إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تراجع الموارد الجبائية بأكثر من ألف مليون دينار.... حسابات الدولة في تحصيل موارد جديدة ضعيفة والحل في التعاون الثنائي

 

  • الدولة تواصل التعويل على الجباية والعبء الضريبي الأعلى إفريقيا بما يفوق 25٪

تونس-الصباح

لم تكن حسابات الدولة في تعبئة الموارد المالية لخزينتها العمومية بالصحيحة، حيث لم يقتصر الأمر على مصادر التمويل وصعوبة تحصيل القروض من الخارج بالعملة الصعبة، بل أن الفرضيات المغلوطة التي انبتت عليها قوانين المالية للسنوات الأخيرة هي ابرز الأسباب المباشرة...

فبالوقوف عند توقعات الدولة في ما يتعلق بتعبئة موارد جبائية تفوق 47 ألف مليون دينار لم تتحقق بل عرفت مع موفى سنة 2023، تراجعا بألف مليون دينار مقارنة بالحجم المالي الذي ضبطته الدولة في قانون المالية من نفس السنة، لتنهي السنة على قيمة منقوصة مقارنة بالقيمة التي ضبطتها من قبل والتي لا تتجاوز الـ  39 الف مليون دينار

ويأتي هذا التراجع خاصة بسبب تقلص الأداءات المباشرة بنحو 119 مليون دينار، وانخفاض الضريبة على الشركات البترولية بـ274 مليون دينار لتوقّع تراجع الإنتاج الوطني من النفط والغاز، كما ساهم تراجع الأداءات غير المباشرة، على المعاليم الديوانية وعلى القيمة المضافة والمعلوم على الاستهلاك والمعاليم الأخرى، بمبلغ 929 مليون دينار، كذلك، في تقلص المداخيل الجبائية للدولة موفى سنة 2023.

لكن المشكل ليس في الأسباب التي اتضح أنها منطقية في ظل تراجع الإنتاج وتباطؤ النمو الاقتصادي عموما، بل ان الامر يتعلق في كل مرة تضع فيها الدولة توقعاتها بعدم واقعيتها من خلال الفرضيات المغلوطة والتي تجبرها على ايجاد حلول ترقيعية تكون نتائجها خطيرة ونقصد هنا الالتجاء المفرط للاقتراض الداخلي.....

واليوم في القانون الجديد للمالية الذي أصبح منذ شهر جانفي المنقضي ساري المفعول، تؤكد الدولة على مواصلة سياساتها في الحسابات والتوقعات المتعلقة بالمؤشرات الاقتصادية السنوية، حتى ان وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة، أكدت في تصريحات إعلامية، أن قانون المالية لسنة 2024 تضمن جملة من الإجراءات المالية والجبائية التي تهدف إلى تحسين موارد الدولة...

توقعات ضعيفة وبعيدة عن الواقع

وفي الحقيقية فان الوزيرة تؤكد على مواصلة الدولة الترفيع في العبء الجبائي هذه السنة حتى لا تقع في فخ التوقعات المغلوطة من مداخيل الجباية او نسب النمو، واطلقت اجراءات جبائية جديدة خلال هذه السنة، معتبرة ان كل هذه الاجراءات تندرج في إطار مواصلة برنامج الإصلاحات الرّامي الى الاستعادة التّدريجية لتوازنات الماليّة العمومية دون إثقال كاهل الفاعلين الاقتصاديين بأعباء جبائية إضافية والعمل على استعادة ثقة المستثمرين من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية الشّاملة والمستدامة. حسب تعبيرها في آخر تصريح إعلامي لها...

بالمقال، اختلف العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي مع ما جاء في تصريحات الوزيرة، محذرين من تداعيات هذه الاجراءات التي تضمنها قانون المالية للسنة الحالية على المؤسسات الصغرى والمتوسطة ،والاستثمار، واثقال كاهل العديد من القطاعات بالضرائب، مؤكدين ان نسبة الضرائب في تونس ارتفعت الى 25.1٪ ، في حين ارتفعت الاقتطاعات العمومية الاجبارية الى نحو 35% ، وهي الاعلى في قارة افريقيا..

 ودعت هذه الاوساط في ذات السياق الى ضرورة العمل على تشجيع الاستثمارات خلال الفترة القليلة القادمة لتحقيق معدل نمو يتجاوز 2% ، في ظل معدلات نمو ضعيفة شهدتها سنة 2023، والتي لم تتجاوز 0.7% لكامل السنة، وفق تقديرات المعهد الوطني للاحصاء.

