إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رئيس "جمعية للبحث العلمي والابتكار" لـ"الصباح": غياب سياسة تستقطب المخترعين والنوابغ سبب مغادرة الكفاءات

 

تونس – الصباح

أكد الدكتور أمين الغرياني، "رئيس جمعية البحث العلمي والابتكار والملكية الفكرية"، أنه من السهل في تونس اكتشاف مخترعين ومبتكرين ومبدعين في مختلف المجالات العلمية والصناعية والتكنولوجية والثقافية والفكرية، لكنه من الصعب المحافظة عليهم واستثمار الدولة في هذه الثروة البشرية في ظل عدم وجود سياسية تُعنى بهذه الفئة من "النوابغ" والمخترعين. وهو يرى أنه آن الأوان للدولة التونسية لتوجيه اهتمامها للكفاءات الوطنية التي لا تستفيد منها في ظل تواصل موجة الاستقطاب الأجنبية وهجرة الأدمغة والكفاءات في الطب والهندسة والتكنولوجيا ومختلف مجالات الذكاء الاصطناعي وغيرها. موضحا أنه يصعب إحصاء المخترعين والكفاءات ذات براءات اختراع في ظل العدد الكبير من التونسيين الذين يتصدرون مواقع متميزة في مراكز ومواقع البحث والصناعة والتسيير والاختراع على مستوى عالمي.

وبين الغرياني في حديثه لـ"الصباح"، أنه من خلال تجربته ورحلته في عالم الدراسة والتميز والبحث العلمي في الجامعات التونسية في مرحلة أولى وفي الجامعات الفرنسية في مرحلة ثانية ومشاركاته العديدة في المسابقات والمعارض الدولية للاختراعات، مدى تميز الكفاءات التونسية وقدرتها على صنع النجاح وكسب التحدي إذا ما وجدت الدعم اللازم. لكنه في المقابل لم يخف حجم الصعوبات التي يواجهها المخترع أو صاحب أي حلم أو مشروع علمي في تحقيقه، بسبب غياب سياسة تشجع على ذلك. وأضاف قائلا: "في الحقيقة تونس تتوفر على كفاءات بشرية كبيرة ومتميزة ولكن كثيرا منها يضيع في زحام الصعوبات والعراقيل والبعض الآخر تستقطبه بلدان أخرى وتستفيد من ثمرة تكوينه وفكره وتميزه". وأضاف موضحا:"حلمي الأمس واليوم وغدا هو بعث مركز وطني لتصنيع الاختراعات في تونس يكون حاضنة فعلية للمبدعين والمخترعين التونسيين ترصد له الدولة ميزانية خاصة ويكون له طاقم نوعي يضم خيرة الكفاءات الوطنية يستقطب الدكاترة والباحثين في مختلف المجالات العلمية. ليكون مصدر استقطاب وتشجيع على الاختراعات والابتكارات التي من شانها أن تكون مصدرا لتحقيق التنمية والموارد الكبرى للدولة فضلا عن دورها في فتح مواطن الشغل".

 وشدد محدثنا على تعلقه بتحقيق هذا الحلم الذي سبق أن طرحه على عدة مسؤولين في الدولة وقال:"نعم هذا حلمي وقد طرحت ذلك على رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن وعدة مسؤولين سامين في الدولة لأنه يحز في نفسي أن تخسر الدولة كفاءاتها التي تكفلت بتكوينهم من ناحية وأن تضيع أحلام وطموحات أعداد كبيرة من النوابغ من الأطفال والشباب في ظل عدم وجود هيكل مختص يحتضنها ويتولى تأطيرها".

