إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حصدت 55 روحا وخلفت 835 جريحا.. متى ينتهي كابوس "شاحنات الموت" لنقل العملة الفلاحيين؟

 

-        حياة العطّار لـ"الصباح":"رغم سن القانون عدد 51 سنة 2019 فإننا نشهد تفاقما لظاهرة النقل بالشاحنات وهو ما يتطلب وقفة صارمة من كل المتدخلين"

تونس – الصباح

طلّت أخبار "شاحنات الموت" من جديد وبرزت على سطح الأحداث المؤسفة والمؤلمة لتعيد أذهان التونسيين إلى أفظع الحوادث التي شهدتها تونس طيلة سنوات الثورة، فتواصل هذه الشاحنات زهق أرواح النساء العاملات في الأراضي الفلاحية دون أن تصل السلط إلى حلول جذرية تحول دون تكرار هذه الفواجع على الطرقات.

إيمان عبد اللطيف

جد يوم الأحد 14 جانفي الجاري حادث أليم بولاية بنزرت على مستوى الطريق الجهوية عدد 51 الرابطة بين بنزرت وسجنان جراء انعراج شاحنة من صنف OM معدّة لنقل البضائع تنقل مجموعة من عملة الفلاحة حدد عددهم بـ 63 مما تسبب في خروجها عن مسارها وسقوطها بمنحدر بالحاشية الترابية.

وأدى هذا الحادث إلى إصابة 39 شخصا بين عاملات وعملة بإصابات متفاوتة الخطورة وخلف لـ4 عاملات كسرا على مستوى الحوض مما استوجب الاحتفاظ بهن في المستشفى للعلاج وإجراء عملية جراحية. 

لا يعد هذا الحادث الأول من نوعه، فقد أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بطاقة إيداع بالسجن في حقّ سائق شاحنة، وذلك على إثر وفاة عاملة فلاحية بسبب سقوطها من الصندوق الخلفي للشاحنة.

وتعود أطوار الحادث إلى يوم الثلاثاء 8 أوت 2023، حيث كانت الهالكة وهي فتاة في الثامنة عشرة من عمرها في طريق العودة من عملها في جني اللوز، وذلك على متن شاحنة لنقل العاملات الفلاحيات، حيث سقطت من الصندوق الخلفي للشاحنة على مستوى الطريق الرابطة بين سيدي علي بن عون وسيدي عيش، ورغم نقلها إلى المستشفى إلاّ أنّها فارقت الحياة متأثرة بخطورة إصاباتها.

ووفق ما تتم متابعته من أخبار ووفق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإنه منذ سنة 2015 إلى حد هذه اللحظة تمّ تسجيل 69 حادثا خلف 835 جريحا/ة و55 حالة وفاة، وهو رقم مفزع يتصاعد من سنة إلى أخرى.

ورغم صدور القانون عدد 51 لسنة 2019  الذي ينظم عملية نقل العملة والعاملات ويحدد الأمر الترتيبي المتعلق بأساليب تطبيقه والشروط والمواصفات اللازمة لوسائل النقل الخاصة به فإنه تمّ في المنتدى تسجيل 33 حادثا تسبب في وفاة 15 عاملة و322 جريحا/ة.

وقد اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان نشره أول أمس الثلاثاء 16 جانفي الجاري، "هذه الحوادث إجراما في حق العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تتجاوز كل التوصيفات القانونية المنصوص عليها في قوانين مقاومة العنف وقوانين الشغل لتصل إلى حد القتل العمد والاتجار بالبشر حين يسمح بنقل 63 عاملا وعاملة في صندوق شاحنة معدة لنقل البضائع في ولاية أعلنت سلطتها الجهوية منذ الأشهر الأولى لسنة 2023 عن إسنادها لعشر تراخيص نقل عملة وعاملات بمرجع نظر كل من معتمديات بنزرت الجنوبية وماطر ومنزل بورقيبة وأوتيك وجومين وسجنان عملا بأحكام الأمر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 وعن حرصها على معالجة هذه الظاهرة في الجهة". 

