كشف تقرير نشرته إحدى الصحف الايطالية أن رجلا من غينيا يبلغ من العمر 22 عامًا، يُدعى "عثمان سيلا" أقدم على الانتحار في زنزانته في مركز إعادة المهاجرين غير النظاميين في "بونْتي غالِّيرِيا"، وهو معسكر لتجميع المهاجرين غير النظاميين على المشارف الجنوبية الغربية لروما.
وبعد وفاته، نظم نحو ستين مهاجراً محتجزاً في المركز احتجاجاً على أوضاع المركز.
مفيدة القيزاني
وكتب "سيلا" قبل وفاته رسالة على جدار الزنزانة دون فيها انتقادًا لاذعًا للسلطات الإيطالية وكتب "من فضلكم، انقلوا جسدي إلى إفريقيا، أشتاقُ لبلدي كثيرا، وأفتقد أمي كثيرًا.. الحرس الإيطاليون لا يفهمون أي شيء إلا المال. لا أستطيع تحمّل الأمر بعد الآن، أريد فقط أن تتعافى روحي، أن أرقُدَ في سلام."
انتحار "عثمان سيلا" طرح من جديد معاناة المهاجرين غير النظاميين الذين عبروا البحر سرًا إلى إيطاليا ثم احتُجزوا هناك والذين يتعرضون إلى حالات موت مستراب داخل هذه المراكز والتي تمر دون مساءلة.
هذه الانتهاكات بقيت بعيدة عن أعين العالم والحقوقيين، إذ يتم منع الصحفيين والمجتمع المدني من الولوج إلى هذه المراكز،
وتمثل الجنسية التونسية النسبة الأكبر من المهاجرين المحتجزين داخل مراكز الترحيل الإيطالية، وهم يحرمون من أبسط حقوقهم ويتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات.
ولا تصنف هذه المراكز رسميا على أنها سجنا ولكنها تعمل بالطريقة نفسها فالمهاجرون محرومون من كل شيء كالغذاء اللائق والرعاية الصحية والعنف ما قاد بعضهم الى الانتحار.
وتؤكد بعض التقارير أن المهاجرين المحتجزين لا يعرفون حتى المدة التي سيقضونها هناك، إن كانت يومًا أو أسبوعًا أو أشهرًا، وأنه يتم ترحيل أعدادا كبيرة منهم بالقوة، فيما يبقى مصير البقية مجهولاً.
وأن 50% من هؤلاء يقع ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية بالقوة، ونسبة الترحيل تختلف بحسب الاتفاقات التي وقعتها إيطاليا مع بلدانهم.
في الأعوام الأخيرة وقع توثيق نحو 30 حالة وفاة مسترابة لمهاجرين غير نظاميين داخل مراكز الترحيل الإيطالية، من جنسيات مختلفة، ومن بينهم تونسيين.
وكان مجدي الكرباعي الناشط الحقوقي بإيطاليا والنائب السابق بالبرلمان أوضح أن المهاجرين التونسيين يتعرضون إلى شتى الانتهاكات بمراكز الاحتجاز والترحيل الإيطالية.
وقال إنه يتم حقن بعض المهاجرين التونسيين بحقن مخدرة داخل مراكز الاحتجاز والترحيل بإيطاليا وأوضح أن السلطات الإيطالية تقوم بدس أدوية مخدرة في الأكل المقدم للمهاجرين التونسيين لتفادي عدم قيامهم بأحداث شغب داخل مراكز الاحتفاظ والترحيل.
وأشار إلى أن مهاجرا تونسيا أقام إثر ترحيله بمستشفى الأمراض العقلية بالرازي بسبب الأدوية المخدرة التي كان تلقاها بمراكز الاحتفاظ، إلى جانب تسجيل حالات انتحار لمهاجرين بهذه المراكز.
وشدد الكرباعي في وقت سابق على أن وضعية المهاجرين التونسيين بمراكز الاحتجاز والترحيل الإيطالية حرجة، مذكرا بالموت المستراب لأحد المهاجرين في عام 2021 حيث أثبت تقرير طبي إيطالي أنه توفي بسكتة قلبية بعد تلقيه أدوية مخدرة في الأكل.
