إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الشًاعرة والفنًانة التشكيلية أسماء الشرقي .. لقائي بالشعر حلم ترعرع داخل اللغة وبها

 

-اغلب المهرجانات الشعرية تغلب عليها السطحية والمحسوبية

-الحداثة في الشعر هي انتاج لنصّ متكامل يأسر ذائقة وعاطفة المتلقّي .

-سيميائيّة اللّون لها القدرة على اختراق لغة الضاد و الكوامن المسكوت عنها.

-أذوب يوميا في سحرالمهدية فأسكب ما تتركه داخلي في قصائدي ولوحاتي التشكيليّة.

حوار: محسن بن احمد

جمعت بين الشعر والفنون التشكيلية مقيمة بمدينة المهدية بحكم التزاماتها المهنية في مدينة المهدية.. خريجة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، نشأت في عائلة تحترم المعرفة وعائلة كبرى تجل الأرض وتعشقها. وفي هذا الفضاء تشكلت شخصيتها الشعرية والفنية في التعاطي مع الألوان التي صاغت بها لوحات تشكيلية عاشقة لكل جميل في الوجود.

أصدرت مجموعتين شعريتين بعنوان " ذاكرة اللغات " و"أبواب مفخخة "وفي الطريق ديان شعري ثالث تتوفر على تجارب متعددة في مجال الفنون التشكيلية والنقد الأدبي والإعداد والتقديم  الإذاعي من خلال إنتاج وتقديم برامج إذاعية فكرية وتاريخية في اذاعات تونس الوطنية

هي الشاعرة والفنانة التشكيلية أسماء الشرقي التي كانت لنا معها جلسة، هذه تفاصيلها:

** لو نعود إلى البداية ... ماذا تحتفظ ذاكرتك في أوّل لقاء لك مع الشعر؟

- لو أسعفتني الذّاكرة ...يمكنني القول أنني كنت أتنفس الشعر منذ طفولتي الأولى وما لقائي به سوى حلم ترعرع داخل اللغة وبها , ثم انتفض كطائر العنقاء من رماد الضجيج الذي كان يملؤني فاستحال شعرا على بياض الورق .

** هل تذكرين أوّل قصيدة لك؟

- كنت تلميذة في السنة الأولى ثانوي , عندما كتبت أوّل قصيدة لي على كرّاس مادة العربيّة لا أذكر عنوانها لكنّها كانت قصيدة وجدانيّة تحمل أنفاس الشابّي وأطياف جبران خليل جبران 

** كيف   تعيشين لحظة البوح الشعري , ومن هو المحدّد لها العقل أم القلب ؟

    -  هي أشبه بطقوس الولادة , قلق واختناق , مزيج من الأحاسيس التي يصعب فك رموزها  , ولا أستعيد عافيتي إلاّ عندما أكتب الأسطر الأولى من قصيدتي وأسكب فيها أولى قطرات إكسير الروح .

أمّا من يحدّدها فأعتقد أن القلب هو القادح الأوّل لأيّ كتابة شعريّة , بينما العقل يتدخّل لحظة استحقاق  القصيدة إلى صناعة وتوضيب  خاصّة إذا تعلّق الأمر بقصيدة عموديّة أو حرّة .

** لمن الأولويّة في قصيدتك , للشّكل أم للمضمون ؟

- حسب رأيي , لا فصل بين الشّكل والمضمون لأنّ كلّ قصيدة  تحكمها جملة من الشروط والمقاييس البنيويّة والأسلوبية والدّلاليّة , ولن تستقيم جماليتها إلاّ بتجانس وتناسق هذه الشروط والمقاييس .

