إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مفدي زكريا - ابراهيم صدّيقي وإطلالة على المشهد الشعري الجزائري...

بقلم: محمد السبوعي

للأمانة حاولت متابعة المشهد الشعري الجزائري  منذ سنوات فلم أجد صوتا واحدا يجذب حواسي وذائقتي  ..بل الأقسى من ذلك أن التفهاء حسموا أمرهم  واستولوا على المنابر الثقافية  والمؤسسات والجمعيات وحتى إتحاد الكتاب...ولقد رأيت من نصوصهم ما أثار قرفي  ولم تتح لي الفرصة لسماع قصائد إبراهيم  صدّيقي إلا أخيرا  ..لقد عرفته مسؤولا نافذا وزميلا قديرا في حقل الإعلام  عندما ذهبت إلى الجزائر بدعوة كريمة من وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي...وكان إبراهيم الصديقي حريصا على الإهتمام بضيوف الجزائر..كريما في كل شيء حتى في ابتسامته الخجولة...نعم لم يجد علينا ببعض قصائده  فقد كان مهتما بسمعة بلده حريصا على صورة الجزائر في عيون ضيوفها..

عذبة قصائد إبراهيم الصدّيقي كالطفولة ..كاللحن.كالصباح  الجديد على رأي أبي القاسم الشّابي..عذبة بلغتها السلسة واسلوبها  المتفرد  وعفوية الطفولة الكامنة في تضاريسها...شجية قصائده كاللحن المنساب على وقع إيقاعه  الفطري ..خرير الأنهار..وخببالخيول..وترانيمالعصافير..وايقاع الرحلة وإناخة الإبل  ..حادي العيس  وحمحمة الخيل هي المنابع الأولى للأوزان الشعرية  التي يلتزم بها شاعرنا  وينضبط  لشروطها  الصارمة بحرا  وتفعيلة   وقافية.

بعين الحداثة  لاإرضاءا للسلف الصالح..ألم يصرخ محمود درويش  في وجه الحداثويين بقولته الشهيرة  :

لماذا نتخلّى عن ثروتنا الإيقاعية؟؟؟؟

كذلك شاعرنا إبراهيم الصدّيقي  الصارم في الحفاظ على إرثنا الإيقاعي الجميل  مستعملا لغة عصرنا   مشاركا البشرية  صخبها وانفعالاتها  وأحاسيسها... 

باذخة قصائد إبراهيم الصدّيقي..شفيفةكعطر..وعابقة بالجمال والسحر...حديثة في مظامينها...وكلاسيكية في شكلها  كنبيذ معتق  أرتشفه خفية وبشغف.. خشية اتهامي بمناصرة القدامة الماكرة ضد الحداثة النضرة... .نعم ماكرة قصائد شاعرنا في استعادة غزل عمر بن أبي ربيعة..وجميل بثينة  وكثير عزة..شامخة أمام أدعياء الحداثة ممن يكتبون جملا متناثرة لا بهاء لها ولا إيقاع..مدججين بنظريات عبثية مسقطة من الغرب...تنزع خصوصيتنا ورؤيتنا الخاصة للجمال..وخاصة لغيرتنا على من نحب...نحب الحياة والنبيذ..ونكتفي بامرأة واحدة نغار عليها من ضلها..هكذا نحن....

كتبت سابقا عن أهم تجارب قصيدة النثر من خلال نصوص مفتاح العماري.. جميع نصوصه أنيقة وباذخة..وقلت لأدونيس ذات لقاء جمعني بعلي أحمد سعيد. بعد أن سألني عن المشهد الشعري في بلادنا. يخرب بيتك يا علي أحمد سعيد.. لقد فتحت لنا أبواب السحر لمن دبّ وشاء. واستولى التفهاء على المنابر جميعها...ضحك أدونيس وقال.. وحتى في الأزمنة القديمة تكاثر الشعراء ولم يبق غير المتنبي وأبي فراس والمعري ....وأبي نواس وأبي تمام....

وإبراهيم الصديقي. الجزائري نهل من المنابع الحقيقية للشعر عالميا وعربيا. فأضاف لمدونة الشعر العربي ومن شمال إفريقيا ما لم يستطعه  المشارقة...

يكفي إبراهيم الصدّيقي انهالقائل:

لِغدرِكِ معنىََ لا يقال بلا دمعِ

ولا يُكتَفَى في فهمِ فحواهُ بالسمعِ

لبُعدكِ تأويلُ الجداولِ حينما

تٌبالغ في إنكار فضلِِ على النبعِ

زرعتُك في أغوارِ شِعري قصيدةََ

ولم أنتبه للضُّرِّ عششَ في زرعي

مررتِ بقربي في الزُّقاق كنجمةِِ

بلطفِِ تهاوت من سماواتها السبعِ

وحين التقى الوجهان كنتُ بلا فمِِ

فلم أستطع همسا إليكِ فأسترعي

وكنتُ بلا رجلين   أعبرُ زاحِفا

وكنتِبزرقاءِِ رباعيةِ   الدفعِ

هنيئا لك الدنيا التي حين أقبلت

عليك   اذابت   ذكرياتِك كالشمعِ

 

مفدي زكريا - ابراهيم صدّيقي وإطلالة على المشهد الشعري الجزائري...

