إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. صورة السياسة ..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

أنا لا أثق عادة بالكلمات، أثق بالصور.

أحيانا تصبح المواقف والكلمات غير واضحة، لهذا يجب أن نركز على الصور.

أدنى صورة، إذا تجرأنا على النظر إليها بصراحة، تزيح كل توقعاتنا.

فهي تحشد أعمق طبقات وظائفنا الدماغية، تمامًا كما تدعو إلى تأويلات سياسية، إيديولوجية، عقائدية .

الصورة هي أداة تواصل فعالة للغاية، سواء كانت لأشياء حقيقية أو أشخاص أو أماكن أو أكثر تجريدية.

إننا نعزو للصورة قوة تواصل أكبر من تلك الممنوحة للعناصر الأخرى بما في ذلك النص، يقول المثل الصيني، "ربّ صورة خير من ألف كلمة".

ما يعزز المحتوى في الصورة هو الشعور بالإيقاع، والعلاقة بين الأشكال والقيم .

نشر العجمي الوريمي الأمين العام الحالي لحركة النهضة الذي من الواضح انه يطمح إلى تأسيس نهضة مختلفة عن النهضة التي جربوها في المعارضة والحكم وفي السر والعلن بتغيير اسم الحركة على صفحته في "السوشيال ميديا" صورة في جلسة بمقهى تجمعه برضا شهاب المكي (المعروف برضا لينين)، مدير حملة الرئيس قيس سعيّد خلال الانتخابات الأخيرة ومحمد الغرياني آخر أمين عام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي، وكتب فوقها التعليق التالي: "سنمضي كلنا وتبقى تونس الخضراء".

ما الذي جعل من صورة في مقهى حدثا سياسيا؟

الصداقة بكل تأكيد !

لكن يلحَ السّؤال على حضوره في ظلّ المناخات السياسية الراهنة، ليأخذ أبعادا متنوعة عديدة .

هنالك بلا شكّ اتهامات توجّه لعجمي الوريمي وما هو فاعل أو صانع بأخطر حركة سياسية تحمل مشروعها الذي قد يغيّر تماما وجه تونس .

لا يختلف اثنان أن للوريمي دور في الدعوات الى ضرورة القيام بمراجعات تطال الأسس الفكرية والخط السياسي والخيارات الكبرى للحركة وتشمل الواجهة والخطاب والمنهج .

وفكرة أو مبادرة تغيير العنوان ليست عفوية حتى وإن لم تدفع كما رغب الوريمي بحوار داخلي مطلوب جدّا بقدر ما لقيت صدّا قويا سواء ممن يوصفون بالحرس القديم بالداخل أو الإتباع الذين هاجروا وعادوا للاستقرار في الغربة .

فالوريمي كان يأمل في إنقاذ النهضة التي بإجماع المراقبين مرشحة لحالة من الانهيار والفشل الذريع في أيّ استحقاق انتخابي مرتقب، بعد أن فقدت الأتباع والمناصرين، وكان يأمل وكما تشير عديد المصادر من خلال نصيحة من أنصار الحركة بالداخل والخارج بان يكون لقرار تغيير الاسم بمثابة الصدمة التي ستمكن من بعث روح جديدة في الحركة وكسب أتباع جدد .

لكن العملية من الواضح أنها فشلت ولم يعد الموضوع مطروحا حتى في الجدل السياسي أو في اهتمامات وسائل الإعلام .

بالتالي فاستحضار صورة بهذا المضمون والرموز وفي هذا التوقيت بالذات تعكس موقفا بانّ امرا ما او حتى تسوية ما بصدد الإعداد والطبخ وراء الكواليس خاصة وأن "النهضة" لا يبدو أنها ستدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية القادمة بقدر ما ستتجه الى تقديم تنازلات حتى وإن كانت مؤلمة وصعبة جدا من اجل إنقاذ قياداتها من السجن والحفاظ على الحدّ الأدنى الممكن من "جسدها السياسي" .

الخطأ القاتل الذي وقعت فيه النهضة أنها لم تحمل فشلها كسؤال أكثر من كونه إجابة: ماذا سنفعل بعد هذه النتيجة، عشر سنوات من الحكم الفاشل؟ هل يجب عليها أن تنسحب وتقوم بنقد ذاتي ومراجعات مطلوبة أم على العكس من ذلك أن تثابر وتتمسّك بهذا الحكم؟

في الواقع هناك نوعان رئيسيان من الإخفاقات: تلك التي تفتح مسارات جديدة وتوفّر الدروس والعبر، وتفتتح تشعبات لم تكن متوقعة من قبل، وتلك التي هي وليدة التعصّب والإصرار على الاستمرار في نفس المسار الخطأ، خاصة عندما لا يتمّ اخذ الوقت الكافي لسماع ما سيخبر به الفشل .

لكن ما الحيلة أمام من رهن نفسه لثمالة نجاح ممتعة للغاية، دون إدراك أن حكمة الفشل أعمق .

المرء لا يغرق عادة لأنه سقط في النهر، بل لبقائه مغمورا تحت سطح الماء.

