إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. متى يوقف بايدن جنون ناتنياهو؟

 

"صدمة.. كارثة.. مأساة"، هذا  بعض مما تداولته الصحافة العبرية أمس نقلا عن قادة إسرائيليين بعد مصرع أربعة وعشرين جنديا في جيش الاحتلال في مخيم المغازي في قطاع غزة والذي سيكتب في تاريخ المقاومة ويحسب لها أنها رسمت "نكبة جيش الاحتلال" بعد مائة وعشرة أيام من العدوان على غزة وكبدته اكبر خسارة في صفوفه وهو الذي  كان يستعد لنسف مبنيين في المخيم حتى لا تجد المقاومة أي مكان يمكن أن تأوي إليه ..

وبعد أن كان اللواء الإسرائيلي 261 المكلف بالمهمة يستعد للمغادرة معتقدا انه أنهى كل الترتيبات حصل ما لم يتوقعه جيش الاحتلال.. وفي رد فعل مباغت استهدفت المقاومة المبنى الملغم ونسفته بمن فيه لتذيق الاحتلال علقم ما يتذوقه الفلسطينيون منذ عقود ومرارة ما يمر به أهالي غزة منذ مائة وعشرة أيام  ..

وربما اعتقد جيش الاحتلال في غمرة طغيانه وانسياقه وراء إراقة دماء الفلسطينيين وجثثهم التي تحولت إلى جبال من أشلاء أن للحروب محطات وان للمغلوب موعد مؤجل مع الانتصار ولو بعد حين.. وربما جاز القول انه لو توفر حد أدنى من العدالة والإنصاف لضمان حق الشعوب في تقرير المصير ومنها الشعب الفلسطيني الذي امتدت معاناته على مدى لامكن تجنيب الشعوب المستضعفة الكثير من مظاهر التوحش وحروب الاستنزاف... مائة وعشرة أيام تمر اليوم على المحرقة المستمرة في غزة دون أن يحرك العالم الحر إصبعا لردع ناتنياهو وفريقه اليميني المتطرف ومعه قطعان المستوطنين أو منع ما يتعرض له اطفال ونساء وشيوخ غزة من قتل ودمار وتشرد وتجويع وهي كلها أركان لجريمة الإبادة الجماعية.. ندرك جيدا أن جيش الاحتلال سيعمد بعد عملية مخيم المغازي إلى الانتقام من الفلسطينيين بوسائل اشد وأبشع مما نراه قبل أن يدرك المجتمع الدولية حجم أخطائه وتداعيات فشله في إيقاف المذبحة... وهو ما يعني صراحة إذا كانت هناك إرادة دولية لإيقاف هذه الجرائم أن يمنع بايدن حليفه نتنياهو من مواصلة جنونه وأن يفرمل آلة الحرب الإسرائيلية الأمريكية من حرق الأخضر واليابس ...

لم يسبق أن استمع العالم لعبارة حل الدولتين تتكرر كما حدث ويحدث منذ بداية عملية طوفان الأقصى.. وليس من الافتراء في شيء أن نؤكد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان البطل والسباق في اجترار "حل الدولتين" الذي ازدحمت به الخطابات في مختلف المناسبات من واشنطن إلى نيويورك وبروكسيل والقاهرة  عمان ولكن دون أدنى إشارة أو خطوة يمكن أن تجعل لحل الدولتين مبادرة جدية قابلة للحياة على وجه الأرض... نقول هذا الكلام ونحن ندرك أن جنون ومكابرة وعنصرية نتناهو لا حد لها وهو الذي لم يخف رفضه لحل الدولتين في أي مناسبة كانت ولا يخفي رفضه لحق الشعب الفلسطيني في الحياة والكرامة وهو الذي يسعى دون هوادة لإطالة عمر الحرب في غزة ومنح جيش الاحتلال الوقت الكافي لإتمام مهمته القذرة في إبادة أهالي القطاع قبل الانتقال إلى الضفة... حل الدولتين تحول بالنسبة لبايدن إلى شعار لتخدير العقول ودفع الفلسطينيين في متاهات من الأوهام والأحلام أسوة بما كان  إسحاق شامير يردده وأن الإسرائيليين سيدوخون الفلسطينيين مائة عام ولن يمنحوهم شيئا... حل الدولتين بات في حسابات بايدن ونتنياهو ومن قبل ترامب الذي يهيئ نفسه للعودة إلى السلطة مجرد طعم لفرض مسار التطبيع على دول المنطقة وإنهاك وتهميش الدول العربية فتحصل إسرائيل على الأرض بما فيها بعد طرد أهلها  وتتحول إلى شريك مبجل في المنطقة بعنوان تحقيق السلام مقابل التطبيع المجاني.. ولو أننا استعرضنا مسار السلام في السنوات القليلة الماضية سنجد وبعد اتفاقية كامب دايفد مع مصر ووادي عربة مع الأردن أن ما تم من تطبيع مع نحو ست عواصم عربية لم يحمل خيط أمل وحيد للفلسطينيين لإنهاء الاحتلال بل أن ما حدث وثق وكذب ادعاءات المطبعين بأنهم يقيمون علاقات مع الاحتلال خدمة للقضية الفلسطينية... ومع مرور نحو أربعة أشهر على عملية الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة الذي تحول إلى مقبرة مفتوحة لا يبدو إطلاقا أن كيان الاحتلال مستعد لأدنى تنازل عن سياساته العنصرية المناقضة والمعادية لكل القوانين الإنسانية والدولية ...

