*مؤشرات تكشف مرور تونس بسنة مالية صعبة جدا والخبراء يطالبون بإصلاحات واسعة
تونس- الصباح
تواجه تونس خلال الثلاثي الأول فترة مالية حرجة، تتعلق بتوفير احتياجات مالية بقيمة 15.6 مليار دينار، وتتوزع لسداد خدمة الدين الداخلي والخارجي (7.011 مليار دينار منها 5.040 مليار دينار دين خارجي) ودفع الأجور (2.7 مليار دينار) والاستثمار العمومي (1 مليار دينار) والنفقات ذات الصبغة التنموية (1.8 مليار دينار) ونفقات الدعم (1 مليار دينار). وتُخطط الحكومة التونسية لجمع هذه الأموال من خلال الاقتراض الداخلي عبر إصدار سندات خزينة، والحصول على قروض من البنوك المحلية بقيمة 7 مليار، بالإضافة إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجي للحصول على قروض من الدول العربية والأجنبية.
وعلى غرار الاحتياجات التمويلية العالية خلال الثلاثي الأول فقط، ستشهد النفقات الموجّهة للدعم في قانون المالية لسنة 2024 ارتفاعا مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023، حيث تقدّر هذه النفقات بـ19% من نفقات الميزانية، وتشمل النفقات دعم حاجيات المحروقات والبالغة أكثر من 7 مليار دينار، في حين تم تخصيص أكثر من 3.5 مليار دينار لدعم المواد الأساسية، ونفقات دعم النقل بـ 660 مليون دينار، وهو ما يمثل 5.9% من جملة نفقات الدعم، علما وأن هذه النفقات قدرت في قانون المالية لسنة 2023 إجمالا 9103 ملايين دينار دون احتساب التغييرات في قانون المالية التعديلي.
ومن المتوقع وفق نسخة قانون المالية لسنة 2024 أن تبلغ مداخيل ميزانية الدولة الذاتية 49160 مليون دينار أي بتطوّر بـ 8.4% مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023 وتمثل نسبة 63.1% من جملة موارد ميزانية الدولة، وستبلغ نفقات مشروع الميزانية 59805 م.د أي بتطور بـنسبة 6.7% أو +3734 م.د مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023.
كما يُتَوقّع أن تبلغ حاجيات دعم المحروقات حوالي 7086 م.د وذلك باعتبار مردود الإجراءات المتعلقة بتحسين أداء الشركات والتحكّم في الاستهلاك ومراقبة مسالك توزيع قوارير الغاز المنزلي.
كما تقدّر نفقات دعم المواد الأساسية بـ31.7% من جملة نفقات الدعم حيث ستبلغ حوالي 3591 م.د، وهي مرتبطة بتراجع معدّل سعر القمح في الأسواق العالمية إلى مستوى 327 دولارا للطن وتراجع سعر الزيت النباتي إلى مستوى 1100 دولار للطن واستقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار.
وحسب ذات الوثيقة، قدرت نفقات التنمية بـ10347م.د، وتهم تدخّلات ذات صبغة تنموية بحوالي 5006 م.د ونفقات بعنوان الاستثمار بـ 274 م.د منها 1775 م.د مشاريع ممولة عن طريق القروض الخارجية المباشرة، ونفقات العمليات المالية في حدود 67 م.د. وتبلغ خدمة الدين العمومي 24701 م .د تتوزّع بين أصل الدين 17863 م .د وفائدة بـ6838 م. د.
ويقدر حجم ميزانية الدولة للسنة القادمة 77868 م.د مقابل 71239 م.د محيّنة لسنة 2023 أي زيادة بـ 6629 م.د أو 3.9%، في حين من المتوقع أن يبلغ عجز الميزانية -11515 م.د أي ما يعادل -6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنّ حاجيات تمويل هذا العجز وتسديد أصل الدين تقدّر بـ28708 م.د مقابل 25879 م.د محينة سنة 2023.
وتبلغ التقديرات الإجمالية لنفقات الدعم بعنوان سنة 2024 ما قدره 11337 مليون دينار تونسي، وهو ما يمثل 19% من جملة نفقات ميزانية الدولة، و6.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقدر حاجيات التمويل الضرورية لتوازن منظومة المحروقات والكهرباء والغاز في سنة 2024 بـ 7086 مليون دينار، وهو ما يمثل 62.4% من جملة نفقات الدعم، في حين تقدر نفقات دعم المواد الأساسية بـ 3591 مليون دينار، وهو ما يمثل 31.7% من جملة نفقات الدعم، ونفقات دعم النقل بـ 660 مليون دينار، وهو ما يمثل 5.9% من جملة نفقات الدعم.