كما توفي مهاجر تونسي يبلغ من العمر 18 سنة في مستشفى في مدينة ميسينا الإيطالية ، وكانت الوفاة نتيجة سقوطه من الطابق العلوي لمركز الإيواء حيث تم نقله على جناح السرعة إلى قسم الإنعاش بالمستشفى ليقضي 15 يوما ثم فارق الحياة.
وكان عماد السلطاني رئيس جمعية الأرض قال في تصريح لـ " الصباح" بأن الهالك هو شاب تونسي هاجر بطريقة غير نظامية إلى ايطاليا وهو متواجد بمركز للإيواء ويعمل حلاقا وقد تحصل وثائق ايطالية.
ومنذ فترة اتصل بأصدقائه و إدارة مركز الإيواء واخبرهم بأنه يعاني من أوجاع في رأسه و بطنه لكنهم لم يهتموا به و لم يسعفوه و منذ ما يقارب عن أسبوعين سقط من الطابق الرابع من المركز الذي يقيم به في ظروف غامضة وقد تم نقله الى المستشفى أين أقام تحت الرعاية الطبية لخطورة وضعه الصحي قبل أن يفارق الحياة.
أرقام صادمة..
حسب إحصائيات وزارة العدل الإيطالية إلى غاية 31 جويلية 2022 فإن عدد التونسيين الذين يقضون عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية هو 1745 من بينهم 12 امرأة.
بينما بلغ عدد التونسيين 1775 سجينا بنسبة 19.2 بالمائة من مجمل سجناء القارة الإفريقية، حسب ما كشفته المصادر ذاتها في 2021.
ويعتبر عدد السجناء التونسيين في المرتبة الرابعة بعد المغرب التي تأتي في المرتبة الأولى ثم رومانيا في المرتبة الثانية و ألبانيا في المرتبة الثالثة من أصل 156 جنسية تقضي عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية.
ويواجه السجناء التونسيون جرائم من صنف الجنايات والجنح كجرائم القتل والمخدرات والسرقة والتحرش وغيرها.
حالات انتحار..
في فيفري 2022 وضع سجين تونسي، يبلغ من العمر 33 عاما، حدا لحياته في سجن "سان كيريكو"، في مونزا حيث كان محتجزا يقضي العقوبة المحكوم بها.
وقال «دومينيكو بنيميا»، السكرتير اللومباردي "الاتحاد الإيطالي لعمال الإدارة العامة" (Uilpa)، لوكالة الأنباء الإيطالية "أنسا": "إنها الحالة الثانية منذ بداية العام ولا تزال السياسة لا تهتم بما يحدث في السجون.
وكان مواطن تونسي انتحر باستخدام الغاز من اسطوانة التخييم الموجودة في الزنازين للطهو
كما توفي يوم 11 أوت 2022، شاب تونسي يبلغ من العمر حوالي 23 عاما، داخل سجن “مونزا” في إيطاليا، وقد كشفت الأبحاث أن الشاب قد أقدم على الانتحار، علما وأنه كان بصدد قضاء عقوبته التي من المقرّر أن تنتهي في أفريل 2023.
يذكر أن عددا من السجون الإيطالية شهدت في مارس عام 2020، أحداث شغب واحتجاجات على قيود وضعتها السلطات لمنع انتشار فيروس كورونا، وقد أسفرت تلك الأحداث عن مقتل عدد من السجناء، أغلبهم داخل سجن مدينة مودينا.
وشهدت السجون الايطالية خلال السنوات الأخيرة حالات وفاة عديدة حيث عثرت الشرطة الايطالية في سجن " سيجونديجليانو " بمدينة " نابولي " على مهاجر تونسي عمره 40 سنة منتحرا في حبسه الانفرادي أو ما يعرف " السيلون "، و ورد في الصحف المحلية أن أحد أعوان السجن توجه إلى زنزانة الضحية لمده بالأكل والماء إلا أنه وجد رأس السجين الهالك التونسي الجنسية بين الأعمدة الحديدية لباب الزنزانة التي يقبع فيها وهو ميت.
وفور تفطنه للواقعة أعلم مدير السجن الذي تحول وأعوان الأمن على عين المكان رفقة الطبيب الشرعي الذي أكد وفاة الضحية اثر عملية انتحار.
وبالعودة لحيثيات هذه الحادثة ذكرت نفس المصادر أن الفقيد التونسي الجنسية محكوم بالسجن على خلفية التجارة في المخدرات وهو في سجن انفرادي وعليه حراسة أمنية مشددة باعتباره ذي سوابق عدلية.
