إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الطبوبي في الذكرى 78 لتأسيس الاتحاد: "المنظمة" اليوم في معركة جديدة مشابهة لما عرفته سنة 1978!

 

-ماضون في الدفاع عن المقدرة الشرائية ووضع خطوط حمراء ضد التفويت في المؤسسات العمومية

- تعرضنا لـ"هجمات" ممنهجة من جهات سياسية معينة..ولـ"الصبر حدود"

تونس – الصباح

أحيا الاتحاد العام التونسي للشغل أمس 20 جانفي الجاري الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس المنظمة الشغيلة منذ 20 جانفي 1946 وسط تجمع نقابي وعمالي كبير بقصر المؤتمرات بالعاصمة، انتظم تحت شعار "الاتحاد في نصرة المقاومة في فلسطين". فكانت الشعارات والهتافات والأغاني والأناشيد التي تم رفعها أثناء هذه المناسبة إضافة إلى الحضور "الاستعراضي" لأبناء الاتحاد، اختزالا في شكله وأبعاده لأدوار هذه المنظمة النقابية الكبرى منذ تأسيسها في تقاطعها مع السياسي والتنظيمي والاجتماعي والاقتصادي والفكري باعتبارها مهاما وأدوارا حولتها في مرات عديدة إلى "خيمة" للتونسيين وقبلة للفرقاء والفارين من التضييقات.

وكانت هذه الذكرى مناسبة لاستعراض محطات مفصلية في مراحل مختلفة من تاريخ هذه المنظمة، حافلة بالنضالية والنزعة الوطنية والاجتماعية التي مهدت أرضية تأسيس الاتحاد في نسخته المنبثقة عن هياكل ومهام وأهداف وأفكار اختلف فيها السياسي بالعمل المدني والنضالي والتحرري في وقت لا تزال فيه بلادنا ترزح تحت الاستعمار الفرنسي، وفق ما أكده نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في كلمته المطولة أثناء هذه الاحتفالية النقابية التي اختار فيها الأمين العام السابق للمنظمة حسين العباسي الحضور والوقوف إلى جانب أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد وسط ترحيب الأعداد الكبيرة من النقابيين والعمال الذين جاؤوا للاحتفال ولنصرة منظمتهم في ذكرى تأسيسها.

وأكد نورالدين الطبوبي في خطابه على تمسك الاتحاد بثوابته النضالية والوطنية والحقوقية من خلال أسسه وأدواره المدنية والاجتماعية رغم تقاطعاتها مع السياسي والاقتصادي، ومواصلة مضيه على خط النضال من أجل حقوق العملة في القطاعين العام والخاص وفي الوظيفة العمومية والدفاع عن المقدرة الشرائية ووضع خطوط حمراء وتصديه ورفضه لكل محاولات التفويت في المؤسسات العمومية مقابل استعداده ليكون طرفا في العملية الإصلاحية على غرار ما قدمه من مبادرات عملية في الغرض في مناسبات سابقة.

فتحدث الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المناسبة عن أبرز ما أنجزه الاتحاد لفائدة الوطن والشغّالين ومن أجل نشر قيم الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، مؤكدا أن "تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل كان استجابة لإرادة شعبنا في كسر قيود الاضطهاد الوطني ممثّلا بالاستعمار الغاشم والانعتاق من قيود الاضطهاد الاجتماعي والاستغلال الذي كان يعاني منه التونسيون عموما والطبقة العاملة بالأخصّ. واعتبر أن العائلة النقابية الموسعة بشكل خاص والاتحاد بشكل عام عرفا مراحل ومنعرجات و"هزات" متفاوتة سبقت تأسيسه ورافقت مراحل عمله وتحركه في تاريخ تونس المعاصر أي في مرحلة ما بعد الاستقلال إلى اليوم. منوها بالدور الكبير الذي اضطلع به محمد علي الحامي على اعتبار أن الاتحاد يعد الوريث الشرعي الوحيد لتجربة الحامي النضالية وانبثاق هذه المنظمة من رحم العمل المدني وجامعة عموم العملة التي يحتفل الاتحاد بمائوية تأسيسها.

