي له شخصيته واسلوبه في التعبير وحرص كبير على الإضافة في كل نص يبتكره ومثل هذا الامر نجده مفقودا بالشكل الكبير عند اغلب شعراء اليوم
= الشاعر محمد الحبيب الزناد قليل الظهور اليوم في المنابر الشعرية هل هذا اختيار منك؟
-هو اختيار مني قلة الظهور في الملتقيات والمهرجانات الشعرية على اعتبار انني ارفض بشدة طرق الأبواب للحضور فالحبيب الزناد لم يكن يوما ما من طالبي الدعوات للحضور
يكفيني شرف انني كنت من مؤسسي الصالون الادبي " الهادي نعمان " بالمنستير الذي يتوفر اليوم على نشاط ابداعي راقي بإدارة الشاعر الحبيب المرموش وسبق لي ان تراست وادرت في فترة مضت نادي الشعر بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون
**تتابع دون شك الحراك الادبي في تونس اليوم .. الى أي مدي يمكن القول اننا نعيش حراكا متطورا متجددا؟
**ماهي قراءتك للشعر المنشور اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي فهل يشي ذلك بميلاد جيل شعري جديد يقطع مع الكتاب الورقي؟
-اتابع ما ينشر من اشعار على وسائل التواصل الاجتماعي ولا اخفي سرا اذا قلت ان هناك شعراء يتوفرون على محاولات فيها بحث وتجديد ومتطورة تفرض الاحترام والطريف ان هؤلاء الشعراء الذين اكتشفتهم وشدتني اشعارهم على وسائل التواصل الاجتماعي لم التقهم ولو مرة بل علاقتي بهم كانت على مستوى ما ينشروه من اشعار على وسائل التواصل الاجتماعي انا معجب بكتابات فوزية العلوي وجهاد المثناني والمكي الهمامي وعبدالرزاق الميساوي وعبد العزيز الهمامي وحسين الجبيلي
**تتابع دون شك الحراك الادبي في تونس اليوم .. الى أي مدي يمكن القول اننا نعيش حراكا متطورا متجددا؟
-المشكل الكبير اننا نعيش كما كبيرا من الشعراء على حساب المتابعة والقراءة والنشر والمواكبة
لقد تغير المشهد الثقافي والادبي في تونس حيث قل الاقبال على الكتاب الشعري الورقي في ظل غياب واضح وجلي للبرامج الاذاعية والتلفزيونية التي تواكب هذا الكم الكبير من الشعر والسرد بالتعريف والتحليل والتقويم مقارنة بالفضاءات الإعلامية العربية الأخرى
كانت إذاعة المنستير سباقة من خلال الراحل محمد البدوي الذي كان وراء بروز الكثير من الكتاب والشعراء حيث كان له برنامج إذاعي اسبوعي يواكب ويقدم كل الإصدارات ويستضيف أصحابها للتعريف بهم وحتى أيام قرطاج الشعرية التي أشرفت على دورتيها الشاعرة المحترمة جميلة الماجري وفتحت المجال من خلالها لكل التجارب والمدارس الشعرية دون اقصاء سرعان ما تم الغاؤها بقرار لم افهم كنهه الى الان ثم هذا الغياب للصحف المختصة في الشأن الادبي بمختلف تفرعاته الا ما ندر زد على المحاباة في توجيه الدعوات للمهرجانات الشعرية زد على ذلك الحضور الباهت للجمهور في درو الثقافة للاستماع للشعر وارتفاع أسعار النشر والترويج كلها عوامل اثرت سلبا على حضور الشعر في المشهد الادبي التونسي وتراني اليوم أقول ان " تونس اليوم بلاد المليون شاعر ...دون جمهور مواكب بشغف لذلك"
**كيف تبدو لك علاقة النقد بالشعر في المشهد الادبي التونسي اليوم؟
-لا أخفى سرا اذا قلت ان حركة النقد في تونس اليوم تقتصر على بعض المحاولات لأساتذة جامعيين اهتموا بالكتابات الشعرية والسردية في تونس
**حدثني عن المنستير؟
-المنستير هي المتنفس ...هي البحر والحب والجمال والطيبة ..هي ارض المنشاة والصبا والشباب ...هي ملهمتي الأولى في الشعر
**اترك لك حرية اختتام هذا اللقاء معك ؟
-اهدي القراء هذا القصيد من ديواني " المجزوم بلم"
وعنوانه " حزن"
في المساء
يحزن العصفور
يملا الفضاء زقزقة
يحزن الضفدع المقهور
يملا المياه نقنقة
يحزن الانسان ذو التدبير
يبحث عن مشنقة
محمد الحبيب الزناد في سطور:
محمد الحبيب الزناد من مواليد 1946 بمدينة المنستير في أسرة علم متعدّدة الأفراد و كان والده المرحوم عبدالله الزنّاد(1903 / 1992) من أوائل المعلّمين إلى جانب نظمه للشعر و اهتمامه بالتاريخ و التّراجم و قد صدر له كتاب (المنستير عبر العصور) زاول شاعرنا تعليمه الابتدائي و جزءا من تعليمه الثانوي بمسقط رأسه قبل أن ينتقل إلى تونس العاصمة حيث تحصّل على الباكالوريا آداب في معهد إبن شرف و على الإجازة في العربيّة من كليّة الآداب و العلوم الإنسانية 9 أفريل. اشتغل قبل تخرّجه بالصحافة (جريدة العمل و وكالة تونس أفريقيا للأنباء) و في عام 1972 باشر مهنة التعليم داخل البلاد و خارجها إلى سنة 2007 و لكنّ خنينه إلى العمل بالصحافة عاوده سنة 1985 حيث كان متعاونا خارجيّا بإذاعة المنستير إلى سنة 2000. صدر ديوانه الأول عام 1970 ( المجزوم بلم) عن دار الثقافة إبن خلدون بإشراف الأديب الرّاحل سمير العيّادي و نال به جائزة النقّاد الشّبان و صدر ديوانه الثاني (كيمياء الألوان) سنة 1989 عن الدّار التونسية للنشر ضمن سلسة إبداع التي كان يشرف عليها الأستاذ الرّاخل توفيق بكّار و نال به جائزة وزارة الثقافة. وهو الآن يستعدّ لنشر أعماله الكاملة. حَظيت تجربة الزَّنَّاد باهتمام الجامعيين من خلال بحوث و أطروحات و تُرجمت بعض قصائده إلى الفرنسية و اعتبره الأستاذان صالح القرمادي و توفيق بكّار "قائد حركة الطّليعة الشعرية في تونس" في كتاب مشترك بالفرنسية بعنوان (كتّاب من تونس) أصدراه بباريس عن دار سندباد