عن دار العين للنشر " القاهرة " صدرت الرواية الثالثة للكاتبة الإماراتية وداد خليفة".. الرواية هي ذاكرة إنسان بريء من عنف السياسة والمال والاقتصاد عاش على صدر شواطئ وطنه حالما بكسرة عنفوان ، غامر مع امواج بحره ليرى اليقين ، وتوجه للصحراء ليلبس لغة الضاد وجاهد ليبقى صوت الإيمان بذاكرته مسارا للنور، ولكن هاجمه الموت وذهب ليقين آخر "
حصرت الكاتبة شخصيات روايتها بعدة ابطال هم شخصية " عشبة " وشخصية " مطر " وشخصية المربية " تريزا " التي اعتبرت جزءا من العائلة ، وأعطت لكل شخصية فصلا لتقدم نفسها ، ولكن بترابط جميل ومشوق يعكس مدى وضوح رؤية الكاتبة للحياة وفهمها بشكل يفاجئ القارئ و يجعله يتضامن مع تلك الشخصيات ليتابع مسيرتهم ضمن مسار واقعي ذي بعد قومي وعربي .
" الزمان لا يحتمل الا اثنين تناغما وتعانقا ، رغم أنهما ضدان ".
شخصية مطر
"مطر" وهذا اسمه " شاب تربى على المثل والأخلاق العربية وعلى الاعتزاز بهويته ولغته رغم تخرجه من جامعة " كامبريدج " البريطانية . ولم ينس وصايا والدته "عشبة" التي كانت تحثه دائما على التشبث بالانتماء : " حافظ يا مطر على نخلتك ، انها نخلة مرصعة بالزمرد ، مثقلة أغداقها بالياقوت، تربتها قلبك، يراها غير الناطقين بالعربية ولا تراها أنت. انها تسكن قلبك ، تتغذى بوجدانك وانتمائك واعتزازك ، كلما تمسكت بلغتك واعتززت بها ، ازداد اخضرار زمردها وكبرت أغداقها ".
" مطر " باحث في الآثار وتاجر ، يعمل في بيع واقتناء الآثار ، يقدر قيمتها لأنها تختزل تاريخا.. كان يهوى جمعها ويبحث في تاريخها وحكايات الأيدي التي صنعتها ، لم يتعامل مع تلك القطع كتاجر بل كعاشق لها .
"عشبة "
هي والدة "مطر" التي كانت تدعوه ب "ماء السماء" . ربته صغيرا كما أراد له والده قبل أن يرحل عنه صغيرا، زرعت فيه قيم الانتماء والاعتزاز به والمحافظة عليه ، عاشت كل مراحل التغيرات والحروب في الوطن العربي وكانت قضية فلسطين هاجسها متابعة كل تطوراتها ، وظلت متمسكة بعروبتها معتزة بها تتفاعل مع المتغيرات السياسية في الوطن العربي منذ زمن عبد الناصر في مصر الى اتفاقيات كامب ديفيد وانعكاس ذلك على كل المنطقة العربية، وكذلك قيام اتحاد الامارات العربية وما طرأ من تغيرات في مجتمعها بعد قيام الاتحاد، واستقدام الهنود وغيرهم من جنسيات للعمل بها ، وتأثير ذلك على المجتمع الاماراتي من خلال هؤلاء الوافدين الحاملين معهم ثقافتهم ولغتهم وانعكاس ذلك حتى على اللغة العربية التي اقتحمها هؤلاء وأدخلوا بعض مصطلحاتهم عليها وعلى المجتمع الإماراتي.
شخصية تريزا المربية
تريزا معينة منزلية ومربية هندية لدى عائلة مطر ، لعبت دورا في تربية مطر واتقنت اللغة العربية التي حرصت " عشبة " على ترسيخها، صارت تنتمي للعائلة بحبها لهم ، تتفانى بخدمتهم وتدخل البهجة الى البيت رغم حزنها على ابنتها التي انكرتها لانها تعمل خادمة، عملت جاهدة لتكمل ابنتها دراستها في كلية الطب وتخرجت منها طبيبة تعمل في ارقى مشافي لندن ، لكن تريزا بعد نكران ابنتها لها وجدت في عائلة مطر ما يخفف عنها هذا الفقد، خاصة ان تريزا تتمتع بثقافة لا بأس بها مما اهلها لفهم محيطها والتفاعل معه الى أن صارت جزءا منه.
رواية عشبة ومطر رواية وطنية عربية حملت الحلم العربي منذ النكبة الفلسطينية عام 1948 ونقلت بشفافية صدق مشاعر الشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية ايمانا من الكاتبة بالانتماء العربي والهوية العربية.
رواية "عشبة ومطر" صرخة فيما تبقى من ضمير عربي حي ، ودعوة للأجيال القادمة للعودة الى جذورهم العربية ، ودعوة للحفاظ على الذات والهوية واحياء لغة الضاد التي باتت مهددة خاصة بعد التطور التكنولجي السريع ، لكنها لا تغلق نوافذ التغير ورياحها شرط ألا يقتلعنا من جذورنا ونصبح شعوبا هجينة لا هوية لها ولا انتماء.
