إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في جلسة عامة برلمانية.. مطالبة بجلب الملاحقين في قضايا الإرهاب والتآمر.. وحماية المبلغين

 

ـ دعوة إلى تمكين النواب من التصريح بمكاسبهم ومصالحهم

تونس- الصباح

طالب العديد من النواب خلال جلستهم العامة المنعقدة صباح أمس بقصر باردو للنظر في مشروع قانون أساسي يتعلّق بالموافقة على اتفاقية تسليم المجرمين بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بدعم التعاون بين البلدين، وهناك منهم من دعا إلى تفعيل بطاقات جلب المجرمين والملاحقين في قضايا الإرهاب والتآمر على أمن الدولة المتحصنين بالفرار خارج الحدود، في حين انتهز البعض الآخر فرصة حضور وزيرة العدل وتحدثوا عن الصعوبات التي تعاني منها بعض المحاكم وعن معاناة المبلغين عن الفساد ومشاكل الشيكات دون رصيد وغيرها.   

وقبل نقاش هذا المشروع والمصادقة عليه قدم كل من عزيز بن الأخضر رئيس لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة ونائبه عمار العيدودي ومقرر اللجنة طارق الربعي تقريرا جاء فيه أن اللجنة تعهدت بالمشروع خلال شهر جويلية الماضي وعقدت جلسة استماع إلى ممثلين عن وزارة العدل، وقد أشار هؤلاء إلى أن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر تهدف بالخصوص إلى مسايرة التطور والرقمنة في ظل تشعب بعض الجرائم، وهي ترمي إلى مواكبة التوجه الدولي نحو التخصص حيث يقع إفراد كل مادة باتفاقية خاصة، ولكن أهم ما تمت إضافته في الاتفاقية هو إدخال آليات جديدة في التخاطب والتراسل عن بعد وإضفاء الصبغة القانونية إجرائيا عليها والتداول السريع بين الطرفين وإدخال إجراءات خاصة في القضايا الإرهابية واسترداد الأموال المنهوبة والمجمدة بالخارج. وفي علاقة بالجرائم السياسية فسر ممثلو الوزارة أن المشكل يتمثل في غياب تعريف دقيق ومتفق عليه على مستوى القانون الدولي، وهو ما يفسح المجال للمجرمين لتكييف جرائمهم على أنها جرائم سياسية حتى ينتفعوا بإيقاف إجراءات التسليم تحت مظلة حقوق الإنسان وضمانات حرية الرأي والتفكير، وأضافوا أنه للحد من التعلل بالتكييف السياسي للجرائم قصد إيقاف إجراءات التسليم فقد ضبطت الاتفاقية التمتع بالدفع من أجل جريمة سياسية بشروط وإجراءات محددة. أما بالنسبة للمجرمين من ذوي الجنسية المزدوجة فأكد ممثلو وزارة العدل أن القانون الدولي ينص على أن الدول لا تسلم مواطنها لدولة أجنبية وفي صورة إلقاء القبض عليه في دولة أجنبية تطبق عليه أحكام الاتفاقية الثنائية إلى جانب الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، كما يمكن التنسيق بين الدول على الصعيد الدبلوماسي. وبخصوص التعلل بأسباب صحية لتعطيل إجراءات التسليم، بيّن ممثلو وزارة العدل أن هذه القاعدة معمول بها ومنصوص عليها في العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية ولكن رغم ذلك تم الحرص على ضبطها وتحديد شروطها بدقة ضمن الاتفاقية المعروضة على المجلس النيابي.

وأشار حاتم اللباوي النائب عن كتلة صوت الجمهورية إلى أن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر ستيسر المعاملات بين البلدين، وتحدث النائب عن محكمة القصرين واستحسن الجهود التي بذلتها وزارة العدل من أجل تعزيز الإطار القضائي بهذه المحكمة ودعا إلى العناية بالمبنى فهو آيل للسقوط وتم ربطه عشوائيا بالكهرباء وعند نزول الأمطار يتسرب الماء إلى قاعة الجلسة وتتقاطر على المصابيح الكهربائية وهو ما يشكل خطرا على سلامة القضاة والمحامين والمتقاضين والأعوان، وطالب الوزيرة بالتدخل من أجل أن يقع تخصيص قطعة أرض لبناء قطب يجمع كل المحاكم بالقصرين، وذكر أنه خلال السنوات العشر الماضية تم إنفاق مليار و200 ألف دينار من أجل كراء مبنى لمحكمة الاستئناف بالقصرين وكان من الأفضل توظيف هذه الموارد لبناء مقر للمحكمة عوضا عن اللجوء إلى الكراء.