مشددا على أن20 جانفي 1946 تاريخ الإعلان رسميا عن تأسيس المنظمة الشغيلة كان نقطة تحوّل مفصليّة في موازين القوى بين الشعب التونسي والاستعمار والمتحالفين معه، وذلك بعد أن نجح جيل فرحات حشّاد وجيله من المؤسسين في الاستفادة من تجربة الزعيم محمد علي الحامي الرائدة سنة 1924 ثمّ من تجربة جامعة عموم العملة التونسيين الثانية بقيادة المناضل بلقاسم الڤناوي سنة 1937 واللّتان انقرضتا بسرعة جرّاء القمع الاستعماري ومعاداة القوى الرجعية للعمل النقابي والرسالة التحرّرية والحداثية التي يحملها، ووضع صرح نقابي مستقل بمنأى عن العمل النقابي الفرنسي. وتداعيات ذلك في بناء وعي ووحدة وطنية صلبة وتجمع مختلف فئات الشعب التونسي حول مشروع يهدف لنيل الحرية والاستقلال وبناء دولة وطنية حديثة تصان فيها الحريات وتضمن العدالة الاجتماعية لجميع أبنائها.

    معركة مشابهة

  وتحدث الطبوبي في نفس المناسبة بلهجة مشحونة بالقوة والتأكيد على أن " الاتحاد اليوم في معركة جديدة مشابهة لما عرفه سنة 1978 في معركته التي تمحورت حول رفض هيمنة الدولة على المجتمع المدني وسيادة قراره".

 وعرج الطبوبي على تاريخ الاتحاد مع المؤامرات التي عانى منها طيلة تاريخه مستشهدا في ذلك بما تعرض له بعض أبنائه من محاكمات وأحكام بالسجن وطرد من العمل ونزل ذلك في إطار محاولات إخضاعه وضرب استقلاليته. وتوقف عند أبرز المحطات المفصلية في تاريخه منذ التأسيس إلى اليوم مرورا بمعاناة رموزه وأدواره على مستويين وطني ودولي نقابي في معركة التحرر الوطني في 1952 واغتيال زعيمه النقابي حشاد وتشريد أحمد التليلي في المنفى ومعاناة الحبيب عاشور وأحداث سنة 1965 و1978 و1985 ومرورا أيضا بفترة ما بعد ثورة 2011 وصولا إلى ما يسمى 25مرحلة ما بعد جويلية، حسب تأكيده. واعتبر أن الاتحاد يفخر بتاريخه الحافل بالنضالات من أجل أهداف وطنية واجتماعية بحتة ساهمت في تكريس وجوده ودوره في الدولة وفي المشهد العام في تونس عبر عقود.

  بين منطق التهديد وقوة الاقتراح

وشدد الطبوبي على أن الاتحاد يحافظ على استقلاليته ولا يمكنه أن يكون تابعا لأي جهة أو منخرطا في خدمة أي أجندا سياسية. منتقدا بذلك ما تعرض له من انتقادات أو ما وصفها بـ"هجمات" ممنهجة لجهات سياسية معينة عجزت عن فرض نسقها وأرادت أن تقوم هذه المنظمة بما عجزت عنه هي. وانتقد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل في نفس الخطاب موقف الجهات الرسمية والسياسية والحزبية على حد السواء من الاتحاد الذي خير الهدنة مراعاة لما تمر به بلادنا من ظروف صعبة واعتبر في عدم تفاعل السلط الرسمية مع مبادراته وما قدمه من خطوات بإيجابية من شانه أن يؤثر سلبيا على المناخ الاجتماعي لاسيما في ظل غياب الحوار الاجتماعي. وقال في نفس السياق:"للصبر حدود بلادنا ليست في حاجة للهزات لأن حالة الصمت المطبق التي عليها الوضع اليوم خطيرة.. أقول ذلك ليس من منطق تهديد وإنما من موقع قوة اقتراح وتضامن وقوة مسؤولية وطنية بأبعادها الاجتماعية". واعتبر في تدخل منظمة العمل الدولية في تونس ناجم عن تأخر مشاريع مشتركة في تونس.