وفي هذا السياق أكدت المكلفة بملف العاملات في القطاع الفلاحي بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية  حياة العطّار في تصريح لـ"الصباح" أنّ "هناك تراخيا كبير في تطبيق القانون لأنه عندما نرى شاحنة تُقلّ 63 شخصا في صندوقها الخلفي وهي أصلا معدة لنقل البضائع وتتجول بالطرقات دون أن يتم المنع بموجب القانون الذي تم إصداره منذ سنة 2019، فهذا يُسمى تراخيا".

وأضافت العطار "فمن المفروض أن يتم تطبيق القانون على صاحب الشاحنة، فولاية بنزرت قدمت تراخيص لأصحاب الشاحنات والذين يقومون بنقل العملة والعاملات في المقابل تحدث كارثة بهذه البشاعة. صحيح في هذه المرة لم نُسجل وفيات ولكن تأثير الحادث نفسيا على العملة والعاملات هو تأثير كبير جدا ونتائجه وخيمة خاصة وفي ظل غياب التغطية الاجتماعية والصحية".

وأضافت حياة العطار "نحن في الحقيقة لا نستطيع أن نتحدث عن غضب فقط، لأنه منذ سنوات ونحن نعيد نفس الحديث والتنديد والمطالب والوقفات الاحتجاجية رفقة النساء العاملات ونقول أن هذا يُعد خطرا وإجراما في حقهن وفي حق العملة بصفة عامة. في المقابل لا يوجد أي تفاعل وإجراء حتى وإن كان بسيطا يُبين أنّ هناك تحملا للمسؤولية تجاه هذه الفئة الهشةّ".

وأوضحت "بالتالي هناك تراخ في تطبيق القانون، وذلك إما لعدم فهمه وما يجب أن يتوفر في وسيلة النقل وإما أيضا ونقولها بكل تحمل للمسؤولية بأن هناك تواطؤا كبيرا خاصة من الناس المعنية بتطبيق القانون".

وتساءلت حياة العطار "صحيح أنه تم الاحتفاظ بسائق الشاحنة الذي كان يقل العاملات والعملة بجهة بنزرت ونحن مع تطبيق القانون، ولكنه لا يُعد السائق الوحيد. ففي كل الولايات نشهد تفاقم لهذه الظاهرة وهو ما يتطلب وقفة صارمة من كل المتدخلين".

وأضافت "اليوم لدينا لجان جهوية تركزت بموجب القانون عدد 51، وهي لجان استشارية متكونة من كل ممثلي الوزارات، فأين هي في بعض الولايات، فإلى متى سيتواصل هذا الأمر ونتحدث عن محاربة الفساد فإن قضية شاحنات الموت هي من القضايا الكبرى والتي استنزفت المجتمع المدني حتى نفسيا لأن ليس بيدنا حيلة".

في سياق متّصل، اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيانه أنّ "معالجة قضية نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي لا تقتصر على مجرد إجراء قانوني متمثل في منح ترخيص أو في توفر وسيلة نقل حسب الشروط ولا في الإعلان عن بعث شركات أهلية مختصة دون القيام بالرقابة على الناقلين ودون انخراط كل الوزارات في عملية الإصلاح والتخطيط والتنفيذ.

إذ "في ظل واقع اجتماعي واقتصادي للعمالة الفلاحية النسائية يعكس عنفا مركبا بكل تمظهراته من ضعف في الأجر وغياب للتغطية الاجتماعية والصحية وعدم اعتراف وغياب للرقابة على المشغلين واستفحال ظاهرة الوساطة وتغول للوسطاء ينضاف إليه واقع التنمية في الجهات وهشاشة العمل في القطاع الفلاحي وغياب الهيكلة، زيادة على وضعية البنية التحتية وحالة الطرقات والمسالك الفلاحية غير المعبدة والتي تتجاوز الـ50% في بعض الولايات كالقيروان بنسبة 67.5% وسيدي بوزيد 58% حسب تقارير وزارة التجهيز وهو ما يفسر تصدر الولايتين نسب الحوادث (سيدي بوزيد 30%  والقيروان 21% من مجموع الحوادث)". 