وفي نفس السياق تحدث فخر الدين فضلون النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة عن المشاكل التي تعاني منها المحكمة الابتدائية بالمنستير وقال إن فضاء المحكمة غير وظيفي وذلك فضلا عن النقص المسجل في عدد الأعوان وطالب النائب وزيرة العدل بالاهتمام بهذه المحكمة.

أما النائب أحمد بن نور عن كتلة الأحرار فأشار إلى تعطل مشاريع الدولة بسبب البطء في إصدار الأحكام المتعلقة بانتزاع العقارات وهناك حسب قوله مشاريع تعطلت بسبب شجرة على ملك مواطن وهناك مشاريع تمت برمجتها منذ عقدين أو أكثر مثل سبخة بن غياضة ولم يقع استكمال إنجازها،  ولاحظ أنه عندما يتأخر انجاز المشاريع فإن الكلفة ترتفع، ودعا النائب وزارة العدل إلى إيجاد حلول من أجل التسريع في انجاز المشاريع التي تعطلت بسبب عدم إصدار أحكام قضائية وتعويض المواطنين كما طالبها بتوفير الإمكانيات اللازمة لبعث محكمة الاستئناف بالمهدية وتجنيب المواطنين عناء التنقل إلى محكمة المنستير، وتحدث بن نور عن تردي ظروف عمل مساعدي وكلاء الجمهورية.

التصريح بالمكاسب

مسألة أخرى تم طرحها على وزيرة العدل خلال الجلسة العامة وهي تتعلق بعدم تصريح نواب الشعب بمكاسبهم ومصالحهم بسبب تعليق  هيئة مكافحة الفساد، وفي هذا السياق قالت النائبة غير المنتمية إلى كتل فاطمة المسدي إنها تريد التصريح بمكاسبها لكنها لا تعرف ما الذي يجب فعله  وطالبت وزارة العدل بإيجاد حل لتمكين جميع النواب من التصريح بمكاسبهم من أجل ضمان الشفافية.

ولدى حديثها عن اتفاقية تسليم المجرمين أشارت المسدي إلى أنها حاولت منذ شهر أفريل الماضي تقديم لائحة برلمانية من أجل تسليم المجرمين والإرهابيين الموجودين خارج الحدود التونسية وتضمنت هذه اللائحة في جزء منها تنصيص على العمل من أجل دعم التزام الدول تجاه تونس في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة سواء من خلال التأكيد على احترام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والعمل على تفعيلها أو من خلال مطالبة وزارة العدل بوضع قائمات تضم الملاحقين في قضايا إرهابية والمتحصنين بالفرار خارج الحدود التونسية، والمطالبة بتسليم الملاحقين بدول أجنبية مثل قطر وتركيا في القضايا ذات الصبغة الإرهابية والقضايا المتعلقة بالتآمر على أمن الدولة، والعمل على التنسيق مع وزارة الخارجية من أجل تفعيل كل الإجراءات القانونية في حق المتورطين في قضايا ذات صيغة إرهابية والمتحصنين بالفرار خارج الحدود، والعمل على التنسيق مع الهياكل والمؤسسات الوطنية والدولية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية وإنشاء شراكات معهم لتفعيل الإجراءات القانونية في حق المتورطين في قضايا ذات صبغة إرهابية والمتحصنين بالفرار خارج الحدود، إلى جانب العمل على إيجاد السبل الملائمة للتنسيق بين مختلف الجهات الرسمية التونسية قصد موافاة منظمة الشرطة الدولية بما يفيد شرعية الإجراءات وبطاقات الجلب الدولية الصادرة عن القضاء التونسي ضد الملاحقين في إطار تتبعات من أجل جرائم إرهابية ثابتة ودحض كل ما يروج له على أساس أنها ملاحقات ذات خلفية سياسية وأنها على أساس ملفات مفبركة وتهم ملفقة.

