نظّمت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالشراكة مع العديد من المنظمات والجمعيات أمس الجمعة9 فيفري2024 "لقاء منظمات المجتمع المدني من أجل الحفاظ على المرسوم 88 المتعلق بتنظيم الجمعيات"، بحضور العشرات من ممثلي هذه المكونات.
إيمان عبد اللطيف
تقريبا لأول مرة، بعد 25 جويلية وما حدث بعده من تحولات سياسية على مدى أكثر من ثلاث سنوات، يشهد لقاء تنظمه مكونات المجتمع المدني حشدا كبيرا من الحضور من مختف المنظمات والجمعيات الدولية والوطنية على غرار الجمعية التونسية للنساء الديمقرطيات، منظمة محامون بلا حدود، والمنظمة الأورومتوسطية، والمعهد العربي لحقوق الإنسان، وشبكة مراقبون وغيرها...
وقد يُفهم من هذا التجمهر الواسع التخوفات الكبيرة التي أصبح يعيش على وقعها ممثلي المجتمع المدني، والذين عبّروا في جلّ مداخلاتهم عن حجم "التضييقات والقرارات الخارقة للقانون التي باتت تمارس "خاصة في السنتين الأخيرتين، إلى جانب رفضهم التام لأي محاولات لسنّ قانون جديد من شأنه أن ينسف دور المجتمع المدني ويحدّ من حريته وحرية أنشطته ومساهماته في مواصلة بناء المسار الديمقراطي الذي قامت من أجله الثورة.
فاعتبر المشاركون أنّ هذا اللقاء جاء تنظيمه في ظرفية صعبة جدا على المجتمع المدني لذلك تمّت تسميته تحت عنوان "من أجل الاحتفاظ بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 لتنظيم الجمعيات" لرفع شعار "لا للمساس" من هذا المكسب الذي تمّ وصفه بمكسب وطني يُحتذى به في التجارب الدولية وخاصة منها العربية.
وفي هذا السياق، قال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي في مداخلته الافتتاحية "أذكر بالإطار السياسي والحقوقي الذي تندرج فيه هذه الندوة، وهو أن محاولات السلطة السياسية والتشريعية في التضييق على المجتمع المدني ليس بالجديد، فهي تعود إلى حقبات ماضية من الحقبة البورقيبية إلى بن علي، ومن المنصف المرزوقي إلى الباجي قائد السبسي إلى 25 جويلية، ولكن الأساليب تتغير من حقبة إلى أخرى".
وأضاف الطريفي "لكن المرسوم عدد 88 لسنة2011 وفق شهادات الخبراء يُعدّ مكسبا من مكاسب الثورة على غرار العديد من المراسيم عدد 115 و116 ودستور 2014، وعي مكاسب حققها الشعب التونسي.
واليوم بعد 25 جويلية نرى هناك محاولات لعزل الأجسام الوسيطة وإبعادها عن الشأن العام وتغييبها وترذيل دورها، كذلك الشأن بالنسبة للعمل السياسي وإبعاد الأحزاب..، وأيضا هرسلة الصحافيين من خلال المحاكمات وإصدار المرسوم 54 الذي يمثل سيفا مسلّطا على جميع التونسيين..".
وأوضح الطريفي "أصبح اليوم هذا هو الواقع السياسي والحقوقي الذي لا يبشر بخير، وفي هذا الإطار تأتي محاولات تنقيح المرسوم عدد 88 أو تعويضه بقانون جديد الذي تم اقتراحه من مجموعة من النواب وهو يعبّر عن عدم دراية بدور المجتمع المدني وكيفية عمله وتكوينه".
وفي هذا الإطار، أكّد بسام الطريفي في تصريح لـ"الصباح" "نعبّر عن رفضنا لمشاريع تغيير المرسوم المنظم للجمعيات، باعتباره المرسوم عدد 88 هو مكسب تمّ تحقيقه بعد الثورة، وكان قاطرة لتحرير العمل الجمعياتي بعد الديكتاتورية".
وأضاف محدثنا "نرى اليوم محاولات للتضييق على عمل منظمات المجتمع المدني، وعلى المساحة المدنية على عملها. فهناك مشروع قانون للحكومة فيه العديد من التضييقات على مستوى التكوين والتسيير والتمويل في المقابل تسهيلات في ما يخصّ حلها".
وبيّن الطريفي أنّه "لم يتمّ تشريك المجتمع المدني في صياغة هذا المشروع وكان بالإمكان استشارة المنظمات والجمعيات المعنية مباشرة بهذا القانون، ونرفض بالتالي العديد من الفصول التي نعتبرها تصبّ في توجهات السلطة في التضييق على المجتمع المدني وفي إقصاء كل الأجسام الوسيطة من الشأن العام".
وأكّد أنّ "التوصيات تتمثل في وجوب المحافظة على المرسوم عدد 88 ولكن في المقابل يكون هناك تدعيم لمؤسسات الدولة المنصوص عليها في هذه المرسوم وآليات العمل والتي يمكنها أن تراقب بصفة ناجعة تكوين الجمعيات وعملها وتسييرها وتمويلها. وعلى الحكومة أن تعزز بصفة مباشرة بالإمكانيات المادية والبشرية مؤسسات الدولة التي عُهد لها مراقبة عمل المجتمع المدني".