مسار المقاومة مستمر وصامد على الميدان رغم كل مظاهر الخراب والدمار والقتل اليومي والإبادة الجماعية ومساندة هذا المسار لم تعد خيارا يقبل أو يرفض.. والأكيد أن تغيير مسار القضية الفلسطينية لا يمر بوعود بايدن التي تهدف لإنقاذ ناتنياهو وإرضاء اللوبيات اليهودية المتنفذة ولكن بما يمكن جديا أن يدفع إلى إيقاف العدوان وهو ما يعني إيقاف جنون ناتنياهو ومكابرته واحتقاره للعالم والضغط على كل المستويات  لفرض عقوبات عسكرية ومالية على كيان الاحتلال وملاحقة قياداته في المحاكم الدولية ودفع الغرب للاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو دائم في الأمم المتحدة وفي كل المؤسسات الدولية وهذا اقل ما يمكن للمجتمع الدولي القيام به احتراما لتضحيات الفلسطينيين ولمعاناة أهالي غزة الذين يعيشون أطوار اكبر مظلمة في تاريخ الإنسانية ..

اسيا العتروس

ممنوع من الحياد..   متى يوقف بايدن جنون ناتنياهو؟

 

"صدمة.. كارثة.. مأساة"، هذا  بعض مما تداولته الصحافة العبرية أمس نقلا عن قادة إسرائيليين بعد مصرع أربعة وعشرين جنديا في جيش الاحتلال في مخيم المغازي في قطاع غزة والذي سيكتب في تاريخ المقاومة ويحسب لها أنها رسمت "نكبة جيش الاحتلال" بعد مائة وعشرة أيام من العدوان على غزة وكبدته اكبر خسارة في صفوفه وهو الذي  كان يستعد لنسف مبنيين في المخيم حتى لا تجد المقاومة أي مكان يمكن أن تأوي إليه ..

وبعد أن كان اللواء الإسرائيلي 261 المكلف بالمهمة يستعد للمغادرة معتقدا انه أنهى كل الترتيبات حصل ما لم يتوقعه جيش الاحتلال.. وفي رد فعل مباغت استهدفت المقاومة المبنى الملغم ونسفته بمن فيه لتذيق الاحتلال علقم ما يتذوقه الفلسطينيون منذ عقود ومرارة ما يمر به أهالي غزة منذ مائة وعشرة أيام  ..

وربما اعتقد جيش الاحتلال في غمرة طغيانه وانسياقه وراء إراقة دماء الفلسطينيين وجثثهم التي تحولت إلى جبال من أشلاء أن للحروب محطات وان للمغلوب موعد مؤجل مع الانتصار ولو بعد حين.. وربما جاز القول انه لو توفر حد أدنى من العدالة والإنصاف لضمان حق الشعوب في تقرير المصير ومنها الشعب الفلسطيني الذي امتدت معاناته على مدى لامكن تجنيب الشعوب المستضعفة الكثير من مظاهر التوحش وحروب الاستنزاف... مائة وعشرة أيام تمر اليوم على المحرقة المستمرة في غزة دون أن يحرك العالم الحر إصبعا لردع ناتنياهو وفريقه اليميني المتطرف ومعه قطعان المستوطنين أو منع ما يتعرض له اطفال ونساء وشيوخ غزة من قتل ودمار وتشرد وتجويع وهي كلها أركان لجريمة الإبادة الجماعية.. ندرك جيدا أن جيش الاحتلال سيعمد بعد عملية مخيم المغازي إلى الانتقام من الفلسطينيين بوسائل اشد وأبشع مما نراه قبل أن يدرك المجتمع الدولية حجم أخطائه وتداعيات فشله في إيقاف المذبحة... وهو ما يعني صراحة إذا كانت هناك إرادة دولية لإيقاف هذه الجرائم أن يمنع بايدن حليفه نتنياهو من مواصلة جنونه وأن يفرمل آلة الحرب الإسرائيلية الأمريكية من حرق الأخضر واليابس ...