 الشيك دون رصيد

وتحدث محمد زياد الماهر النائب غير المنتمي إلى كتل بدوره عن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر وثمن مشروع القانون ودعا إلى تفعيل جميع الاتفاقيات الثنائية بين البلدين من أجل أواصر الأخوة والتعاون المشترك بين الشعبين الشقيقين وطالب بتفعيل جميع الاتفاقيات التي جاءت تحت غطاء الإتحاد المغاربي. وتطرق النائب إلى موضوع آخر يتعلق ببطء البت في الملفات المحالة على القضاء، وقال متى سترسل وزارة العدل مشروع قانون الشيكات دون رصيد إلى البرلمان لأن هذا القانون ينتظره الصناعيون والحرفيون وأصحاب المؤسسات الصغرى  والمتوسطة ورجال الأعمال.

وفي نفس السياق قال بدر الدين القمودي النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي إنه ينتظر من وزارة العدل تقديم مشروع القانون المتعلق بالشيك دون رصيد وذكر أنه يبدو أن هناك لوبي البنوك يضغط في اتجاه الحيلولة دون أن يرى هذا المشروع النور، ودعا النائب وزيرة العدل إلى التعجيل في إحالة المشروع على البرلمان لأن عدد المشمولين به كبير وعبر عن أمله في أن يقع تمرير قانون يضمن حقوق جميع الأطراف.

كما أثار القمودي ملف الجزائريين المفقودين في تونس وقال إنه أمر لا يمكن السكوت عنه وأضاف أن عددهم يقارب 800 جلهم شباب وأنهم عبروا الحدود من أجل الهجرة غير النظامية وتم القبض على أغلبهم وهم يقبعون في السجون التونسية دون علم عائلاتهم بأماكنهم ودون تمتيعهم بحق الدفاع. وطالب النائب وزيرة العدل بتكلف لجنة لتقصي الحقائق في هذا الملف لوضع حد للتجاوزات، وذكر أن بعض المودعين في السجن تم تغيير أسمائهم وأن هؤلاء قدموا إلى تونس في شكل أفواج ومنهم مجموعة دخلت البلاد منذ سنة 2008 ولا أحد يعلم أي شيء عن مصيرها وربما تم التلاعب بهؤلاء الشبان والزج بهم في شبكات الإرهاب وغيرها كما هناك مجموعات أخرى دخلت تونس في الفترة الممتدة بين 2016 و2022. وذكر أن الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان راسلت العديد من الجهات الرسمية التونسية حول المفقودين لكن لم تحصل على أي معلومة.

كما تطرق النائب إلى مسألة أخرى تتعلق بالسياسة الاتصالية لوزارة العدل في علاقة بإيداع العشرات من التونسيين في السجون على خلفية تهمة التآمر على أمن الدولة وغيرها من التهم وطالبها بتقديم الموقف الرسمي للسلطة التونسية لأن المواطن لا يسمع في المنابر الإعلامية سوى أصوات المحامين وذكر أنه من غير المعقول أن يتواصل الصمت قرابة سنة كاملة ودعا إلى التعجيل في البت في القضايا لوضع حد لجميع التجاوزات وإنصاف كل الأطراف، وتحدث عن الصعوبات التي يعاني منها القطب الاقتصادي والمالي وقال أنه لم يقع تفعيل القانون المتعلق بإحداث هذا القطب كما يجب خاصة على مستوى انتداب فنيين حيث تم اعتماد آلية التعاقد والحال أن استمرارية مرفق العدالة تتطلب استقرار الإطار الفني، هذا فضلا عن النقص في عدد القضاة وتسبب النقل والترقيات في عدم استقرارهم مما حال دون النظر في بعض الملفات واقترح النائب على وزارة العدل مراجعة القانون المتعلق بالقطب القضائي المالي المختص في معالجة ملفات الفساد ومنح استقلالية للنيابة العمومية بالقطب وأن يكون لديه وكيل جمهوية خاص به وأن يقع انتداب خيرة القضاة لفائدته. كما أشار  إلى مسألة التبليغ عن الفساد وذكر أنه لولا المبلغين عن الفساد ما تم تسليط الأضواء على العديد من الملفات لكن هؤلاء يتعرضون إلى التنكيل والمحاكمات وطالب الوزارة بحمايتهم وذكر انه في ظل تجميد هيئة مكافحة الفساد التي كانت تحمي المبلغين لا بد من سن قانون يضمن حماية هؤلاء كما يجب على الوزارة اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المبلغين عن الفساد وذكر أنه من المفروض أن يقع تكريمهم وليس هرسلتهم.