بقلم: محمد السبوعي

للأمانة حاولت متابعة المشهد الشعري الجزائري  منذ سنوات فلم أجد صوتا واحدا يجذب حواسي وذائقتي  ..بل الأقسى من ذلك أن التفهاء حسموا أمرهم  واستولوا على المنابر الثقافية  والمؤسسات والجمعيات وحتى إتحاد الكتاب...ولقد رأيت من نصوصهم ما أثار قرفي  ولم تتح لي الفرصة لسماع قصائد إبراهيم  صدّيقي إلا أخيرا  ..لقد عرفته مسؤولا نافذا وزميلا قديرا في حقل الإعلام  عندما ذهبت إلى الجزائر بدعوة كريمة من وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي...وكان إبراهيم الصديقي حريصا على الإهتمام بضيوف الجزائر..كريما في كل شيء حتى في ابتسامته الخجولة...نعم لم يجد علينا ببعض قصائده  فقد كان مهتما بسمعة بلده حريصا على صورة الجزائر في عيون ضيوفها..

عذبة قصائد إبراهيم الصدّيقي كالطفولة ..كاللحن.كالصباح  الجديد على رأي أبي القاسم الشّابي..عذبة بلغتها السلسة واسلوبها  المتفرد  وعفوية الطفولة الكامنة في تضاريسها...شجية قصائده كاللحن المنساب على وقع إيقاعه  الفطري ..خرير الأنهار..وخببالخيول..وترانيمالعصافير..وايقاع الرحلة وإناخة الإبل  ..حادي العيس  وحمحمة الخيل هي المنابع الأولى للأوزان الشعرية  التي يلتزم بها شاعرنا  وينضبط  لشروطها  الصارمة بحرا  وتفعيلة   وقافية.

بعين الحداثة  لاإرضاءا للسلف الصالح..ألم يصرخ محمود درويش  في وجه الحداثويين بقولته الشهيرة  :

لماذا نتخلّى عن ثروتنا الإيقاعية؟؟؟؟

كذلك شاعرنا إبراهيم الصدّيقي  الصارم في الحفاظ على إرثنا الإيقاعي الجميل  مستعملا لغة عصرنا   مشاركا البشرية  صخبها وانفعالاتها  وأحاسيسها... 

باذخة قصائد إبراهيم الصدّيقي..شفيفةكعطر..وعابقة بالجمال والسحر...حديثة في مظامينها...وكلاسيكية في شكلها  كنبيذ معتق  أرتشفه خفية وبشغف.. خشية اتهامي بمناصرة القدامة الماكرة ضد الحداثة النضرة... .نعم ماكرة قصائد شاعرنا في استعادة غزل عمر بن أبي ربيعة..وجميل بثينة  وكثير عزة..شامخة أمام أدعياء الحداثة ممن يكتبون جملا متناثرة لا بهاء لها ولا إيقاع..مدججين بنظريات عبثية مسقطة من الغرب...تنزع خصوصيتنا ورؤيتنا الخاصة للجمال..وخاصة لغيرتنا على من نحب...نحب الحياة والنبيذ..ونكتفي بامرأة واحدة نغار عليها من ضلها..هكذا نحن....

كتبت سابقا عن أهم تجارب قصيدة النثر من خلال نصوص مفتاح العماري.. جميع نصوصه أنيقة وباذخة..وقلت لأدونيس ذات لقاء جمعني بعلي أحمد سعيد. بعد أن سألني عن المشهد الشعري في بلادنا. يخرب بيتك يا علي أحمد سعيد.. لقد فتحت لنا أبواب السحر لمن دبّ وشاء. واستولى التفهاء على المنابر جميعها...ضحك أدونيس وقال.. وحتى في الأزمنة القديمة تكاثر الشعراء ولم يبق غير المتنبي وأبي فراس والمعري ....وأبي نواس وأبي تمام....

وإبراهيم الصديقي. الجزائري نهل من المنابع الحقيقية للشعر عالميا وعربيا. فأضاف لمدونة الشعر العربي ومن شمال إفريقيا ما لم يستطعه  المشارقة...

يكفي إبراهيم الصدّيقي انهالقائل:

لِغدرِكِ معنىََ لا يقال بلا دمعِ

ولا يُكتَفَى في فهمِ فحواهُ بالسمعِ

لبُعدكِ تأويلُ الجداولِ حينما

تٌبالغ في إنكار فضلِِ على النبعِ

زرعتُك في أغوارِ شِعري قصيدةََ

ولم أنتبه للضُّرِّ عششَ في زرعي

مررتِ بقربي في الزُّقاق كنجمةِِ

بلطفِِ تهاوت من سماواتها السبعِ

وحين التقى الوجهان كنتُ بلا فمِِ

فلم أستطع همسا إليكِ فأسترعي

وكنتُ بلا رجلين   أعبرُ زاحِفا

وكنتِبزرقاءِِ رباعيةِ   الدفعِ

هنيئا لك الدنيا التي حين أقبلت

عليك   اذابت   ذكرياتِك كالشمعِ