إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

همزة فصل.. متى نتعلم حب الأحياء من الكتاب والشعراء ؟

 

 

 

بقلم: محمد صالح مجيٌد

 

 

تونس-الصباح

 

مات محمد الغزٌي الصوت الشعري التونسي فكأنه لم يعش بيننا

 

 ولم يملأ فضاءنا شعرا.. مات بعد أن أحبٌ وفرح وغضب وصُدِمِ وخاب أمله في بعض من أودعه أسراره واتخذه صديقا واكتشف نبل آخرين ظنهم أباعد فإذا هم اقارب.. كان بيننا يشرب قهوة الصباح على رصيف الوقت وينثر ضحكته دوائر من صور ورسوم وكلمات اصطفاها من رحيق روحه ويحاول طرق أبوابنا الموصدة ليذكٌرنا بأنّه حيّ يكتب ويشعر ويضحك ويتألم ويحبّ ويعشق كسائر البشر لكن بفائض من المشاعر وشارد الأمنيات ... لم يكن ثقيلا بما يكفي ليعيش معنا أياما أخرى فما أقل ما أخذ وما اكثر ما أعطى .. هل كان يجب أن يموت فجأة وفي غفلة من الوقت لنتذكٌر أن شاعرا تونسيا عربيٌا مٌجيدا عاش بيننا في القيروان وفي ربوع تونس وفي كل ارض عربيٌة تنبض شعرا وأنشد للحياة أغانيه الصوفية ؟؟؟ أين كانت مشاعر الحب هذه مدفونة؟؟؟.. لماذا لم نظهرها له صدقا وعلانية وهو حي يجوب الشوارع ويبحث عن المعنى في وطن أضحى بلا بوصلة؟؟؟ ...هل انٌ كل المعزين أحبوا الرجل وصانوا عهده؟؟؟ ألم يجتمع بعض مَنْ ضمٌ مجلس عزائه على إيذائه!!؟؟ لماذا كل هذا الإنكار والجحود لشاعر او كاتب كل تهمته بين اهله وذويه، انه لم يمت وظلٌ حيا يسمع المارّة وقع حذائه ويظاهر البعض على إيذائه !!؟؟ إلى هذه الدرجة تثقل الأرض بمبدع حيٌ ارتكب جريمة الفرار من قبض روحه؟؟؟ الم يكن يليق بالمدرسة التونسية وهي تتعطٌر وتتجمٌل وترفل في إصلاح يجبٌ ما قبله، أن تتوشّى بشعر محمد الغزي والوهايبي والمزغني وأولاد احمد وآدم فتحي وهم احياء ينثرون حبات كلماتهم في حقول الأراضي الواسعة شرقا وغربا !!؟؟؟ هل يعزٌ على المدرسة التونسية أن تحتضن نصوص "محمد "الباردي" و"شكري المبخوت" و"عيسى المؤدب" و"آمال مختار ومسعودة بوبكر وغيرهم من كتاب الرواية وهم أحياء يتنفسون مثلنا هواء رطبا نديٌا ويرتادون المطاعم في لحظة فرار من جحيم العمر؟؟....لماذا نرسي مع كل موت قدّاسا نجمّل فيه الغائب الذي كان ينتظر منا نظرة اعتراف وهو حيٌ؟؟؟....

 

مازلت احلم بأن أرى الناشئة في معاهدنا تفتح دفاتر مبدع تونسي حيٌ يرزق.. لا أن تتصفح وريقات الموتى وقد عظمناهم بعد ن واريناهم التراب....

 

عاش "محمد الغزي" بيننا شاعرا متصوفا عرج بروحه نحو سماوات بعيدة وعانق في رحلة صعوده وفنانه عشقا، ارواحا شاردة قادمة من العتمة بحث عنها وبحثت عنه فحملها وحملته إلى شواطئ بعيدة تعانقَ فيها العشٌاق والملتاعون.. عاش على مهل وانتهى على عجل.. لم يطل به المقام فرحل.. وكل مسافر وإن طالت غربته سيأوي إلى ذلك المحل...

 

فما أجمل أن نحبٌ المبدع وأن نعترف بتجميله للكون وهو في الحياة بموهبته يبادر.. وما أجمل أن نزداد له حبا وهو يغادر.

 

رحم الله محمد الغزّي.. ستفتقد القيروان وقع خطاه وستبكيه شوارعها وهو يعرج في سماه.. ما أكثر ما أعطى ما أقل ما أخذ...