الحد من عجز الميزانية
وتعاني تونس من عجز كبير في الميزانية منذ سنوات، حيث بلغ العجز في عام 2022 حوالي 7.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويرجع هذا العجز إلى عدة عوامل، منها ارتفاع الإنفاق الحكومي، وانخفاض الإيرادات الضريبية، وتراجع النمو الاقتصادي، كما يعاني الاقتصاد التونسي من ارتفاع الدين العام، حيث بلغ الدين في عام 2022 حوالي 93٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويشكل هذا الدين عبئًا كبيرًا على الاقتصاد التونسي، حيث يجب على الحكومة سداد فوائد الدين كل عام.
كما تعاني تونس من مشكلة البطالة، حيث يبلغ معدل البطالة حوالي 18٪. ويرجع هذا إلى عدة عوامل، منها ضعف النمو الاقتصادي، وقلة الاستثمارات، وزيادة عدد السكان.
كما يعاني الاقتصاد التونسي من ارتفاع معدل التضخم، حيث بلغ معدل التضخم في عام 2022 حوالي 8٪. وارتفع إلى مستويات غير مطمئنة في الأشهر الأخيرة ليتجاوز حاجز 10% ويتراجع في الفترة القليلة الماضية إلى حدود 7.8%، ويرجع هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها ارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ويرى عدد من خبراء الاقتصاد الذين قدموا لـ"الصباح" جملة من المعطيات الآنية للخروج من الأزمة الحالية، أنه يجب على الحكومة البحث عن حلول لعودة إنتاج الفسفاط بنسق طبيعي باعتباره قادر على توفير موارد هامة من العملة الصعبة، بالإضافة إلى ضرورة حل الإشكالات المتعلقة، بالإضافة إلى سن قوانين جديدة محفزة يتم تضمينها في قانون المالية لسنة 2024 بهدف دفع الاقتصاد خلال السنة القادمة ومواجهة التحديات وخلاص الديون، والشروع في الإصلاحات الاقتصادية وخاصة الجانب التشريعي وإصلاح ملف الأعمال وفتح الاقتصاد والمنافسة وإصلاح الإدارة وحوكمة المؤسسات العمومية.
ملفات حارقة
كما يؤكد العديد من الخبراء أن حكومة الحالية أمام العشرات من الملفات الاقتصادية الحارقة وليس ملف واحد، تتعلق بالأساس بالبحث عن مصادر جديدة لدفع الاستثمار ومعالجة الوضعية المالية البالية، فضلا عن وضعية المؤسسات العمومية الحرجة،بالإضافة إلى التداين المشط للدولة التونسية والذي بلغ مستويات قياسية خاصة هذه السنة ".
وكل هذه المؤشرات تستدعي مقاربة شاملة وتشخيص كل ملف عن كثب وإدخال إصلاحات هيكلية واتخاذ إجراءات فورية تتناسب مع طبيعة كل أزمة، علما وان عملية الإصلاح ستكون شاقة وطويلة الأمد وهي بحاجة لمتابعة مستمرة ودقيقة.
ويحذر جزء واسع من خبراء الاقتصاد، من أي تباطؤ في عملية الإصلاح، مؤكدين أنه بقدر ما كانت المعالجة سريعة، كانت النتائج أفضل، وهذه المرحلة تستدعي من الحكومة تكثيف عمليات التشخيص لكافة الملفات الاقتصادية، والعمل على معالجتها وفق مخطط اقتصادي واضح.
تكوين لجان مختصة
ويجمع أغلب الخبراء على ضرورة تكوين لجنة من المختصين في المجال الاقتصادي والمالي قصد وضع برنامج إنقاذ الاقتصاد الوطني وإنعاشه مع تشريك خبراء اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف والأحزاب السياسية، والعمل على إعادة الثقة للمستثمرين ورجال الأعمال.
وحسب خبراء الاقتصاد فإن تونس لم تعد لها القدرة على التوجه للسوق الخارجية للاقتراض بسبب بلوغ التداين الحكومي مستويات قياسية بلغت 82 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من بينها 60 في المائة ديون خارجية.