قاتل العجائز..
السجين التونسي عز الدين السبعي (49 سنة) الذي فارق الحياة بقسم العناية المركزة بمستشفى بادوفا متأثرا بحالة اختناق شديد ناجم عن إقدامه على الانتحار شنقا بغرفته بسجن بادوفا أين كان يقضي عقوبة السجن المؤبد خمس مرات بتهمة قتل حوالي 15 عجوزا إيطالية.
وقالت وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية "أنسا" حينها أن سجناء تفطنوا للسبعي يتدلى من حبل داخل غرفته فسارعوا إلى قطعه وإعلام حراس السجن والممرضين الذين تدخلوا ونقلوا الهالك في حالة صحية وصفت بالحرجة إلى مستشفى بادوفا أين احتفظ به بقسم العناية المركزة طيلة ساعات قالت تقارير أنه كان خلالها ميتا سريريا، إلى أن فارق الحياة.
ولقب السبعي بـ "سفاح العجائز" بعد اعترافه بقتل 15 امرأة إيطالية مسنة.
ويذكر أن أعوان الأمن ألقوا القبض على المهاجر التونسي عام 1997 قرب محطة للقطارات بناء على معلومة أدلت بها طفلة حين لمحته قالت فيها أنها شاهدته في منزل عجوز (75 سنة) بمنطقة بالاجيا نالو القريبة من تارانتو عثر عليها لاحقا مقتولة بطعنات سكين.
وبالتحري معه اعترف بمسؤوليته عن قتل 14 عجوزا أخرى.
وتعود الجرائم المرتكبة إلى الفترة المتراوحة بين عامي 1994 و1997 حيث تعرض عدد كبير من النسوة بمنطقتي بوليا وبازيليكاتا للقتل والسرقة طعنا أو ذبحا أو وخزا بالإبر حيث اعترف المتهم بقتل عدد من النسوة من بينهن الأستاذة المتقاعدة أنّا ماريا ستيلا (60 سنة) التي استهدفت للقتل والسرقة داخل منزلها يوم غرة أفريل 1997 وجوزيفين (72 سنة) التي ذبحت بمنزلها بمنطقة «سان فاردينانو» وماريا توتارو التي عثر عليها مقتولة في جانفي 1997.
هذه الجرائم لم تكن الوحيدة في سجل التونسي بعدما فوجئت إدارة السجن والقضاء الايطالي بتدوينه اعترافات من داخل سجن ميلانو كشف فيها عن قتل مجموعة أخرى من العجائز ومقرّا بمسؤوليته الكاملة عن قتل وسلب عدد من النساء الإيطاليات داخل منازلهن في نفس الفترة التي ارتكب خلالها بقية الجرائم المدان فيها.
مركز "بونْتي غالِّيرِيا 2"
يُعَدُّ مركز "بونْتي غالِّيرِيا 2" منذ فترة طويلة أحد أكثر مراكز تجميع المهاجرين بنية الطرد والترحيل القسري عرضة للانتقاد في إيطاليا، على الرغم من أن الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان مُوثَّقة في كل مكان تقريبًا في هذه المراكز. ويعمل "مركز الإعادة الدائمة" في "بونْتي غالِّيرِيا على وجه الخصوص منذ سنة 1998 ويتسع لـ 125 شخصًا. يعود آخر تعداد لعدد المحتجزين فيه إلى مارس 2023 في ذلك الوقت كان يوجد هناك 95 سجينًا 90 رجلاً و5 نساء.
وقد شهد 40 حالة انتحار منذ إنشائه سنة 1998.
وفي السنوات الأولى، كان "الصليب الأحمر" هو الهيئة التي تدير ما يسمى "مركز الترحيل الدائم إلى الوطن " في بونتي غالِّيرِيا، ولكن حتى ذلك الحين كان المعسكر تنقصة عدة مقوّمات وسيئ التنظيم.
تقرير صادم..
وثّق تقرير صدر سنة 2005 عن جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان" عدة عيوب في العيادة الطبية المحلية للمركز وفي سنة 2010، دعا حاكم روما آنذاك "جوزيبّي بيكورارُ" إلى إغلاق المركز لأنه، في رأيه، لا يحترم "الكرامة الإنسانية" وفي ديسمبر 2013، قام عشرات السجناء بخياطة أفواههم احتجاجًا على طول الوقت الذي قضوه في المركز.
