إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. وطن يعيش فينا..!.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  للناس أوطان يعيشون فيها، لنا نحن وطن يعيش فينا.

 ننتمي إلى أوطاننا مثلما ننتمي إلى أمهاتنا.

  عندما حصل زلزال مفاجئ وقع في منطقة باليابان حيث سجن يوكوهاما كان يضم أكثر من 1100 نزيل، بمبنى شديد الحراسة، انهارت الأسوار والجدران وتمكن السجناء من الخروج إلى الفناء.

 ركضوا إلى الخارج حيث نقطة الإخلاء، أذهلهم ما رأوه من دمار المدينة.

  صُدم مدير السجن "شينا ميتشيزو" لرؤية السجن خرابا وهروب المساجين، ومع ذلك اندهش عندما علم بعد نصف ساعة أنه على العكس تمامًا، كان العديد من السجناء يعملون معا لإنقاذ الحراس وزملائهم السجناء المحاصرين تحت الأنقاض والمواطنين المتضررين بالمدينة.

  هناك من السجناء من ضحى بحياته إذ لقي 38 نزيلا مصرعهم وأصيب 60 آخرين. وهو ما دعا مدير السجن "شينا" إلى إصدار الأمر التالي:”أنا ممتن بصدق لكم على مساعدتكم في جهود الإنقاذ دون هروب واحد منكم. قررت أن أعيد ثقتكم بنا من خلال الوثوق بكم. أنتم أحرار لكن بشكل مؤقت. سيكون الكثير من الناس، بمن فيهم أفراد عائلاتكم، في حالة بائسة لا توصف. أريدكم أن تذهبوا وتساعدوهم، وأن تفعلوا كل ما تستطيعون من الخير، وتعودون إلى هنا إلى زنزاناتكم بعد إتمام المهمة“. قال كذلك لا اطلب منكم التزاما مكتوبا بل وعدا على الشرف فقط.

 بالفعل عاد كلّ السجناء بعد إكمال عمليات الإنقاذ ولم يتغيّب أي واحد منهم.

 عندما سألوهم، لماذا فعلوا ذلك، ولماذا هذا الموقف؟ أجابوا نحن في وطننا ولو كان سجنا!.

 كأنهم أضافوا: سجن الوطن، ولا حرية المنفى.

 فمن باع وطنه، هل سيجد بعد ذلك وطنا يحن عليه ويضمه!.

 نحن نسافر ونرحل، يحتلنا بداخلنا الوطن، مسكونون بأوطاننا.. نغادر، ويبقى الوطن يسكننا، فما رحلتنا حقيقة إلاّ إلى الوطن.

 نغضب، نختلف، نُظلم، يبقى الوطن.

  من خلال حب الوطن تبقى الآراء والمواقف الوطنية مهما تباينت واختلفت هي التي تعود لتشكل الشخصية الوطنية، في سياق الروح الوطنية العقلانية.

  هذه التنشئة النافعة تتطلب رفع المستوى الأخلاقي للناس حتى لو كان هذا الجمهور غالبا أعمى وعاطفيا في أحكامه، فالوطن يتسع للجميع.

    مهما تباينت أراء ومواقف الناس لن يكون ذلك إلاّ عنوان ثراء وقوّة وتماسك.

   سمّيت عصور الظلام كذلك، لا لأن النور لا يسطع فيها، بل لأن من عايشوها رفضوا رؤيته.

 نحن جميعا نورنا الوطن، إن لم يكن بنا رحبا، متسامحا، آمنا محترماً، حُرا، فلا عشنا ولا عاش هذا الوطن.

 

 

 

حكاياتهم  .. وطن يعيش فينا..!.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  للناس أوطان يعيشون فيها، لنا نحن وطن يعيش فينا.

 ننتمي إلى أوطاننا مثلما ننتمي إلى أمهاتنا.

  عندما حصل زلزال مفاجئ وقع في منطقة باليابان حيث سجن يوكوهاما كان يضم أكثر من 1100 نزيل، بمبنى شديد الحراسة، انهارت الأسوار والجدران وتمكن السجناء من الخروج إلى الفناء.

 ركضوا إلى الخارج حيث نقطة الإخلاء، أذهلهم ما رأوه من دمار المدينة.

  صُدم مدير السجن "شينا ميتشيزو" لرؤية السجن خرابا وهروب المساجين، ومع ذلك اندهش عندما علم بعد نصف ساعة أنه على العكس تمامًا، كان العديد من السجناء يعملون معا لإنقاذ الحراس وزملائهم السجناء المحاصرين تحت الأنقاض والمواطنين المتضررين بالمدينة.

  هناك من السجناء من ضحى بحياته إذ لقي 38 نزيلا مصرعهم وأصيب 60 آخرين. وهو ما دعا مدير السجن "شينا" إلى إصدار الأمر التالي:”أنا ممتن بصدق لكم على مساعدتكم في جهود الإنقاذ دون هروب واحد منكم. قررت أن أعيد ثقتكم بنا من خلال الوثوق بكم. أنتم أحرار لكن بشكل مؤقت. سيكون الكثير من الناس، بمن فيهم أفراد عائلاتكم، في حالة بائسة لا توصف. أريدكم أن تذهبوا وتساعدوهم، وأن تفعلوا كل ما تستطيعون من الخير، وتعودون إلى هنا إلى زنزاناتكم بعد إتمام المهمة“. قال كذلك لا اطلب منكم التزاما مكتوبا بل وعدا على الشرف فقط.

 بالفعل عاد كلّ السجناء بعد إكمال عمليات الإنقاذ ولم يتغيّب أي واحد منهم.

 عندما سألوهم، لماذا فعلوا ذلك، ولماذا هذا الموقف؟ أجابوا نحن في وطننا ولو كان سجنا!.

 كأنهم أضافوا: سجن الوطن، ولا حرية المنفى.

 فمن باع وطنه، هل سيجد بعد ذلك وطنا يحن عليه ويضمه!.

 نحن نسافر ونرحل، يحتلنا بداخلنا الوطن، مسكونون بأوطاننا.. نغادر، ويبقى الوطن يسكننا، فما رحلتنا حقيقة إلاّ إلى الوطن.

 نغضب، نختلف، نُظلم، يبقى الوطن.

  من خلال حب الوطن تبقى الآراء والمواقف الوطنية مهما تباينت واختلفت هي التي تعود لتشكل الشخصية الوطنية، في سياق الروح الوطنية العقلانية.

  هذه التنشئة النافعة تتطلب رفع المستوى الأخلاقي للناس حتى لو كان هذا الجمهور غالبا أعمى وعاطفيا في أحكامه، فالوطن يتسع للجميع.

    مهما تباينت أراء ومواقف الناس لن يكون ذلك إلاّ عنوان ثراء وقوّة وتماسك.

   سمّيت عصور الظلام كذلك، لا لأن النور لا يسطع فيها، بل لأن من عايشوها رفضوا رؤيته.

 نحن جميعا نورنا الوطن، إن لم يكن بنا رحبا، متسامحا، آمنا محترماً، حُرا، فلا عشنا ولا عاش هذا الوطن.