وقد طالب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيانه  "بشكل عاجل  تشديد الرقابة على الوسطاء والناقلين وتطبيق القانون بصرامة على المخالفين وفق أحكام القانون عدد 51 لسنة 2019 والشروط المنصوص عليها بالأمر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 خاصة في مسألة الرخص والعدد المسموح به في القانون، إلى جانب التعريفة المضبوطة بموجب المقرر الوزاري عدد 316 لسنة 2022 المتعلق بضبط تعريفة نقل العملة الفلاحيين للحد من ظاهرة استغلال العاملات وتكليفهن معلوم نقل يصل إلى أضعاف المعلوم المحدد بالقانون".

كما نادى بضرورة "تحسين المنظومة القانونية المتعلقة بحقوق العمالة في القطاع الفلاحي ومراجعة التشريعات بما يتلاءم مع واقع القطاع وبما يستجيب لمبادئ العدالة والمساواة ويحفظ الكرامة الإنسانية وإيجاد بدائل آمنة لشاحنات الموت حتى يتسنى للعملة والعاملات التنقل في ظروف لائقة ومؤمنة".

إلى جانب "تحسين البنية التحتية وتعبيد المسالك الفلاحية لتأمين نقل العملة والعاملات بما يتلاءم مع وسائل النقل المعدة للغرض باختلاف أصنافها. وتكثيف حملات التوعية والتحسيس من قبل المجتمع المدني وهياكل الدولة الموجهة للعاملات كما للفلاحين والوسطاء حول ضرورة التصدي لظاهرة النقل العشوائي ومقاومتها باعتبارها إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص".

كما طالب "اللجان الاستشارية الجهوية لنقل العملة الفلاحيين والمتكونة من ممثلين عن الوزارات المعنية والمصالح الأمنية تحت إشراف الولاة بالشفافية في مسألة منح التراخيص وبالصرامة في تطبيق القانون على المخالفين. كما نذكّر إننا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية طالبنا في عديد المناسبات بتنظيم مجلس وزاري خاص بملف العمالة الفلاحية يشرّك كل الوزارات ويحمّل كل الإطراف مسؤولياتها في حماية اليد العاملة الفلاحية وضمان حقوقها الشغلية بما يحفظ كرامتها ويرد اعتبارها".

حصدت 55 روحا وخلفت 835 جريحا..    متى ينتهي كابوس "شاحنات الموت" لنقل العملة الفلاحيين؟

 

-        حياة العطّار لـ"الصباح":"رغم سن القانون عدد 51 سنة 2019 فإننا نشهد تفاقما لظاهرة النقل بالشاحنات وهو ما يتطلب وقفة صارمة من كل المتدخلين"

تونس – الصباح

طلّت أخبار "شاحنات الموت" من جديد وبرزت على سطح الأحداث المؤسفة والمؤلمة لتعيد أذهان التونسيين إلى أفظع الحوادث التي شهدتها تونس طيلة سنوات الثورة، فتواصل هذه الشاحنات زهق أرواح النساء العاملات في الأراضي الفلاحية دون أن تصل السلط إلى حلول جذرية تحول دون تكرار هذه الفواجع على الطرقات.

إيمان عبد اللطيف

جد يوم الأحد 14 جانفي الجاري حادث أليم بولاية بنزرت على مستوى الطريق الجهوية عدد 51 الرابطة بين بنزرت وسجنان جراء انعراج شاحنة من صنف OM معدّة لنقل البضائع تنقل مجموعة من عملة الفلاحة حدد عددهم بـ 63 مما تسبب في خروجها عن مسارها وسقوطها بمنحدر بالحاشية الترابية.

وأدى هذا الحادث إلى إصابة 39 شخصا بين عاملات وعملة بإصابات متفاوتة الخطورة وخلف لـ4 عاملات كسرا على مستوى الحوض مما استوجب الاحتفاظ بهن في المستشفى للعلاج وإجراء عملية جراحية. 

لا يعد هذا الحادث الأول من نوعه، فقد أصدرت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد بطاقة إيداع بالسجن في حقّ سائق شاحنة، وذلك على إثر وفاة عاملة فلاحية بسبب سقوطها من الصندوق الخلفي للشاحنة.