من ذلك افاد رئيس هيئة المحاسبين وليد بن صالح في تصريح لـ"الصباح"، بان قانون المالية لسنة 2024 ، تميز بارتفاع لافت في الضرائب ، ما يشل قدرة بعض القطاعات على الصمود، مشيرا الى ان الامر اللافت للانتباه في قانون المالية لسنة 2024 ، بلوغه نسبة مأوية مرتفعة ، حيث تجاوز المعدل 25.1٪، في ظل مؤشرات متدنية في النمو لا تتجاوز 0.7% كامل سنة 2023، بالاضافة الى الارتفاع اللافت في الاقتطاعات العمومية والتي بلغت نسبتها 35%. حسب تصريحه..

كما اتجه كاتب العام للغرفة التونسية الفرنسية للتجارة والصناعة محمد الوزير في نفس الاتجاه، حيث صرح ل"الصباح" ان قانون المالية الحالي يهدف لجمع 44 مليار دينار من الضرائب لسد عجز بأكثر من 10 مليار دينار، محذرا من ازمة ستعيشها المؤسسات التونسية والقطاع الخاص بشكل عام خلال السنة الجارية، وذلك على خلفية إثقال كاهل الشركات بالضرائب...

وأوضح الوزير خلال ندوة نظمتها الغرفة حول تأثيرات قانون المالية لسنة 2024 على المؤسسات التونسية أنه سيتم في السنة الحالية اثقال كاهل المستثمرين التونسيين جبائيا بسب الترفيع في المداخيل الجبائية في قانون المالية لسنة 2024.

وبين الوزير ان التوجه العام في تونس لفرض المزيد من الضرائب على المؤسسات الخاصة من شانه ان يتسبب في اغلاق بعض الشركات، خصوصا وان الضرائب المفروضة في قانون المالية لسنة 2024 ، تعد مرتفعة جدا، ولا تتماشى مع تحديات المرحلة التي تفرض التشجيع على الاستثمار والتقليل من الضرائب.

تداعيات وخيمة بسبب الترفيع في الضرائب

واجمع العديد من الاقتصاديين والمراقبين في الشان المالي ان تأثير هذه الإجراءات الضريبية الجديدة على الشركات وعلى الاقتصاد عموما على المدى الطويل سيتوقف على عدة عوامل، منها مدى نجاح الحكومة التونسية في تحقيق أهدافها الاقتصادية، مثل خفض معدلات البطالة وزيادة النمو الاقتصادي، ومدى قدرة الشركات التونسية على التكيف مع هذه الإجراءات الضريبية الجديدة.

ففي حالة عدم نجاح الحكومة التونسية في تحقيق أهدافها الاقتصادية، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات التونسية، مما سيؤدي إلى انخفاض أرباح الشركات التونسية وزيادة التكاليف. وفي هذه الحالة، فإن الإجراءات الضريبية الجديدة قد تؤثر بشكل كبير على القدرة التنافسية لهذه الشركات ولذلك، فإن الشركات التونسية بحاجة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتكيف مع هذه الإجراءات الضريبية الجديدة، وذلك من خلال تحسين الكفاءة الإنتاجية وخفض التكاليف، والبحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها وخدماتها ، والاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها تونس مع العديد من البلدان، وعلى الحكومة التونسية أن تدعم الشركات التونسية في هذه المرحلة، وذلك من خلال تقديم الحوافز المالية واللوجستية التي تساعدها على التكيف مع البيئة الضريبية الجديدة.

وفيما يتعلق بمدى قدرة هذه الإجراءات الضريبية الجديدة على مساعدة الشركات على الصمود، فإن اغلب خبراء الاقتصاد يحذرون من ان هذه الإجراءات قد تساهم في مرور العديد من الشركات التونسية في القطاع الخاص بأزمات مالية حادة تصل بها حد إعلان الإفلاس، خصوصا مع ارتفاع نسب الفائدة ، وغياب الدعم. المالي المباشر من الدولة.

كما ان هذه الإجراءات الضريبية الجديدة قد تؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على الشركات، خاصة الشركات الكبيرة والمتوسطة، وذلك بسبب ارتفاع معدلات الضريبة. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الأرباح وزيادة التكاليف، مما قد يؤثر على القدرة التنافسية لهذه الشركات.