في جانب آخر من حديثه أفاد الدكتور أمين الغرياني أن التشتت والصعوبات التي وجدها كغيره من المخترعين الشبان دفع لبعث الجمعية التي تولى رئاستها إلى جانب عدد من أعضاء هيئتها الإدارية وكلهم من الأكاديميين في الجامعات التونسية، وفق تأكيده. وإصراره على مواصلة نشاطها رغم الصعوبات التي تواجهها. وأوضح ذلك قائلا: "في الحقيقة تواجه أي جمعية علمية في تونس صعوبات جد صعبة خاصة في ظل قانون الجمعيات الجديد الذي أعتبره ظالما لمثل هذه الجمعيات المطالبة بدفع مبلغ 30 دينارا شهريا في حين أن هدفها ليس ربحيا. وهو ما دفع بعض الجمعيات للإغلاق ثم أني أدفع ذلك من راتبي الشهري كأستاذ مساعد بالجامعة التونسية. لأن هدف جمعيتنا بالأساس هو تجميع وتأطير المخترعين وفتح مجالات تشريكهم في المحافل الدولية وقد وجدنا دعما من بعض رجال الأعمال في تنظيم أو المشاركة في المعارض". فيما اعتبر أن عددا كبيرا ممن كانوا ينشطون معهم في نفس الجمعية وجدوا عقود عمل مغرية في الخارج وغادروا تونس فبعضهم لا يزال يتواصل مع الجمعية والبعض الآخر لم يعد له أي تواصل أو صلة بها.

وحول تمسكه بالعودة إلى تونس إثر إنهاء تعليمه العالي بفرنسا بعد حصوله على الدكتوراه في الفنون البيولوجية أجاب محدثنا:"قد يستغرب البعض سبب عودتي لتونس وتحديدا لمسقط رأسي بصفاقس رغم العروض التي وصلتني من عدة بلدان أوروبية، فحبي لتونس وتعلقي بوطني الذي أعتبر نفسي مدينا له بما قدمه لي من دعم في الدارسة ومنحي فرص المشاركة في المسابقات والمعارض الدولية وحصولي على جوائز وتكريمات وطنية. هذا كله جعلني أحس أن بلادي خدمتني وملزم بالعودة إليها ومساعدة المخترعين الجدد في مختلف المجالات".

  أهداف رائدة

واعتبر في اختيار الجمعية التونسية للبحث العلمي والابتكار والملكية الفكرية رسميا عضوا في الاتحاد الدولي لجمعيات المخترعين بالمملكة المتحدة إلى جانب أكثر من 175 عضوًا من 100 دولة وإقليم يعد تتويجا لمجهودات أعضائها من مختلف مواقعهم وأدوارهم. الأمر الذي من شأنه أن يساهم في توسيع أهداف الجمعية باعتبار أن من أهدافها المستقبلية، حسب تأكيده، العمل بالتشارك مع الاتحاد السويسري (IFIA) لإقامة معارض اختراع دولية وندوات علمية وورشات عمل لإتاحة الفرصة للمتميزين لعرض ابتكاراتهم وتبادل وجهات النظر فيما يتعلق بتعزيز روح الإبداع وريادة الأعمال.

ويذكر أن أمين الغرياني تم تتوجيه مؤخرا في مسابقة بالكويت لدعم منظومة الابتكار وريادة الأعمال ضمن العشرة الأوائل وسيتم تكريمه في حفل لمنظمي المسابقة الدولية يوم 15 فيفري القادم بالكويت.

وحول هذا التتويج وتبعاته المادية أفاد الغرياني أنه وصلته عروض من مستثمرين في الكويت لشراء براءة اختراعه. وهو ما دأب عليه بعد كل مناسبة يقدم فيها براءة اختراع كغيره من المبدعين والمخترعين التونسيين. وأنه سيحسم في الأمر عند المشاركة في حفل التكريم المنتظر.

في سياق متصل عبر محدثنا عن تأسفه لعدم وجود تفاعل بين الجمعية من موقعها تدعم وتؤطر وتحتضن المخترعين والمبدعين وبين سلطة الإشراف وقال:"منذ أيام اتصل بنا القائمون على تنظيم معرض للمخترعين ببولونيا وهو ثاني أكبر معرض في العالم بعد معرض سويسرا وطلبوا منا ترشيح مشاركين تونسيين، لكن ونظرا لمحدودية إمكانيات الجمعية، قد لا نجد من يتحمل تكاليف المشاركة التونسية. لأنه لم يسبق أن تكفلت سلطة الإشراف بمثل هذه المشاركات رغم التميز الذي يسجل لتونس في كل مناسبة".

