الشجرة لا تنمو إلا اذا سقيتها.. والعقول كذلك، لكن ماءها قراءة كتب وإعمال عقل..
كلما كانت المجتمعات أبسط، كلما زاد تأثير التمثلات الغيبية: لكن ما يسيطر على الجماعية هو “غيبي” وليس عقلاني.
اجمع كلّ الرحالة الذين كتبوا عن تونس أنها مدينة شديدة التحصين بأبوابها وزواياها. لهذا أطلقت عليها تسمية "تونس المحروسة" من قبل أوليائها الصالحين.
فمعتقدات الشعوب غير المتحضرة يحكمها مبدأ "المشاركة الاعتقادية الغيبية" المرتبط بالقيود الاجتماعية، هذه هي الفكرة الرئيسية.
والفكرة الثانية هي أن هذا المبدأ يفترض قدرا من اللامبالاة تجاه التناقضات المنطقية، مما يدل على تنظيم مختلف للعقليات وللنفسيات.
نحن لسنا إلا ما نفكر فيه .
لأن العقليات والنماذج توجه السلوك، فإن تغييرها يمكن أن يكون له تأثير عميق... فالأشخاص الذين يتمكنون من التدخل في الأنظمة على مستوى النموذج يصلون إلى نقطة التأثير التي تؤدي إلى تحويل الأنظمة بالكامل.
عند كلّ فوز للمنتخب التونسي في أية رياضة من الرياضات المختلفة، يُرجع التونسيون الفضل في ذلك إلى سيدي محرز أو سيدي بلحسن الشاذلي، حتى أن جماهير الملاعب تردد أنشودة "بلحسن يا شاذلي" الشهيرة في المقابلات المصيرية .
لكن ماذا عند الخسارة والانسحاب كما حصل قبل أيام مع بطولة "الكان" والمشاركة الهزيلة بنتائجها للمنتخب الوطني، لمن نردّ المسؤولية .
أو بالأحرى لم اللوم على جماهير كرة، مادام رموز نخبنا وقيادات بلداننا أنفسهم يعتقدون ذلك .
الرئيس الراحل، الباجي قائد السبسي، عندما أعطى إشارة انطلاق بداية حملته الانتخابية كان ذلك في مقام سيدي بلحسن الشاذلي سنة 2014، بل ثمّن أكثر من مرة قدرة أولياء تونس الخارقة على حراسة البلاد وحماية ونصر العباد .
الجنرال رشيد عمار رجل "الثورة" صرّح "أن تونس لديها الأولياء الصالحين متاعها يحمونها".
رؤساء سابقون تبرّكوا بالأولياء الصالحين من بورقيبة إلى بن علي .
كذلك بعض رؤساء الأحزاب والأمناء العامين لمنظمات، ناهيك أن رئيس اتحاد إحدى أبرز منظماتنا الوطنية طمح في فترة ما أن يكون له دور متقدم في شؤون البلاد فنصحه احد مستشاريه بالتقرّب من أحد الأولياء الصالحين ووضع داخل ملابسه حرز يصونه وينصره ويحميه، وهو ما بادر به فعلا .
لا اعتقد أن هنالك من يشكك في كرامات الأولياء الصالحين وما وهبه الله تعالى لهم من قدرات تأتي على أيديهم نفعا للخلق ونصرا للحق، ولكن أن تكون هنالك مبالغة إيمانية بقدراتهم فهذا محلّ جدل .
تهدف تقنيات الرفاهية والتنمية الشخصية المختلفة إلى إخراج الإنسان إلى ما هو أبعد من حجاب الجهل. إنها تجعلنا نتقدم من الجهل إلى الحكمة، أي نحو رفع الوعي.
يتعلق الأمر أولاً وقبل كل شيء بأن نصبح واعين بأنفسنا.
لأنه في نهاية المطاف، في معظم الأوقات، نحن فقط ما نفعله، وبالتالي ما نرغب في القيام به .
إن أزمة البشرية الآن، وفي كل زمان هي أنها تتقدم في وسائل قدرتها، أسرع مما تتقدم في وسائل حكمتها.
