إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. دولة جديدة ! ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

      اعتبره أهم تصريح، والأكثر دلالة سياسية، ذلك ما أعلنه وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي الذي يعد أحد أقرب الأتباع للرئيس قيس سعيد وأوفاهم لمنظومة الحكم، أحد متزعمي تيار كامل داخل هذه المنظومة، الذي  أكد  بأن سلسلة  اللقاءات التي أجراها منذ فترة عبر مختلف ولايات الجمهورية تعتبر خطوة أولى نحو بناء جديد ونحو تأسيس:"الدولة الجديدة الاجتماعية" التي تضمن لكل مواطن حقه دون إقصاء باعتبار أنّ المفهوم البديهي لهذه الدولة هي المتدخلة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للناس .

 هذا الطرح فرض نفسه بقوة، خاصة أنه وليد الأزمة على مستوى سياسات الدولة التي ترجمت من خلال الحركات الاحتجاجية ومن خلال الأوضاع الصعبة التي تعاني منها القطاعات الاجتماعية.

 تعود التسمية إلى المصطلح الألمانيّ (Sozialstaat)"الدولة الاجتماعية"، تحديدا في سنة 1870 عندما تمّ طرح برامج دعم الدولة التي وضعها القادة السياسيون الاجتماعيون الألمان(Sozialpolitiker) من خلال تنفيذ خطّة كجزء من الإصلاحات الوقائيّة التي قادها ذلك الزعيم الألماني القيصر بسمارك مؤسّس الإمبراطورية الألمانية أو ما يسمى بـ "الرايخ الألماني الثاني".

   إن مفهوم الدولة الاجتماعية، يحيل إلى التدخل الهائل من قِبَل دولة لتتحول إلى رائدة في المجال الاقتصادي أي عملية الإنتاج بما يقلّص بشكل كبير من فئات من البرجوازية التراثية أي أصحاب المبادرة و رأس المال ورجال الأعمال.

   لكن تبقى الدولة الاجتماعية، فكرة غير واضحة المعالم في زمن الليبرالية، تنطوي على نوع من الدولة العامة، المستفيد الأكبر من نوعية هذه الدولة الموظفون السلبيون،  والعملة من ذوي عقلية "شهرية الحاكم" أو "مسمار في حيط" على الرغم من أن هذه إنجازات اجتماعية غالبا ما يتم الحصول عليها من خلال النضال المطلبي الشاق .

 كما تنطوي على نوع من الدولة العامة التي لا يزعجها الإحسان تجاه الموظفين والعملة بغض النظر عن أدائهم وإنتاجيتهم، هذا ما لا تأخذه بعين الاعتبار النظريات التوافقية للتنظيم البيروقراطي للدولة والتي تختزل المكتسبات الاجتماعية إلى "تسويات" مؤسسية .

  لهذا فإنّ التوجه واضح، في طبيعة هذه الدولة، الزيادة الكبيرة في قيمة رأس المال العام على حساب تنمية رأس المال الخاص.

    إن هذا التناقض المعقد للدولة "الاجتماعية" الرأسمالية ومؤيديها هو ما يجب أن نحاول فهمه، إذا أردنا أن نمنح أنفسنا الوسائل اللازمة لتفسير هزيمة القوى التقدمية العالمية في عقود ماضية عند النضال من اجل انجاز مثل هذه الدولة، ولكن أيضًا لإعطاء أنفسنا أسبابًا لذلك.

   لهذا تبقى تشكل الدولة الاجتماعية لغزا للنموذج الاقتصادي المعتاد القائم على أصحاب المبادرة و رجال الأعمال المهتمين بمصالح مشاريعهم ويتفاعلون مع بعضهم البعض من خلال الأسواق.

 في تقدير موقف عديد المراقبين الاقتصاديين فإن الدولة الاجتماعية والتي تسمى خطأً دولة الرفاهية، ليست هي الحلّ الأمثل للبلدان النامية بعد أن فشلت تجارب كثيرة في هذا الجانب، فشلت أن تكون دولة رفاهية، فشلت كذلك في أن تكون دولة تدبر،  أصبحت دولة علاجية حولت الحماية الاجتماعية التي  كانت تأميناً وتضامناً، لتصبح  عبئا. كما كانت السياسة الاقتصادية ذات إلهام ليبرالي، أصبحت سياسة  إعانات. الدولة كانت تقوم وتسهر على تنمية الثروات وإعادة توزيعها، أصبحت محتكرة للثروات! بل دولة صراف آلي ذات عمليات سحب محدودة وإمكانيات معدومة  .كلّ ثروة مثل ماء البحر، كلما شربت منها زاد عطشك  .