وتعود أطوار الحادث إلى يوم الثلاثاء 8 أوت 2023، حيث كانت الهالكة وهي فتاة في الثامنة عشرة من عمرها في طريق العودة من عملها في جني اللوز، وذلك على متن شاحنة لنقل العاملات الفلاحيات، حيث سقطت من الصندوق الخلفي للشاحنة على مستوى الطريق الرابطة بين سيدي علي بن عون وسيدي عيش، ورغم نقلها إلى المستشفى إلاّ أنّها فارقت الحياة متأثرة بخطورة إصاباتها.

ووفق ما تتم متابعته من أخبار ووفق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فإنه منذ سنة 2015 إلى حد هذه اللحظة تمّ تسجيل 69 حادثا خلف 835 جريحا/ة و55 حالة وفاة، وهو رقم مفزع يتصاعد من سنة إلى أخرى.

ورغم صدور القانون عدد 51 لسنة 2019  الذي ينظم عملية نقل العملة والعاملات ويحدد الأمر الترتيبي المتعلق بأساليب تطبيقه والشروط والمواصفات اللازمة لوسائل النقل الخاصة به فإنه تمّ في المنتدى تسجيل 33 حادثا تسبب في وفاة 15 عاملة و322 جريحا/ة.

وقد اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان نشره أول أمس الثلاثاء 16 جانفي الجاري، "هذه الحوادث إجراما في حق العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تتجاوز كل التوصيفات القانونية المنصوص عليها في قوانين مقاومة العنف وقوانين الشغل لتصل إلى حد القتل العمد والاتجار بالبشر حين يسمح بنقل 63 عاملا وعاملة في صندوق شاحنة معدة لنقل البضائع في ولاية أعلنت سلطتها الجهوية منذ الأشهر الأولى لسنة 2023 عن إسنادها لعشر تراخيص نقل عملة وعاملات بمرجع نظر كل من معتمديات بنزرت الجنوبية وماطر ومنزل بورقيبة وأوتيك وجومين وسجنان عملا بأحكام الأمر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 وعن حرصها على معالجة هذه الظاهرة في الجهة". 

وفي هذا السياق أكدت المكلفة بملف العاملات في القطاع الفلاحي بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية  حياة العطّار في تصريح لـ"الصباح" أنّ "هناك تراخيا كبير في تطبيق القانون لأنه عندما نرى شاحنة تُقلّ 63 شخصا في صندوقها الخلفي وهي أصلا معدة لنقل البضائع وتتجول بالطرقات دون أن يتم المنع بموجب القانون الذي تم إصداره منذ سنة 2019، فهذا يُسمى تراخيا".

وأضافت العطار "فمن المفروض أن يتم تطبيق القانون على صاحب الشاحنة، فولاية بنزرت قدمت تراخيص لأصحاب الشاحنات والذين يقومون بنقل العملة والعاملات في المقابل تحدث كارثة بهذه البشاعة. صحيح في هذه المرة لم نُسجل وفيات ولكن تأثير الحادث نفسيا على العملة والعاملات هو تأثير كبير جدا ونتائجه وخيمة خاصة وفي ظل غياب التغطية الاجتماعية والصحية".

وأضافت حياة العطار "نحن في الحقيقة لا نستطيع أن نتحدث عن غضب فقط، لأنه منذ سنوات ونحن نعيد نفس الحديث والتنديد والمطالب والوقفات الاحتجاجية رفقة النساء العاملات ونقول أن هذا يُعد خطرا وإجراما في حقهن وفي حق العملة بصفة عامة. في المقابل لا يوجد أي تفاعل وإجراء حتى وإن كان بسيطا يُبين أنّ هناك تحملا للمسؤولية تجاه هذه الفئة الهشةّ".

وأوضحت "بالتالي هناك تراخ في تطبيق القانون، وذلك إما لعدم فهمه وما يجب أن يتوفر في وسيلة النقل وإما أيضا ونقولها بكل تحمل للمسؤولية بأن هناك تواطؤا كبيرا خاصة من الناس المعنية بتطبيق القانون".

وتساءلت حياة العطار "صحيح أنه تم الاحتفاظ بسائق الشاحنة الذي كان يقل العاملات والعملة بجهة بنزرت ونحن مع تطبيق القانون، ولكنه لا يُعد السائق الوحيد. ففي كل الولايات نشهد تفاقم لهذه الظاهرة وهو ما يتطلب وقفة صارمة من كل المتدخلين".