 وبالعودة الى إجراءات قانون المالية لسنة 2024 الجبائية، فاهمها زيادة الإيرادات الضريبية لتمويل النفقات الحكومية، وتحسين العدالة الضريبية ، وتحفيز الاستثمار وخلق فرص العمل، كما تضمن بعض الإجراءات الضريبية الجديدة مثل رفع معدل الضريبة على الدخل للأشخاص الطبيعيين من 10% إلى 15%، وذلك للأشخاص الذين تتجاوز مداخيلهم السنوية 100 ألف دينار، وتوسيع نطاق الخضوع للضريبة على الشركات، وذلك لتشمل الشركات الناشئة وشركات الأشخاص، وزيادة معدل الضريبة على الشركات من 17% إلى 20%، وتخفيض معدل الضريبة على القيمة المضافة من 19% إلى 18% ، وإعفاء المواد الأولية والمواد الاستهلاكية المستخدمة في الإنتاج من الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الضريبة على الدخل لمدة 5 سنوات، وذلك في إطار برنامج دعم الاستثمار.

وتبقى الإجراءات الترقيعية التي تعول عليها الدولة في كل مرة تتقطع فيها سبل الحصول على تمويلات جديدة محل جدل بين الأوساط التونسية، باعتبار أن الحكومات المتعاقبة دأبت عليها دون أن تقف على تداعياتها الوخيمة، في حين انه من الضروري اليوم التفكير في دفع المصادر التقليدية من جهة والبحث عن مصادر تمويل جديدة لتجنب كل هذه التداعيات....

ولعل ابرز هذه المصادر هي التي تتطلب تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية لتحصيل قروض عبر التعاون المالي الثنائي والتي ضمنتها الدولة في جدول خاص في قانون المالية للسنة الحالية على غرار القوانين السابقة والتي  لم تنجح في تعبئتها، ونقصد هنا الموارد المتأتية من الهبات والودائع والقروض الثنائية التي من شانها تعزيز مداخيل الدولة دون الالتجاء المفرط للاقتراض الداخلي.

وفاء بن محمد

بعد تراجع الموارد الجبائية بأكثر من ألف مليون دينار....  حسابات الدولة في تحصيل موارد جديدة ضعيفة والحل في التعاون الثنائي

 

  • الدولة تواصل التعويل على الجباية والعبء الضريبي الأعلى إفريقيا بما يفوق 25٪

تونس-الصباح

لم تكن حسابات الدولة في تعبئة الموارد المالية لخزينتها العمومية بالصحيحة، حيث لم يقتصر الأمر على مصادر التمويل وصعوبة تحصيل القروض من الخارج بالعملة الصعبة، بل أن الفرضيات المغلوطة التي انبتت عليها قوانين المالية للسنوات الأخيرة هي ابرز الأسباب المباشرة...

فبالوقوف عند توقعات الدولة في ما يتعلق بتعبئة موارد جبائية تفوق 47 ألف مليون دينار لم تتحقق بل عرفت مع موفى سنة 2023، تراجعا بألف مليون دينار مقارنة بالحجم المالي الذي ضبطته الدولة في قانون المالية من نفس السنة، لتنهي السنة على قيمة منقوصة مقارنة بالقيمة التي ضبطتها من قبل والتي لا تتجاوز الـ  39 الف مليون دينار

ويأتي هذا التراجع خاصة بسبب تقلص الأداءات المباشرة بنحو 119 مليون دينار، وانخفاض الضريبة على الشركات البترولية بـ274 مليون دينار لتوقّع تراجع الإنتاج الوطني من النفط والغاز، كما ساهم تراجع الأداءات غير المباشرة، على المعاليم الديوانية وعلى القيمة المضافة والمعلوم على الاستهلاك والمعاليم الأخرى، بمبلغ 929 مليون دينار، كذلك، في تقلص المداخيل الجبائية للدولة موفى سنة 2023.

لكن المشكل ليس في الأسباب التي اتضح أنها منطقية في ظل تراجع الإنتاج وتباطؤ النمو الاقتصادي عموما، بل ان الامر يتعلق في كل مرة تضع فيها الدولة توقعاتها بعدم واقعيتها من خلال الفرضيات المغلوطة والتي تجبرها على ايجاد حلول ترقيعية تكون نتائجها خطيرة ونقصد هنا الالتجاء المفرط للاقتراض الداخلي.....

