شعبنا لا يتعدّى مستوى الفعل وردّ الفعل. ترانا نثور، ننهض كالرّجل الواحد. ثم سرعان ما تخبو جدوة انفعالاتنا فندخل في سبات عميق لا ننهض منه إلاّ حين يطرأ حدث جديد أو مصاب جليل يجرح مشاعرنا أو يدوس كرامتنا أو يفقدنا الكثير من سيادتنا. بعدها نعود، مرّة أخرى، إلى حياتنا الرّتيبة متصالحين مع الآلام والجراح وكأنّ الخطب لا يعنينا من قريب ولا من بعيد.
لماذا نحن شعب نحب الله ونتقرب إليه أكثر في المواسم والأعياد؟ ترانا طوال رمضان مثلا لا نلهج إلاّ بذكر الله ورسوله. ونودّع عشية عيد الفطر المبارك الابتهالات ونهجر القرآن ونعزف عن التّهجد إلى أن يأتي رمضان جديد. فهل ترانا نعبد الله أم نعبد رمضان؟
لماذا نحن شعب نتآزر مع إخواننا في فلسطين لأيام معدودات؟ ترانا نمسي ونصبح ولا حديث لنا إلاّ عن الأراضي المحتلة وغزّة وما تتعرض له من عدوان غاشم إجراميّ. نثور صائحين ونلجّ في الصياح. نردّد الشعارات المفرغة من كلّ ارتباط بالواقع والوقائع. نحبر العريضة تلو العريضة. ونكتب البيان تلو البيان مندّدين غاضبين. نخرج إلى الشوارع في كل ساعات النهار وحتى في الليل حاملين علم فلسطين. نرسم خريطة فلسطين وجنين. نغنّي لغزّة. نحيي محمود درويش والشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم ومظفر النواب وأحمد دحبور. ونسمع أغنية "القدس" وأغنية "سنرجع" للسيّدة فيروز آناء الليل وأطراف النهار. نخرج كلّ الفنانين والشعراء الثوريّين من أدراج ذاكرتنا. نحيّي المقاومة. نشدّ على أياديها. نبوس الأرض تحت نعالها. نهتف "نفديك، نفديك". وفجأة ندفن احتجاجاتنا لتدخل طيّ النسيان أو التّناسي إلى أجل غير مسمى. ننقطع عن الهيجان. يخور عزمنا. يغيب عنّا شهداؤنا البررة فننساهم من دنيانا كأنّنا لم نعرفهم. ننثني عن المسير. نشكر سعينا. نقنع أنفسنا بأنّنا مناضلون أفذاذ من الدرجة الأولى. ثم نعود إلى هدوئنا وسكينتنا.
لماذا يصبح حديثنا في كل اللقاءات والندوات والسهرات عن إصلاح التعليم وضرورة النهوض به؟ وفي العطل وخاصة منها العطلة الصيفيّة يتحول الاندفاع والحماس من أجل إصلاح المدرسة إلى جليد، إلى صمت مطبق كصمت القبور. فننسى المدرسة وهمومها.
لماذا تعالت أصواتنا من كل حدب وصوب مطالبة بمقاومة الفساد والمفسدين؟ لقد واصلنا حياتنا بعد ذلك وكأنّ شيئا لم يكن. لله درّنا كم نحن وجدانيّون.
لماذا نحن شعب يستفزه اليأس طوال عمره ويندر أن يستفزه الأمل؟ وإن استفزه فلأيام لا يتعدّى عددها أصابع اليد؟
لماذا نحن شعب نسارع إلى فتح كل الملفات دون أن نوفي كلّ ملف حقه؟ لماذا ننخرط مع ما يبثه الاعلام عبر المصادح لساعات أو لأيام من ملفّات تُفتح وتُغلق دون سبب فتنتهي صلتنا بملف الأمس وننغمس في ملف اليوم وهكذا؟
لم لا يوجد خيط ناظم بين خطواتنا بين اليوم والآخر؟ لماذا ترانا شعبا فوضيّا مرتجلا؟ لماذا نعيش على الهامش لا أسلوب لحياتنا ولا منهج لعيشنا ولا هدف من كليهما؟
لماذا ترانا شعبا لم يتوقف يوما ليحاسب نفسه؟ لماذا لم نتساءل عما أنجزناه بعد أن ملأنا الدنيا ضجيجا وحراكا في كل قضايانا السياسية والاجتماعية والحقوقية والاقتصادية والثقافية والبيئية والقومية والإنسانية عموما؟
هل يصح علينا أن نقول إنّنا شعب يعانق الكلام إلى الأبد دون فعال؟
أيها الشعب أين قلبك الخافق الحساس!؟
مصدّق الشّريف
لماذا ترى شعبنا يحدوه الوجدان فقط؟
شعبنا لا يتعدّى مستوى الفعل وردّ الفعل. ترانا نثور، ننهض كالرّجل الواحد. ثم سرعان ما تخبو جدوة انفعالاتنا فندخل في سبات عميق لا ننهض منه إلاّ حين يطرأ حدث جديد أو مصاب جليل يجرح مشاعرنا أو يدوس كرامتنا أو يفقدنا الكثير من سيادتنا. بعدها نعود، مرّة أخرى، إلى حياتنا الرّتيبة متصالحين مع الآلام والجراح وكأنّ الخطب لا يعنينا من قريب ولا من بعيد.