لم يسبق أن استمع العالم لعبارة حل الدولتين تتكرر كما حدث ويحدث منذ بداية عملية طوفان الأقصى.. وليس من الافتراء في شيء أن نؤكد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان البطل والسباق في اجترار "حل الدولتين" الذي ازدحمت به الخطابات في مختلف المناسبات من واشنطن إلى نيويورك وبروكسيل والقاهرة  عمان ولكن دون أدنى إشارة أو خطوة يمكن أن تجعل لحل الدولتين مبادرة جدية قابلة للحياة على وجه الأرض... نقول هذا الكلام ونحن ندرك أن جنون ومكابرة وعنصرية نتناهو لا حد لها وهو الذي لم يخف رفضه لحل الدولتين في أي مناسبة كانت ولا يخفي رفضه لحق الشعب الفلسطيني في الحياة والكرامة وهو الذي يسعى دون هوادة لإطالة عمر الحرب في غزة ومنح جيش الاحتلال الوقت الكافي لإتمام مهمته القذرة في إبادة أهالي القطاع قبل الانتقال إلى الضفة... حل الدولتين تحول بالنسبة لبايدن إلى شعار لتخدير العقول ودفع الفلسطينيين في متاهات من الأوهام والأحلام أسوة بما كان  إسحاق شامير يردده وأن الإسرائيليين سيدوخون الفلسطينيين مائة عام ولن يمنحوهم شيئا... حل الدولتين بات في حسابات بايدن ونتنياهو ومن قبل ترامب الذي يهيئ نفسه للعودة إلى السلطة مجرد طعم لفرض مسار التطبيع على دول المنطقة وإنهاك وتهميش الدول العربية فتحصل إسرائيل على الأرض بما فيها بعد طرد أهلها  وتتحول إلى شريك مبجل في المنطقة بعنوان تحقيق السلام مقابل التطبيع المجاني.. ولو أننا استعرضنا مسار السلام في السنوات القليلة الماضية سنجد وبعد اتفاقية كامب دايفد مع مصر ووادي عربة مع الأردن أن ما تم من تطبيع مع نحو ست عواصم عربية لم يحمل خيط أمل وحيد للفلسطينيين لإنهاء الاحتلال بل أن ما حدث وثق وكذب ادعاءات المطبعين بأنهم يقيمون علاقات مع الاحتلال خدمة للقضية الفلسطينية... ومع مرور نحو أربعة أشهر على عملية الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة الذي تحول إلى مقبرة مفتوحة لا يبدو إطلاقا أن كيان الاحتلال مستعد لأدنى تنازل عن سياساته العنصرية المناقضة والمعادية لكل القوانين الإنسانية والدولية ...

مسار المقاومة مستمر وصامد على الميدان رغم كل مظاهر الخراب والدمار والقتل اليومي والإبادة الجماعية ومساندة هذا المسار لم تعد خيارا يقبل أو يرفض.. والأكيد أن تغيير مسار القضية الفلسطينية لا يمر بوعود بايدن التي تهدف لإنقاذ ناتنياهو وإرضاء اللوبيات اليهودية المتنفذة ولكن بما يمكن جديا أن يدفع إلى إيقاف العدوان وهو ما يعني إيقاف جنون ناتنياهو ومكابرته واحتقاره للعالم والضغط على كل المستويات  لفرض عقوبات عسكرية ومالية على كيان الاحتلال وملاحقة قياداته في المحاكم الدولية ودفع الغرب للاعتراف بالدولة الفلسطينية كعضو دائم في الأمم المتحدة وفي كل المؤسسات الدولية وهذا اقل ما يمكن للمجتمع الدولي القيام به احتراما لتضحيات الفلسطينيين ولمعاناة أهالي غزة الذين يعيشون أطوار اكبر مظلمة في تاريخ الإنسانية ..

اسيا العتروس