رفع المعاليم الديوانية  

أما النائب معز الرياحي عن الكتلة الوطنية المستقلة فبين أنه يثمن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر، وعبر عن أمله في أن ترقى العلاقات بين البلدين إلى علاقات إستراتيجية على المستوى الاقتصادي وليس فقط على المستوى الأمني أو القضائي وطالب النائب برفع المعاليم الديوانية على الجزائريين عند قدومهم إلى تونس،  وذكر أنه يريد أن يكون الجزائري في تونس تونسيا وأن يكون التونسي في الجزائر جزائريا. وتحدث الرياحي بكثير من الفخر عن العلاقات العريقة التي تربط تونس بالجزائر وعن الروابط الدموية والتاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين.

ويرى النائب صابر المصمودي عن كتلة الأحرار أن إبرام اتفاقية مع الجزائر لتسليم المجرمين تعتبر ضرورية نظرا لأن الجزائر كانت في العديد من الأحيان معبرا لفرار البعض من القضاء والعدالة. وتساءل هل توجد اتفاقية أخرى بين البلدين لدعم التعاون القضائي، وذكر أن ما لاحظه في مشروع الاتفاقية المعروض على أنظار الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب أمس من استعمال للتكنولوجيات الحديثة للتواصل مهم جدا لكن لابد من ضمان سرعة الإجراءات لأنه بهذه الكيفية يمكن تفعيل الاتفاقية. واستفسر المصمودي عن مضامين اتفاقية تسليم المجرمين وعن مدى مطالبة تونس بجلب بعض من تم تصنيفهم بمجرمين أو بعض الشخصيات العامة سواء من التونسيين في الجزائر أو الجزائريين في تونس.

سعيدة بوهلال

في جلسة عامة برلمانية..   مطالبة بجلب الملاحقين في قضايا الإرهاب والتآمر.. وحماية المبلغين

 

ـ دعوة إلى تمكين النواب من التصريح بمكاسبهم ومصالحهم

تونس- الصباح

طالب العديد من النواب خلال جلستهم العامة المنعقدة صباح أمس بقصر باردو للنظر في مشروع قانون أساسي يتعلّق بالموافقة على اتفاقية تسليم المجرمين بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بدعم التعاون بين البلدين، وهناك منهم من دعا إلى تفعيل بطاقات جلب المجرمين والملاحقين في قضايا الإرهاب والتآمر على أمن الدولة المتحصنين بالفرار خارج الحدود، في حين انتهز البعض الآخر فرصة حضور وزيرة العدل وتحدثوا عن الصعوبات التي تعاني منها بعض المحاكم وعن معاناة المبلغين عن الفساد ومشاكل الشيكات دون رصيد وغيرها.   