يرويها: أبو بكر الصغير
الشجرة لا تنمو إلا اذا سقيتها.. والعقول كذلك، لكن ماءها قراءة كتب وإعمال عقل..
كلما كانت المجتمعات أبسط، كلما زاد تأثير التمثلات الغيبية: لكن ما يسيطر على الجماعية هو “غيبي” وليس عقلاني.
اجمع كلّ الرحالة الذين كتبوا عن تونس أنها مدينة شديدة التحصين بأبوابها وزواياها. لهذا أطلقت عليها تسمية "تونس المحروسة" من قبل أوليائها الصالحين.
فمعتقدات الشعوب غير المتحضرة يحكمها مبدأ "المشاركة الاعتقادية الغيبية" المرتبط بالقيود الاجتماعية، هذه هي الفكرة الرئيسية.
والفكرة الثانية هي أن هذا المبدأ يفترض قدرا من اللامبالاة تجاه التناقضات المنطقية، مما يدل على تنظيم مختلف للعقليات وللنفسيات.
نحن لسنا إلا ما نفكر فيه .
لأن العقليات والنماذج توجه السلوك، فإن تغييرها يمكن أن يكون له تأثير عميق... فالأشخاص الذين يتمكنون من التدخل في الأنظمة على مستوى النموذج يصلون إلى نقطة التأثير التي تؤدي إلى تحويل الأنظمة بالكامل.
عند كلّ فوز للمنتخب التونسي في أية رياضة من الرياضات المختلفة، يُرجع التونسيون الفضل في ذلك إلى سيدي محرز أو سيدي بلحسن الشاذلي، حتى أن جماهير الملاعب تردد أنشودة "بلحسن يا شاذلي" الشهيرة في المقابلات المصيرية .
لكن ماذا عند الخسارة والانسحاب كما حصل قبل أيام مع بطولة "الكان" والمشاركة الهزيلة بنتائجها للمنتخب الوطني، لمن نردّ المسؤولية .
أو بالأحرى لم اللوم على جماهير كرة، مادام رموز نخبنا وقيادات بلداننا أنفسهم يعتقدون ذلك .
الرئيس الراحل، الباجي قائد السبسي، عندما أعطى إشارة انطلاق بداية حملته الانتخابية كان ذلك في مقام سيدي بلحسن الشاذلي سنة 2014، بل ثمّن أكثر من مرة قدرة أولياء تونس الخارقة على حراسة البلاد وحماية ونصر العباد .
الجنرال رشيد عمار رجل "الثورة" صرّح "أن تونس لديها الأولياء الصالحين متاعها يحمونها".
رؤساء سابقون تبرّكوا بالأولياء الصالحين من بورقيبة إلى بن علي .
كذلك بعض رؤساء الأحزاب والأمناء العامين لمنظمات، ناهيك أن رئيس اتحاد إحدى أبرز منظماتنا الوطنية طمح في فترة ما أن يكون له دور متقدم في شؤون البلاد فنصحه احد مستشاريه بالتقرّب من أحد الأولياء الصالحين ووضع داخل ملابسه حرز يصونه وينصره ويحميه، وهو ما بادر به فعلا .
لا اعتقد أن هنالك من يشكك في كرامات الأولياء الصالحين وما وهبه الله تعالى لهم من قدرات تأتي على أيديهم نفعا للخلق ونصرا للحق، ولكن أن تكون هنالك مبالغة إيمانية بقدراتهم فهذا محلّ جدل .
تهدف تقنيات الرفاهية والتنمية الشخصية المختلفة إلى إخراج الإنسان إلى ما هو أبعد من حجاب الجهل. إنها تجعلنا نتقدم من الجهل إلى الحكمة، أي نحو رفع الوعي.
يتعلق الأمر أولاً وقبل كل شيء بأن نصبح واعين بأنفسنا.
لأنه في نهاية المطاف، في معظم الأوقات، نحن فقط ما نفعله، وبالتالي ما نرغب في القيام به .
إن أزمة البشرية الآن، وفي كل زمان هي أنها تتقدم في وسائل قدرتها، أسرع مما تتقدم في وسائل حكمتها.