في ذات التوّجه، بيّن رئيس مركز الكواكبي أمين غالي في مداخلته أنّ "مكونات المجتمع المدني تتمسك بالمرسوم 88 نظرا لما يتضمّنه من مكاسب يستأنس بها على المستوى الدولي والعربي، وهو مرسوم جاءت به أكبر هيئة قامت بحماية الثورة".
وأضاف غالي "أية نيّة من الحكومة أو البرلمان أو أي جهة لتحسين القانون فهي "كذبة"، وهي تراجع واضح عن المكتسبات وعن أهم القوانين في العالم. وهذا التراجع بدأنا نراه اليوم من خلال تشديد الحصار من قبل الإدارة العامة للجمعيات برئاسة الحكومة في عدة إجراءات وقرارات منها منع إرسال "وصل مضمون الوصول" أو ما يعبر عنها بالقصاصة الوردية عند تقديم ترخيص إحداث جمعية".
وبيّن أمين غالي أنّ "المرسوم عدد 88 أعطى الحق للدولة بإمكانية المراقبة من خلال وجود 12 هيكلا عموميا يراقب الجمعيات ومن يقول أن المرسوم لا يُمكن من مراقبة الجمعيات فإن هذه كذبة أيضا".
في ذات السياق قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات Clément Nyaletsossi Voule في تصريح إعلامي إنه "حين زار تونس في 2018 وصف المرسوم 88 لسنة 2011 بـ''إرث الثورة'' باعتباره قطع مع ما رفضه التونسيون في السابق من غياب لحرية التعبير والتنظم".
وأكّد أن "هذا المرسوم شجع المجتمع التونسي على المشاركة في الحياة العامة من خلال الجمعيات. وأوصى بضرورة الحفاظ على هذا المكتسب وهذا المرسوم، قائلا:''يمكن إدخال إصلاحات عليه من خلال تنقيحات وإجراءات تكميلية. كما أنّه تم اعتبار تونس كنموذج في مجال الحرية في المنطقة بل في أفريقيا، من خلال هذا المرسوم، معبرا عن بعض المخاوف بخصوص الإجراءات الجديدة ضمن مشروع القانون المنقح للمرسوم 88 في ما يتعلق بالترخيص المسبق والتمويل وإجراءات التعليق".
تونس – الصباح
نظّمت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالشراكة مع العديد من المنظمات والجمعيات أمس الجمعة9 فيفري2024 "لقاء منظمات المجتمع المدني من أجل الحفاظ على المرسوم 88 المتعلق بتنظيم الجمعيات"، بحضور العشرات من ممثلي هذه المكونات.
إيمان عبد اللطيف
تقريبا لأول مرة، بعد 25 جويلية وما حدث بعده من تحولات سياسية على مدى أكثر من ثلاث سنوات، يشهد لقاء تنظمه مكونات المجتمع المدني حشدا كبيرا من الحضور من مختف المنظمات والجمعيات الدولية والوطنية على غرار الجمعية التونسية للنساء الديمقرطيات، منظمة محامون بلا حدود، والمنظمة الأورومتوسطية، والمعهد العربي لحقوق الإنسان، وشبكة مراقبون وغيرها...
وقد يُفهم من هذا التجمهر الواسع التخوفات الكبيرة التي أصبح يعيش على وقعها ممثلي المجتمع المدني، والذين عبّروا في جلّ مداخلاتهم عن حجم "التضييقات والقرارات الخارقة للقانون التي باتت تمارس "خاصة في السنتين الأخيرتين، إلى جانب رفضهم التام لأي محاولات لسنّ قانون جديد من شأنه أن ينسف دور المجتمع المدني ويحدّ من حريته وحرية أنشطته ومساهماته في مواصلة بناء المسار الديمقراطي الذي قامت من أجله الثورة.
فاعتبر المشاركون أنّ هذا اللقاء جاء تنظيمه في ظرفية صعبة جدا على المجتمع المدني لذلك تمّت تسميته تحت عنوان "من أجل الاحتفاظ بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 لتنظيم الجمعيات" لرفع شعار "لا للمساس" من هذا المكسب الذي تمّ وصفه بمكسب وطني يُحتذى به في التجارب الدولية وخاصة منها العربية.
وفي هذا السياق، قال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي في مداخلته الافتتاحية "أذكر بالإطار السياسي والحقوقي الذي تندرج فيه هذه الندوة، وهو أن محاولات السلطة السياسية والتشريعية في التضييق على المجتمع المدني ليس بالجديد، فهي تعود إلى حقبات ماضية من الحقبة البورقيبية إلى بن علي، ومن المنصف المرزوقي إلى الباجي قائد السبسي إلى 25 جويلية، ولكن الأساليب تتغير من حقبة إلى أخرى".