 

 

حكاياتهم  ..   صورة السياسة ..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

أنا لا أثق عادة بالكلمات، أثق بالصور.

أحيانا تصبح المواقف والكلمات غير واضحة، لهذا يجب أن نركز على الصور.

أدنى صورة، إذا تجرأنا على النظر إليها بصراحة، تزيح كل توقعاتنا.

فهي تحشد أعمق طبقات وظائفنا الدماغية، تمامًا كما تدعو إلى تأويلات سياسية، إيديولوجية، عقائدية .

الصورة هي أداة تواصل فعالة للغاية، سواء كانت لأشياء حقيقية أو أشخاص أو أماكن أو أكثر تجريدية.

إننا نعزو للصورة قوة تواصل أكبر من تلك الممنوحة للعناصر الأخرى بما في ذلك النص، يقول المثل الصيني، "ربّ صورة خير من ألف كلمة".

ما يعزز المحتوى في الصورة هو الشعور بالإيقاع، والعلاقة بين الأشكال والقيم .

نشر العجمي الوريمي الأمين العام الحالي لحركة النهضة الذي من الواضح انه يطمح إلى تأسيس نهضة مختلفة عن النهضة التي جربوها في المعارضة والحكم وفي السر والعلن بتغيير اسم الحركة على صفحته في "السوشيال ميديا" صورة في جلسة بمقهى تجمعه برضا شهاب المكي (المعروف برضا لينين)، مدير حملة الرئيس قيس سعيّد خلال الانتخابات الأخيرة ومحمد الغرياني آخر أمين عام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي، وكتب فوقها التعليق التالي: "سنمضي كلنا وتبقى تونس الخضراء".

ما الذي جعل من صورة في مقهى حدثا سياسيا؟

الصداقة بكل تأكيد !

لكن يلحَ السّؤال على حضوره في ظلّ المناخات السياسية الراهنة، ليأخذ أبعادا متنوعة عديدة .

هنالك بلا شكّ اتهامات توجّه لعجمي الوريمي وما هو فاعل أو صانع بأخطر حركة سياسية تحمل مشروعها الذي قد يغيّر تماما وجه تونس .

لا يختلف اثنان أن للوريمي دور في الدعوات الى ضرورة القيام بمراجعات تطال الأسس الفكرية والخط السياسي والخيارات الكبرى للحركة وتشمل الواجهة والخطاب والمنهج .

وفكرة أو مبادرة تغيير العنوان ليست عفوية حتى وإن لم تدفع كما رغب الوريمي بحوار داخلي مطلوب جدّا بقدر ما لقيت صدّا قويا سواء ممن يوصفون بالحرس القديم بالداخل أو الإتباع الذين هاجروا وعادوا للاستقرار في الغربة .

فالوريمي كان يأمل في إنقاذ النهضة التي بإجماع المراقبين مرشحة لحالة من الانهيار والفشل الذريع في أيّ استحقاق انتخابي مرتقب، بعد أن فقدت الأتباع والمناصرين، وكان يأمل وكما تشير عديد المصادر من خلال نصيحة من أنصار الحركة بالداخل والخارج بان يكون لقرار تغيير الاسم بمثابة الصدمة التي ستمكن من بعث روح جديدة في الحركة وكسب أتباع جدد .

لكن العملية من الواضح أنها فشلت ولم يعد الموضوع مطروحا حتى في الجدل السياسي أو في اهتمامات وسائل الإعلام .

بالتالي فاستحضار صورة بهذا المضمون والرموز وفي هذا التوقيت بالذات تعكس موقفا بانّ امرا ما او حتى تسوية ما بصدد الإعداد والطبخ وراء الكواليس خاصة وأن "النهضة" لا يبدو أنها ستدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية القادمة بقدر ما ستتجه الى تقديم تنازلات حتى وإن كانت مؤلمة وصعبة جدا من اجل إنقاذ قياداتها من السجن والحفاظ على الحدّ الأدنى الممكن من "جسدها السياسي" .

الخطأ القاتل الذي وقعت فيه النهضة أنها لم تحمل فشلها كسؤال أكثر من كونه إجابة: ماذا سنفعل بعد هذه النتيجة، عشر سنوات من الحكم الفاشل؟ هل يجب عليها أن تنسحب وتقوم بنقد ذاتي ومراجعات مطلوبة أم على العكس من ذلك أن تثابر وتتمسّك بهذا الحكم؟

في الواقع هناك نوعان رئيسيان من الإخفاقات: تلك التي تفتح مسارات جديدة وتوفّر الدروس والعبر، وتفتتح تشعبات لم تكن متوقعة من قبل، وتلك التي هي وليدة التعصّب والإصرار على الاستمرار في نفس المسار الخطأ، خاصة عندما لا يتمّ اخذ الوقت الكافي لسماع ما سيخبر به الفشل .

لكن ما الحيلة أمام من رهن نفسه لثمالة نجاح ممتعة للغاية، دون إدراك أن حكمة الفشل أعمق .

المرء لا يغرق عادة لأنه سقط في النهر، بل لبقائه مغمورا تحت سطح الماء.