لماذا نحن شعب نحب الله ونتقرب إليه أكثر في المواسم والأعياد؟ ترانا طوال رمضان مثلا لا نلهج إلاّ بذكر الله ورسوله. ونودّع عشية عيد الفطر المبارك الابتهالات ونهجر القرآن ونعزف عن التّهجد إلى أن يأتي رمضان جديد. فهل ترانا نعبد الله أم نعبد رمضان؟
لماذا نحن شعب نتآزر مع إخواننا في فلسطين لأيام معدودات؟ ترانا نمسي ونصبح ولا حديث لنا إلاّ عن الأراضي المحتلة وغزّة وما تتعرض له من عدوان غاشم إجراميّ. نثور صائحين ونلجّ في الصياح. نردّد الشعارات المفرغة من كلّ ارتباط بالواقع والوقائع. نحبر العريضة تلو العريضة. ونكتب البيان تلو البيان مندّدين غاضبين. نخرج إلى الشوارع في كل ساعات النهار وحتى في الليل حاملين علم فلسطين. نرسم خريطة فلسطين وجنين. نغنّي لغزّة. نحيي محمود درويش والشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم ومظفر النواب وأحمد دحبور. ونسمع أغنية "القدس" وأغنية "سنرجع" للسيّدة فيروز آناء الليل وأطراف النهار. نخرج كلّ الفنانين والشعراء الثوريّين من أدراج ذاكرتنا. نحيّي المقاومة. نشدّ على أياديها. نبوس الأرض تحت نعالها. نهتف "نفديك، نفديك". وفجأة ندفن احتجاجاتنا لتدخل طيّ النسيان أو التّناسي إلى أجل غير مسمى. ننقطع عن الهيجان. يخور عزمنا. يغيب عنّا شهداؤنا البررة فننساهم من دنيانا كأنّنا لم نعرفهم. ننثني عن المسير. نشكر سعينا. نقنع أنفسنا بأنّنا مناضلون أفذاذ من الدرجة الأولى. ثم نعود إلى هدوئنا وسكينتنا.
لماذا يصبح حديثنا في كل اللقاءات والندوات والسهرات عن إصلاح التعليم وضرورة النهوض به؟ وفي العطل وخاصة منها العطلة الصيفيّة يتحول الاندفاع والحماس من أجل إصلاح المدرسة إلى جليد، إلى صمت مطبق كصمت القبور. فننسى المدرسة وهمومها.
لماذا تعالت أصواتنا من كل حدب وصوب مطالبة بمقاومة الفساد والمفسدين؟ لقد واصلنا حياتنا بعد ذلك وكأنّ شيئا لم يكن. لله درّنا كم نحن وجدانيّون.
لماذا نحن شعب يستفزه اليأس طوال عمره ويندر أن يستفزه الأمل؟ وإن استفزه فلأيام لا يتعدّى عددها أصابع اليد؟
لماذا نحن شعب نسارع إلى فتح كل الملفات دون أن نوفي كلّ ملف حقه؟ لماذا ننخرط مع ما يبثه الاعلام عبر المصادح لساعات أو لأيام من ملفّات تُفتح وتُغلق دون سبب فتنتهي صلتنا بملف الأمس وننغمس في ملف اليوم وهكذا؟
لم لا يوجد خيط ناظم بين خطواتنا بين اليوم والآخر؟ لماذا ترانا شعبا فوضيّا مرتجلا؟ لماذا نعيش على الهامش لا أسلوب لحياتنا ولا منهج لعيشنا ولا هدف من كليهما؟
لماذا ترانا شعبا لم يتوقف يوما ليحاسب نفسه؟ لماذا لم نتساءل عما أنجزناه بعد أن ملأنا الدنيا ضجيجا وحراكا في كل قضايانا السياسية والاجتماعية والحقوقية والاقتصادية والثقافية والبيئية والقومية والإنسانية عموما؟
هل يصح علينا أن نقول إنّنا شعب يعانق الكلام إلى الأبد دون فعال؟