وفي سنة 2023، زارت السيناتور "إيلاريا كوكّي" معسكر الاحتجاز "بونْتي غالِّيرِيا" مرتين، وكتبت عنه في الصحافة "يعيش المحتجزون في أقفاص، وأحيانًا في روثهم، دون إمكانية التواصل مع العالم الخارجي. "إنهم يعيشون يومًا بعد يوم في انتظار فهم سبب حالتهم يتدبرون احتياجاتهم بأنفسهم، وإذا مرضوا، فهذه مشكلة خطيرة حقًا.. إنهم يشبهون الدجاج في مزرعة مكثفة مع اختلاف أنهم يعانون من الجوع في كثير من الأحيان ولا تتحسن أوزانهم..يتم إعطاؤهم كميات من العقارات الصناعية ذات التأثير الفعلي على العقل لجعلهم يشعرون بالارتياح، وحتى لا يسبّبون إزعاج.. وهذا كله يمارسه %90 من المعتقلين من دون عقاب".
تحقيق..
وأظهر تحقيق طويل نُشر في أفريل 2023 في Altreconomia أنه في "بونْتي غالِّيرِيا" ، يمثل الإنفاق على المؤثرات العقلية 51 بالمائة من إجمالي الإنفاق على الأدوية الأخرى.
ولعدة سنوات، تمت إدارة مركز احتجاز الإعادة إلى الوطن في "بونْتي غالِّيرِيا" من قبل شركة "ORS Italia"، وهي شركة سويسرية لديها أيضًا مراكز تجميع واحتجاز للمهاجرين في سويسرا وألمانيا والنمسا.
وتم توثيق الظروف المهينة التي يتم فيها احتجاز الأشخاص في معسكرات احتجاز المهاجرين للترحيل القسري في إيطاليا منذ عدة سنوات من قبل الجمعيات التي تتعامل مع حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين، وكذلك من خلال التحقيقات الصحفية والقضائية.
تونس - الصباح
كشف تقرير نشرته إحدى الصحف الايطالية أن رجلا من غينيا يبلغ من العمر 22 عامًا، يُدعى "عثمان سيلا" أقدم على الانتحار في زنزانته في مركز إعادة المهاجرين غير النظاميين في "بونْتي غالِّيرِيا"، وهو معسكر لتجميع المهاجرين غير النظاميين على المشارف الجنوبية الغربية لروما.
وبعد وفاته، نظم نحو ستين مهاجراً محتجزاً في المركز احتجاجاً على أوضاع المركز.
مفيدة القيزاني
وكتب "سيلا" قبل وفاته رسالة على جدار الزنزانة دون فيها انتقادًا لاذعًا للسلطات الإيطالية وكتب "من فضلكم، انقلوا جسدي إلى إفريقيا، أشتاقُ لبلدي كثيرا، وأفتقد أمي كثيرًا.. الحرس الإيطاليون لا يفهمون أي شيء إلا المال. لا أستطيع تحمّل الأمر بعد الآن، أريد فقط أن تتعافى روحي، أن أرقُدَ في سلام."
انتحار "عثمان سيلا" طرح من جديد معاناة المهاجرين غير النظاميين الذين عبروا البحر سرًا إلى إيطاليا ثم احتُجزوا هناك والذين يتعرضون إلى حالات موت مستراب داخل هذه المراكز والتي تمر دون مساءلة.
هذه الانتهاكات بقيت بعيدة عن أعين العالم والحقوقيين، إذ يتم منع الصحفيين والمجتمع المدني من الولوج إلى هذه المراكز،
وتمثل الجنسية التونسية النسبة الأكبر من المهاجرين المحتجزين داخل مراكز الترحيل الإيطالية، وهم يحرمون من أبسط حقوقهم ويتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات.
ولا تصنف هذه المراكز رسميا على أنها سجنا ولكنها تعمل بالطريقة نفسها فالمهاجرون محرومون من كل شيء كالغذاء اللائق والرعاية الصحية والعنف ما قاد بعضهم الى الانتحار.