 مطالب مشروعة

وعدد الأمين العام للمنظمة الشغيلة جملة من المطالب التي يعتبرها الاتحاد ضرورية ولا يمكن التراجع أو التنازل عنها في مواصلة مساره النضالي من أجل تحقيقها وتتمثل في تجديد الرفض المطلق لاستهداف الحقوق والحريات والإلحاح في المطالبة بسحب المرسوم 54 الذي وُضع لتكميم الأفواه ومنع النقد ومحاكمة الأصوات الحرّة. ورفض ما يعتبره محاكمات كيدية كتلك التي طالت نقابيين إعلاميين وبعض السياسيين. وتجديد المطالبة بقضاء مستقلّ وعادل وناجز بعيدا عن الضغوطات والابتزاز والترهيب.

وعبر أيضا عن التشبث بالهويّة الاجتماعية للدولة وبتعزيز دورها التعديلي للقضاء على الفقر وحماية الفئات الهشّة ودفاعها عن المرفق العمومي وعن حقّ الشعب في التقدّم والرفاه الاجتماعي، مشددا على أن الاتحاد سيبقى من حماة المؤسّسة العمومية مع الدعوة إلى إصلاحها والمحافظة على ديمومتها ونجاعتها وتطور خدماتها أساسا منها المؤسسات الصحية.

كما شدد على التمسك بالحوار الاجتماعي وبحقّ المفاوضة الجماعية الحرّة والطوعية وإلغاء المنشور عدد 21 على اعتبار أن في ذلك تكريس لضرب الحقّ النقابي وحقّ المفاوضة الجماعية.

في المقابل أكد أن النضال المستمرّ من أجل حقوق الجهات والقطاعات وحماية المقدرة الشرائية للعمّال وعموم الأجراء في مواجهة الغلاء والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية والخدمات. ودعا إلى ضرورة مراجعة الجدول الضريبي بإصلاح المنظومة الجبائية الحالية التي اعتبرها غير عادلة، ومحاربة التشغيل الهشّ والمطالبة برفع الأجر الأدنى والتمسّك بتطبيق جميع الاتفاقيات المبرمة وخاصة اتفاقيتي 6 فيفري 2021 و15 سبتمبر 2022 والمراجعة الدورية لتحسين الأجور وحماية حقوق المتقاعدين.

وشدد على موقف الاتحاد في تمسكه بدعم الدولة للمواد الأساسية باعتباره جزءا هامّا من الدور التعديلي للدولة.

ونوه بما أنجزه الاتحاد في الغرض بعد التوصل إلى زيادات بالنسبة لعمال الحراسة والنسيج والملابس الجاهزة وزيادة بـ8.5% بالنسبة لأكثر 1200 عامل بشركة خاصة في الصناعات بسوسة.

  تضامن لا مشروط

وعبر الطبوبي في جانب آخر من نفس الخطاب عن تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بدعمه اللامشروط للمقاومة الفلسطينية وتضامنه مع ما يتعرض له أبناء غزة من مجازر وعمليات إبادة. واعتبر ما قام به الاتحاد من اتصالات وتحركات مع منظمات نقابية دولية في الغرض تأكيد لموقفه في نصرة القضية الفلسطينية. مشددا على أن الاتحاد يجدد الطلب الشعبي الداعي إلى سنّ قانون لتجريم التطبيع.

وتجدر الإشارة إلى أن أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل كان قد أشار في مستهل كلمته أنه كان من المفترض أن يتزامن إحياء هاتين المناسبتين ببطحاء محمد علي قلعة النضال والصمود مع تدشين دار الشغّالين في شكلها الجديد، غير أنّ بعض الإشكاليات الفنية أخّرت عمليّة الانتهاء من الأشغال ليتم إرجاء التدشين إلى موعد آخر سيتزامن مع حلول مائوية إنشاء أوّل مركزية نقابية تونسية سنة 1924 وهي جامعة عموم العملة التونسيين على يد زارع البذرة النقابية والمصلح محمد علي الحامي.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 الطبوبي في الذكرى 78 لتأسيس الاتحاد:    "المنظمة" اليوم في معركة جديدة مشابهة لما عرفته سنة 1978!