وأمام حجم ديون تونس الداخلية والخارجية، والذي يبعث على القلق، خاصة وان هذه الوضعية تفرض التعويل مستقبلا على الإمكانيات الذاتية للدولة لخلق الثروة وتأجيل جزء من الالتزامات المالية المتعلقة بالأجور، بالإضافة إلى العمل على إنعاش القطاع السياحي وإعادته إلى الواجهة بالنظر إلى أهميته الكبيرة في الرفع من احتياطي تونس من النقد الأجنبي.
سنة مالية صعبة
وتفرض هذه الوضعية على الحكومة زيادة ضريبة القيمة المضافة، وفرض ضرائب جديدة على بعض السلع والخدمات، وخفض الإنفاق العام، وترشيد الإنفاق على بعض القطاعات، وتأجيل بعض المشاريع الاستثمارية، بسبب العديد من العوامل، منها ارتفاع عجز الميزانية العامة، حيث يُقدر عجز الميزانية العامة لسنة 2024 بـ 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى ارتفاع الدين العام التونسي إلى 83.6% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية سنة 2023.
كما تُؤدي هذه العوامل إلى صعوبة في توفير احتياجات الدولة المالية، مما قد يُؤدي إلى تأخير صرف رواتب الموظفين، وتأخير دفع فواتير الخدمات العامة، وتأجيل بعض المشاريع الاستثمارية.
ومن الضروري وفق ما كشف عنه عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، أن تُحاول الحكومة التونسية اتخاذ العديد من الإجراءات للتخفيف من حدة هذه الأزمة، منها خفض عجز الميزانية العامة، وخفض الدين العام، وخفض معدل التضخم وخفض معدل البطالة.
وتُسعى الحكومة التونسية، في الوقت الراهن إلى الحصول على مساعدات مالية من الدول العربية والأجنبية، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، ولكن من المهم أن تُنفذ الحكومة هذه الإجراءات بشكل فعّال من أجل تجاوز هذه الأزمة وضمان استقرار الاقتصاد التونسي خلال السنة الحالية.
سفيان المهداوي
*مؤشرات تكشف مرور تونس بسنة مالية صعبة جدا والخبراء يطالبون بإصلاحات واسعة
تونس- الصباح
تواجه تونس خلال الثلاثي الأول فترة مالية حرجة، تتعلق بتوفير احتياجات مالية بقيمة 15.6 مليار دينار، وتتوزع لسداد خدمة الدين الداخلي والخارجي (7.011 مليار دينار منها 5.040 مليار دينار دين خارجي) ودفع الأجور (2.7 مليار دينار) والاستثمار العمومي (1 مليار دينار) والنفقات ذات الصبغة التنموية (1.8 مليار دينار) ونفقات الدعم (1 مليار دينار). وتُخطط الحكومة التونسية لجمع هذه الأموال من خلال الاقتراض الداخلي عبر إصدار سندات خزينة، والحصول على قروض من البنوك المحلية بقيمة 7 مليار، بالإضافة إلى اللجوء إلى الاقتراض الخارجي للحصول على قروض من الدول العربية والأجنبية.
وعلى غرار الاحتياجات التمويلية العالية خلال الثلاثي الأول فقط، ستشهد النفقات الموجّهة للدعم في قانون المالية لسنة 2024 ارتفاعا مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023، حيث تقدّر هذه النفقات بـ19% من نفقات الميزانية، وتشمل النفقات دعم حاجيات المحروقات والبالغة أكثر من 7 مليار دينار، في حين تم تخصيص أكثر من 3.5 مليار دينار لدعم المواد الأساسية، ونفقات دعم النقل بـ 660 مليون دينار، وهو ما يمثل 5.9% من جملة نفقات الدعم، علما وأن هذه النفقات قدرت في قانون المالية لسنة 2023 إجمالا 9103 ملايين دينار دون احتساب التغييرات في قانون المالية التعديلي.
ومن المتوقع وفق نسخة قانون المالية لسنة 2024 أن تبلغ مداخيل ميزانية الدولة الذاتية 49160 مليون دينار أي بتطوّر بـ 8.4% مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023 وتمثل نسبة 63.1% من جملة موارد ميزانية الدولة، وستبلغ نفقات مشروع الميزانية 59805 م.د أي بتطور بـنسبة 6.7% أو +3734 م.د مقارنة بالنتائج المحينة لسنة 2023.