وأضاف الطريفي "لكن المرسوم عدد 88 لسنة2011 وفق شهادات الخبراء يُعدّ مكسبا من مكاسب الثورة على غرار العديد من المراسيم عدد 115 و116 ودستور 2014، وعي مكاسب حققها الشعب التونسي.
واليوم بعد 25 جويلية نرى هناك محاولات لعزل الأجسام الوسيطة وإبعادها عن الشأن العام وتغييبها وترذيل دورها، كذلك الشأن بالنسبة للعمل السياسي وإبعاد الأحزاب..، وأيضا هرسلة الصحافيين من خلال المحاكمات وإصدار المرسوم 54 الذي يمثل سيفا مسلّطا على جميع التونسيين..".
وأوضح الطريفي "أصبح اليوم هذا هو الواقع السياسي والحقوقي الذي لا يبشر بخير، وفي هذا الإطار تأتي محاولات تنقيح المرسوم عدد 88 أو تعويضه بقانون جديد الذي تم اقتراحه من مجموعة من النواب وهو يعبّر عن عدم دراية بدور المجتمع المدني وكيفية عمله وتكوينه".
وفي هذا الإطار، أكّد بسام الطريفي في تصريح لـ"الصباح" "نعبّر عن رفضنا لمشاريع تغيير المرسوم المنظم للجمعيات، باعتباره المرسوم عدد 88 هو مكسب تمّ تحقيقه بعد الثورة، وكان قاطرة لتحرير العمل الجمعياتي بعد الديكتاتورية".
وأضاف محدثنا "نرى اليوم محاولات للتضييق على عمل منظمات المجتمع المدني، وعلى المساحة المدنية على عملها. فهناك مشروع قانون للحكومة فيه العديد من التضييقات على مستوى التكوين والتسيير والتمويل في المقابل تسهيلات في ما يخصّ حلها".
وبيّن الطريفي أنّه "لم يتمّ تشريك المجتمع المدني في صياغة هذا المشروع وكان بالإمكان استشارة المنظمات والجمعيات المعنية مباشرة بهذا القانون، ونرفض بالتالي العديد من الفصول التي نعتبرها تصبّ في توجهات السلطة في التضييق على المجتمع المدني وفي إقصاء كل الأجسام الوسيطة من الشأن العام".
وأكّد أنّ "التوصيات تتمثل في وجوب المحافظة على المرسوم عدد 88 ولكن في المقابل يكون هناك تدعيم لمؤسسات الدولة المنصوص عليها في هذه المرسوم وآليات العمل والتي يمكنها أن تراقب بصفة ناجعة تكوين الجمعيات وعملها وتسييرها وتمويلها. وعلى الحكومة أن تعزز بصفة مباشرة بالإمكانيات المادية والبشرية مؤسسات الدولة التي عُهد لها مراقبة عمل المجتمع المدني".
في ذات التوّجه، بيّن رئيس مركز الكواكبي أمين غالي في مداخلته أنّ "مكونات المجتمع المدني تتمسك بالمرسوم 88 نظرا لما يتضمّنه من مكاسب يستأنس بها على المستوى الدولي والعربي، وهو مرسوم جاءت به أكبر هيئة قامت بحماية الثورة".
وأضاف غالي "أية نيّة من الحكومة أو البرلمان أو أي جهة لتحسين القانون فهي "كذبة"، وهي تراجع واضح عن المكتسبات وعن أهم القوانين في العالم. وهذا التراجع بدأنا نراه اليوم من خلال تشديد الحصار من قبل الإدارة العامة للجمعيات برئاسة الحكومة في عدة إجراءات وقرارات منها منع إرسال "وصل مضمون الوصول" أو ما يعبر عنها بالقصاصة الوردية عند تقديم ترخيص إحداث جمعية".
وبيّن أمين غالي أنّ "المرسوم عدد 88 أعطى الحق للدولة بإمكانية المراقبة من خلال وجود 12 هيكلا عموميا يراقب الجمعيات ومن يقول أن المرسوم لا يُمكن من مراقبة الجمعيات فإن هذه كذبة أيضا".
في ذات السياق قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات Clément Nyaletsossi Voule في تصريح إعلامي إنه "حين زار تونس في 2018 وصف المرسوم 88 لسنة 2011 بـ''إرث الثورة'' باعتباره قطع مع ما رفضه التونسيون في السابق من غياب لحرية التعبير والتنظم".
وأكّد أن "هذا المرسوم شجع المجتمع التونسي على المشاركة في الحياة العامة من خلال الجمعيات. وأوصى بضرورة الحفاظ على هذا المكتسب وهذا المرسوم، قائلا:''يمكن إدخال إصلاحات عليه من خلال تنقيحات وإجراءات تكميلية. كما أنّه تم اعتبار تونس كنموذج في مجال الحرية في المنطقة بل في أفريقيا، من خلال هذا المرسوم، معبرا عن بعض المخاوف بخصوص الإجراءات الجديدة ضمن مشروع القانون المنقح للمرسوم 88 في ما يتعلق بالترخيص المسبق والتمويل وإجراءات التعليق".