 

-ماضون في الدفاع عن المقدرة الشرائية ووضع خطوط حمراء ضد التفويت في المؤسسات العمومية

- تعرضنا لـ"هجمات" ممنهجة من جهات سياسية معينة..ولـ"الصبر حدود"

تونس – الصباح

أحيا الاتحاد العام التونسي للشغل أمس 20 جانفي الجاري الذكرى الثامنة والسبعين لتأسيس المنظمة الشغيلة منذ 20 جانفي 1946 وسط تجمع نقابي وعمالي كبير بقصر المؤتمرات بالعاصمة، انتظم تحت شعار "الاتحاد في نصرة المقاومة في فلسطين". فكانت الشعارات والهتافات والأغاني والأناشيد التي تم رفعها أثناء هذه المناسبة إضافة إلى الحضور "الاستعراضي" لأبناء الاتحاد، اختزالا في شكله وأبعاده لأدوار هذه المنظمة النقابية الكبرى منذ تأسيسها في تقاطعها مع السياسي والتنظيمي والاجتماعي والاقتصادي والفكري باعتبارها مهاما وأدوارا حولتها في مرات عديدة إلى "خيمة" للتونسيين وقبلة للفرقاء والفارين من التضييقات.

وكانت هذه الذكرى مناسبة لاستعراض محطات مفصلية في مراحل مختلفة من تاريخ هذه المنظمة، حافلة بالنضالية والنزعة الوطنية والاجتماعية التي مهدت أرضية تأسيس الاتحاد في نسخته المنبثقة عن هياكل ومهام وأهداف وأفكار اختلف فيها السياسي بالعمل المدني والنضالي والتحرري في وقت لا تزال فيه بلادنا ترزح تحت الاستعمار الفرنسي، وفق ما أكده نورالدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في كلمته المطولة أثناء هذه الاحتفالية النقابية التي اختار فيها الأمين العام السابق للمنظمة حسين العباسي الحضور والوقوف إلى جانب أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد وسط ترحيب الأعداد الكبيرة من النقابيين والعمال الذين جاؤوا للاحتفال ولنصرة منظمتهم في ذكرى تأسيسها.

وأكد نورالدين الطبوبي في خطابه على تمسك الاتحاد بثوابته النضالية والوطنية والحقوقية من خلال أسسه وأدواره المدنية والاجتماعية رغم تقاطعاتها مع السياسي والاقتصادي، ومواصلة مضيه على خط النضال من أجل حقوق العملة في القطاعين العام والخاص وفي الوظيفة العمومية والدفاع عن المقدرة الشرائية ووضع خطوط حمراء وتصديه ورفضه لكل محاولات التفويت في المؤسسات العمومية مقابل استعداده ليكون طرفا في العملية الإصلاحية على غرار ما قدمه من مبادرات عملية في الغرض في مناسبات سابقة.

فتحدث الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المناسبة عن أبرز ما أنجزه الاتحاد لفائدة الوطن والشغّالين ومن أجل نشر قيم الحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، مؤكدا أن "تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل كان استجابة لإرادة شعبنا في كسر قيود الاضطهاد الوطني ممثّلا بالاستعمار الغاشم والانعتاق من قيود الاضطهاد الاجتماعي والاستغلال الذي كان يعاني منه التونسيون عموما والطبقة العاملة بالأخصّ. واعتبر أن العائلة النقابية الموسعة بشكل خاص والاتحاد بشكل عام عرفا مراحل ومنعرجات و"هزات" متفاوتة سبقت تأسيسه ورافقت مراحل عمله وتحركه في تاريخ تونس المعاصر أي في مرحلة ما بعد الاستقلال إلى اليوم. منوها بالدور الكبير الذي اضطلع به محمد علي الحامي على اعتبار أن الاتحاد يعد الوريث الشرعي الوحيد لتجربة الحامي النضالية وانبثاق هذه المنظمة من رحم العمل المدني وجامعة عموم العملة التي يحتفل الاتحاد بمائوية تأسيسها.

