بين مسار مقاضاة الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل ومساري النضال من أجل تعديل قوانين المنظمة والنضال من أجل تحرير فلسطين؟
بقلم: مختار اللواتي
كنت كتبت في الحادي عشر من شهر جانفي الحالي، في نفس يوم افتتاح جلسات محكمة العدل الدولية بلاهاي، تدوينة على حسابي الفايسبوكي استهللتها بالقول"إن محكمة العدل الدولية، هي الخيط الرفيع من الأمل الذي بقي يتمسك به أحرار وحرائر العالم بعد سقوط منظمات وهيئات الأمم المتحدة تباعا تحت وطأة الهيمنة الأمريكية المتبنية والداعمة لإرهاب الكيان الصهيوني الاستعماري ولمجازر الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني وبالذات أبناء قطاع غزة بنسائهم وأطفالهم"
غير إن ذلك المد الشعبي الهادر الذي غصت به شوارع أكبر عواصم العالم ومدنه، والذي سبق وواكب دعوة دولة جنوب إفريقيا الحرة الشجاعة إلى محكمة العدل الدولية بالنظر في دعواها ضد الكيان الصهيوني لارتكابه جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني ، بغزة وغيرها من مدن فلسطين، قد حدد الهدف وجاء قراره باتا بالصورة والكتابة والصوت في شعار واحد أوحد في منتهى الوضوح والاختزال يقول"فلسطين حرة FREE PALESTINE" ! بل زادت عدة جماهير في مسيرات مختلفة من بقاع متعددة من العالم تدقيقا للشعار المركزي ذاك بالقول "من النهر إلى البحر FROM RIVER TO SEA" !
وإذ استجابت محكمة لاهاي لدعوى حكومة بريتوريا وبادرت بعقد جلستي استماع في الثالث عشر والرابع عشر من جانفي قدم خلال اليوم الأول ممثلا حكومة بريتوريا إثباتات ودلائل لا تقبل الدحض على جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني يوميا ضد سكان غزة من كل الأعمار وضد سائر أبناء الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو غيرها من أرض فلسطين المحتلة. وفيما تم تخصيص اليوم الثاني للاستماع لترهات وأكاذيب ممثل الكيان الصهيوني زاعما أنها تبريء ساحة الكيان من جرائم الإبادة الوحشية التي زاد الكيان الصهيوني من وتيرتها الجهنمية مع توقيت جلسات المحكمة، فإن الجماهير الشعبية في مختلف أرجاء المعمورة جعلت أصواتها هي الأعلى والأنفذ والأقنع بالمناداة بإسقاط كيان الاحتلال وتحرير فلسطين.
لذلك، استحقت دولة جنوب إفريقيا الشكر من كل نفس شريف حر في كل العالم على وقفتها الشجاعة في وجه أعتى كيانات الاستعمار في التاريخ الحديث وعبر العصور. والنجاح في تحقيق مثول من ينوبه أمام قضاة المحكمة مستجيبا صاغرا لدعوتها وفاشلا أيما فشل في لعبة قلب الحقائق وسلوك سبيل الكذب والبهتان والإنكار.
ويأتي في هذا السياق اجتهاد مواطنين تونسيين بإطلاق حملة إرسال بطاقات شكر بريدية، يتم الحصول عليها بالمجان، إلى كل من سفارة دولة جنوب إفريقيا بتونس ورئيس دولة جنوب إفريقيا في بريتوريا، إلى جانب فتح مسابقة بين تلاميذ المدارس لإنشاء فيديو من ابتكاراتهم يعبر عن الشكر لحكومة بريتوريا على موقفها النبيل. وقد تم رصد جائزة مالية لمن يفوز أو تفوز بإنجاز أفضل فيديو..
وقد كان لموقف جنوب إفريقيا المشرف ذاك تأثيره الإيجابي الكبير على عدد من الدول المؤمنة بقيم الحرية والعدل واحترام حقوق الإنسان، فسلكت السبيلَ ذاتَه وشرعت في تقديم دعاواها إلى محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني. فكانت دولة أندونيسيا هي الدولة التالية التي قدمت دعواها إلى محكمة لاهاي ضد الكيان الصهيوني ومايرتكبه من مجازرالإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. كما رفعت عديد أصواتها منادية باستقلال دولة فلسطين والاعتراف بها أمميا ودوليا.
فهل يكون مسار التقاضي هذا على أهميته، هو الحل الرادع لغطرسة الكيان الصهيوني والمحقق لهدف نضال أجيال متعاقبة منذ 75 عاما من أجل التحرر والاستقلال؟.