واليوم في القانون الجديد للمالية الذي أصبح منذ شهر جانفي المنقضي ساري المفعول، تؤكد الدولة على مواصلة سياساتها في الحسابات والتوقعات المتعلقة بالمؤشرات الاقتصادية السنوية، حتى ان وزيرة المالية سهام البوغديري نمصيّة، أكدت في تصريحات إعلامية، أن قانون المالية لسنة 2024 تضمن جملة من الإجراءات المالية والجبائية التي تهدف إلى تحسين موارد الدولة...

توقعات ضعيفة وبعيدة عن الواقع

وفي الحقيقية فان الوزيرة تؤكد على مواصلة الدولة الترفيع في العبء الجبائي هذه السنة حتى لا تقع في فخ التوقعات المغلوطة من مداخيل الجباية او نسب النمو، واطلقت اجراءات جبائية جديدة خلال هذه السنة، معتبرة ان كل هذه الاجراءات تندرج في إطار مواصلة برنامج الإصلاحات الرّامي الى الاستعادة التّدريجية لتوازنات الماليّة العمومية دون إثقال كاهل الفاعلين الاقتصاديين بأعباء جبائية إضافية والعمل على استعادة ثقة المستثمرين من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتحقيق التنمية الشّاملة والمستدامة. حسب تعبيرها في آخر تصريح إعلامي لها...

بالمقال، اختلف العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي مع ما جاء في تصريحات الوزيرة، محذرين من تداعيات هذه الاجراءات التي تضمنها قانون المالية للسنة الحالية على المؤسسات الصغرى والمتوسطة ،والاستثمار، واثقال كاهل العديد من القطاعات بالضرائب، مؤكدين ان نسبة الضرائب في تونس ارتفعت الى 25.1٪ ، في حين ارتفعت الاقتطاعات العمومية الاجبارية الى نحو 35% ، وهي الاعلى في قارة افريقيا..

 ودعت هذه الاوساط في ذات السياق الى ضرورة العمل على تشجيع الاستثمارات خلال الفترة القليلة القادمة لتحقيق معدل نمو يتجاوز 2% ، في ظل معدلات نمو ضعيفة شهدتها سنة 2023، والتي لم تتجاوز 0.7% لكامل السنة، وفق تقديرات المعهد الوطني للاحصاء.

من ذلك افاد رئيس هيئة المحاسبين وليد بن صالح في تصريح لـ"الصباح"، بان قانون المالية لسنة 2024 ، تميز بارتفاع لافت في الضرائب ، ما يشل قدرة بعض القطاعات على الصمود، مشيرا الى ان الامر اللافت للانتباه في قانون المالية لسنة 2024 ، بلوغه نسبة مأوية مرتفعة ، حيث تجاوز المعدل 25.1٪، في ظل مؤشرات متدنية في النمو لا تتجاوز 0.7% كامل سنة 2023، بالاضافة الى الارتفاع اللافت في الاقتطاعات العمومية والتي بلغت نسبتها 35%. حسب تصريحه..

كما اتجه كاتب العام للغرفة التونسية الفرنسية للتجارة والصناعة محمد الوزير في نفس الاتجاه، حيث صرح ل"الصباح" ان قانون المالية الحالي يهدف لجمع 44 مليار دينار من الضرائب لسد عجز بأكثر من 10 مليار دينار، محذرا من ازمة ستعيشها المؤسسات التونسية والقطاع الخاص بشكل عام خلال السنة الجارية، وذلك على خلفية إثقال كاهل الشركات بالضرائب...

وأوضح الوزير خلال ندوة نظمتها الغرفة حول تأثيرات قانون المالية لسنة 2024 على المؤسسات التونسية أنه سيتم في السنة الحالية اثقال كاهل المستثمرين التونسيين جبائيا بسب الترفيع في المداخيل الجبائية في قانون المالية لسنة 2024.

وبين الوزير ان التوجه العام في تونس لفرض المزيد من الضرائب على المؤسسات الخاصة من شانه ان يتسبب في اغلاق بعض الشركات، خصوصا وان الضرائب المفروضة في قانون المالية لسنة 2024 ، تعد مرتفعة جدا، ولا تتماشى مع تحديات المرحلة التي تفرض التشجيع على الاستثمار والتقليل من الضرائب.