كما يُتَوقّع أن تبلغ حاجيات دعم المحروقات حوالي 7086 م.د وذلك باعتبار مردود الإجراءات المتعلقة بتحسين أداء الشركات والتحكّم في الاستهلاك ومراقبة مسالك توزيع قوارير الغاز المنزلي.
كما تقدّر نفقات دعم المواد الأساسية بـ31.7% من جملة نفقات الدعم حيث ستبلغ حوالي 3591 م.د، وهي مرتبطة بتراجع معدّل سعر القمح في الأسواق العالمية إلى مستوى 327 دولارا للطن وتراجع سعر الزيت النباتي إلى مستوى 1100 دولار للطن واستقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار.
وحسب ذات الوثيقة، قدرت نفقات التنمية بـ10347م.د، وتهم تدخّلات ذات صبغة تنموية بحوالي 5006 م.د ونفقات بعنوان الاستثمار بـ 274 م.د منها 1775 م.د مشاريع ممولة عن طريق القروض الخارجية المباشرة، ونفقات العمليات المالية في حدود 67 م.د. وتبلغ خدمة الدين العمومي 24701 م .د تتوزّع بين أصل الدين 17863 م .د وفائدة بـ6838 م. د.
ويقدر حجم ميزانية الدولة للسنة القادمة 77868 م.د مقابل 71239 م.د محيّنة لسنة 2023 أي زيادة بـ 6629 م.د أو 3.9%، في حين من المتوقع أن يبلغ عجز الميزانية -11515 م.د أي ما يعادل -6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنّ حاجيات تمويل هذا العجز وتسديد أصل الدين تقدّر بـ28708 م.د مقابل 25879 م.د محينة سنة 2023.
وتبلغ التقديرات الإجمالية لنفقات الدعم بعنوان سنة 2024 ما قدره 11337 مليون دينار تونسي، وهو ما يمثل 19% من جملة نفقات ميزانية الدولة، و6.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقدر حاجيات التمويل الضرورية لتوازن منظومة المحروقات والكهرباء والغاز في سنة 2024 بـ 7086 مليون دينار، وهو ما يمثل 62.4% من جملة نفقات الدعم، في حين تقدر نفقات دعم المواد الأساسية بـ 3591 مليون دينار، وهو ما يمثل 31.7% من جملة نفقات الدعم، ونفقات دعم النقل بـ 660 مليون دينار، وهو ما يمثل 5.9% من جملة نفقات الدعم.
الحد من عجز الميزانية
وتعاني تونس من عجز كبير في الميزانية منذ سنوات، حيث بلغ العجز في عام 2022 حوالي 7.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويرجع هذا العجز إلى عدة عوامل، منها ارتفاع الإنفاق الحكومي، وانخفاض الإيرادات الضريبية، وتراجع النمو الاقتصادي، كما يعاني الاقتصاد التونسي من ارتفاع الدين العام، حيث بلغ الدين في عام 2022 حوالي 93٪ من الناتج المحلي الإجمالي. ويشكل هذا الدين عبئًا كبيرًا على الاقتصاد التونسي، حيث يجب على الحكومة سداد فوائد الدين كل عام.
كما تعاني تونس من مشكلة البطالة، حيث يبلغ معدل البطالة حوالي 18٪. ويرجع هذا إلى عدة عوامل، منها ضعف النمو الاقتصادي، وقلة الاستثمارات، وزيادة عدد السكان.
كما يعاني الاقتصاد التونسي من ارتفاع معدل التضخم، حيث بلغ معدل التضخم في عام 2022 حوالي 8٪. وارتفع إلى مستويات غير مطمئنة في الأشهر الأخيرة ليتجاوز حاجز 10% ويتراجع في الفترة القليلة الماضية إلى حدود 7.8%، ويرجع هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها ارتفاع أسعار الطاقة، وارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ويرى عدد من خبراء الاقتصاد الذين قدموا لـ"الصباح" جملة من المعطيات الآنية للخروج من الأزمة الحالية، أنه يجب على الحكومة البحث عن حلول لعودة إنتاج الفسفاط بنسق طبيعي باعتباره قادر على توفير موارد هامة من العملة الصعبة، بالإضافة إلى ضرورة حل الإشكالات المتعلقة، بالإضافة إلى سن قوانين جديدة محفزة يتم تضمينها في قانون المالية لسنة 2024 بهدف دفع الاقتصاد خلال السنة القادمة ومواجهة التحديات وخلاص الديون، والشروع في الإصلاحات الاقتصادية وخاصة الجانب التشريعي وإصلاح ملف الأعمال وفتح الاقتصاد والمنافسة وإصلاح الإدارة وحوكمة المؤسسات العمومية.
