إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد منح مجلس الشعب الضوء الأخضر.. البنك المركزي يواصل تمويل الدولة ومخاوف جدية من ارتفاع التضخم وتراجع قيمة الدينار !

 

*تمويل البنك المركزي للحكومة في شكل سندات سيخفف الضغط على السيولة ويقلص من مخاطر التخلف عن سداد الديون

*خبراء يرجحون أن التمويلات الغامضة في قانون المالية ستكون من البنك المركزي!

تونس- الصباح

صادقت الحكومة التونسية، منذ أيام قليلة، على مشروع قانون يسمح للبنك المركزي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد، ويهدف الإجراء إلى تمويل عجز الميزانية الذي يتوقع أن يبلغ 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024. وتعد هذه الخطوة متوقعة، حيث سبق وأن أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد في سبتمبر 2023 عن ضرورة مراجعة القوانين للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر.

وقد حذر محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي من هذه الخطوة في عام 2020، معتبرا أنها تنطوي على مخاطر حقيقية بالنسبة للاقتصاد، منها تفاقم الضغوط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.

وكشف اقتصاديون لـ"الصباح"، أن مسألة اقتراض الدولة من البنك المركزي تبقى فرضية ممكنة، ولكن بشرط ألا يكون الاقتراض بهدف تمويل النفقات الاستهلاكية، وإنما لصالح النفقات الإنتاجية والتنمية.

وتتوقع الحكومة التونسية أن يصل تراكم الدين العام في 2024 إلى نحو 140 مليار دينار، أي نحو 79.8% من الناتج المحلي الإجمالي. كما توقعت وكالة "موديز" إن استحقاقات الديون الكبيرة التي يتعين على تونس سدادها تزيد من مخاطر إعادة التمويل في غياب تمويل خارجي شامل.

وتواجه تونس تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها ارتفاع عجز الميزانية وتراكمات الديون، وصعوبة الحصول على التمويل الخارجي. وتأتي الخطوة الأخيرة لحكومة تونس، وهي السماح للبنك المركزي بتمويل عجز الميزانية، كمحاولة للتخفيف من هذه التحديات.

تخفيف ضغوط السيولة

وسيؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى زيادة السيولة المتاحة لدى الحكومة، مما سيساعدها على سداد الالتزامات المالية المستحقة عليها، وتمويل النفقات التشغيلية والاستثمارات العامة، كما سيساعد تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية على تقليل مخاطر التخلف عن السداد، حيث سيقلل من الحاجة إلى الاقتراض الخارجي، والذي يكون عادةً مرتبطاً بشروط أكثر صرامة، كذلك، يمكن أن يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى تحفيز الاقتصاد، من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، وخلق فرص عمل جديدة.

التداعيات السلبية

أما بالنسبة لتداعيات تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية، فإن خطورة هذا القرار تكمن أساسا في ارتفاع التضخم، حيث سيؤدي إلى زيادة عرض النقد في الاقتصاد، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بالإضافة الى انخفاض قيمة العملة، حيث قد يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى انخفاض قيمة العملة التونسية، وزيادة الطلب على العملات الأجنبية لتمويل الاقتراض الخارجي، كما قد يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى تهديد استقلال البنك المركزي، حيث قد تتدخل الحكومة في السياسات النقدية للبنك المركزي لضمان تمويل عجز الميزانية.

المخاطر المحتملة

وبالإضافة إلى التداعيات المذكورة أعلاه، هناك بعض المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية في تونس، وهي زيادة الدين العام، حيث سيؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى زيادة الدين العام التونسي، مما قد يعقد عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج تمويل، فضلا عن انخفاض الثقة في المؤسسات المالية، حيث من المرجح أن يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى انخفاض الثقة في المؤسسات المالية التونسية، مما قد يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات وزيادة الاضطرابات الاقتصادية.

وفي 20 جانفي 2024، وافقت حكومة تونس على مشروع قانون يسمح للبنك المركزي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد، ويهدف الإجراء إلى تمويل عجز الميزانية الذي يتوقع أن يبلغ 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024. وتأتي هذه الخطوة كمحاولة للتخفيف من التحديات الاقتصادية التي تواجه تونس، أبرزها ارتفاع عجز الميزانية وتراكمات الديون وصعوبة الحصول على التمويل الخارجي.

ومن أجل الحد من المخاطر المحتملة لتمويل البنك المركزي لميزانية الدولة التونسية، يجب وضع مجموعة من الضوابط والشروط، وفق ما أعلن عنه عدد من خبراء الاقتصاد، خلال ملتقى حواري حول قانون المالية لسنة 2024، حيث يشدد جزء واسع من الخبراء على ضرورة تحديد سقف محدد لحجم القروض التي يمكن أن يقدمها البنك المركزي للحكومة، وتحديد سعر فائدة محدد لهذه القروض، ووضع شروط لضمان استخدام هذه القروض في تمويل مشاريع ذات مردود اقتصادي إيجابي. وإلى جانب هذه الضوابط والشروط، من المهم أيضًا أن تقوم الحكومة التونسية بتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة، من شأنها خفض عجز الميزانية والدين العام، وتحسين مناخ الاستثمار، وخلق فرص عمل. وإذا نجحت الحكومة التونسية في تنفيذ هذه الإصلاحات، فإن تمويل البنك المركزي لميزانيتها يمكن أن يكون له آثار إيجابية على الاقتصاد، من خلال تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.