وقبل نقاش هذا المشروع والمصادقة عليه قدم كل من عزيز بن الأخضر رئيس لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة ونائبه عمار العيدودي ومقرر اللجنة طارق الربعي تقريرا جاء فيه أن اللجنة تعهدت بالمشروع خلال شهر جويلية الماضي وعقدت جلسة استماع إلى ممثلين عن وزارة العدل، وقد أشار هؤلاء إلى أن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر تهدف بالخصوص إلى مسايرة التطور والرقمنة في ظل تشعب بعض الجرائم، وهي ترمي إلى مواكبة التوجه الدولي نحو التخصص حيث يقع إفراد كل مادة باتفاقية خاصة، ولكن أهم ما تمت إضافته في الاتفاقية هو إدخال آليات جديدة في التخاطب والتراسل عن بعد وإضفاء الصبغة القانونية إجرائيا عليها والتداول السريع بين الطرفين وإدخال إجراءات خاصة في القضايا الإرهابية واسترداد الأموال المنهوبة والمجمدة بالخارج. وفي علاقة بالجرائم السياسية فسر ممثلو الوزارة أن المشكل يتمثل في غياب تعريف دقيق ومتفق عليه على مستوى القانون الدولي، وهو ما يفسح المجال للمجرمين لتكييف جرائمهم على أنها جرائم سياسية حتى ينتفعوا بإيقاف إجراءات التسليم تحت مظلة حقوق الإنسان وضمانات حرية الرأي والتفكير، وأضافوا أنه للحد من التعلل بالتكييف السياسي للجرائم قصد إيقاف إجراءات التسليم فقد ضبطت الاتفاقية التمتع بالدفع من أجل جريمة سياسية بشروط وإجراءات محددة. أما بالنسبة للمجرمين من ذوي الجنسية المزدوجة فأكد ممثلو وزارة العدل أن القانون الدولي ينص على أن الدول لا تسلم مواطنها لدولة أجنبية وفي صورة إلقاء القبض عليه في دولة أجنبية تطبق عليه أحكام الاتفاقية الثنائية إلى جانب الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، كما يمكن التنسيق بين الدول على الصعيد الدبلوماسي. وبخصوص التعلل بأسباب صحية لتعطيل إجراءات التسليم، بيّن ممثلو وزارة العدل أن هذه القاعدة معمول بها ومنصوص عليها في العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية ولكن رغم ذلك تم الحرص على ضبطها وتحديد شروطها بدقة ضمن الاتفاقية المعروضة على المجلس النيابي.

وأشار حاتم اللباوي النائب عن كتلة صوت الجمهورية إلى أن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر ستيسر المعاملات بين البلدين، وتحدث النائب عن محكمة القصرين واستحسن الجهود التي بذلتها وزارة العدل من أجل تعزيز الإطار القضائي بهذه المحكمة ودعا إلى العناية بالمبنى فهو آيل للسقوط وتم ربطه عشوائيا بالكهرباء وعند نزول الأمطار يتسرب الماء إلى قاعة الجلسة وتتقاطر على المصابيح الكهربائية وهو ما يشكل خطرا على سلامة القضاة والمحامين والمتقاضين والأعوان، وطالب الوزيرة بالتدخل من أجل أن يقع تخصيص قطعة أرض لبناء قطب يجمع كل المحاكم بالقصرين، وذكر أنه خلال السنوات العشر الماضية تم إنفاق مليار و200 ألف دينار من أجل كراء مبنى لمحكمة الاستئناف بالقصرين وكان من الأفضل توظيف هذه الموارد لبناء مقر للمحكمة عوضا عن اللجوء إلى الكراء.

وفي نفس السياق تحدث فخر الدين فضلون النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة عن المشاكل التي تعاني منها المحكمة الابتدائية بالمنستير وقال إن فضاء المحكمة غير وظيفي وذلك فضلا عن النقص المسجل في عدد الأعوان وطالب النائب وزيرة العدل بالاهتمام بهذه المحكمة.

أما النائب أحمد بن نور عن كتلة الأحرار فأشار إلى تعطل مشاريع الدولة بسبب البطء في إصدار الأحكام المتعلقة بانتزاع العقارات وهناك حسب قوله مشاريع تعطلت بسبب شجرة على ملك مواطن وهناك مشاريع تمت برمجتها منذ عقدين أو أكثر مثل سبخة بن غياضة ولم يقع استكمال إنجازها،  ولاحظ أنه عندما يتأخر انجاز المشاريع فإن الكلفة ترتفع، ودعا النائب وزارة العدل إلى إيجاد حلول من أجل التسريع في انجاز المشاريع التي تعطلت بسبب عدم إصدار أحكام قضائية وتعويض المواطنين كما طالبها بتوفير الإمكانيات اللازمة لبعث محكمة الاستئناف بالمهدية وتجنيب المواطنين عناء التنقل إلى محكمة المنستير، وتحدث بن نور عن تردي ظروف عمل مساعدي وكلاء الجمهورية.

التصريح بالمكاسب

مسألة أخرى تم طرحها على وزيرة العدل خلال الجلسة العامة وهي تتعلق بعدم تصريح نواب الشعب بمكاسبهم ومصالحهم بسبب تعليق  هيئة مكافحة الفساد، وفي هذا السياق قالت النائبة غير المنتمية إلى كتل فاطمة المسدي إنها تريد التصريح بمكاسبها لكنها لا تعرف ما الذي يجب فعله  وطالبت وزارة العدل بإيجاد حل لتمكين جميع النواب من التصريح بمكاسبهم من أجل ضمان الشفافية.