وهل يمكن لهذا المسار وحده أن يثني الأنظمة الداعمة لهذا الكيان عن مواصلة المراهنة على خيار اغتصاب الأرض واستعمار الإنسان في زمن إعلان الدفاع عن حقوق الإنسان، جميعها، فيما المفروض أن تكون في مقدمة المدافعين عما سُمي بالشرعية الدولية وعن حرمة منظمة الأمم المتحدة على عرَجِها؟؟
إن طرح الأسئلة شبه المبتورة على هذه الشاكلة لا أراه يفي بالغرض . بل أراه يستحثني للمضي أكثر في تفاصيل أخرى متصلة بالحدث.
فإذا سلمنا، وأنا على يقين، بأن الشعب الفلسطيني ، كما سائر الشعوب التي ناضلت من أجل استرجاع حريتها، مثل جنوب إفريقيا رافعةِ الدعوى، لابد منتصرٌ ولابد من أن يسترجع سيادته وحريته. كما لابد للغاصب الصهيوني لأرضه ومقترف مجازر الإبادة الجماعية في حق أبنائه، شيبا وشبابا ورضعا، من أن ينال العقاب على جرمة.. ولكن هذا الإقرار يدفعنا إلى المضي في التساؤل..
هل سيتم كل ذلك دفعة واحدة وفي التو؟
بالنظر للأوضاع المنخرمة السائدة في العالم والمقوضة لمبادئ علاقات العدل والتساوي والاحترام بين الدول والشعوب، فإن النظر الحكيم الهادئ على صعوبته، خارج الدفق العاطفي اليانع زهورا ورياحين وأهازيج في الشوارع والساحات، يرشدنا لاتباع مرحلية مدروسة تشارك فيها الدول المناهضة للاستعمار والمناصرة لحق الشعوب في الحرية والمساواة كما بقية الشعوب المستقلة والمرفهة، ويكون فيها دور غير قليل للمواطنين الشرفاء في الدول ذات السياسات أحادية الجانب كي يعاقبوا في أول انتخابات قادمة حكامهم الظالمين. كما يكون نفس الدور للسكان اليهود تحت هيمنة وصلف اليمين الصهيوني لمعاقبته في الانتخابات القادمة وملاحقة رموزه قضائيا.هذا طبعا إلى جانب ما هو مؤمَّلٌ ان تصدره محكمة لاهاي من قرارات وأحكام ضد المعتدين.
ولكن ما رأيكم في أن قاعدة "رب ضارة نافعة" يصح تنزيلها في هذا المقام؟
أفليس العدوان الوحشي الذي مارسته وتمارسه قوات الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من ثلاثة أشهر بنهارها وليلها بأبشع الصور ضد الفلسطينيين قد كان بنسبة كبيرة وراء استفاقة شعوب العالم جميعها على أفظع مظلمة ضد الإنسانية فانتفضت تملأ الشوارع منادية بتحرير فلسطين؟..
كما كان لفصائل المقاومة الفلسطينية القدحُ المعلى بين شعوب الأرض بما أبدته وتبديه من صمود خرافي ومن حسن تنظيم وتدبير وحنكة مثالية في إدارة المعارك ضد قوات الاحتلال وتكبيدها من الخسائر في الأرواح والاليات ما لم تُمْنَ بأقل من سدسها في حروبها السابقة. فاستيقظت الضمائر النائمة وحدقت الأعين في لا إنسانية المحتل الصهيوني وفي معاناة الشعب الفلسطيني التي فاقت وتفوق طاقة البشر تحت نيره. فانبعثت أنفاس الحياة الإنسانية الراقية في الساحات وفي الشوارع وحتى تحت سقوف عدد من برلمانات العالم هاتفة بحياة فلسطين حرة وسقوط الكيان الصهيوني.
