إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"برضاك" للأسعد الصلعاني.. عمل مسرحي يفكك علاقة الأنا العربي المسلم بالآخر المختلف

 

أم كلثوم تلوّن جمالية عمل الأسعد الصلعاني و"الشغف" العنوان الدائم للمسرحي بهرام علوي

 

 

تونس - الصباح

يستعين المخرج المسرحي الأسعد الصلعاني في تقديمه لأحدث تجاربه على الركح "برضاك" بمقولة المناضل الماركسي والفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي "العالم القديم يحتضر، والجديد يتأخّر في الولادة، وما بين العتمة والضوء تظهر الوحوش" .. هي رحلة طويلة من الصراع المؤلم والملهم في الآن نفسه أو كما يطلق عليه غرامشي أيضا "حرب الخنادق" .. يستلهم الأسعد الصلعاني رؤيته من ذاتي متعدد الثقافات، يؤمن بفكرة البحث عميقا في مفاهيم الهوية، ثنائية الشك واليقين، ويساءل الآخر الذي أًصبح منه لعّله يجد مخرجا لإنسان يؤمن بالعيش المشترك.

عن التطرف، الكراهية، العنف وتأُثير فكرة الأصولية على حياة الانسان بمختلف انتماءاته الإيديولوجية والاجتماعية والثقافية، قدم المسرح الوطني نهاية الأسبوع المنقضي وتحديدا  يومي 13 و14 جانفي الحالي بقاعة الفن الرابع النسختين العربية والفرنسية من مسرحية "برضاك" عن نص، دراماتورجيا وإخراج للأسعد الصلعاني.

استقبل صوت أميرة لوبيري في بداية عرض "برضاك" جمهور قاعة الفن الرابع وبين المقاعد الأمامية وقفت السوبرانو بفستان أحمر ملفت وبصوت أكثر إبهارا صدحت بمقاطع من أوبرا إيطالية يرافقها على الركح الكوريغرافي قيس بولعراس في لوحة افتتاحية تأخذنا لمكان بين الموت والحياة، أين توقف الزمن، بين الأحمر القاني وبياض النهاية، تتحرك أجساد الشخصيات الأربعة لأحدث أعمال الأسعد الصلعاني عن سينوغرافيا صبري عتروس وإدارة فنيّة لأمال الفرجي وهي تحاول الخلاص، تبوح بمكنوناتها مستحضرة ذكرياتها في الحياة السابقة .. تتخلص شخوص "برضاك" من أكفانها .. أرواح متألمة لم تبعث من جديد ولم تنعم بالخلاص بعد، لعّل رواية ما حدث قد يخفف من وطأة العتمة .. 

كمال أو "كاميليا" كما يحب أن يدعى، امرأة في جسد لم تختره أو كما تقول الشخصية في "برضاك": "مرا في بدن مش بدني .."، يجسدها بهرام علوي في أداء لممثل يتقن أدواته جيدا ولم يفقد شغفه بالركح وكأن تراكم التجارب يزيده إيمانا بقدرة المسرح على التغيير .. "كاميليا" قتلت الذكر، الأب، الحقد واختارت الحب الذي قتلها، "كامليا" أو كمال رجل مثلي الجنس يموت على يد متطرف  يدعى "فيكا" (توفيق) وهو شبح لطفل مغتصب من سكان الضواحي لأبوين مهاجرين بفرنسا قاده مغتصبة عبد الرحمان المسلم لعالم التطرف والعنف بكل أشكاله تحت راية "السلطة للإله" كما يبرر عبد الرحمان قتله للناس وبينهم وقفت أم "توفيق" وقد غادرت الحياة تاركة ابنها في واقع تجرد من قيم الإنسانية ويحكمه "من الأقوى" ..

 تعرت شخصيات "برضاك" أمام ذواتها والآخر .. هم من أصول عربية، مسلمون في خانة "المهاجرين بفرنسا" يحملون إرث 14 قرنا من الأحكام المسبقة .. هكذا رسم المخرج الأسعد الصلعاني شخصياته القادمة للموت من هجوم إرهابي على ملهى للمثلين والمغايرين بفرنسا معبرا عن رؤية فنية وجمالية مجددة في طرحها الفكري لعلاقتنا بالآخر.

"برضاك" عمل فني يدعو للتفكير في مكونات هويتنا ونظرتنا للمختلف عنا، تنبذ رسالتها كل أشكال العنف والتمييز وتحذر من انعكاسات التطرف على الإنسانية وسلام العيش المشترك بين البشرية.    

يفكك هذا العمل الفني روابط تجمعنا ويبحث في أشياء فرقت بين أبناء "الإنسانية"، يتساءل عن علاقة التطرف بالدين ولماذا يختبأ أعداء الحياة وراء الإسلام، يرنو للتسامح والإخوة وخلاص الروح من أحكام تكبل التفكير وتفقد إتزان "الوعي". 

استحضر الأسعد الصلعاني المشبع بتفاصيل الثقافتين العربية والغربية أغاني "أم كلثوم" في عمله الأخير والذي حمل عنوان أحد روائع كوكب الشرق "برضاك" ونحن في محراب الفن يدعونا الصلعاني للتفكير والتجديد عبر المسرح في رؤيتنا لعالم تخلى عن إنسانيته متسلحا بثقافة الكراهية والحقد والفكر الواحد ..  

