إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد التحاق ألمانيا بفرنسا وإيطاليا.. التونسيون أكثر المهاجرين تهديدا بالترحيل !

 

- ترحيل طالبي اللجوء من ألمانيا سيزيد بنحو 600 عملية إبعاد إضافية سنويا

تونس- الصباح

بعد فرنسا وايطاليا، انضمت ألمانيا مؤخرا إلى قائمة البلدان الأوربية التي راجعت قوانين الهجرة واللجوء لديها في اتجاه تشديد إجراءات قبول اللجوء وتسوية وضعيات المهاجرين خاصة غير النظاميين منهم.

وتمنح الإجراءات المعتمَدة شرطة ألمانيا صلاحيات جديدة للبحث عن الأشخاص الذين صدر قرار بترحيلهم والتعرّف إلى هوية المهاجرين. وسيكون الحدّ الأقصى لمدّة الاحتجاز قبل الترحيل 28 يوماً بدلاً من عشرة أيام، وذلك من أجل منح السلطات مزيداً من الوقت لتنظيم عمليات الترحيل.

وتشير تقديرات الحكومة الألمانية إلى أن حزمة الإجراءات الجديدة ستزيد عمليات ترحيل طالبي اللجوء من ألمانيا بنحو 600 عملية إبعاد إضافية سنويا.

وجاء تصويت البرلمان الألماني، وسط موجة غير مسبوقة تجتاح أوروبا ضد المهاجرين الواصلين إليها أو المقيمين فيها والقادمين من بلدان جنوب المتوسط أو الحاملين لجنسيات افريقية وآسيوية، ومن بينهم آلاف التونسيين.

الملاحظ أنه ومنذ صعود التيار اليمني المتطرف في عدد من الدول الأوربية، سارعت حكوماتها إلى سن قوانين صارمة تحد من الهجرة واللجوء، كما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تشديد سياسات بلدانه الأعضاء تجاه الهجرة والمهاجرين، من ذلك أنه عمل بالتعاون مع ايطاليا على توقيع اتفاق مع تونس يتيح مكافحة الهجرة غير النظامية، في إطار مذكرة التفاهم حول "الشراكة الشاملة" في 16 جويلية 2023..

وتميزت الفترة التي تلت توقيع الاتفاق بتراجع فعلي وملموس لموجات الهجرة غير النظامية خاصة المنطلقة من تونس..

 وقبل أسابيع، توصل البرلمان الأوروبي إلى اتفاق بشأن إصلاح واسع لنظام الهجرة واللجوء، ينص على مراقبة معززة لعمليات تدفق المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وإقامة مراكز مغلقة قرب الحدود لإعادة الذين تُرفض طلباتهم للجوء بسرعة أكبر، فضلا عن آلية تضامنية إلزامية بين البلدان الأعضاء لمساعدة الدول التي تواجه ضغوطا كبيرة.

وليدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ فعليا يتطلب موافقة رسمية من قبل برلمانات بلدان الاتحاد الأوروبي، في ظرف يجب أن لا يتعدى شهر جوان المقبل تاريخ الانتخابات الأوروبية..

استهداف حقوق المهاجرين

المثير في القوانين الجديدة التي اعتمدتها ألمانيا وخاصة فرنسا أنها تستهدف لا فقط المهاجرين المقيمين بطريقة غير قانونية، أو غير النظاميين الواصلين إليها عن طريق البحر، بل أيضا جل المهاجرين المقيمين حتى بصفة قانونية بشكل أو بآخر، باعتبار أن القوانين الجديدة المعتمدة تتيح حرمان المهاجرين من حقوق وامتيازات مادية وقانونية في صورة عدم الاستجابة لسلسلة من الشروط الصعبة، وأصبح الترحيل آلية ثابتة وسريعة ضد كل من يرتكب جريمة خطيرة..

وكان البرلمان الفرنسي قد وافق بأغلبية ساحقة على قانون جديد للهجرة خلال شهر ديسمبر المنقضي، وبموجبه، قد يتم تجريد المواطنين مزدوجي الجنسية الذين يرتكبون جرائم ضد قوات الأمن من جنسيتهم الفرنسية.