فهل هذا على أهميته العظمى يكفي لتحقيق تلك الغاية النبيلة كاملة الآن الآن وليس غدا؟ ثم هل يكون لهذه الجهود جميعها القدرة على المدى القريب على إصلاح العرَج الذي تعانيه منظمة الأمم المتحدة والمنظمات والهياكل الملحٌقَة بها والتابعة لها لتسترجع دورها الذي سطت عليه الدولة الأمريكية وتمارسه على أرض الواقع فتضع حدا لصلف وغطرسة ووحشية الكيان الصهيوني المحتل ؟
أكيد هو لا يكفي ولكن يتحتم مواصلته والبناء عليه بخطة محكمة لتحقيق الهدف او الأهداف المنشودة ! ولعل تقدم دولة اندونيسيا هي الأخرى بدعوى إلى محكمة العدل الدولية لمحاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه وتحرك عدد من دول أخرى في أماكن مختلفة من العالم للمناداة بحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والتحرر وبوجوب وضع حد لغطرسة واستعمار الكيان الصهيوني وكذلك توحيد جهود كل دعاة الحرية والكرامة وإنهاء الاستعمار والهيمنة لابد يثمر فرض تغيير جذري وضروري على قانون عمل المنتظم الأممي ليتحرر من سيطرة الدولة الأمريكية عليه حتى يضطلع بدوره الذي بُعث من أجله نظريا أو دعائيا ويساهم بفعالية في تحقيق السلم في العالم والعدل بين دوله وإنهاء غطرسة الدول العظمى على الدول والشعوب الضعيفة ووضع حد لمابقي من أنظمة عنصرية استعمارية يمثلها على وجه الخصوص وبشكلٍ حصري الكيان الصهيوني المحتل..
فكل السند والدعم والتحية للمقاومة الفلسطينية الصامدة الأبية المنتصرة حتما طال الزمن أم قصر. ولا يبقى إلا أن نرى كل الفصائل الفلسطينية متحدة من جديد وبكلمة واحدة لخوض المرحلة القادمة من النضال، وهي المرحلة الديبلوماسية القائمة على التفاوض بكل عزم ووضوح، دعما للنضال العسكري المقاوم والذي أنهك العدو الصهيوني وضاعف خسائره البشرية والمادية وبات يهز أسس اقتصاده وعلاقات سكانه بعضهم ببعض ومع سلطات الاحتلال ذاتها. وكان الحدث الأشد إذلالا لكيان الاحتلال اقتحام جمهرة من الأشخاص غالبيتهم من أولياء وأقارب الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة مبنى الكنيست في الأيام الماضية ملقين كل أنواع الشتائم على المجتمعين هناك داعين إياهم إلى التعجيل بترك مقاعدهم والعمل على إيقاف الحرب والقيام بتبادل الأسرى حتى يعود إليهم هم أيضا أهاليهم الأسرى لدة المقاومة الفلسطينية..
وإن غدا لناظره قريب..
"
بين مسار مقاضاة الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل ومساري النضال من أجل تعديل قوانين المنظمة والنضال من أجل تحرير فلسطين؟
بقلم: مختار اللواتي
كنت كتبت في الحادي عشر من شهر جانفي الحالي، في نفس يوم افتتاح جلسات محكمة العدل الدولية بلاهاي، تدوينة على حسابي الفايسبوكي استهللتها بالقول"إن محكمة العدل الدولية، هي الخيط الرفيع من الأمل الذي بقي يتمسك به أحرار وحرائر العالم بعد سقوط منظمات وهيئات الأمم المتحدة تباعا تحت وطأة الهيمنة الأمريكية المتبنية والداعمة لإرهاب الكيان الصهيوني الاستعماري ولمجازر الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني وبالذات أبناء قطاع غزة بنسائهم وأطفالهم"
غير إن ذلك المد الشعبي الهادر الذي غصت به شوارع أكبر عواصم العالم ومدنه، والذي سبق وواكب دعوة دولة جنوب إفريقيا الحرة الشجاعة إلى محكمة العدل الدولية بالنظر في دعواها ضد الكيان الصهيوني لارتكابه جريمة إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني ، بغزة وغيرها من مدن فلسطين، قد حدد الهدف وجاء قراره باتا بالصورة والكتابة والصوت في شعار واحد أوحد في منتهى الوضوح والاختزال يقول"فلسطين حرة FREE PALESTINE" ! بل زادت عدة جماهير في مسيرات مختلفة من بقاع متعددة من العالم تدقيقا للشعار المركزي ذاك بالقول "من النهر إلى البحر FROM RIVER TO SEA" !
وإذ استجابت محكمة لاهاي لدعوى حكومة بريتوريا وبادرت بعقد جلستي استماع في الثالث عشر والرابع عشر من جانفي قدم خلال اليوم الأول ممثلا حكومة بريتوريا إثباتات ودلائل لا تقبل الدحض على جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني يوميا ضد سكان غزة من كل الأعمار وضد سائر أبناء الشعب الفلسطيني سواء في الضفة الغربية أو غيرها من أرض فلسطين المحتلة. وفيما تم تخصيص اليوم الثاني للاستماع لترهات وأكاذيب ممثل الكيان الصهيوني زاعما أنها تبريء ساحة الكيان من جرائم الإبادة الوحشية التي زاد الكيان الصهيوني من وتيرتها الجهنمية مع توقيت جلسات المحكمة، فإن الجماهير الشعبية في مختلف أرجاء المعمورة جعلت أصواتها هي الأعلى والأنفذ والأقنع بالمناداة بإسقاط كيان الاحتلال وتحرير فلسطين.