حكاياتهم  .. دولة جديدة ! ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

      اعتبره أهم تصريح، والأكثر دلالة سياسية، ذلك ما أعلنه وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي الذي يعد أحد أقرب الأتباع للرئيس قيس سعيد وأوفاهم لمنظومة الحكم، أحد متزعمي تيار كامل داخل هذه المنظومة، الذي  أكد  بأن سلسلة  اللقاءات التي أجراها منذ فترة عبر مختلف ولايات الجمهورية تعتبر خطوة أولى نحو بناء جديد ونحو تأسيس:"الدولة الجديدة الاجتماعية" التي تضمن لكل مواطن حقه دون إقصاء باعتبار أنّ المفهوم البديهي لهذه الدولة هي المتدخلة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للناس .

 هذا الطرح فرض نفسه بقوة، خاصة أنه وليد الأزمة على مستوى سياسات الدولة التي ترجمت من خلال الحركات الاحتجاجية ومن خلال الأوضاع الصعبة التي تعاني منها القطاعات الاجتماعية.

 تعود التسمية إلى المصطلح الألمانيّ (Sozialstaat)"الدولة الاجتماعية"، تحديدا في سنة 1870 عندما تمّ طرح برامج دعم الدولة التي وضعها القادة السياسيون الاجتماعيون الألمان(Sozialpolitiker) من خلال تنفيذ خطّة كجزء من الإصلاحات الوقائيّة التي قادها ذلك الزعيم الألماني القيصر بسمارك مؤسّس الإمبراطورية الألمانية أو ما يسمى بـ "الرايخ الألماني الثاني".

   إن مفهوم الدولة الاجتماعية، يحيل إلى التدخل الهائل من قِبَل دولة لتتحول إلى رائدة في المجال الاقتصادي أي عملية الإنتاج بما يقلّص بشكل كبير من فئات من البرجوازية التراثية أي أصحاب المبادرة و رأس المال ورجال الأعمال.

   لكن تبقى الدولة الاجتماعية، فكرة غير واضحة المعالم في زمن الليبرالية، تنطوي على نوع من الدولة العامة، المستفيد الأكبر من نوعية هذه الدولة الموظفون السلبيون،  والعملة من ذوي عقلية "شهرية الحاكم" أو "مسمار في حيط" على الرغم من أن هذه إنجازات اجتماعية غالبا ما يتم الحصول عليها من خلال النضال المطلبي الشاق .

 كما تنطوي على نوع من الدولة العامة التي لا يزعجها الإحسان تجاه الموظفين والعملة بغض النظر عن أدائهم وإنتاجيتهم، هذا ما لا تأخذه بعين الاعتبار النظريات التوافقية للتنظيم البيروقراطي للدولة والتي تختزل المكتسبات الاجتماعية إلى "تسويات" مؤسسية .

  لهذا فإنّ التوجه واضح، في طبيعة هذه الدولة، الزيادة الكبيرة في قيمة رأس المال العام على حساب تنمية رأس المال الخاص.

    إن هذا التناقض المعقد للدولة "الاجتماعية" الرأسمالية ومؤيديها هو ما يجب أن نحاول فهمه، إذا أردنا أن نمنح أنفسنا الوسائل اللازمة لتفسير هزيمة القوى التقدمية العالمية في عقود ماضية عند النضال من اجل انجاز مثل هذه الدولة، ولكن أيضًا لإعطاء أنفسنا أسبابًا لذلك.

   لهذا تبقى تشكل الدولة الاجتماعية لغزا للنموذج الاقتصادي المعتاد القائم على أصحاب المبادرة و رجال الأعمال المهتمين بمصالح مشاريعهم ويتفاعلون مع بعضهم البعض من خلال الأسواق.

 في تقدير موقف عديد المراقبين الاقتصاديين فإن الدولة الاجتماعية والتي تسمى خطأً دولة الرفاهية، ليست هي الحلّ الأمثل للبلدان النامية بعد أن فشلت تجارب كثيرة في هذا الجانب، فشلت أن تكون دولة رفاهية، فشلت كذلك في أن تكون دولة تدبر،  أصبحت دولة علاجية حولت الحماية الاجتماعية التي  كانت تأميناً وتضامناً، لتصبح  عبئا. كما كانت السياسة الاقتصادية ذات إلهام ليبرالي، أصبحت سياسة  إعانات. الدولة كانت تقوم وتسهر على تنمية الثروات وإعادة توزيعها، أصبحت محتكرة للثروات! بل دولة صراف آلي ذات عمليات سحب محدودة وإمكانيات معدومة  .كلّ ثروة مثل ماء البحر، كلما شربت منها زاد عطشك  .