مشددا على أن20 جانفي 1946 تاريخ الإعلان رسميا عن تأسيس المنظمة الشغيلة كان نقطة تحوّل مفصليّة في موازين القوى بين الشعب التونسي والاستعمار والمتحالفين معه، وذلك بعد أن نجح جيل فرحات حشّاد وجيله من المؤسسين في الاستفادة من تجربة الزعيم محمد علي الحامي الرائدة سنة 1924 ثمّ من تجربة جامعة عموم العملة التونسيين الثانية بقيادة المناضل بلقاسم الڤناوي سنة 1937 واللّتان انقرضتا بسرعة جرّاء القمع الاستعماري ومعاداة القوى الرجعية للعمل النقابي والرسالة التحرّرية والحداثية التي يحملها، ووضع صرح نقابي مستقل بمنأى عن العمل النقابي الفرنسي. وتداعيات ذلك في بناء وعي ووحدة وطنية صلبة وتجمع مختلف فئات الشعب التونسي حول مشروع يهدف لنيل الحرية والاستقلال وبناء دولة وطنية حديثة تصان فيها الحريات وتضمن العدالة الاجتماعية لجميع أبنائها.

    معركة مشابهة

  وتحدث الطبوبي في نفس المناسبة بلهجة مشحونة بالقوة والتأكيد على أن " الاتحاد اليوم في معركة جديدة مشابهة لما عرفه سنة 1978 في معركته التي تمحورت حول رفض هيمنة الدولة على المجتمع المدني وسيادة قراره".

 وعرج الطبوبي على تاريخ الاتحاد مع المؤامرات التي عانى منها طيلة تاريخه مستشهدا في ذلك بما تعرض له بعض أبنائه من محاكمات وأحكام بالسجن وطرد من العمل ونزل ذلك في إطار محاولات إخضاعه وضرب استقلاليته. وتوقف عند أبرز المحطات المفصلية في تاريخه منذ التأسيس إلى اليوم مرورا بمعاناة رموزه وأدواره على مستويين وطني ودولي نقابي في معركة التحرر الوطني في 1952 واغتيال زعيمه النقابي حشاد وتشريد أحمد التليلي في المنفى ومعاناة الحبيب عاشور وأحداث سنة 1965 و1978 و1985 ومرورا أيضا بفترة ما بعد ثورة 2011 وصولا إلى ما يسمى 25مرحلة ما بعد جويلية، حسب تأكيده. واعتبر أن الاتحاد يفخر بتاريخه الحافل بالنضالات من أجل أهداف وطنية واجتماعية بحتة ساهمت في تكريس وجوده ودوره في الدولة وفي المشهد العام في تونس عبر عقود.

  بين منطق التهديد وقوة الاقتراح

وشدد الطبوبي على أن الاتحاد يحافظ على استقلاليته ولا يمكنه أن يكون تابعا لأي جهة أو منخرطا في خدمة أي أجندا سياسية. منتقدا بذلك ما تعرض له من انتقادات أو ما وصفها بـ"هجمات" ممنهجة لجهات سياسية معينة عجزت عن فرض نسقها وأرادت أن تقوم هذه المنظمة بما عجزت عنه هي. وانتقد أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل في نفس الخطاب موقف الجهات الرسمية والسياسية والحزبية على حد السواء من الاتحاد الذي خير الهدنة مراعاة لما تمر به بلادنا من ظروف صعبة واعتبر في عدم تفاعل السلط الرسمية مع مبادراته وما قدمه من خطوات بإيجابية من شانه أن يؤثر سلبيا على المناخ الاجتماعي لاسيما في ظل غياب الحوار الاجتماعي. وقال في نفس السياق:"للصبر حدود بلادنا ليست في حاجة للهزات لأن حالة الصمت المطبق التي عليها الوضع اليوم خطيرة.. أقول ذلك ليس من منطق تهديد وإنما من موقع قوة اقتراح وتضامن وقوة مسؤولية وطنية بأبعادها الاجتماعية". واعتبر في تدخل منظمة العمل الدولية في تونس ناجم عن تأخر مشاريع مشتركة في تونس.