وأضافت "اليوم لدينا لجان جهوية تركزت بموجب القانون عدد 51، وهي لجان استشارية متكونة من كل ممثلي الوزارات، فأين هي في بعض الولايات، فإلى متى سيتواصل هذا الأمر ونتحدث عن محاربة الفساد فإن قضية شاحنات الموت هي من القضايا الكبرى والتي استنزفت المجتمع المدني حتى نفسيا لأن ليس بيدنا حيلة".

في سياق متّصل، اعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيانه أنّ "معالجة قضية نقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي لا تقتصر على مجرد إجراء قانوني متمثل في منح ترخيص أو في توفر وسيلة نقل حسب الشروط ولا في الإعلان عن بعث شركات أهلية مختصة دون القيام بالرقابة على الناقلين ودون انخراط كل الوزارات في عملية الإصلاح والتخطيط والتنفيذ.

إذ "في ظل واقع اجتماعي واقتصادي للعمالة الفلاحية النسائية يعكس عنفا مركبا بكل تمظهراته من ضعف في الأجر وغياب للتغطية الاجتماعية والصحية وعدم اعتراف وغياب للرقابة على المشغلين واستفحال ظاهرة الوساطة وتغول للوسطاء ينضاف إليه واقع التنمية في الجهات وهشاشة العمل في القطاع الفلاحي وغياب الهيكلة، زيادة على وضعية البنية التحتية وحالة الطرقات والمسالك الفلاحية غير المعبدة والتي تتجاوز الـ50% في بعض الولايات كالقيروان بنسبة 67.5% وسيدي بوزيد 58% حسب تقارير وزارة التجهيز وهو ما يفسر تصدر الولايتين نسب الحوادث (سيدي بوزيد 30%  والقيروان 21% من مجموع الحوادث)". 

وقد طالب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيانه  "بشكل عاجل  تشديد الرقابة على الوسطاء والناقلين وتطبيق القانون بصرامة على المخالفين وفق أحكام القانون عدد 51 لسنة 2019 والشروط المنصوص عليها بالأمر الترتيبي عدد 724 لسنة 2020 خاصة في مسألة الرخص والعدد المسموح به في القانون، إلى جانب التعريفة المضبوطة بموجب المقرر الوزاري عدد 316 لسنة 2022 المتعلق بضبط تعريفة نقل العملة الفلاحيين للحد من ظاهرة استغلال العاملات وتكليفهن معلوم نقل يصل إلى أضعاف المعلوم المحدد بالقانون".

كما نادى بضرورة "تحسين المنظومة القانونية المتعلقة بحقوق العمالة في القطاع الفلاحي ومراجعة التشريعات بما يتلاءم مع واقع القطاع وبما يستجيب لمبادئ العدالة والمساواة ويحفظ الكرامة الإنسانية وإيجاد بدائل آمنة لشاحنات الموت حتى يتسنى للعملة والعاملات التنقل في ظروف لائقة ومؤمنة".

إلى جانب "تحسين البنية التحتية وتعبيد المسالك الفلاحية لتأمين نقل العملة والعاملات بما يتلاءم مع وسائل النقل المعدة للغرض باختلاف أصنافها. وتكثيف حملات التوعية والتحسيس من قبل المجتمع المدني وهياكل الدولة الموجهة للعاملات كما للفلاحين والوسطاء حول ضرورة التصدي لظاهرة النقل العشوائي ومقاومتها باعتبارها إحدى جرائم الاتجار بالأشخاص".

كما طالب "اللجان الاستشارية الجهوية لنقل العملة الفلاحيين والمتكونة من ممثلين عن الوزارات المعنية والمصالح الأمنية تحت إشراف الولاة بالشفافية في مسألة منح التراخيص وبالصرامة في تطبيق القانون على المخالفين. كما نذكّر إننا في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية طالبنا في عديد المناسبات بتنظيم مجلس وزاري خاص بملف العمالة الفلاحية يشرّك كل الوزارات ويحمّل كل الإطراف مسؤولياتها في حماية اليد العاملة الفلاحية وضمان حقوقها الشغلية بما يحفظ كرامتها ويرد اعتبارها".