في الوقت الذي قاطعت فيه المعارضة الانتخابات المحلية والتشريعية ودعت لقطع الطريق أمام التحول السياسي لمسار 25جويلية 2021 تستعد، أحزاب وشخصيات وائتلافات سياسية لخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها هذا العام.
ولم يعد الحديث عن رئاسية 2024 محل نقاش داخلي للأحزاب والمجموعات السياسية بل أضحى معطى علني رُشحت له شخصيات ووضعت بعض الأطراف شروطا أساسية ليس للمشاركة فيها فحسب بل لإنجاحها أيضا ومنافسة الرئيس قيس سعيد، التي تنتهي ولايته هذا العام، المنتخب منذ أكتوبر 2019 وفقا لمقتضيات دستور جانفي 2014 .
وإذ شكك البعض في جدية إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده المحدد فإن ضباب هذه الشكوك سرعان ما انقشع بعد تصريح الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التليلي المنصري حين أكد على موعد إقامة الانتخابات الرئاسية القادمة.
وأكد المنصري بأن الانتخابات الرئاسية ستجرى في خريف 2024، طبقا للقانون الأساسي لسنة 2014 الذي لم يقع تنقيحه ولا إلغاؤه، وفق تعبيره.
ورغم تعبير البعض عن تخوفهم من تأخير موعد الانتخابات الرئاسية القادمة وعدم التزام رئيس الجمهورية بالمدة النيابية الخاصة به مثلما ذهبت إلى ذلك رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في وقت سابق، فقد أكد الرئيس في الذكرى الأخيرة لوفاة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بجهة المنستير أنه يحترم المواعيد الدستورية لاسيما ما تعلق بموعد الانتخابات الرئاسية.
موسي من المقاطعة.. إلى المنافسة
افتتح الدستوري الحر سياساته الرافضة للعملية الانتخابية برفع قضية استعجالية ضدّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من أجل إيقاف مسار الانتخابات وتجميد كافة الأموال المرصودة لها، غير أنّ الدائرة الاستعجالية في المحكمة الابتدائية قضت بإحالة القضية إلى إحدى الدوائر المختصة التي قررت تأجيلها في مناسبتين لتحكم بعدها برفض الدعوى.
ولم تتوقف مساعي الدستوري الحر في محاولة انتزاع اعتراف قضائي بعدم شرعية الانتخابات بالتشريعية بعد أن تحركت موسي مجددا داخل أروقة المحاكم لإيقاف الدور الثاني من الانتخابات.
وفي 8جوان 2022 تقدّم الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي بطعن أمام المحكمة الإدارية لإلغاء الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على الدستور في 25 جويلية.
وأعلن الحزب الدستوري الحر في بلاغ أنه قام بالطعن أمام المحكمة الإدارية في الأمر عدد 506 لسنة 2022 المؤرخ في 25 ماي 2022 المتعلق بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء في مشروع دستور جديد للجمهورية التونسية.
كما قامت لاحقا بالطعن في الأوامر الرئاسية الترتيبية عدد 588 و589 و590 الصادرة في 22 سبتمبر الماضي والمتعلقة بدعوة الناخبين وتحديد تراب الأقاليم وتقسيم الدوائر وضبط عدد المقاعد لما يسمى "انتخابات المجالس المحلية".
ولئن عبرت عن احتجاجاتها إزاء المشهد السياسي بعيد إعلان التدابير الاستثنائية ورفضها مشاركة سعيد أي مسار انتخابي، إلا أن رئيسة الدستوري الحر قررت الدخول في المنافسة الرئاسية كأول المترشحات حيث أعلن الحزب يوم 24 سبتمبر 2023 عن ترشيحه لعبير موسي للانتخابات الرئاسية القادمة.
جبهة الخلاص.. رئاسية على قاعدة دستور 2014
وإذ بنت موسي سرديتها السياسية في مواجهتها للنظام على القضاء، فان جبهة الخلاص عملت على إدخال الشارع ضمن معادلتها لمقارعة مسار 25جويلية لتحديد ملامح رؤيتها المنطلقة من التحركات الميدانية.