** كيف تنظرين إلى ظاهرة تعدّد المهرجانات الشّعريّة الوطنيّة في تونس ؟

-  منذ عشر سنوات خلت كانت المهرجانات في تونس تُقام بشكل مدروس ومنظّم , سواء كان ذلك على مستوى البرمجة والأهداف وكذلك الدّعوات الموجّهة ,  ثم مع الوقت أصبحنا نرى مهرجانات وملتقيات تنظم بين ليلة وضحاها , تحت عناوين مستهلكة وبعضها مسروقة , ببرمجة اقلّ ما يقال عنها خاوية وسطحيّة , أمّا المدعوين من هنا وهناك فوفاضهم "الفايس بوك" الذي فيه وُلِدوا ومن خلاله عُرفوا ... لكّن هذا لا يمنع أنّ هناك مهرجانات في تونس حافظت على مستواها المشرّف واكتسبت سمعة محترمة في البلاد وخارجها , مع التزامها بمبدأ التجديد والجودة والدّقة في الاختيار , وأنا أكنّ لهم كلّ التقدير والإجلال .

** ماذا قدّ مت المشاركات في هذه المهرجانات لاسماء الشرقي ؟

- لا أنكر أنّ المهرجانات في تونس التي سبق وأن أشرت إليها في السّؤال السابق   قد قدّمت لي فرصة التعارف بيني وفئة المبدعين من مختلف المشارب، وهو ما وسّع دائرة علاقاتي الإجتماعية والثقافيّة وأكسبني قدرة على التّواصل بأكثر أريحيّة مع أشخاص من خارج مجال عملي ومن جنسيات مختلفة .

** يرى الكثير من النّقاد أنّ عهد القصيد العمودي قد انسحب لفائدة قصيدة النثر، ماهو تعليقك؟

-  يبدو أنّ الصراع التاريخي بين المدارس الأدبية الذي انطلق منذ بداية القرن العشرين مازال قائما إلى اليوم , حيث اختلفت آراء ومواقف كلّ من المدرسة الكلاسيكية التي تنادي بضرورة الالتزام بالقواعد والضوابط الكلاسيكية للقصيدة.

العربية, من عمود وقافية وروي , وبين مدرسة الاحياء والتجديد التي تأرجحت بين هذا الرأي وفكرة تحرير النص الشعري من كل القيود التي اعتبروها وجها من وجوه الصناعة الشعرية على حد تعبير  ابن رشيق القيرواني في كتابه " العمدة ".

حسب رأيي , الشعر هو امتداد مفهوميّ لكلمة شعور, وبالتّالي فكلّ ما يعبر عن احساس صادق نابع من أعماق الذات الإنسانية ومترجم لهموم الذات والمجموعة, هو كفيل أن يُقرأ  شرط أن يحترم نمط الكتابة والأساليب الفنية التي شُكِّلت من أجلها . فعلى كاتب قصيدة العمود  أن يحافظ على الأسس الأولى للنص العمودي ويراعي في نفس الوقت زمن الكتابة وما يقتضيه من تجديد على مستوى الفكرة والبنية الغرضيّة لقصيدته . كما يجب على الشاعر الذي اختار قصيدة النثر أن يلتزم باساليب الكتابة المضبوطة لنمط هذا النص , والحال ينسحب على بقيّة أنماط الشعر ...

** ماهو مفهومك للحداثة في الشعر ؟

- أعتقد أني أجبت على جزء من سؤالك في السؤال السابق , يبقى أنّ مفهوم الحداثة يتطلب منا مجالا أرحب باعتباره مبحثا أدبيا وفكريا يتجاوز مقام حديثنا هذا , ولأختصر الإجابة يمكنني القول أنّ الحداثة في الشعر هي انتاج لنصّ شعري متكامل , يأسر ذائقة وعاطفة المتلقّي , ويستوقف  الحس النقدي لدى الكاتب ... هي القصيدة التي تعيش جيلها وجيل من سيلحقها .