وتؤكد بعض التقارير أن المهاجرين المحتجزين لا يعرفون حتى المدة التي سيقضونها هناك، إن كانت يومًا أو أسبوعًا أو أشهرًا، وأنه يتم ترحيل أعدادا كبيرة منهم بالقوة، فيما يبقى مصير البقية مجهولاً.
وأن 50% من هؤلاء يقع ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية بالقوة، ونسبة الترحيل تختلف بحسب الاتفاقات التي وقعتها إيطاليا مع بلدانهم.
في الأعوام الأخيرة وقع توثيق نحو 30 حالة وفاة مسترابة لمهاجرين غير نظاميين داخل مراكز الترحيل الإيطالية، من جنسيات مختلفة، ومن بينهم تونسيين.
وكان مجدي الكرباعي الناشط الحقوقي بإيطاليا والنائب السابق بالبرلمان أوضح أن المهاجرين التونسيين يتعرضون إلى شتى الانتهاكات بمراكز الاحتجاز والترحيل الإيطالية.
وقال إنه يتم حقن بعض المهاجرين التونسيين بحقن مخدرة داخل مراكز الاحتجاز والترحيل بإيطاليا وأوضح أن السلطات الإيطالية تقوم بدس أدوية مخدرة في الأكل المقدم للمهاجرين التونسيين لتفادي عدم قيامهم بأحداث شغب داخل مراكز الاحتفاظ والترحيل.
وأشار إلى أن مهاجرا تونسيا أقام إثر ترحيله بمستشفى الأمراض العقلية بالرازي بسبب الأدوية المخدرة التي كان تلقاها بمراكز الاحتفاظ، إلى جانب تسجيل حالات انتحار لمهاجرين بهذه المراكز.
وشدد الكرباعي في وقت سابق على أن وضعية المهاجرين التونسيين بمراكز الاحتجاز والترحيل الإيطالية حرجة، مذكرا بالموت المستراب لأحد المهاجرين في عام 2021 حيث أثبت تقرير طبي إيطالي أنه توفي بسكتة قلبية بعد تلقيه أدوية مخدرة في الأكل.
كما توفي مهاجر تونسي يبلغ من العمر 18 سنة في مستشفى في مدينة ميسينا الإيطالية ، وكانت الوفاة نتيجة سقوطه من الطابق العلوي لمركز الإيواء حيث تم نقله على جناح السرعة إلى قسم الإنعاش بالمستشفى ليقضي 15 يوما ثم فارق الحياة.
وكان عماد السلطاني رئيس جمعية الأرض قال في تصريح لـ " الصباح" بأن الهالك هو شاب تونسي هاجر بطريقة غير نظامية إلى ايطاليا وهو متواجد بمركز للإيواء ويعمل حلاقا وقد تحصل وثائق ايطالية.
ومنذ فترة اتصل بأصدقائه و إدارة مركز الإيواء واخبرهم بأنه يعاني من أوجاع في رأسه و بطنه لكنهم لم يهتموا به و لم يسعفوه و منذ ما يقارب عن أسبوعين سقط من الطابق الرابع من المركز الذي يقيم به في ظروف غامضة وقد تم نقله الى المستشفى أين أقام تحت الرعاية الطبية لخطورة وضعه الصحي قبل أن يفارق الحياة.
أرقام صادمة..
حسب إحصائيات وزارة العدل الإيطالية إلى غاية 31 جويلية 2022 فإن عدد التونسيين الذين يقضون عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية هو 1745 من بينهم 12 امرأة.
بينما بلغ عدد التونسيين 1775 سجينا بنسبة 19.2 بالمائة من مجمل سجناء القارة الإفريقية، حسب ما كشفته المصادر ذاتها في 2021.
ويعتبر عدد السجناء التونسيين في المرتبة الرابعة بعد المغرب التي تأتي في المرتبة الأولى ثم رومانيا في المرتبة الثانية و ألبانيا في المرتبة الثالثة من أصل 156 جنسية تقضي عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية.
ويواجه السجناء التونسيون جرائم من صنف الجنايات والجنح كجرائم القتل والمخدرات والسرقة والتحرش وغيرها.
حالات انتحار..
في فيفري 2022 وضع سجين تونسي، يبلغ من العمر 33 عاما، حدا لحياته في سجن "سان كيريكو"، في مونزا حيث كان محتجزا يقضي العقوبة المحكوم بها.