ويهدف القانون إلى طرد الأجانب الذين ارتكبوا جرائم تصل عقوبتها إلى عشر أو خمس سنوات إذا كانوا من مرتكبي الجرائم المتكررة بغض النظر عن مدة إقامتهم، كما يمكن لأبناء العائلات الأجنبية المولودين في فرنسا المطالبة بالجنسية الفرنسية بين سن 16 و18 عاما، ويجب ألا يكونوا قد ارتكبوا أي جرائم من قبل.

وفي نطاق القانون أصبحت شروط لم شمل الأسرة أكثر صعوبة، وتم الحد من إمكانيات تقديم الاستئناف عند صدور أمر بمغادرة البلاد، كما سيتم أخذ ضمان مالي من الطلاب الأجانب الذين يأتون إلى فرنسا للتعليم، وتهدف هذه الوديعة إلى تغطية تكاليف عودة الطلاب في حالة اتخاذ قرار بإبعادهم من الأراضي الفرنسية.

ويجعل القانون المساعدات الاجتماعية مشروطة ولن يكون حصول أبناء المهاجرين على الجنسية آليا، كما أجاز رفض تصريح الإقامة وسحب الجنسية بتهمة "عدم الالتزام بمبادئ الجمهورية".

ازدياد وتيرة الترحيل خاصة والتونسيون في الصدارة

وكانت ايطاليا قد سبقت فرنسا وألمانيا في تشديدها لإجراءات الهجرة واللجوء، من ذلك اعتماد آلية إرسال طالبي اللجوء إلى دول ثالثة أثناء معالجة مطالبهم، وتسريع إجراءات ترحيل المهاجرين خاصة غير النظاميين أو الذين تورطوا في ارتكاب جرائم خطيرة.

وتوصلت ايطاليا إلى اتفاق مثير للجدل مع ألبانيا يتيح بناء مركزين لفرز وترحيل اللاجئين في بلد ثالث، قادرة على استيعاب أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر..

كما أعلنت عن استعدادها لتمويل مشروع جديد لمساعدة المهاجرين غير النظاميين في تونس باعتبارها نقطة مغادرة عديد المهاجرين إلى أوروبا على العودة إلى أوطانهم، وفقا لتصريح منسوب لرئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني خلال لقائها نظيرها البريطاني ريشي سوناك يوم17 ديسمبر2023 بالعاصمة الايطالية، أوردته وكالة "نوفا" الايطالية.

ويمثل التونسيون الجنسية الرئيسية المحتفظ بها في مراكز الترحيل الإيطالية، وبلغ عددهم حوالي 9506 تونسيين خلال السنوات الأربع الماضية من إجمالي17767 مهاجراً، ما يمثل 53 في المائة من المرحلين، وفق إحصائيات نشرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي فسّر ارتفاع عدد التونسيين المرحلين إلى اتفاقيات إعادة القبول التي وقعتها تونس مع ايطاليا.

وسجل التونسيون عددا كبيرا من طلبات اللجوء لدى دول الاتحاد الأوروبي بلغ خلال سنة 2022، ما يناهز 21 ألفا و447 طلبا، وتضاعف أكثر من 9 مرات بين 2017 و2022.

وتتعاون السلطات التونسية مع ألمانيا في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية ووقعت معها اتفاقيات هجرة، فبتاريخ 18 جوان 2023، أدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر بمعية وزير الداخلية الفرنسي جرار دارمنان، زيارة رسمية إلى تونس، ناقشا خلالها مع السلطات التونسية موضوع مكافحة الهجرة غير النظامية.

وفي تصريحات إعلامية، عقب لقائها رئيس الجمهورية قيس سعيد، ووزير الداخلية كمال الفقي، قالت إن "عمليات إعادة مهاجرين تونسيين نجحت، لكن بالقدر الذي نرغب فيه".

لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد التونسيين المرحلين من ألمانيا، لكن ووفق منظمات حقوقية، تأتي ألمانيا في مرتبة ثالثة بعد فرنسا وايطاليا من بين الدول التي تقوم دوريا بعمليات ترحيل لمهاجرين تونسيين رفضت طلبات لجوئهم..

وبلغ العدد الجملي لرحلات الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين من ألمانيا منذ 25 جويلية 2021، وإلى حدود جوان 2023، أكثر من 26 رحلة. وحلت تونس في المرتبة الأولى دولياً وعربياً في عدد المهاجرين المرحلين.

رفض وتنديد

وتواجه عملية ترحيل المهاجرين التونسيين من بلدان أوروبية على غرار ألمانيا وإيطاليا بانتقادات كثيرة من قبل منظمات حقوقية تونسية، من بينها "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" الذي طالب مؤخرا بوضع سياسات بديلة وحلول مستدامة تحمي حقوق المهاجرين معبّرا عن رفضه اعتماد سياسات وقوانين وممارسات الأمر الواقع ضد المهاجرين.

وطالب المنتدى في بيان له بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الموافق لـ 18 ديسمبر بأن لا تطغى الاعتبارات الأمنية على حساب حقوق الإنسان وأن أية سياسة أو تعاون بشأن الهجرة يجب أن يعطي الأولوية لحماية أرواح المهاجرين وحقوقهم الإنسانية.

ويتمّ، حسب المنتدى، فرز المهاجرين غير النظاميين التونسيين في إيطاليا وفرنسا وألمانيا على الهوية ويطردون جماعيا دون ضمانات قانونية كافية للطعن في قرارات ترحيلهم ويتم ذلك وفق اتفاقيات ثنائية وقعتها حكومات مختلفة.

كما أعرب المنتدى عن قلقه تجاه وضع المهاجرين التونسيين في فرنسا، ودعا السلطات الفرنسية، لبذل أقصى الجهود لحماية حقوق المهاجرين بعد المصادقة على مشروع قانون الهجرة الجديد.

وشدد في بيان منفصل، على ضرورة تضامن الشعوب وكل القوى المدنية والنقابية في مواجهة سياسات العنصرية والكراهية والحجز والطرد ضد المهاجرين التي تتبناها سياسات الهجرة في فرنسا وكل أوروبا وتعمل على تصديرها لدول الجنوب، موضحا أن البرلمان الفرنسي صادق على مشروع قانون هجرة يعزز كراهية المهاجرين ويعاملهم بشكل تمييزي ويهدّد وضعية كل المهاجرين التونسيين في فرنسا لا فقط غير النظاميين.

وبيّن أن فرنسا تحيد من خلال هذا القانون، عن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تمثّل فيها طرفا فاعلا وعن الاتفاقيات الثنائية، التي تدّعي تسهيل التنقل، وتنتهك مفهوم وقيم الحماية والمساواة والكرامة لجميع الأشخاص بغض النظر عن جنسيتهم، أو أصلهم أو لون بشرتهم أو دينهم.

واستنكر المنتدى "مواصلة تعاون تونس مع فرنسا في إضفاء الشرعية على الانتهاكات ضد المهاجرين التونسيين وفي ترحيلهم جماعيا وقسريا في "رحلات خفية".

كما انتقد الاتفاق الذي توصل إليه البرلمان الأوربي في 20 ديسمبر 2023 الذي ينص على "مشروع قانون لنظام أوروبي شامل لإجراءات اللجوء"، حيث "يشجع على تبني سياسة قمعية ومقاربة أمنية ضد البشر المتنقلين، وهو ما يجعله يمثل خطوة أخرى إلى الوراء فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين" .

وأشار إلى أن القانون الأوروبي الجديد يرتكز على انتهاج مقاربة أمنية لمنع وصول المهاجرات والمهاجرين إلى الأراضي الأوروبية وإنشاء نظام تضامني بين دول الاتحاد الأوروبي لتنظيم عمليات الترحيل القسري الجماعي بدل التضامن والتعاون بين هذه الدول لاستقبال المهاجرات والمهاجرين.