وعلى غرار الدستوري الحر لم تخف جبهة الخلاص رفضها المشاركة الانتخابية ودفع عموم التونسيين لمقاطعة الانتخابات التشريعية والاستفتاء والانتخابات المحلية.
غير أن هذه المقاطعة أخذت في التراجع لتعلن جبهة الخلاص ومن ورائها حركة النهضة عن استعدادهما لخوض رئاسية 2024، حيث أكد رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي بمناسبة عيد الثورة بتونس العاصمة أول أمس أنّ الجبهة ”تستعد لعقد اجتماع نهاية الشهر الحالي لتحديد موقفها من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وفق شروط دستورية حرة وليس وفق دستور 2022″، على حد تعبيره ..، قائلا:“الانتخابات الرئاسية استحقاق وطني سنخوضه بشروطنا لا بشروط السلطة".
وشدد الشابي خلال مسيرة لجبهة الخلاص بمناسبة إحياء الذكرى 13 للثورة على أنّ الانتخابات الرئاسية “استحقاق دستوري لا يمكن التفريط فيه”، مطالبا بأن ”تتمّ وفق دستور 2014 مع ضرورة إطلاق سراح المعتقلين وضمان حرية الصحفيين وعودة نشاط الهيئات الدستورية وضمان استقلال هيئة الانتخابات".
صمود.. البحث عن " المترشح السوبر" يتواصل
لا تزال المحاولات "السيزيفية" لائتلاف صمود في البحث عن مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية متواصلة بعد أن وضع الائتلاف ملامح أولية للمرشح المحتمل .
ووضع الائتلاف في شهر سبتمبر الماضي جملة من الشروط المحيطة بالمترشح على أن يتم الإعلان بعدها عن الشخصية الملائمة لتلك الشروط والتي من أبرزها تمثّيله للعائلة الديمقراطية ورفضه للمنظومة السابقة وتقديم البديل عن منظومة 25 جويلية.
ورغم الملامح المعلنة لم تنجح "صمود" في استخراج "المترشح السوبر" من مجموع الأحزاب والمنظمات المحيطة بهذا الائتلاف.
هكذا أمر دفع بالناطق الرسمي لـ"ائتلاف صمود" حسام الحامي للتراجع خطوة إلى الوراء بعد تصريحه الأخير على "قناة التاسعة" حيث قال: “قد نكون معنيين بدعم مرشح للانتخابات الرئاسية إذا تم إطلاق سراح “الموقوفين السياسيين” وتم تنصيب هيئة انتخابات أخرى غير هيئة بوعسكر… خاصة أن المشهد غير مهيأ ففاضل عبد الكافي قد انسحب واليوم عبير موسي في السجن".
ومن المهم الإشارة إلى أن "ائتلاف صمود" أعلن عن مقاطعته للانتخابات المحلية والتشريعية بل واعتبر أن مقاطعتها "واجب على مواطن يتمسك بالانتقال الديمقراطي في تونس" ، على حد تعبيره.
المعارضة.. سعيد.. ودستور 2014
وإذ يبدو سعي المعارضة في فرض التمشي الانتخابي القائم على دستور 2014، فان ذلك قد لا يعني شيئا في ظل التشتت الحزبي والتشبث بالخلاف الإيديولوجي على حساب توحيد الصف.
وحيث الذاتي هو الغالب والمسيطر في العلاقة بين الأحزاب الرافضة لبعضها البعض، فانه أيضا لا أحد قادر على إنكار المسألة الموضوعية حيث تقبع شخصيات سياسية خلف القضبان بتهم مختلفة أبرزها ما أطلق عليه قضائيا "بالتآمر على أمن الدولة''، والتي يمكن لأحدها -من الشخصيات- أن تمثل منافسا جديا لسعيد.