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رئيس "جمعية للبحث العلمي والابتكار" لـ"الصباح":  غياب سياسة تستقطب المخترعين والنوابغ سبب مغادرة الكفاءات

 

تونس – الصباح

أكد الدكتور أمين الغرياني، "رئيس جمعية البحث العلمي والابتكار والملكية الفكرية"، أنه من السهل في تونس اكتشاف مخترعين ومبتكرين ومبدعين في مختلف المجالات العلمية والصناعية والتكنولوجية والثقافية والفكرية، لكنه من الصعب المحافظة عليهم واستثمار الدولة في هذه الثروة البشرية في ظل عدم وجود سياسية تُعنى بهذه الفئة من "النوابغ" والمخترعين. وهو يرى أنه آن الأوان للدولة التونسية لتوجيه اهتمامها للكفاءات الوطنية التي لا تستفيد منها في ظل تواصل موجة الاستقطاب الأجنبية وهجرة الأدمغة والكفاءات في الطب والهندسة والتكنولوجيا ومختلف مجالات الذكاء الاصطناعي وغيرها. موضحا أنه يصعب إحصاء المخترعين والكفاءات ذات براءات اختراع في ظل العدد الكبير من التونسيين الذين يتصدرون مواقع متميزة في مراكز ومواقع البحث والصناعة والتسيير والاختراع على مستوى عالمي.

وبين الغرياني في حديثه لـ"الصباح"، أنه من خلال تجربته ورحلته في عالم الدراسة والتميز والبحث العلمي في الجامعات التونسية في مرحلة أولى وفي الجامعات الفرنسية في مرحلة ثانية ومشاركاته العديدة في المسابقات والمعارض الدولية للاختراعات، مدى تميز الكفاءات التونسية وقدرتها على صنع النجاح وكسب التحدي إذا ما وجدت الدعم اللازم. لكنه في المقابل لم يخف حجم الصعوبات التي يواجهها المخترع أو صاحب أي حلم أو مشروع علمي في تحقيقه، بسبب غياب سياسة تشجع على ذلك. وأضاف قائلا: "في الحقيقة تونس تتوفر على كفاءات بشرية كبيرة ومتميزة ولكن كثيرا منها يضيع في زحام الصعوبات والعراقيل والبعض الآخر تستقطبه بلدان أخرى وتستفيد من ثمرة تكوينه وفكره وتميزه". وأضاف موضحا:"حلمي الأمس واليوم وغدا هو بعث مركز وطني لتصنيع الاختراعات في تونس يكون حاضنة فعلية للمبدعين والمخترعين التونسيين ترصد له الدولة ميزانية خاصة ويكون له طاقم نوعي يضم خيرة الكفاءات الوطنية يستقطب الدكاترة والباحثين في مختلف المجالات العلمية. ليكون مصدر استقطاب وتشجيع على الاختراعات والابتكارات التي من شانها أن تكون مصدرا لتحقيق التنمية والموارد الكبرى للدولة فضلا عن دورها في فتح مواطن الشغل".

 وشدد محدثنا على تعلقه بتحقيق هذا الحلم الذي سبق أن طرحه على عدة مسؤولين في الدولة وقال:"نعم هذا حلمي وقد طرحت ذلك على رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيسة الحكومة السابقة نجلاء بودن وعدة مسؤولين سامين في الدولة لأنه يحز في نفسي أن تخسر الدولة كفاءاتها التي تكفلت بتكوينهم من ناحية وأن تضيع أحلام وطموحات أعداد كبيرة من النوابغ من الأطفال والشباب في ظل عدم وجود هيكل مختص يحتضنها ويتولى تأطيرها".