إلا أن الحذر من هذه العملية يبقى مرتفعا، خصوصا وان القرار يسمح لكافة المؤسسات البنكية التونسية بتمويل الميزانية العامة للدولة التونسية مما يرفع من حجم الاقتراض الداخلي للدولة، وهو ما سيؤدي في النهاية، الى تراجع قيمة العملة التونسية، وارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد والشحن بعملة الدولار، مما يرفع من حدة الأزمة في الاقتصاد التونسي، الذي يعاني منذ فترة من شح التمويلات الخارجية.

تمويلات بأكثر من 3.2 مليار دولار

ويرى الخبراء إن محاولة تعديل قانون 2016 تشير إلى احتمال تدخل الدولة بشكل أكبر في السياسات النقدية، خاصة في ظل العجز المالي المتزايد وندرة الموارد المالية وصعوبة الاقتراض الخارجي. وحذر العباسي في 2022 من أن خطط الحكومة لمطالبة المركزي بشراء سندات خزانة لها مخاطر حقيقية على الاقتصاد، بما في ذلك مزيد من الضغط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.

وقال إن التمويل المباشر للميزانية من قبل البنك المركزي سيرفع التضخم بشكل لا يمكن السيطرة عليه وقد يصل الى مستويات "مفزعة".

وفي ميزانية سنة 2024، تم تسجيل ارتفاع في القروض الخارجية إلى نحو 5 مليار دولار، منها حوالي 3.2 مليار دولار لم تذكر الحكومة مصادرها، وبقيت محل غموض واسع، إلا أن بعض الخبراء الاقتصاديين رجح أن يكون هذا المبلغ مصدره البنك المركزي، بعد المصادقة على مشروع التمويل المباشر لميزانية الدولة لسنة 2024.

وإجمالا، تبقى تداعيات تمويل البنك المركزي لميزانية الدولة التونسية في 2024 معقدة ومتعددة، وقد تكون لها آثار إيجابية وسلبية على الاقتصاد التونسي. ولذلك، من المهم أن يتم اتخاذ هذه الخطوة بعناية، ويجب أن تكون هناك ضوابط وشروط صارمة لضمان عدم تفاقم المخاطر المحتملة.

 سفيان المهداوي

بعد منح مجلس الشعب الضوء الأخضر..  البنك المركزي يواصل تمويل الدولة ومخاوف جدية من ارتفاع التضخم وتراجع قيمة الدينار !

 

*تمويل البنك المركزي للحكومة في شكل سندات سيخفف الضغط على السيولة ويقلص من مخاطر التخلف عن سداد الديون

*خبراء يرجحون أن التمويلات الغامضة في قانون المالية ستكون من البنك المركزي!

تونس- الصباح

صادقت الحكومة التونسية، منذ أيام قليلة، على مشروع قانون يسمح للبنك المركزي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد، ويهدف الإجراء إلى تمويل عجز الميزانية الذي يتوقع أن يبلغ 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024. وتعد هذه الخطوة متوقعة، حيث سبق وأن أعلن رئيس الجمهورية قيس سعيد في سبتمبر 2023 عن ضرورة مراجعة القوانين للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر.

وقد حذر محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي من هذه الخطوة في عام 2020، معتبرا أنها تنطوي على مخاطر حقيقية بالنسبة للاقتصاد، منها تفاقم الضغوط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.

وكشف اقتصاديون لـ"الصباح"، أن مسألة اقتراض الدولة من البنك المركزي تبقى فرضية ممكنة، ولكن بشرط ألا يكون الاقتراض بهدف تمويل النفقات الاستهلاكية، وإنما لصالح النفقات الإنتاجية والتنمية.

وتتوقع الحكومة التونسية أن يصل تراكم الدين العام في 2024 إلى نحو 140 مليار دينار، أي نحو 79.8% من الناتج المحلي الإجمالي. كما توقعت وكالة "موديز" إن استحقاقات الديون الكبيرة التي يتعين على تونس سدادها تزيد من مخاطر إعادة التمويل في غياب تمويل خارجي شامل.

وتواجه تونس تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها ارتفاع عجز الميزانية وتراكمات الديون، وصعوبة الحصول على التمويل الخارجي. وتأتي الخطوة الأخيرة لحكومة تونس، وهي السماح للبنك المركزي بتمويل عجز الميزانية، كمحاولة للتخفيف من هذه التحديات.

تخفيف ضغوط السيولة

وسيؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى زيادة السيولة المتاحة لدى الحكومة، مما سيساعدها على سداد الالتزامات المالية المستحقة عليها، وتمويل النفقات التشغيلية والاستثمارات العامة، كما سيساعد تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية على تقليل مخاطر التخلف عن السداد، حيث سيقلل من الحاجة إلى الاقتراض الخارجي، والذي يكون عادةً مرتبطاً بشروط أكثر صرامة، كذلك، يمكن أن يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى تحفيز الاقتصاد، من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات، وخلق فرص عمل جديدة.