بقلم: ماري عيلبوني
عن دار العين للنشر " القاهرة " صدرت الرواية الثالثة للكاتبة الإماراتية وداد خليفة".. الرواية هي ذاكرة إنسان بريء من عنف السياسة والمال والاقتصاد عاش على صدر شواطئ وطنه حالما بكسرة عنفوان ، غامر مع امواج بحره ليرى اليقين ، وتوجه للصحراء ليلبس لغة الضاد وجاهد ليبقى صوت الإيمان بذاكرته مسارا للنور، ولكن هاجمه الموت وذهب ليقين آخر "
حصرت الكاتبة شخصيات روايتها بعدة ابطال هم شخصية " عشبة " وشخصية " مطر " وشخصية المربية " تريزا " التي اعتبرت جزءا من العائلة ، وأعطت لكل شخصية فصلا لتقدم نفسها ، ولكن بترابط جميل ومشوق يعكس مدى وضوح رؤية الكاتبة للحياة وفهمها بشكل يفاجئ القارئ و يجعله يتضامن مع تلك الشخصيات ليتابع مسيرتهم ضمن مسار واقعي ذي بعد قومي وعربي .
" الزمان لا يحتمل الا اثنين تناغما وتعانقا ، رغم أنهما ضدان ".
شخصية مطر
"مطر" وهذا اسمه " شاب تربى على المثل والأخلاق العربية وعلى الاعتزاز بهويته ولغته رغم تخرجه من جامعة " كامبريدج " البريطانية . ولم ينس وصايا والدته "عشبة" التي كانت تحثه دائما على التشبث بالانتماء : " حافظ يا مطر على نخلتك ، انها نخلة مرصعة بالزمرد ، مثقلة أغداقها بالياقوت، تربتها قلبك، يراها غير الناطقين بالعربية ولا تراها أنت. انها تسكن قلبك ، تتغذى بوجدانك وانتمائك واعتزازك ، كلما تمسكت بلغتك واعتززت بها ، ازداد اخضرار زمردها وكبرت أغداقها ".
" مطر " باحث في الآثار وتاجر ، يعمل في بيع واقتناء الآثار ، يقدر قيمتها لأنها تختزل تاريخا.. كان يهوى جمعها ويبحث في تاريخها وحكايات الأيدي التي صنعتها ، لم يتعامل مع تلك القطع كتاجر بل كعاشق لها .
"عشبة "
هي والدة "مطر" التي كانت تدعوه ب "ماء السماء" . ربته صغيرا كما أراد له والده قبل أن يرحل عنه صغيرا، زرعت فيه قيم الانتماء والاعتزاز به والمحافظة عليه ، عاشت كل مراحل التغيرات والحروب في الوطن العربي وكانت قضية فلسطين هاجسها متابعة كل تطوراتها ، وظلت متمسكة بعروبتها معتزة بها تتفاعل مع المتغيرات السياسية في الوطن العربي منذ زمن عبد الناصر في مصر الى اتفاقيات كامب ديفيد وانعكاس ذلك على كل المنطقة العربية، وكذلك قيام اتحاد الامارات العربية وما طرأ من تغيرات في مجتمعها بعد قيام الاتحاد، واستقدام الهنود وغيرهم من جنسيات للعمل بها ، وتأثير ذلك على المجتمع الاماراتي من خلال هؤلاء الوافدين الحاملين معهم ثقافتهم ولغتهم وانعكاس ذلك حتى على اللغة العربية التي اقتحمها هؤلاء وأدخلوا بعض مصطلحاتهم عليها وعلى المجتمع الإماراتي.
شخصية تريزا المربية
تريزا معينة منزلية ومربية هندية لدى عائلة مطر ، لعبت دورا في تربية مطر واتقنت اللغة العربية التي حرصت " عشبة " على ترسيخها، صارت تنتمي للعائلة بحبها لهم ، تتفانى بخدمتهم وتدخل البهجة الى البيت رغم حزنها على ابنتها التي انكرتها لانها تعمل خادمة، عملت جاهدة لتكمل ابنتها دراستها في كلية الطب وتخرجت منها طبيبة تعمل في ارقى مشافي لندن ، لكن تريزا بعد نكران ابنتها لها وجدت في عائلة مطر ما يخفف عنها هذا الفقد، خاصة ان تريزا تتمتع بثقافة لا بأس بها مما اهلها لفهم محيطها والتفاعل معه الى أن صارت جزءا منه.
رواية عشبة ومطر رواية وطنية عربية حملت الحلم العربي منذ النكبة الفلسطينية عام 1948 ونقلت بشفافية صدق مشاعر الشعوب العربية تجاه القضية الفلسطينية ايمانا من الكاتبة بالانتماء العربي والهوية العربية.
رواية "عشبة ومطر" صرخة فيما تبقى من ضمير عربي حي ، ودعوة للأجيال القادمة للعودة الى جذورهم العربية ، ودعوة للحفاظ على الذات والهوية واحياء لغة الضاد التي باتت مهددة خاصة بعد التطور التكنولجي السريع ، لكنها لا تغلق نوافذ التغير ورياحها شرط ألا يقتلعنا من جذورنا ونصبح شعوبا هجينة لا هوية لها ولا انتماء.