ملفات حارقة
كما يؤكد العديد من الخبراء أن حكومة الحالية أمام العشرات من الملفات الاقتصادية الحارقة وليس ملف واحد، تتعلق بالأساس بالبحث عن مصادر جديدة لدفع الاستثمار ومعالجة الوضعية المالية البالية، فضلا عن وضعية المؤسسات العمومية الحرجة،بالإضافة إلى التداين المشط للدولة التونسية والذي بلغ مستويات قياسية خاصة هذه السنة ".
وكل هذه المؤشرات تستدعي مقاربة شاملة وتشخيص كل ملف عن كثب وإدخال إصلاحات هيكلية واتخاذ إجراءات فورية تتناسب مع طبيعة كل أزمة، علما وان عملية الإصلاح ستكون شاقة وطويلة الأمد وهي بحاجة لمتابعة مستمرة ودقيقة.
ويحذر جزء واسع من خبراء الاقتصاد، من أي تباطؤ في عملية الإصلاح، مؤكدين أنه بقدر ما كانت المعالجة سريعة، كانت النتائج أفضل، وهذه المرحلة تستدعي من الحكومة تكثيف عمليات التشخيص لكافة الملفات الاقتصادية، والعمل على معالجتها وفق مخطط اقتصادي واضح.
تكوين لجان مختصة
ويجمع أغلب الخبراء على ضرورة تكوين لجنة من المختصين في المجال الاقتصادي والمالي قصد وضع برنامج إنقاذ الاقتصاد الوطني وإنعاشه مع تشريك خبراء اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف والأحزاب السياسية، والعمل على إعادة الثقة للمستثمرين ورجال الأعمال.
وحسب خبراء الاقتصاد فإن تونس لم تعد لها القدرة على التوجه للسوق الخارجية للاقتراض بسبب بلوغ التداين الحكومي مستويات قياسية بلغت 82 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من بينها 60 في المائة ديون خارجية.
وأمام حجم ديون تونس الداخلية والخارجية، والذي يبعث على القلق، خاصة وان هذه الوضعية تفرض التعويل مستقبلا على الإمكانيات الذاتية للدولة لخلق الثروة وتأجيل جزء من الالتزامات المالية المتعلقة بالأجور، بالإضافة إلى العمل على إنعاش القطاع السياحي وإعادته إلى الواجهة بالنظر إلى أهميته الكبيرة في الرفع من احتياطي تونس من النقد الأجنبي.
سنة مالية صعبة
وتفرض هذه الوضعية على الحكومة زيادة ضريبة القيمة المضافة، وفرض ضرائب جديدة على بعض السلع والخدمات، وخفض الإنفاق العام، وترشيد الإنفاق على بعض القطاعات، وتأجيل بعض المشاريع الاستثمارية، بسبب العديد من العوامل، منها ارتفاع عجز الميزانية العامة، حيث يُقدر عجز الميزانية العامة لسنة 2024 بـ 9.4% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى ارتفاع الدين العام التونسي إلى 83.6% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية سنة 2023.
كما تُؤدي هذه العوامل إلى صعوبة في توفير احتياجات الدولة المالية، مما قد يُؤدي إلى تأخير صرف رواتب الموظفين، وتأخير دفع فواتير الخدمات العامة، وتأجيل بعض المشاريع الاستثمارية.
ومن الضروري وفق ما كشف عنه عدد من خبراء الاقتصاد لـ"الصباح"، أن تُحاول الحكومة التونسية اتخاذ العديد من الإجراءات للتخفيف من حدة هذه الأزمة، منها خفض عجز الميزانية العامة، وخفض الدين العام، وخفض معدل التضخم وخفض معدل البطالة.
وتُسعى الحكومة التونسية، في الوقت الراهن إلى الحصول على مساعدات مالية من الدول العربية والأجنبية، بالإضافة إلى تحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر، ولكن من المهم أن تُنفذ الحكومة هذه الإجراءات بشكل فعّال من أجل تجاوز هذه الأزمة وضمان استقرار الاقتصاد التونسي خلال السنة الحالية.