التداعيات السلبية

أما بالنسبة لتداعيات تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية، فإن خطورة هذا القرار تكمن أساسا في ارتفاع التضخم، حيث سيؤدي إلى زيادة عرض النقد في الاقتصاد، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بالإضافة الى انخفاض قيمة العملة، حيث قد يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى انخفاض قيمة العملة التونسية، وزيادة الطلب على العملات الأجنبية لتمويل الاقتراض الخارجي، كما قد يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى تهديد استقلال البنك المركزي، حيث قد تتدخل الحكومة في السياسات النقدية للبنك المركزي لضمان تمويل عجز الميزانية.

المخاطر المحتملة

وبالإضافة إلى التداعيات المذكورة أعلاه، هناك بعض المخاطر المحتملة التي قد تنجم عن تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية في تونس، وهي زيادة الدين العام، حيث سيؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى زيادة الدين العام التونسي، مما قد يعقد عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على برنامج تمويل، فضلا عن انخفاض الثقة في المؤسسات المالية، حيث من المرجح أن يؤدي تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية إلى انخفاض الثقة في المؤسسات المالية التونسية، مما قد يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات وزيادة الاضطرابات الاقتصادية.

وفي 20 جانفي 2024، وافقت حكومة تونس على مشروع قانون يسمح للبنك المركزي بمنح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد، ويهدف الإجراء إلى تمويل عجز الميزانية الذي يتوقع أن يبلغ 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024. وتأتي هذه الخطوة كمحاولة للتخفيف من التحديات الاقتصادية التي تواجه تونس، أبرزها ارتفاع عجز الميزانية وتراكمات الديون وصعوبة الحصول على التمويل الخارجي.

ومن أجل الحد من المخاطر المحتملة لتمويل البنك المركزي لميزانية الدولة التونسية، يجب وضع مجموعة من الضوابط والشروط، وفق ما أعلن عنه عدد من خبراء الاقتصاد، خلال ملتقى حواري حول قانون المالية لسنة 2024، حيث يشدد جزء واسع من الخبراء على ضرورة تحديد سقف محدد لحجم القروض التي يمكن أن يقدمها البنك المركزي للحكومة، وتحديد سعر فائدة محدد لهذه القروض، ووضع شروط لضمان استخدام هذه القروض في تمويل مشاريع ذات مردود اقتصادي إيجابي. وإلى جانب هذه الضوابط والشروط، من المهم أيضًا أن تقوم الحكومة التونسية بتنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة، من شأنها خفض عجز الميزانية والدين العام، وتحسين مناخ الاستثمار، وخلق فرص عمل. وإذا نجحت الحكومة التونسية في تنفيذ هذه الإصلاحات، فإن تمويل البنك المركزي لميزانيتها يمكن أن يكون له آثار إيجابية على الاقتصاد، من خلال تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.

إلا أن الحذر من هذه العملية يبقى مرتفعا، خصوصا وان القرار يسمح لكافة المؤسسات البنكية التونسية بتمويل الميزانية العامة للدولة التونسية مما يرفع من حجم الاقتراض الداخلي للدولة، وهو ما سيؤدي في النهاية، الى تراجع قيمة العملة التونسية، وارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد والشحن بعملة الدولار، مما يرفع من حدة الأزمة في الاقتصاد التونسي، الذي يعاني منذ فترة من شح التمويلات الخارجية.

تمويلات بأكثر من 3.2 مليار دولار

ويرى الخبراء إن محاولة تعديل قانون 2016 تشير إلى احتمال تدخل الدولة بشكل أكبر في السياسات النقدية، خاصة في ظل العجز المالي المتزايد وندرة الموارد المالية وصعوبة الاقتراض الخارجي. وحذر العباسي في 2022 من أن خطط الحكومة لمطالبة المركزي بشراء سندات خزانة لها مخاطر حقيقية على الاقتصاد، بما في ذلك مزيد من الضغط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.

وقال إن التمويل المباشر للميزانية من قبل البنك المركزي سيرفع التضخم بشكل لا يمكن السيطرة عليه وقد يصل الى مستويات "مفزعة".

وفي ميزانية سنة 2024، تم تسجيل ارتفاع في القروض الخارجية إلى نحو 5 مليار دولار، منها حوالي 3.2 مليار دولار لم تذكر الحكومة مصادرها، وبقيت محل غموض واسع، إلا أن بعض الخبراء الاقتصاديين رجح أن يكون هذا المبلغ مصدره البنك المركزي، بعد المصادقة على مشروع التمويل المباشر لميزانية الدولة لسنة 2024.

وإجمالا، تبقى تداعيات تمويل البنك المركزي لميزانية الدولة التونسية في 2024 معقدة ومتعددة، وقد تكون لها آثار إيجابية وسلبية على الاقتصاد التونسي. ولذلك، من المهم أن يتم اتخاذ هذه الخطوة بعناية، ويجب أن تكون هناك ضوابط وشروط صارمة لضمان عدم تفاقم المخاطر المحتملة.

 سفيان المهداوي