في جانب آخر من حديثه أفاد الدكتور أمين الغرياني أن التشتت والصعوبات التي وجدها كغيره من المخترعين الشبان دفع لبعث الجمعية التي تولى رئاستها إلى جانب عدد من أعضاء هيئتها الإدارية وكلهم من الأكاديميين في الجامعات التونسية، وفق تأكيده. وإصراره على مواصلة نشاطها رغم الصعوبات التي تواجهها. وأوضح ذلك قائلا: "في الحقيقة تواجه أي جمعية علمية في تونس صعوبات جد صعبة خاصة في ظل قانون الجمعيات الجديد الذي أعتبره ظالما لمثل هذه الجمعيات المطالبة بدفع مبلغ 30 دينارا شهريا في حين أن هدفها ليس ربحيا. وهو ما دفع بعض الجمعيات للإغلاق ثم أني أدفع ذلك من راتبي الشهري كأستاذ مساعد بالجامعة التونسية. لأن هدف جمعيتنا بالأساس هو تجميع وتأطير المخترعين وفتح مجالات تشريكهم في المحافل الدولية وقد وجدنا دعما من بعض رجال الأعمال في تنظيم أو المشاركة في المعارض". فيما اعتبر أن عددا كبيرا ممن كانوا ينشطون معهم في نفس الجمعية وجدوا عقود عمل مغرية في الخارج وغادروا تونس فبعضهم لا يزال يتواصل مع الجمعية والبعض الآخر لم يعد له أي تواصل أو صلة بها.

وحول تمسكه بالعودة إلى تونس إثر إنهاء تعليمه العالي بفرنسا بعد حصوله على الدكتوراه في الفنون البيولوجية أجاب محدثنا:"قد يستغرب البعض سبب عودتي لتونس وتحديدا لمسقط رأسي بصفاقس رغم العروض التي وصلتني من عدة بلدان أوروبية، فحبي لتونس وتعلقي بوطني الذي أعتبر نفسي مدينا له بما قدمه لي من دعم في الدارسة ومنحي فرص المشاركة في المسابقات والمعارض الدولية وحصولي على جوائز وتكريمات وطنية. هذا كله جعلني أحس أن بلادي خدمتني وملزم بالعودة إليها ومساعدة المخترعين الجدد في مختلف المجالات".

  أهداف رائدة

واعتبر في اختيار الجمعية التونسية للبحث العلمي والابتكار والملكية الفكرية رسميا عضوا في الاتحاد الدولي لجمعيات المخترعين بالمملكة المتحدة إلى جانب أكثر من 175 عضوًا من 100 دولة وإقليم يعد تتويجا لمجهودات أعضائها من مختلف مواقعهم وأدوارهم. الأمر الذي من شأنه أن يساهم في توسيع أهداف الجمعية باعتبار أن من أهدافها المستقبلية، حسب تأكيده، العمل بالتشارك مع الاتحاد السويسري (IFIA) لإقامة معارض اختراع دولية وندوات علمية وورشات عمل لإتاحة الفرصة للمتميزين لعرض ابتكاراتهم وتبادل وجهات النظر فيما يتعلق بتعزيز روح الإبداع وريادة الأعمال.

ويذكر أن أمين الغرياني تم تتوجيه مؤخرا في مسابقة بالكويت لدعم منظومة الابتكار وريادة الأعمال ضمن العشرة الأوائل وسيتم تكريمه في حفل لمنظمي المسابقة الدولية يوم 15 فيفري القادم بالكويت.

وحول هذا التتويج وتبعاته المادية أفاد الغرياني أنه وصلته عروض من مستثمرين في الكويت لشراء براءة اختراعه. وهو ما دأب عليه بعد كل مناسبة يقدم فيها براءة اختراع كغيره من المبدعين والمخترعين التونسيين. وأنه سيحسم في الأمر عند المشاركة في حفل التكريم المنتظر.

في سياق متصل عبر محدثنا عن تأسفه لعدم وجود تفاعل بين الجمعية من موقعها تدعم وتؤطر وتحتضن المخترعين والمبدعين وبين سلطة الإشراف وقال:"منذ أيام اتصل بنا القائمون على تنظيم معرض للمخترعين ببولونيا وهو ثاني أكبر معرض في العالم بعد معرض سويسرا وطلبوا منا ترشيح مشاركين تونسيين، لكن ونظرا لمحدودية إمكانيات الجمعية، قد لا نجد من يتحمل تكاليف المشاركة التونسية. لأنه لم يسبق أن تكفلت سلطة الإشراف بمثل هذه المشاركات رغم التميز الذي يسجل لتونس في كل مناسبة".

نزيهة الغضباني