تداعيات وخيمة بسبب الترفيع في الضرائب

واجمع العديد من الاقتصاديين والمراقبين في الشان المالي ان تأثير هذه الإجراءات الضريبية الجديدة على الشركات وعلى الاقتصاد عموما على المدى الطويل سيتوقف على عدة عوامل، منها مدى نجاح الحكومة التونسية في تحقيق أهدافها الاقتصادية، مثل خفض معدلات البطالة وزيادة النمو الاقتصادي، ومدى قدرة الشركات التونسية على التكيف مع هذه الإجراءات الضريبية الجديدة.

ففي حالة عدم نجاح الحكومة التونسية في تحقيق أهدافها الاقتصادية، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتجات والخدمات التونسية، مما سيؤدي إلى انخفاض أرباح الشركات التونسية وزيادة التكاليف. وفي هذه الحالة، فإن الإجراءات الضريبية الجديدة قد تؤثر بشكل كبير على القدرة التنافسية لهذه الشركات ولذلك، فإن الشركات التونسية بحاجة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتكيف مع هذه الإجراءات الضريبية الجديدة، وذلك من خلال تحسين الكفاءة الإنتاجية وخفض التكاليف، والبحث عن أسواق جديدة لمنتجاتها وخدماتها ، والاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها تونس مع العديد من البلدان، وعلى الحكومة التونسية أن تدعم الشركات التونسية في هذه المرحلة، وذلك من خلال تقديم الحوافز المالية واللوجستية التي تساعدها على التكيف مع البيئة الضريبية الجديدة.

وفيما يتعلق بمدى قدرة هذه الإجراءات الضريبية الجديدة على مساعدة الشركات على الصمود، فإن اغلب خبراء الاقتصاد يحذرون من ان هذه الإجراءات قد تساهم في مرور العديد من الشركات التونسية في القطاع الخاص بأزمات مالية حادة تصل بها حد إعلان الإفلاس، خصوصا مع ارتفاع نسب الفائدة ، وغياب الدعم. المالي المباشر من الدولة.

كما ان هذه الإجراءات الضريبية الجديدة قد تؤدي إلى زيادة الأعباء المالية على الشركات، خاصة الشركات الكبيرة والمتوسطة، وذلك بسبب ارتفاع معدلات الضريبة. وقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الأرباح وزيادة التكاليف، مما قد يؤثر على القدرة التنافسية لهذه الشركات.

 وبالعودة الى إجراءات قانون المالية لسنة 2024 الجبائية، فاهمها زيادة الإيرادات الضريبية لتمويل النفقات الحكومية، وتحسين العدالة الضريبية ، وتحفيز الاستثمار وخلق فرص العمل، كما تضمن بعض الإجراءات الضريبية الجديدة مثل رفع معدل الضريبة على الدخل للأشخاص الطبيعيين من 10% إلى 15%، وذلك للأشخاص الذين تتجاوز مداخيلهم السنوية 100 ألف دينار، وتوسيع نطاق الخضوع للضريبة على الشركات، وذلك لتشمل الشركات الناشئة وشركات الأشخاص، وزيادة معدل الضريبة على الشركات من 17% إلى 20%، وتخفيض معدل الضريبة على القيمة المضافة من 19% إلى 18% ، وإعفاء المواد الأولية والمواد الاستهلاكية المستخدمة في الإنتاج من الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من الضريبة على الدخل لمدة 5 سنوات، وذلك في إطار برنامج دعم الاستثمار.

وتبقى الإجراءات الترقيعية التي تعول عليها الدولة في كل مرة تتقطع فيها سبل الحصول على تمويلات جديدة محل جدل بين الأوساط التونسية، باعتبار أن الحكومات المتعاقبة دأبت عليها دون أن تقف على تداعياتها الوخيمة، في حين انه من الضروري اليوم التفكير في دفع المصادر التقليدية من جهة والبحث عن مصادر تمويل جديدة لتجنب كل هذه التداعيات....

ولعل ابرز هذه المصادر هي التي تتطلب تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية لتحصيل قروض عبر التعاون المالي الثنائي والتي ضمنتها الدولة في جدول خاص في قانون المالية للسنة الحالية على غرار القوانين السابقة والتي  لم تنجح في تعبئتها، ونقصد هنا الموارد المتأتية من الهبات والودائع والقروض الثنائية التي من شانها تعزيز مداخيل الدولة دون الالتجاء المفرط للاقتراض الداخلي.

وفاء بن محمد