وقال «دومينيكو بنيميا»، السكرتير اللومباردي "الاتحاد الإيطالي لعمال الإدارة العامة" (Uilpa)، لوكالة الأنباء الإيطالية "أنسا": "إنها الحالة الثانية منذ بداية العام ولا تزال السياسة لا تهتم بما يحدث في السجون.
وكان مواطن تونسي انتحر باستخدام الغاز من اسطوانة التخييم الموجودة في الزنازين للطهو
كما توفي يوم 11 أوت 2022، شاب تونسي يبلغ من العمر حوالي 23 عاما، داخل سجن “مونزا” في إيطاليا، وقد كشفت الأبحاث أن الشاب قد أقدم على الانتحار، علما وأنه كان بصدد قضاء عقوبته التي من المقرّر أن تنتهي في أفريل 2023.
يذكر أن عددا من السجون الإيطالية شهدت في مارس عام 2020، أحداث شغب واحتجاجات على قيود وضعتها السلطات لمنع انتشار فيروس كورونا، وقد أسفرت تلك الأحداث عن مقتل عدد من السجناء، أغلبهم داخل سجن مدينة مودينا.
وشهدت السجون الايطالية خلال السنوات الأخيرة حالات وفاة عديدة حيث عثرت الشرطة الايطالية في سجن " سيجونديجليانو " بمدينة " نابولي " على مهاجر تونسي عمره 40 سنة منتحرا في حبسه الانفرادي أو ما يعرف " السيلون "، و ورد في الصحف المحلية أن أحد أعوان السجن توجه إلى زنزانة الضحية لمده بالأكل والماء إلا أنه وجد رأس السجين الهالك التونسي الجنسية بين الأعمدة الحديدية لباب الزنزانة التي يقبع فيها وهو ميت.
وفور تفطنه للواقعة أعلم مدير السجن الذي تحول وأعوان الأمن على عين المكان رفقة الطبيب الشرعي الذي أكد وفاة الضحية اثر عملية انتحار.
وبالعودة لحيثيات هذه الحادثة ذكرت نفس المصادر أن الفقيد التونسي الجنسية محكوم بالسجن على خلفية التجارة في المخدرات وهو في سجن انفرادي وعليه حراسة أمنية مشددة باعتباره ذي سوابق عدلية.
قاتل العجائز..
السجين التونسي عز الدين السبعي (49 سنة) الذي فارق الحياة بقسم العناية المركزة بمستشفى بادوفا متأثرا بحالة اختناق شديد ناجم عن إقدامه على الانتحار شنقا بغرفته بسجن بادوفا أين كان يقضي عقوبة السجن المؤبد خمس مرات بتهمة قتل حوالي 15 عجوزا إيطالية.
وقالت وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية "أنسا" حينها أن سجناء تفطنوا للسبعي يتدلى من حبل داخل غرفته فسارعوا إلى قطعه وإعلام حراس السجن والممرضين الذين تدخلوا ونقلوا الهالك في حالة صحية وصفت بالحرجة إلى مستشفى بادوفا أين احتفظ به بقسم العناية المركزة طيلة ساعات قالت تقارير أنه كان خلالها ميتا سريريا، إلى أن فارق الحياة.
ولقب السبعي بـ "سفاح العجائز" بعد اعترافه بقتل 15 امرأة إيطالية مسنة.
ويذكر أن أعوان الأمن ألقوا القبض على المهاجر التونسي عام 1997 قرب محطة للقطارات بناء على معلومة أدلت بها طفلة حين لمحته قالت فيها أنها شاهدته في منزل عجوز (75 سنة) بمنطقة بالاجيا نالو القريبة من تارانتو عثر عليها لاحقا مقتولة بطعنات سكين.
وبالتحري معه اعترف بمسؤوليته عن قتل 14 عجوزا أخرى.
وتعود الجرائم المرتكبة إلى الفترة المتراوحة بين عامي 1994 و1997 حيث تعرض عدد كبير من النسوة بمنطقتي بوليا وبازيليكاتا للقتل والسرقة طعنا أو ذبحا أو وخزا بالإبر حيث اعترف المتهم بقتل عدد من النسوة من بينهن الأستاذة المتقاعدة أنّا ماريا ستيلا (60 سنة) التي استهدفت للقتل والسرقة داخل منزلها يوم غرة أفريل 1997 وجوزيفين (72 سنة) التي ذبحت بمنزلها بمنطقة «سان فاردينانو» وماريا توتارو التي عثر عليها مقتولة في جانفي 1997.