 

 

همزة فصل.. متى نتعلم حب الأحياء من الكتاب والشعراء ؟

 

 

 

بقلم: محمد صالح مجيٌد

 

 

تونس-الصباح

 

مات محمد الغزٌي الصوت الشعري التونسي فكأنه لم يعش بيننا

 

 ولم يملأ فضاءنا شعرا.. مات بعد أن أحبٌ وفرح وغضب وصُدِمِ وخاب أمله في بعض من أودعه أسراره واتخذه صديقا واكتشف نبل آخرين ظنهم أباعد فإذا هم اقارب.. كان بيننا يشرب قهوة الصباح على رصيف الوقت وينثر ضحكته دوائر من صور ورسوم وكلمات اصطفاها من رحيق روحه ويحاول طرق أبوابنا الموصدة ليذكٌرنا بأنّه حيّ يكتب ويشعر ويضحك ويتألم ويحبّ ويعشق كسائر البشر لكن بفائض من المشاعر وشارد الأمنيات ... لم يكن ثقيلا بما يكفي ليعيش معنا أياما أخرى فما أقل ما أخذ وما اكثر ما أعطى .. هل كان يجب أن يموت فجأة وفي غفلة من الوقت لنتذكٌر أن شاعرا تونسيا عربيٌا مٌجيدا عاش بيننا في القيروان وفي ربوع تونس وفي كل ارض عربيٌة تنبض شعرا وأنشد للحياة أغانيه الصوفية ؟؟؟ أين كانت مشاعر الحب هذه مدفونة؟؟؟.. لماذا لم نظهرها له صدقا وعلانية وهو حي يجوب الشوارع ويبحث عن المعنى في وطن أضحى بلا بوصلة؟؟؟ ...هل انٌ كل المعزين أحبوا الرجل وصانوا عهده؟؟؟ ألم يجتمع بعض مَنْ ضمٌ مجلس عزائه على إيذائه!!؟؟ لماذا كل هذا الإنكار والجحود لشاعر او كاتب كل تهمته بين اهله وذويه، انه لم يمت وظلٌ حيا يسمع المارّة وقع حذائه ويظاهر البعض على إيذائه !!؟؟ إلى هذه الدرجة تثقل الأرض بمبدع حيٌ ارتكب جريمة الفرار من قبض روحه؟؟؟ الم يكن يليق بالمدرسة التونسية وهي تتعطٌر وتتجمٌل وترفل في إصلاح يجبٌ ما قبله، أن تتوشّى بشعر محمد الغزي والوهايبي والمزغني وأولاد احمد وآدم فتحي وهم احياء ينثرون حبات كلماتهم في حقول الأراضي الواسعة شرقا وغربا !!؟؟؟ هل يعزٌ على المدرسة التونسية أن تحتضن نصوص "محمد "الباردي" و"شكري المبخوت" و"عيسى المؤدب" و"آمال مختار ومسعودة بوبكر وغيرهم من كتاب الرواية وهم أحياء يتنفسون مثلنا هواء رطبا نديٌا ويرتادون المطاعم في لحظة فرار من جحيم العمر؟؟....لماذا نرسي مع كل موت قدّاسا نجمّل فيه الغائب الذي كان ينتظر منا نظرة اعتراف وهو حيٌ؟؟؟....

 

مازلت احلم بأن أرى الناشئة في معاهدنا تفتح دفاتر مبدع تونسي حيٌ يرزق.. لا أن تتصفح وريقات الموتى وقد عظمناهم بعد ن واريناهم التراب....

 

عاش "محمد الغزي" بيننا شاعرا متصوفا عرج بروحه نحو سماوات بعيدة وعانق في رحلة صعوده وفنانه عشقا، ارواحا شاردة قادمة من العتمة بحث عنها وبحثت عنه فحملها وحملته إلى شواطئ بعيدة تعانقَ فيها العشٌاق والملتاعون.. عاش على مهل وانتهى على عجل.. لم يطل به المقام فرحل.. وكل مسافر وإن طالت غربته سيأوي إلى ذلك المحل...

 

فما أجمل أن نحبٌ المبدع وأن نعترف بتجميله للكون وهو في الحياة بموهبته يبادر.. وما أجمل أن نزداد له حبا وهو يغادر.

 

رحم الله محمد الغزّي.. ستفتقد القيروان وقع خطاه وستبكيه شوارعها وهو يعرج في سماه.. ما أكثر ما أعطى ما أقل ما أخذ...