ولدى حديثها عن اتفاقية تسليم المجرمين أشارت المسدي إلى أنها حاولت منذ شهر أفريل الماضي تقديم لائحة برلمانية من أجل تسليم المجرمين والإرهابيين الموجودين خارج الحدود التونسية وتضمنت هذه اللائحة في جزء منها تنصيص على العمل من أجل دعم التزام الدول تجاه تونس في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة سواء من خلال التأكيد على احترام الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب والعمل على تفعيلها أو من خلال مطالبة وزارة العدل بوضع قائمات تضم الملاحقين في قضايا إرهابية والمتحصنين بالفرار خارج الحدود التونسية، والمطالبة بتسليم الملاحقين بدول أجنبية مثل قطر وتركيا في القضايا ذات الصبغة الإرهابية والقضايا المتعلقة بالتآمر على أمن الدولة، والعمل على التنسيق مع وزارة الخارجية من أجل تفعيل كل الإجراءات القانونية في حق المتورطين في قضايا ذات صيغة إرهابية والمتحصنين بالفرار خارج الحدود، والعمل على التنسيق مع الهياكل والمؤسسات الوطنية والدولية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية وإنشاء شراكات معهم لتفعيل الإجراءات القانونية في حق المتورطين في قضايا ذات صبغة إرهابية والمتحصنين بالفرار خارج الحدود، إلى جانب العمل على إيجاد السبل الملائمة للتنسيق بين مختلف الجهات الرسمية التونسية قصد موافاة منظمة الشرطة الدولية بما يفيد شرعية الإجراءات وبطاقات الجلب الدولية الصادرة عن القضاء التونسي ضد الملاحقين في إطار تتبعات من أجل جرائم إرهابية ثابتة ودحض كل ما يروج له على أساس أنها ملاحقات ذات خلفية سياسية وأنها على أساس ملفات مفبركة وتهم ملفقة.

 الشيك دون رصيد

وتحدث محمد زياد الماهر النائب غير المنتمي إلى كتل بدوره عن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر وثمن مشروع القانون ودعا إلى تفعيل جميع الاتفاقيات الثنائية بين البلدين من أجل أواصر الأخوة والتعاون المشترك بين الشعبين الشقيقين وطالب بتفعيل جميع الاتفاقيات التي جاءت تحت غطاء الإتحاد المغاربي. وتطرق النائب إلى موضوع آخر يتعلق ببطء البت في الملفات المحالة على القضاء، وقال متى سترسل وزارة العدل مشروع قانون الشيكات دون رصيد إلى البرلمان لأن هذا القانون ينتظره الصناعيون والحرفيون وأصحاب المؤسسات الصغرى  والمتوسطة ورجال الأعمال.

وفي نفس السياق قال بدر الدين القمودي النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي إنه ينتظر من وزارة العدل تقديم مشروع القانون المتعلق بالشيك دون رصيد وذكر أنه يبدو أن هناك لوبي البنوك يضغط في اتجاه الحيلولة دون أن يرى هذا المشروع النور، ودعا النائب وزيرة العدل إلى التعجيل في إحالة المشروع على البرلمان لأن عدد المشمولين به كبير وعبر عن أمله في أن يقع تمرير قانون يضمن حقوق جميع الأطراف.

كما أثار القمودي ملف الجزائريين المفقودين في تونس وقال إنه أمر لا يمكن السكوت عنه وأضاف أن عددهم يقارب 800 جلهم شباب وأنهم عبروا الحدود من أجل الهجرة غير النظامية وتم القبض على أغلبهم وهم يقبعون في السجون التونسية دون علم عائلاتهم بأماكنهم ودون تمتيعهم بحق الدفاع. وطالب النائب وزيرة العدل بتكلف لجنة لتقصي الحقائق في هذا الملف لوضع حد للتجاوزات، وذكر أن بعض المودعين في السجن تم تغيير أسمائهم وأن هؤلاء قدموا إلى تونس في شكل أفواج ومنهم مجموعة دخلت البلاد منذ سنة 2008 ولا أحد يعلم أي شيء عن مصيرها وربما تم التلاعب بهؤلاء الشبان والزج بهم في شبكات الإرهاب وغيرها كما هناك مجموعات أخرى دخلت تونس في الفترة الممتدة بين 2016 و2022. وذكر أن الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان راسلت العديد من الجهات الرسمية التونسية حول المفقودين لكن لم تحصل على أي معلومة.