فهل تتجاوز المعارضة لحظة طفولتها السياسية؟ أم أنها ستعلق فشلها مجددا على شماعة سعيد ونظامه السياسي؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
في الوقت الذي قاطعت فيه المعارضة الانتخابات المحلية والتشريعية ودعت لقطع الطريق أمام التحول السياسي لمسار 25جويلية 2021 تستعد، أحزاب وشخصيات وائتلافات سياسية لخوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها هذا العام.
ولم يعد الحديث عن رئاسية 2024 محل نقاش داخلي للأحزاب والمجموعات السياسية بل أضحى معطى علني رُشحت له شخصيات ووضعت بعض الأطراف شروطا أساسية ليس للمشاركة فيها فحسب بل لإنجاحها أيضا ومنافسة الرئيس قيس سعيد، التي تنتهي ولايته هذا العام، المنتخب منذ أكتوبر 2019 وفقا لمقتضيات دستور جانفي 2014 .
وإذ شكك البعض في جدية إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده المحدد فإن ضباب هذه الشكوك سرعان ما انقشع بعد تصريح الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التليلي المنصري حين أكد على موعد إقامة الانتخابات الرئاسية القادمة.
وأكد المنصري بأن الانتخابات الرئاسية ستجرى في خريف 2024، طبقا للقانون الأساسي لسنة 2014 الذي لم يقع تنقيحه ولا إلغاؤه، وفق تعبيره.
ورغم تعبير البعض عن تخوفهم من تأخير موعد الانتخابات الرئاسية القادمة وعدم التزام رئيس الجمهورية بالمدة النيابية الخاصة به مثلما ذهبت إلى ذلك رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي في وقت سابق، فقد أكد الرئيس في الذكرى الأخيرة لوفاة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بجهة المنستير أنه يحترم المواعيد الدستورية لاسيما ما تعلق بموعد الانتخابات الرئاسية.
موسي من المقاطعة.. إلى المنافسة
افتتح الدستوري الحر سياساته الرافضة للعملية الانتخابية برفع قضية استعجالية ضدّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من أجل إيقاف مسار الانتخابات وتجميد كافة الأموال المرصودة لها، غير أنّ الدائرة الاستعجالية في المحكمة الابتدائية قضت بإحالة القضية إلى إحدى الدوائر المختصة التي قررت تأجيلها في مناسبتين لتحكم بعدها برفض الدعوى.
ولم تتوقف مساعي الدستوري الحر في محاولة انتزاع اعتراف قضائي بعدم شرعية الانتخابات بالتشريعية بعد أن تحركت موسي مجددا داخل أروقة المحاكم لإيقاف الدور الثاني من الانتخابات.
وفي 8جوان 2022 تقدّم الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي بطعن أمام المحكمة الإدارية لإلغاء الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء على الدستور في 25 جويلية.
وأعلن الحزب الدستوري الحر في بلاغ أنه قام بالطعن أمام المحكمة الإدارية في الأمر عدد 506 لسنة 2022 المؤرخ في 25 ماي 2022 المتعلق بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء في مشروع دستور جديد للجمهورية التونسية.
كما قامت لاحقا بالطعن في الأوامر الرئاسية الترتيبية عدد 588 و589 و590 الصادرة في 22 سبتمبر الماضي والمتعلقة بدعوة الناخبين وتحديد تراب الأقاليم وتقسيم الدوائر وضبط عدد المقاعد لما يسمى "انتخابات المجالس المحلية".
ولئن عبرت عن احتجاجاتها إزاء المشهد السياسي بعيد إعلان التدابير الاستثنائية ورفضها مشاركة سعيد أي مسار انتخابي، إلا أن رئيسة الدستوري الحر قررت الدخول في المنافسة الرئاسية كأول المترشحات حيث أعلن الحزب يوم 24 سبتمبر 2023 عن ترشيحه لعبير موسي للانتخابات الرئاسية القادمة.
جبهة الخلاص.. رئاسية على قاعدة دستور 2014
وإذ بنت موسي سرديتها السياسية في مواجهتها للنظام على القضاء، فان جبهة الخلاص عملت على إدخال الشارع ضمن معادلتها لمقارعة مسار 25جويلية لتحديد ملامح رؤيتها المنطلقة من التحركات الميدانية.