** كيف تقرئين ظاهرة هجرة بعض الشعراء إلى الرّواية ؟

- دعنا نتّفق منذ البداية أنّ كتابة جنس الرّواية هي مسألة تتطلب من صاحب التجربة دراية ضافية لتاريخ الكتابة الروائية في العالم و تقنيات الكتابة بمختلف مراحلها , إلى جانب توفّر الموهبة والقدرة  التخيليّة على قراءة التفاصيل و تطويرها  ثمّ تحويلها إلى نصّ 

أدبيّ مكتوب . وهنا نتساءل هل أنّ كلّ الشعراء الذين تركوا الشعر, أو أهملوا تجربتهم الشعريّة من أجل الخوض في تجربة الكتابة الروائيّة, توفرت لديهم كلّ هذه الشروط ؟ 

أليست  البواعث  الحقيقية من وراء هذه الهجرة  هي الرّغبة في الشهرة والاكتساب أكثر منها تقديم الإضافة إلى هذا الجنس المخصوص ؟  وتبقى الإجابة مفتوحة لكلّ متمعّن في هذا الشأن . 

** أصبحت وسائل التّواصل الإجتماعي الفضاء الأنسب لنشر الشّعر , وهو ما رفع عدد الشّعراء عندنا بشكل لافت , أفي ذلك توجّه إيجابي أم العكس من وجهة نظرك ؟

- مما لا شكّ فيه أنّ ظاهرة الإسهاب في الكتابة والولادة المطردة للشعر والشعراء , هي ظاهرة صحيّة في وجه من وجوهها , لأننا ببساطة نحتاج أن نقرأ ونكتب ونجرّب وننجح ونخفق , كما أنّ شبكة التواصل الإجتماعي تمثل نوافذ على الآخر بشتى أصنافه. لكنّ أن تتحول " الجامات " وأيقونات الإعجاب في فضاء التواصل الإجتماعي إلى صكوك عبور إلى عوالم الشهرة ومنصات المهرجات العربيّة والدّوليّة ,خاصة إذا كانت هذه النّصوص الشعرية مرفوقة بصور تأثيريّة تعمل على تشتيت تركيز القارئ على النّص الشعري وإقتصاره أحيانا على تأمّل صورة الشاعرة والشّاعرة . هذا أمر مخجل حسب رأيي ويحتاج إلى المراجعة.

** من وجهة نظرك هل تعيش تونس أزمة قارئ الشعر ؟

 -  على ضوء ما بلغني من جلّ الأصدقاء الشعراء في مختلف الدّول العربيّة , أعتقد أن أزمة قارئ الشعر غير مقتصرة على رواد الشعر في تونس بل هي ظاهرة عامة تتعدد أسبابها وخلفياتها.

** أسماء الشرقي فنانة تشكيليّة , هل تلجئين إلى الرّسم عند استعصاء القصيد أم أنّ هناك تكامل بينهما ؟

- بين الشعر والرّسم علاقة تكامل وتواشج تامّة فكلاهما تعبير بلغة ما , مع أنّي أشعر أحيانا أنّ سيميائيّة اللّون لها القدرة على اختراق لغة الضاد و الكوامن المسكوت عنها , التي تعجز اللّغة أن تفكّ شفراتها .

**هل حدث أن استعصى عليك قصيد فتخليت عنه ؟

- أكيد , بل ولا أظنّ أن هناك شاعر لم يستعص عليه نصّ شعري في زمن ما وتركه بين الرفوف , سواء عاد إليه مجددا لمزيد النّظر والتحكيك أم استغنى عنه لتبدّل حال الكتابة ومقام البوح .

** أي تأثير لمدينة المهدية في نحت اشعارك ورسوماتك التشكيلية ؟

 - لمن لا يعرف مدينة المهديّة .. هي قطعة جغرافية من بلادنا الحبيبة , احتضنها البحر من جهات ثلاث، وترك لها عمقا تاريخيا لافتا وسحرا طبيعيا أخّاذا .. فكيف لي أن لا أذوب في طقوس سحرها وأسكب  ما تتركه داخلي يوميا في قصائدي ولوحاتي التشكيليّة ؟

الشًاعرة والفنًانة  التشكيلية أسماء الشرقي ..   لقائي بالشعر حلم ترعرع داخل اللغة وبها

 

-اغلب المهرجانات الشعرية تغلب عليها السطحية والمحسوبية

-الحداثة في الشعر هي انتاج لنصّ متكامل يأسر ذائقة وعاطفة المتلقّي .