لذلك، استحقت دولة جنوب إفريقيا الشكر من كل نفس شريف حر في كل العالم على وقفتها الشجاعة في وجه أعتى كيانات الاستعمار في التاريخ الحديث وعبر العصور. والنجاح في تحقيق مثول من ينوبه أمام قضاة المحكمة مستجيبا صاغرا لدعوتها وفاشلا أيما فشل في لعبة قلب الحقائق وسلوك سبيل الكذب والبهتان والإنكار.
ويأتي في هذا السياق اجتهاد مواطنين تونسيين بإطلاق حملة إرسال بطاقات شكر بريدية، يتم الحصول عليها بالمجان، إلى كل من سفارة دولة جنوب إفريقيا بتونس ورئيس دولة جنوب إفريقيا في بريتوريا، إلى جانب فتح مسابقة بين تلاميذ المدارس لإنشاء فيديو من ابتكاراتهم يعبر عن الشكر لحكومة بريتوريا على موقفها النبيل. وقد تم رصد جائزة مالية لمن يفوز أو تفوز بإنجاز أفضل فيديو..
وقد كان لموقف جنوب إفريقيا المشرف ذاك تأثيره الإيجابي الكبير على عدد من الدول المؤمنة بقيم الحرية والعدل واحترام حقوق الإنسان، فسلكت السبيلَ ذاتَه وشرعت في تقديم دعاواها إلى محكمة العدل الدولية ضد الكيان الصهيوني. فكانت دولة أندونيسيا هي الدولة التالية التي قدمت دعواها إلى محكمة لاهاي ضد الكيان الصهيوني ومايرتكبه من مجازرالإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. كما رفعت عديد أصواتها منادية باستقلال دولة فلسطين والاعتراف بها أمميا ودوليا.
فهل يكون مسار التقاضي هذا على أهميته، هو الحل الرادع لغطرسة الكيان الصهيوني والمحقق لهدف نضال أجيال متعاقبة منذ 75 عاما من أجل التحرر والاستقلال؟.
وهل يمكن لهذا المسار وحده أن يثني الأنظمة الداعمة لهذا الكيان عن مواصلة المراهنة على خيار اغتصاب الأرض واستعمار الإنسان في زمن إعلان الدفاع عن حقوق الإنسان، جميعها، فيما المفروض أن تكون في مقدمة المدافعين عما سُمي بالشرعية الدولية وعن حرمة منظمة الأمم المتحدة على عرَجِها؟؟
إن طرح الأسئلة شبه المبتورة على هذه الشاكلة لا أراه يفي بالغرض . بل أراه يستحثني للمضي أكثر في تفاصيل أخرى متصلة بالحدث.
فإذا سلمنا، وأنا على يقين، بأن الشعب الفلسطيني ، كما سائر الشعوب التي ناضلت من أجل استرجاع حريتها، مثل جنوب إفريقيا رافعةِ الدعوى، لابد منتصرٌ ولابد من أن يسترجع سيادته وحريته. كما لابد للغاصب الصهيوني لأرضه ومقترف مجازر الإبادة الجماعية في حق أبنائه، شيبا وشبابا ورضعا، من أن ينال العقاب على جرمة.. ولكن هذا الإقرار يدفعنا إلى المضي في التساؤل..
هل سيتم كل ذلك دفعة واحدة وفي التو؟
بالنظر للأوضاع المنخرمة السائدة في العالم والمقوضة لمبادئ علاقات العدل والتساوي والاحترام بين الدول والشعوب، فإن النظر الحكيم الهادئ على صعوبته، خارج الدفق العاطفي اليانع زهورا ورياحين وأهازيج في الشوارع والساحات، يرشدنا لاتباع مرحلية مدروسة تشارك فيها الدول المناهضة للاستعمار والمناصرة لحق الشعوب في الحرية والمساواة كما بقية الشعوب المستقلة والمرفهة، ويكون فيها دور غير قليل للمواطنين الشرفاء في الدول ذات السياسات أحادية الجانب كي يعاقبوا في أول انتخابات قادمة حكامهم الظالمين. كما يكون نفس الدور للسكان اليهود تحت هيمنة وصلف اليمين الصهيوني لمعاقبته في الانتخابات القادمة وملاحقة رموزه قضائيا.هذا طبعا إلى جانب ما هو مؤمَّلٌ ان تصدره محكمة لاهاي من قرارات وأحكام ضد المعتدين.