 مطالب مشروعة

وعدد الأمين العام للمنظمة الشغيلة جملة من المطالب التي يعتبرها الاتحاد ضرورية ولا يمكن التراجع أو التنازل عنها في مواصلة مساره النضالي من أجل تحقيقها وتتمثل في تجديد الرفض المطلق لاستهداف الحقوق والحريات والإلحاح في المطالبة بسحب المرسوم 54 الذي وُضع لتكميم الأفواه ومنع النقد ومحاكمة الأصوات الحرّة. ورفض ما يعتبره محاكمات كيدية كتلك التي طالت نقابيين إعلاميين وبعض السياسيين. وتجديد المطالبة بقضاء مستقلّ وعادل وناجز بعيدا عن الضغوطات والابتزاز والترهيب.

وعبر أيضا عن التشبث بالهويّة الاجتماعية للدولة وبتعزيز دورها التعديلي للقضاء على الفقر وحماية الفئات الهشّة ودفاعها عن المرفق العمومي وعن حقّ الشعب في التقدّم والرفاه الاجتماعي، مشددا على أن الاتحاد سيبقى من حماة المؤسّسة العمومية مع الدعوة إلى إصلاحها والمحافظة على ديمومتها ونجاعتها وتطور خدماتها أساسا منها المؤسسات الصحية.

كما شدد على التمسك بالحوار الاجتماعي وبحقّ المفاوضة الجماعية الحرّة والطوعية وإلغاء المنشور عدد 21 على اعتبار أن في ذلك تكريس لضرب الحقّ النقابي وحقّ المفاوضة الجماعية.

في المقابل أكد أن النضال المستمرّ من أجل حقوق الجهات والقطاعات وحماية المقدرة الشرائية للعمّال وعموم الأجراء في مواجهة الغلاء والارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاستهلاكية والخدمات. ودعا إلى ضرورة مراجعة الجدول الضريبي بإصلاح المنظومة الجبائية الحالية التي اعتبرها غير عادلة، ومحاربة التشغيل الهشّ والمطالبة برفع الأجر الأدنى والتمسّك بتطبيق جميع الاتفاقيات المبرمة وخاصة اتفاقيتي 6 فيفري 2021 و15 سبتمبر 2022 والمراجعة الدورية لتحسين الأجور وحماية حقوق المتقاعدين.

وشدد على موقف الاتحاد في تمسكه بدعم الدولة للمواد الأساسية باعتباره جزءا هامّا من الدور التعديلي للدولة.

ونوه بما أنجزه الاتحاد في الغرض بعد التوصل إلى زيادات بالنسبة لعمال الحراسة والنسيج والملابس الجاهزة وزيادة بـ8.5% بالنسبة لأكثر 1200 عامل بشركة خاصة في الصناعات بسوسة.

  تضامن لا مشروط

وعبر الطبوبي في جانب آخر من نفس الخطاب عن تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بدعمه اللامشروط للمقاومة الفلسطينية وتضامنه مع ما يتعرض له أبناء غزة من مجازر وعمليات إبادة. واعتبر ما قام به الاتحاد من اتصالات وتحركات مع منظمات نقابية دولية في الغرض تأكيد لموقفه في نصرة القضية الفلسطينية. مشددا على أن الاتحاد يجدد الطلب الشعبي الداعي إلى سنّ قانون لتجريم التطبيع.

وتجدر الإشارة إلى أن أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل كان قد أشار في مستهل كلمته أنه كان من المفترض أن يتزامن إحياء هاتين المناسبتين ببطحاء محمد علي قلعة النضال والصمود مع تدشين دار الشغّالين في شكلها الجديد، غير أنّ بعض الإشكاليات الفنية أخّرت عمليّة الانتهاء من الأشغال ليتم إرجاء التدشين إلى موعد آخر سيتزامن مع حلول مائوية إنشاء أوّل مركزية نقابية تونسية سنة 1924 وهي جامعة عموم العملة التونسيين على يد زارع البذرة النقابية والمصلح محمد علي الحامي.

نزيهة الغضباني