-سيميائيّة اللّون لها القدرة على اختراق لغة الضاد و الكوامن المسكوت عنها.

-أذوب يوميا في سحرالمهدية فأسكب ما تتركه داخلي في قصائدي ولوحاتي التشكيليّة.

حوار: محسن بن احمد

جمعت بين الشعر والفنون التشكيلية مقيمة بمدينة المهدية بحكم التزاماتها المهنية في مدينة المهدية.. خريجة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، نشأت في عائلة تحترم المعرفة وعائلة كبرى تجل الأرض وتعشقها. وفي هذا الفضاء تشكلت شخصيتها الشعرية والفنية في التعاطي مع الألوان التي صاغت بها لوحات تشكيلية عاشقة لكل جميل في الوجود.

أصدرت مجموعتين شعريتين بعنوان " ذاكرة اللغات " و"أبواب مفخخة "وفي الطريق ديان شعري ثالث تتوفر على تجارب متعددة في مجال الفنون التشكيلية والنقد الأدبي والإعداد والتقديم  الإذاعي من خلال إنتاج وتقديم برامج إذاعية فكرية وتاريخية في اذاعات تونس الوطنية

هي الشاعرة والفنانة التشكيلية أسماء الشرقي التي كانت لنا معها جلسة، هذه تفاصيلها:

** لو نعود إلى البداية ... ماذا تحتفظ ذاكرتك في أوّل لقاء لك مع الشعر؟

- لو أسعفتني الذّاكرة ...يمكنني القول أنني كنت أتنفس الشعر منذ طفولتي الأولى وما لقائي به سوى حلم ترعرع داخل اللغة وبها , ثم انتفض كطائر العنقاء من رماد الضجيج الذي كان يملؤني فاستحال شعرا على بياض الورق .

** هل تذكرين أوّل قصيدة لك؟

- كنت تلميذة في السنة الأولى ثانوي , عندما كتبت أوّل قصيدة لي على كرّاس مادة العربيّة لا أذكر عنوانها لكنّها كانت قصيدة وجدانيّة تحمل أنفاس الشابّي وأطياف جبران خليل جبران 

** كيف   تعيشين لحظة البوح الشعري , ومن هو المحدّد لها العقل أم القلب ؟

    -  هي أشبه بطقوس الولادة , قلق واختناق , مزيج من الأحاسيس التي يصعب فك رموزها  , ولا أستعيد عافيتي إلاّ عندما أكتب الأسطر الأولى من قصيدتي وأسكب فيها أولى قطرات إكسير الروح .

أمّا من يحدّدها فأعتقد أن القلب هو القادح الأوّل لأيّ كتابة شعريّة , بينما العقل يتدخّل لحظة استحقاق  القصيدة إلى صناعة وتوضيب  خاصّة إذا تعلّق الأمر بقصيدة عموديّة أو حرّة .

** لمن الأولويّة في قصيدتك , للشّكل أم للمضمون ؟

- حسب رأيي , لا فصل بين الشّكل والمضمون لأنّ كلّ قصيدة  تحكمها جملة من الشروط والمقاييس البنيويّة والأسلوبية والدّلاليّة , ولن تستقيم جماليتها إلاّ بتجانس وتناسق هذه الشروط والمقاييس .