كما تطرق النائب إلى مسألة أخرى تتعلق بالسياسة الاتصالية لوزارة العدل في علاقة بإيداع العشرات من التونسيين في السجون على خلفية تهمة التآمر على أمن الدولة وغيرها من التهم وطالبها بتقديم الموقف الرسمي للسلطة التونسية لأن المواطن لا يسمع في المنابر الإعلامية سوى أصوات المحامين وذكر أنه من غير المعقول أن يتواصل الصمت قرابة سنة كاملة ودعا إلى التعجيل في البت في القضايا لوضع حد لجميع التجاوزات وإنصاف كل الأطراف، وتحدث عن الصعوبات التي يعاني منها القطب الاقتصادي والمالي وقال أنه لم يقع تفعيل القانون المتعلق بإحداث هذا القطب كما يجب خاصة على مستوى انتداب فنيين حيث تم اعتماد آلية التعاقد والحال أن استمرارية مرفق العدالة تتطلب استقرار الإطار الفني، هذا فضلا عن النقص في عدد القضاة وتسبب النقل والترقيات في عدم استقرارهم مما حال دون النظر في بعض الملفات واقترح النائب على وزارة العدل مراجعة القانون المتعلق بالقطب القضائي المالي المختص في معالجة ملفات الفساد ومنح استقلالية للنيابة العمومية بالقطب وأن يكون لديه وكيل جمهوية خاص به وأن يقع انتداب خيرة القضاة لفائدته. كما أشار  إلى مسألة التبليغ عن الفساد وذكر أنه لولا المبلغين عن الفساد ما تم تسليط الأضواء على العديد من الملفات لكن هؤلاء يتعرضون إلى التنكيل والمحاكمات وطالب الوزارة بحمايتهم وذكر انه في ظل تجميد هيئة مكافحة الفساد التي كانت تحمي المبلغين لا بد من سن قانون يضمن حماية هؤلاء كما يجب على الوزارة اتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المبلغين عن الفساد وذكر أنه من المفروض أن يقع تكريمهم وليس هرسلتهم.

رفع المعاليم الديوانية  

أما النائب معز الرياحي عن الكتلة الوطنية المستقلة فبين أنه يثمن اتفاقية تسليم المجرمين بين تونس والجزائر، وعبر عن أمله في أن ترقى العلاقات بين البلدين إلى علاقات إستراتيجية على المستوى الاقتصادي وليس فقط على المستوى الأمني أو القضائي وطالب النائب برفع المعاليم الديوانية على الجزائريين عند قدومهم إلى تونس،  وذكر أنه يريد أن يكون الجزائري في تونس تونسيا وأن يكون التونسي في الجزائر جزائريا. وتحدث الرياحي بكثير من الفخر عن العلاقات العريقة التي تربط تونس بالجزائر وعن الروابط الدموية والتاريخية التي تجمع الشعبين الشقيقين.

ويرى النائب صابر المصمودي عن كتلة الأحرار أن إبرام اتفاقية مع الجزائر لتسليم المجرمين تعتبر ضرورية نظرا لأن الجزائر كانت في العديد من الأحيان معبرا لفرار البعض من القضاء والعدالة. وتساءل هل توجد اتفاقية أخرى بين البلدين لدعم التعاون القضائي، وذكر أن ما لاحظه في مشروع الاتفاقية المعروض على أنظار الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب أمس من استعمال للتكنولوجيات الحديثة للتواصل مهم جدا لكن لابد من ضمان سرعة الإجراءات لأنه بهذه الكيفية يمكن تفعيل الاتفاقية. واستفسر المصمودي عن مضامين اتفاقية تسليم المجرمين وعن مدى مطالبة تونس بجلب بعض من تم تصنيفهم بمجرمين أو بعض الشخصيات العامة سواء من التونسيين في الجزائر أو الجزائريين في تونس.

سعيدة بوهلال