هذه الجرائم لم تكن الوحيدة في سجل التونسي بعدما فوجئت إدارة السجن والقضاء الايطالي بتدوينه اعترافات من داخل سجن ميلانو كشف فيها عن قتل مجموعة أخرى من العجائز ومقرّا بمسؤوليته الكاملة عن قتل وسلب عدد من النساء الإيطاليات داخل منازلهن في نفس الفترة التي ارتكب خلالها بقية الجرائم المدان فيها.
مركز "بونْتي غالِّيرِيا 2"
يُعَدُّ مركز "بونْتي غالِّيرِيا 2" منذ فترة طويلة أحد أكثر مراكز تجميع المهاجرين بنية الطرد والترحيل القسري عرضة للانتقاد في إيطاليا، على الرغم من أن الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان مُوثَّقة في كل مكان تقريبًا في هذه المراكز. ويعمل "مركز الإعادة الدائمة" في "بونْتي غالِّيرِيا على وجه الخصوص منذ سنة 1998 ويتسع لـ 125 شخصًا. يعود آخر تعداد لعدد المحتجزين فيه إلى مارس 2023 في ذلك الوقت كان يوجد هناك 95 سجينًا 90 رجلاً و5 نساء.
وقد شهد 40 حالة انتحار منذ إنشائه سنة 1998.
وفي السنوات الأولى، كان "الصليب الأحمر" هو الهيئة التي تدير ما يسمى "مركز الترحيل الدائم إلى الوطن " في بونتي غالِّيرِيا، ولكن حتى ذلك الحين كان المعسكر تنقصة عدة مقوّمات وسيئ التنظيم.
تقرير صادم..
وثّق تقرير صدر سنة 2005 عن جمعية "أطباء من أجل حقوق الإنسان" عدة عيوب في العيادة الطبية المحلية للمركز وفي سنة 2010، دعا حاكم روما آنذاك "جوزيبّي بيكورارُ" إلى إغلاق المركز لأنه، في رأيه، لا يحترم "الكرامة الإنسانية" وفي ديسمبر 2013، قام عشرات السجناء بخياطة أفواههم احتجاجًا على طول الوقت الذي قضوه في المركز.
وفي سنة 2023، زارت السيناتور "إيلاريا كوكّي" معسكر الاحتجاز "بونْتي غالِّيرِيا" مرتين، وكتبت عنه في الصحافة "يعيش المحتجزون في أقفاص، وأحيانًا في روثهم، دون إمكانية التواصل مع العالم الخارجي. "إنهم يعيشون يومًا بعد يوم في انتظار فهم سبب حالتهم يتدبرون احتياجاتهم بأنفسهم، وإذا مرضوا، فهذه مشكلة خطيرة حقًا.. إنهم يشبهون الدجاج في مزرعة مكثفة مع اختلاف أنهم يعانون من الجوع في كثير من الأحيان ولا تتحسن أوزانهم..يتم إعطاؤهم كميات من العقارات الصناعية ذات التأثير الفعلي على العقل لجعلهم يشعرون بالارتياح، وحتى لا يسبّبون إزعاج.. وهذا كله يمارسه %90 من المعتقلين من دون عقاب".
تحقيق..
وأظهر تحقيق طويل نُشر في أفريل 2023 في Altreconomia أنه في "بونْتي غالِّيرِيا" ، يمثل الإنفاق على المؤثرات العقلية 51 بالمائة من إجمالي الإنفاق على الأدوية الأخرى.
ولعدة سنوات، تمت إدارة مركز احتجاز الإعادة إلى الوطن في "بونْتي غالِّيرِيا" من قبل شركة "ORS Italia"، وهي شركة سويسرية لديها أيضًا مراكز تجميع واحتجاز للمهاجرين في سويسرا وألمانيا والنمسا.
وتم توثيق الظروف المهينة التي يتم فيها احتجاز الأشخاص في معسكرات احتجاز المهاجرين للترحيل القسري في إيطاليا منذ عدة سنوات من قبل الجمعيات التي تتعامل مع حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين، وكذلك من خلال التحقيقات الصحفية والقضائية.