** كيف تنظرين إلى ظاهرة تعدّد المهرجانات الشّعريّة الوطنيّة في تونس ؟

-  منذ عشر سنوات خلت كانت المهرجانات في تونس تُقام بشكل مدروس ومنظّم , سواء كان ذلك على مستوى البرمجة والأهداف وكذلك الدّعوات الموجّهة ,  ثم مع الوقت أصبحنا نرى مهرجانات وملتقيات تنظم بين ليلة وضحاها , تحت عناوين مستهلكة وبعضها مسروقة , ببرمجة اقلّ ما يقال عنها خاوية وسطحيّة , أمّا المدعوين من هنا وهناك فوفاضهم "الفايس بوك" الذي فيه وُلِدوا ومن خلاله عُرفوا ... لكّن هذا لا يمنع أنّ هناك مهرجانات في تونس حافظت على مستواها المشرّف واكتسبت سمعة محترمة في البلاد وخارجها , مع التزامها بمبدأ التجديد والجودة والدّقة في الاختيار , وأنا أكنّ لهم كلّ التقدير والإجلال .

** ماذا قدّ مت المشاركات في هذه المهرجانات لاسماء الشرقي ؟

- لا أنكر أنّ المهرجانات في تونس التي سبق وأن أشرت إليها في السّؤال السابق   قد قدّمت لي فرصة التعارف بيني وفئة المبدعين من مختلف المشارب، وهو ما وسّع دائرة علاقاتي الإجتماعية والثقافيّة وأكسبني قدرة على التّواصل بأكثر أريحيّة مع أشخاص من خارج مجال عملي ومن جنسيات مختلفة .

** يرى الكثير من النّقاد أنّ عهد القصيد العمودي قد انسحب لفائدة قصيدة النثر، ماهو تعليقك؟

-  يبدو أنّ الصراع التاريخي بين المدارس الأدبية الذي انطلق منذ بداية القرن العشرين مازال قائما إلى اليوم , حيث اختلفت آراء ومواقف كلّ من المدرسة الكلاسيكية التي تنادي بضرورة الالتزام بالقواعد والضوابط الكلاسيكية للقصيدة.

العربية, من عمود وقافية وروي , وبين مدرسة الاحياء والتجديد التي تأرجحت بين هذا الرأي وفكرة تحرير النص الشعري من كل القيود التي اعتبروها وجها من وجوه الصناعة الشعرية على حد تعبير  ابن رشيق القيرواني في كتابه " العمدة ".

حسب رأيي , الشعر هو امتداد مفهوميّ لكلمة شعور, وبالتّالي فكلّ ما يعبر عن احساس صادق نابع من أعماق الذات الإنسانية ومترجم لهموم الذات والمجموعة, هو كفيل أن يُقرأ  شرط أن يحترم نمط الكتابة والأساليب الفنية التي شُكِّلت من أجلها . فعلى كاتب قصيدة العمود  أن يحافظ على الأسس الأولى للنص العمودي ويراعي في نفس الوقت زمن الكتابة وما يقتضيه من تجديد على مستوى الفكرة والبنية الغرضيّة لقصيدته . كما يجب على الشاعر الذي اختار قصيدة النثر أن يلتزم باساليب الكتابة المضبوطة لنمط هذا النص , والحال ينسحب على بقيّة أنماط الشعر ...

** ماهو مفهومك للحداثة في الشعر ؟

- أعتقد أني أجبت على جزء من سؤالك في السؤال السابق , يبقى أنّ مفهوم الحداثة يتطلب منا مجالا أرحب باعتباره مبحثا أدبيا وفكريا يتجاوز مقام حديثنا هذا , ولأختصر الإجابة يمكنني القول أنّ الحداثة في الشعر هي انتاج لنصّ شعري متكامل , يأسر ذائقة وعاطفة المتلقّي , ويستوقف  الحس النقدي لدى الكاتب ... هي القصيدة التي تعيش جيلها وجيل من سيلحقها .