وعلى غرار الدستوري الحر لم تخف جبهة الخلاص رفضها المشاركة الانتخابية ودفع عموم التونسيين لمقاطعة الانتخابات التشريعية والاستفتاء والانتخابات المحلية.
غير أن هذه المقاطعة أخذت في التراجع لتعلن جبهة الخلاص ومن ورائها حركة النهضة عن استعدادهما لخوض رئاسية 2024، حيث أكد رئيس الجبهة أحمد نجيب الشابي بمناسبة عيد الثورة بتونس العاصمة أول أمس أنّ الجبهة ”تستعد لعقد اجتماع نهاية الشهر الحالي لتحديد موقفها من المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وفق شروط دستورية حرة وليس وفق دستور 2022″، على حد تعبيره ..، قائلا:“الانتخابات الرئاسية استحقاق وطني سنخوضه بشروطنا لا بشروط السلطة".
وشدد الشابي خلال مسيرة لجبهة الخلاص بمناسبة إحياء الذكرى 13 للثورة على أنّ الانتخابات الرئاسية “استحقاق دستوري لا يمكن التفريط فيه”، مطالبا بأن ”تتمّ وفق دستور 2014 مع ضرورة إطلاق سراح المعتقلين وضمان حرية الصحفيين وعودة نشاط الهيئات الدستورية وضمان استقلال هيئة الانتخابات".
صمود.. البحث عن " المترشح السوبر" يتواصل
لا تزال المحاولات "السيزيفية" لائتلاف صمود في البحث عن مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية متواصلة بعد أن وضع الائتلاف ملامح أولية للمرشح المحتمل .
ووضع الائتلاف في شهر سبتمبر الماضي جملة من الشروط المحيطة بالمترشح على أن يتم الإعلان بعدها عن الشخصية الملائمة لتلك الشروط والتي من أبرزها تمثّيله للعائلة الديمقراطية ورفضه للمنظومة السابقة وتقديم البديل عن منظومة 25 جويلية.
ورغم الملامح المعلنة لم تنجح "صمود" في استخراج "المترشح السوبر" من مجموع الأحزاب والمنظمات المحيطة بهذا الائتلاف.
هكذا أمر دفع بالناطق الرسمي لـ"ائتلاف صمود" حسام الحامي للتراجع خطوة إلى الوراء بعد تصريحه الأخير على "قناة التاسعة" حيث قال: “قد نكون معنيين بدعم مرشح للانتخابات الرئاسية إذا تم إطلاق سراح “الموقوفين السياسيين” وتم تنصيب هيئة انتخابات أخرى غير هيئة بوعسكر… خاصة أن المشهد غير مهيأ ففاضل عبد الكافي قد انسحب واليوم عبير موسي في السجن".
ومن المهم الإشارة إلى أن "ائتلاف صمود" أعلن عن مقاطعته للانتخابات المحلية والتشريعية بل واعتبر أن مقاطعتها "واجب على مواطن يتمسك بالانتقال الديمقراطي في تونس" ، على حد تعبيره.
المعارضة.. سعيد.. ودستور 2014
وإذ يبدو سعي المعارضة في فرض التمشي الانتخابي القائم على دستور 2014، فان ذلك قد لا يعني شيئا في ظل التشتت الحزبي والتشبث بالخلاف الإيديولوجي على حساب توحيد الصف.
وحيث الذاتي هو الغالب والمسيطر في العلاقة بين الأحزاب الرافضة لبعضها البعض، فانه أيضا لا أحد قادر على إنكار المسألة الموضوعية حيث تقبع شخصيات سياسية خلف القضبان بتهم مختلفة أبرزها ما أطلق عليه قضائيا "بالتآمر على أمن الدولة''، والتي يمكن لأحدها -من الشخصيات- أن تمثل منافسا جديا لسعيد.
فهل تتجاوز المعارضة لحظة طفولتها السياسية؟ أم أنها ستعلق فشلها مجددا على شماعة سعيد ونظامه السياسي؟