 رفيق بن عبد الله

 

 

 

 

 

بعد التحاق ألمانيا بفرنسا وإيطاليا..   التونسيون أكثر المهاجرين تهديدا بالترحيل !

 

- ترحيل طالبي اللجوء من ألمانيا سيزيد بنحو 600 عملية إبعاد إضافية سنويا

تونس- الصباح

بعد فرنسا وايطاليا، انضمت ألمانيا مؤخرا إلى قائمة البلدان الأوربية التي راجعت قوانين الهجرة واللجوء لديها في اتجاه تشديد إجراءات قبول اللجوء وتسوية وضعيات المهاجرين خاصة غير النظاميين منهم.

وتمنح الإجراءات المعتمَدة شرطة ألمانيا صلاحيات جديدة للبحث عن الأشخاص الذين صدر قرار بترحيلهم والتعرّف إلى هوية المهاجرين. وسيكون الحدّ الأقصى لمدّة الاحتجاز قبل الترحيل 28 يوماً بدلاً من عشرة أيام، وذلك من أجل منح السلطات مزيداً من الوقت لتنظيم عمليات الترحيل.

وتشير تقديرات الحكومة الألمانية إلى أن حزمة الإجراءات الجديدة ستزيد عمليات ترحيل طالبي اللجوء من ألمانيا بنحو 600 عملية إبعاد إضافية سنويا.

وجاء تصويت البرلمان الألماني، وسط موجة غير مسبوقة تجتاح أوروبا ضد المهاجرين الواصلين إليها أو المقيمين فيها والقادمين من بلدان جنوب المتوسط أو الحاملين لجنسيات افريقية وآسيوية، ومن بينهم آلاف التونسيين.

الملاحظ أنه ومنذ صعود التيار اليمني المتطرف في عدد من الدول الأوربية، سارعت حكوماتها إلى سن قوانين صارمة تحد من الهجرة واللجوء، كما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تشديد سياسات بلدانه الأعضاء تجاه الهجرة والمهاجرين، من ذلك أنه عمل بالتعاون مع ايطاليا على توقيع اتفاق مع تونس يتيح مكافحة الهجرة غير النظامية، في إطار مذكرة التفاهم حول "الشراكة الشاملة" في 16 جويلية 2023..

وتميزت الفترة التي تلت توقيع الاتفاق بتراجع فعلي وملموس لموجات الهجرة غير النظامية خاصة المنطلقة من تونس..

 وقبل أسابيع، توصل البرلمان الأوروبي إلى اتفاق بشأن إصلاح واسع لنظام الهجرة واللجوء، ينص على مراقبة معززة لعمليات تدفق المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي وإقامة مراكز مغلقة قرب الحدود لإعادة الذين تُرفض طلباتهم للجوء بسرعة أكبر، فضلا عن آلية تضامنية إلزامية بين البلدان الأعضاء لمساعدة الدول التي تواجه ضغوطا كبيرة.

وليدخل هذا الاتفاق حيز التنفيذ فعليا يتطلب موافقة رسمية من قبل برلمانات بلدان الاتحاد الأوروبي، في ظرف يجب أن لا يتعدى شهر جوان المقبل تاريخ الانتخابات الأوروبية..

استهداف حقوق المهاجرين

المثير في القوانين الجديدة التي اعتمدتها ألمانيا وخاصة فرنسا أنها تستهدف لا فقط المهاجرين المقيمين بطريقة غير قانونية، أو غير النظاميين الواصلين إليها عن طريق البحر، بل أيضا جل المهاجرين المقيمين حتى بصفة قانونية بشكل أو بآخر، باعتبار أن القوانين الجديدة المعتمدة تتيح حرمان المهاجرين من حقوق وامتيازات مادية وقانونية في صورة عدم الاستجابة لسلسلة من الشروط الصعبة، وأصبح الترحيل آلية ثابتة وسريعة ضد كل من يرتكب جريمة خطيرة..

وكان البرلمان الفرنسي قد وافق بأغلبية ساحقة على قانون جديد للهجرة خلال شهر ديسمبر المنقضي، وبموجبه، قد يتم تجريد المواطنين مزدوجي الجنسية الذين يرتكبون جرائم ضد قوات الأمن من جنسيتهم الفرنسية.