ولكن ما رأيكم في أن قاعدة "رب ضارة نافعة" يصح تنزيلها في هذا المقام؟
أفليس العدوان الوحشي الذي مارسته وتمارسه قوات الاحتلال الصهيوني منذ أكثر من ثلاثة أشهر بنهارها وليلها بأبشع الصور ضد الفلسطينيين قد كان بنسبة كبيرة وراء استفاقة شعوب العالم جميعها على أفظع مظلمة ضد الإنسانية فانتفضت تملأ الشوارع منادية بتحرير فلسطين؟..
كما كان لفصائل المقاومة الفلسطينية القدحُ المعلى بين شعوب الأرض بما أبدته وتبديه من صمود خرافي ومن حسن تنظيم وتدبير وحنكة مثالية في إدارة المعارك ضد قوات الاحتلال وتكبيدها من الخسائر في الأرواح والاليات ما لم تُمْنَ بأقل من سدسها في حروبها السابقة. فاستيقظت الضمائر النائمة وحدقت الأعين في لا إنسانية المحتل الصهيوني وفي معاناة الشعب الفلسطيني التي فاقت وتفوق طاقة البشر تحت نيره. فانبعثت أنفاس الحياة الإنسانية الراقية في الساحات وفي الشوارع وحتى تحت سقوف عدد من برلمانات العالم هاتفة بحياة فلسطين حرة وسقوط الكيان الصهيوني.
فهل هذا على أهميته العظمى يكفي لتحقيق تلك الغاية النبيلة كاملة الآن الآن وليس غدا؟ ثم هل يكون لهذه الجهود جميعها القدرة على المدى القريب على إصلاح العرَج الذي تعانيه منظمة الأمم المتحدة والمنظمات والهياكل الملحٌقَة بها والتابعة لها لتسترجع دورها الذي سطت عليه الدولة الأمريكية وتمارسه على أرض الواقع فتضع حدا لصلف وغطرسة ووحشية الكيان الصهيوني المحتل ؟
أكيد هو لا يكفي ولكن يتحتم مواصلته والبناء عليه بخطة محكمة لتحقيق الهدف او الأهداف المنشودة ! ولعل تقدم دولة اندونيسيا هي الأخرى بدعوى إلى محكمة العدل الدولية لمحاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه وتحرك عدد من دول أخرى في أماكن مختلفة من العالم للمناداة بحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال والتحرر وبوجوب وضع حد لغطرسة واستعمار الكيان الصهيوني وكذلك توحيد جهود كل دعاة الحرية والكرامة وإنهاء الاستعمار والهيمنة لابد يثمر فرض تغيير جذري وضروري على قانون عمل المنتظم الأممي ليتحرر من سيطرة الدولة الأمريكية عليه حتى يضطلع بدوره الذي بُعث من أجله نظريا أو دعائيا ويساهم بفعالية في تحقيق السلم في العالم والعدل بين دوله وإنهاء غطرسة الدول العظمى على الدول والشعوب الضعيفة ووضع حد لمابقي من أنظمة عنصرية استعمارية يمثلها على وجه الخصوص وبشكلٍ حصري الكيان الصهيوني المحتل..
فكل السند والدعم والتحية للمقاومة الفلسطينية الصامدة الأبية المنتصرة حتما طال الزمن أم قصر. ولا يبقى إلا أن نرى كل الفصائل الفلسطينية متحدة من جديد وبكلمة واحدة لخوض المرحلة القادمة من النضال، وهي المرحلة الديبلوماسية القائمة على التفاوض بكل عزم ووضوح، دعما للنضال العسكري المقاوم والذي أنهك العدو الصهيوني وضاعف خسائره البشرية والمادية وبات يهز أسس اقتصاده وعلاقات سكانه بعضهم ببعض ومع سلطات الاحتلال ذاتها. وكان الحدث الأشد إذلالا لكيان الاحتلال اقتحام جمهرة من الأشخاص غالبيتهم من أولياء وأقارب الأسرى الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة مبنى الكنيست في الأيام الماضية ملقين كل أنواع الشتائم على المجتمعين هناك داعين إياهم إلى التعجيل بترك مقاعدهم والعمل على إيقاف الحرب والقيام بتبادل الأسرى حتى يعود إليهم هم أيضا أهاليهم الأسرى لدة المقاومة الفلسطينية..