** كيف تقرئين ظاهرة هجرة بعض الشعراء إلى الرّواية ؟

- دعنا نتّفق منذ البداية أنّ كتابة جنس الرّواية هي مسألة تتطلب من صاحب التجربة دراية ضافية لتاريخ الكتابة الروائية في العالم و تقنيات الكتابة بمختلف مراحلها , إلى جانب توفّر الموهبة والقدرة  التخيليّة على قراءة التفاصيل و تطويرها  ثمّ تحويلها إلى نصّ 

أدبيّ مكتوب . وهنا نتساءل هل أنّ كلّ الشعراء الذين تركوا الشعر, أو أهملوا تجربتهم الشعريّة من أجل الخوض في تجربة الكتابة الروائيّة, توفرت لديهم كلّ هذه الشروط ؟ 

أليست  البواعث  الحقيقية من وراء هذه الهجرة  هي الرّغبة في الشهرة والاكتساب أكثر منها تقديم الإضافة إلى هذا الجنس المخصوص ؟  وتبقى الإجابة مفتوحة لكلّ متمعّن في هذا الشأن . 

** أصبحت وسائل التّواصل الإجتماعي الفضاء الأنسب لنشر الشّعر , وهو ما رفع عدد الشّعراء عندنا بشكل لافت , أفي ذلك توجّه إيجابي أم العكس من وجهة نظرك ؟

- مما لا شكّ فيه أنّ ظاهرة الإسهاب في الكتابة والولادة المطردة للشعر والشعراء , هي ظاهرة صحيّة في وجه من وجوهها , لأننا ببساطة نحتاج أن نقرأ ونكتب ونجرّب وننجح ونخفق , كما أنّ شبكة التواصل الإجتماعي تمثل نوافذ على الآخر بشتى أصنافه. لكنّ أن تتحول " الجامات " وأيقونات الإعجاب في فضاء التواصل الإجتماعي إلى صكوك عبور إلى عوالم الشهرة ومنصات المهرجات العربيّة والدّوليّة ,خاصة إذا كانت هذه النّصوص الشعرية مرفوقة بصور تأثيريّة تعمل على تشتيت تركيز القارئ على النّص الشعري وإقتصاره أحيانا على تأمّل صورة الشاعرة والشّاعرة . هذا أمر مخجل حسب رأيي ويحتاج إلى المراجعة.

** من وجهة نظرك هل تعيش تونس أزمة قارئ الشعر ؟

 -  على ضوء ما بلغني من جلّ الأصدقاء الشعراء في مختلف الدّول العربيّة , أعتقد أن أزمة قارئ الشعر غير مقتصرة على رواد الشعر في تونس بل هي ظاهرة عامة تتعدد أسبابها وخلفياتها.

** أسماء الشرقي فنانة تشكيليّة , هل تلجئين إلى الرّسم عند استعصاء القصيد أم أنّ هناك تكامل بينهما ؟

- بين الشعر والرّسم علاقة تكامل وتواشج تامّة فكلاهما تعبير بلغة ما , مع أنّي أشعر أحيانا أنّ سيميائيّة اللّون لها القدرة على اختراق لغة الضاد و الكوامن المسكوت عنها , التي تعجز اللّغة أن تفكّ شفراتها .

**هل حدث أن استعصى عليك قصيد فتخليت عنه ؟

- أكيد , بل ولا أظنّ أن هناك شاعر لم يستعص عليه نصّ شعري في زمن ما وتركه بين الرفوف , سواء عاد إليه مجددا لمزيد النّظر والتحكيك أم استغنى عنه لتبدّل حال الكتابة ومقام البوح .

** أي تأثير لمدينة المهدية في نحت اشعارك ورسوماتك التشكيلية ؟

 - لمن لا يعرف مدينة المهديّة .. هي قطعة جغرافية من بلادنا الحبيبة , احتضنها البحر من جهات ثلاث، وترك لها عمقا تاريخيا لافتا وسحرا طبيعيا أخّاذا .. فكيف لي أن لا أذوب في طقوس سحرها وأسكب  ما تتركه داخلي يوميا في قصائدي ولوحاتي التشكيليّة ؟