ويهدف القانون إلى طرد الأجانب الذين ارتكبوا جرائم تصل عقوبتها إلى عشر أو خمس سنوات إذا كانوا من مرتكبي الجرائم المتكررة بغض النظر عن مدة إقامتهم، كما يمكن لأبناء العائلات الأجنبية المولودين في فرنسا المطالبة بالجنسية الفرنسية بين سن 16 و18 عاما، ويجب ألا يكونوا قد ارتكبوا أي جرائم من قبل.

وفي نطاق القانون أصبحت شروط لم شمل الأسرة أكثر صعوبة، وتم الحد من إمكانيات تقديم الاستئناف عند صدور أمر بمغادرة البلاد، كما سيتم أخذ ضمان مالي من الطلاب الأجانب الذين يأتون إلى فرنسا للتعليم، وتهدف هذه الوديعة إلى تغطية تكاليف عودة الطلاب في حالة اتخاذ قرار بإبعادهم من الأراضي الفرنسية.

ويجعل القانون المساعدات الاجتماعية مشروطة ولن يكون حصول أبناء المهاجرين على الجنسية آليا، كما أجاز رفض تصريح الإقامة وسحب الجنسية بتهمة "عدم الالتزام بمبادئ الجمهورية".

ازدياد وتيرة الترحيل خاصة والتونسيون في الصدارة

وكانت ايطاليا قد سبقت فرنسا وألمانيا في تشديدها لإجراءات الهجرة واللجوء، من ذلك اعتماد آلية إرسال طالبي اللجوء إلى دول ثالثة أثناء معالجة مطالبهم، وتسريع إجراءات ترحيل المهاجرين خاصة غير النظاميين أو الذين تورطوا في ارتكاب جرائم خطيرة.

وتوصلت ايطاليا إلى اتفاق مثير للجدل مع ألبانيا يتيح بناء مركزين لفرز وترحيل اللاجئين في بلد ثالث، قادرة على استيعاب أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر..

كما أعلنت عن استعدادها لتمويل مشروع جديد لمساعدة المهاجرين غير النظاميين في تونس باعتبارها نقطة مغادرة عديد المهاجرين إلى أوروبا على العودة إلى أوطانهم، وفقا لتصريح منسوب لرئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني خلال لقائها نظيرها البريطاني ريشي سوناك يوم17 ديسمبر2023 بالعاصمة الايطالية، أوردته وكالة "نوفا" الايطالية.

ويمثل التونسيون الجنسية الرئيسية المحتفظ بها في مراكز الترحيل الإيطالية، وبلغ عددهم حوالي 9506 تونسيين خلال السنوات الأربع الماضية من إجمالي17767 مهاجراً، ما يمثل 53 في المائة من المرحلين، وفق إحصائيات نشرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي فسّر ارتفاع عدد التونسيين المرحلين إلى اتفاقيات إعادة القبول التي وقعتها تونس مع ايطاليا.

وسجل التونسيون عددا كبيرا من طلبات اللجوء لدى دول الاتحاد الأوروبي بلغ خلال سنة 2022، ما يناهز 21 ألفا و447 طلبا، وتضاعف أكثر من 9 مرات بين 2017 و2022.

وتتعاون السلطات التونسية مع ألمانيا في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية ووقعت معها اتفاقيات هجرة، فبتاريخ 18 جوان 2023، أدت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيسر بمعية وزير الداخلية الفرنسي جرار دارمنان، زيارة رسمية إلى تونس، ناقشا خلالها مع السلطات التونسية موضوع مكافحة الهجرة غير النظامية.

وفي تصريحات إعلامية، عقب لقائها رئيس الجمهورية قيس سعيد، ووزير الداخلية كمال الفقي، قالت إن "عمليات إعادة مهاجرين تونسيين نجحت، لكن بالقدر الذي نرغب فيه".

لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد التونسيين المرحلين من ألمانيا، لكن ووفق منظمات حقوقية، تأتي ألمانيا في مرتبة ثالثة بعد فرنسا وايطاليا من بين الدول التي تقوم دوريا بعمليات ترحيل لمهاجرين تونسيين رفضت طلبات لجوئهم..

وبلغ العدد الجملي لرحلات الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين من ألمانيا منذ 25 جويلية 2021، وإلى حدود جوان 2023، أكثر من 26 رحلة. وحلت تونس في المرتبة الأولى دولياً وعربياً في عدد المهاجرين المرحلين.

رفض وتنديد

وتواجه عملية ترحيل المهاجرين التونسيين من بلدان أوروبية على غرار ألمانيا وإيطاليا بانتقادات كثيرة من قبل منظمات حقوقية تونسية، من بينها "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" الذي طالب مؤخرا بوضع سياسات بديلة وحلول مستدامة تحمي حقوق المهاجرين معبّرا عن رفضه اعتماد سياسات وقوانين وممارسات الأمر الواقع ضد المهاجرين.

وطالب المنتدى في بيان له بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين الموافق لـ 18 ديسمبر بأن لا تطغى الاعتبارات الأمنية على حساب حقوق الإنسان وأن أية سياسة أو تعاون بشأن الهجرة يجب أن يعطي الأولوية لحماية أرواح المهاجرين وحقوقهم الإنسانية.

ويتمّ، حسب المنتدى، فرز المهاجرين غير النظاميين التونسيين في إيطاليا وفرنسا وألمانيا على الهوية ويطردون جماعيا دون ضمانات قانونية كافية للطعن في قرارات ترحيلهم ويتم ذلك وفق اتفاقيات ثنائية وقعتها حكومات مختلفة.

كما أعرب المنتدى عن قلقه تجاه وضع المهاجرين التونسيين في فرنسا، ودعا السلطات الفرنسية، لبذل أقصى الجهود لحماية حقوق المهاجرين بعد المصادقة على مشروع قانون الهجرة الجديد.

وشدد في بيان منفصل، على ضرورة تضامن الشعوب وكل القوى المدنية والنقابية في مواجهة سياسات العنصرية والكراهية والحجز والطرد ضد المهاجرين التي تتبناها سياسات الهجرة في فرنسا وكل أوروبا وتعمل على تصديرها لدول الجنوب، موضحا أن البرلمان الفرنسي صادق على مشروع قانون هجرة يعزز كراهية المهاجرين ويعاملهم بشكل تمييزي ويهدّد وضعية كل المهاجرين التونسيين في فرنسا لا فقط غير النظاميين.

وبيّن أن فرنسا تحيد من خلال هذا القانون، عن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تمثّل فيها طرفا فاعلا وعن الاتفاقيات الثنائية، التي تدّعي تسهيل التنقل، وتنتهك مفهوم وقيم الحماية والمساواة والكرامة لجميع الأشخاص بغض النظر عن جنسيتهم، أو أصلهم أو لون بشرتهم أو دينهم.

واستنكر المنتدى "مواصلة تعاون تونس مع فرنسا في إضفاء الشرعية على الانتهاكات ضد المهاجرين التونسيين وفي ترحيلهم جماعيا وقسريا في "رحلات خفية".

كما انتقد الاتفاق الذي توصل إليه البرلمان الأوربي في 20 ديسمبر 2023 الذي ينص على "مشروع قانون لنظام أوروبي شامل لإجراءات اللجوء"، حيث "يشجع على تبني سياسة قمعية ومقاربة أمنية ضد البشر المتنقلين، وهو ما يجعله يمثل خطوة أخرى إلى الوراء فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان وحقوق المهاجرين" .

وأشار إلى أن القانون الأوروبي الجديد يرتكز على انتهاج مقاربة أمنية لمنع وصول المهاجرات والمهاجرين إلى الأراضي الأوروبية وإنشاء نظام تضامني بين دول الاتحاد الأوروبي لتنظيم عمليات الترحيل القسري الجماعي بدل التضامن والتعاون بين هذه الدول لاستقبال المهاجرات والمهاجرين.

 رفيق بن عبد الله