مسرحية "برضاك" من إنتاج المسرح الوطني عن نصّ، دراماتورجيا وإخراج الأسعد الصلعاني وكوريغرافيا قيس بولعراس الذي كان مساعد الإخراج في هذا العمل وأمضى وسينوغرافيا وتصميم الإضاءة صبري عتروس كما ضم الفريق التقني كل من أسامة سعيدي في تصميم صوت، إيهاب مندرة (توضيب الإضاءة)، هاني بن الحامدي (توضيب الصوت)، إيهاب مندرة وغسّان ستي في توضيب المسرح وصممت ملابس العرض مروى المنصوري فيما قام بتوضيب الإنتاج رضوان بوليفة والذي تشرف عليه فاتن الجوادي وجسد بطولة "برضاك"  بهرام علوي، أيمن سليطي، أمان الله توكابري، منار طنقور، محمد عثموني وأميرة لوبيري.  

نجلاء قموع

"برضاك"  للأسعد الصلعاني..   عمل مسرحي يفكك علاقة الأنا العربي المسلم بالآخر المختلف

 

أم كلثوم تلوّن جمالية عمل الأسعد الصلعاني و"الشغف" العنوان الدائم للمسرحي بهرام علوي

 

 

تونس - الصباح

يستعين المخرج المسرحي الأسعد الصلعاني في تقديمه لأحدث تجاربه على الركح "برضاك" بمقولة المناضل الماركسي والفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي "العالم القديم يحتضر، والجديد يتأخّر في الولادة، وما بين العتمة والضوء تظهر الوحوش" .. هي رحلة طويلة من الصراع المؤلم والملهم في الآن نفسه أو كما يطلق عليه غرامشي أيضا "حرب الخنادق" .. يستلهم الأسعد الصلعاني رؤيته من ذاتي متعدد الثقافات، يؤمن بفكرة البحث عميقا في مفاهيم الهوية، ثنائية الشك واليقين، ويساءل الآخر الذي أًصبح منه لعّله يجد مخرجا لإنسان يؤمن بالعيش المشترك.

عن التطرف، الكراهية، العنف وتأُثير فكرة الأصولية على حياة الانسان بمختلف انتماءاته الإيديولوجية والاجتماعية والثقافية، قدم المسرح الوطني نهاية الأسبوع المنقضي وتحديدا  يومي 13 و14 جانفي الحالي بقاعة الفن الرابع النسختين العربية والفرنسية من مسرحية "برضاك" عن نص، دراماتورجيا وإخراج للأسعد الصلعاني.

استقبل صوت أميرة لوبيري في بداية عرض "برضاك" جمهور قاعة الفن الرابع وبين المقاعد الأمامية وقفت السوبرانو بفستان أحمر ملفت وبصوت أكثر إبهارا صدحت بمقاطع من أوبرا إيطالية يرافقها على الركح الكوريغرافي قيس بولعراس في لوحة افتتاحية تأخذنا لمكان بين الموت والحياة، أين توقف الزمن، بين الأحمر القاني وبياض النهاية، تتحرك أجساد الشخصيات الأربعة لأحدث أعمال الأسعد الصلعاني عن سينوغرافيا صبري عتروس وإدارة فنيّة لأمال الفرجي وهي تحاول الخلاص، تبوح بمكنوناتها مستحضرة ذكرياتها في الحياة السابقة .. تتخلص شخوص "برضاك" من أكفانها .. أرواح متألمة لم تبعث من جديد ولم تنعم بالخلاص بعد، لعّل رواية ما حدث قد يخفف من وطأة العتمة .. 

كمال أو "كاميليا" كما يحب أن يدعى، امرأة في جسد لم تختره أو كما تقول الشخصية في "برضاك": "مرا في بدن مش بدني .."، يجسدها بهرام علوي في أداء لممثل يتقن أدواته جيدا ولم يفقد شغفه بالركح وكأن تراكم التجارب يزيده إيمانا بقدرة المسرح على التغيير .. "كاميليا" قتلت الذكر، الأب، الحقد واختارت الحب الذي قتلها، "كامليا" أو كمال رجل مثلي الجنس يموت على يد متطرف  يدعى "فيكا" (توفيق) وهو شبح لطفل مغتصب من سكان الضواحي لأبوين مهاجرين بفرنسا قاده مغتصبة عبد الرحمان المسلم لعالم التطرف والعنف بكل أشكاله تحت راية "السلطة للإله" كما يبرر عبد الرحمان قتله للناس وبينهم وقفت أم "توفيق" وقد غادرت الحياة تاركة ابنها في واقع تجرد من قيم الإنسانية ويحكمه "من الأقوى" ..

 تعرت شخصيات "برضاك" أمام ذواتها والآخر .. هم من أصول عربية، مسلمون في خانة "المهاجرين بفرنسا" يحملون إرث 14 قرنا من الأحكام المسبقة .. هكذا رسم المخرج الأسعد الصلعاني شخصياته القادمة للموت من هجوم إرهابي على ملهى للمثلين والمغايرين بفرنسا معبرا عن رؤية فنية وجمالية مجددة في طرحها الفكري لعلاقتنا بالآخر.

"برضاك" عمل فني يدعو للتفكير في مكونات هويتنا ونظرتنا للمختلف عنا، تنبذ رسالتها كل أشكال العنف والتمييز وتحذر من انعكاسات التطرف على الإنسانية وسلام العيش المشترك بين البشرية.    

يفكك هذا العمل الفني روابط تجمعنا ويبحث في أشياء فرقت بين أبناء "الإنسانية"، يتساءل عن علاقة التطرف بالدين ولماذا يختبأ أعداء الحياة وراء الإسلام، يرنو للتسامح والإخوة وخلاص الروح من أحكام تكبل التفكير وتفقد إتزان "الوعي". 

استحضر الأسعد الصلعاني المشبع بتفاصيل الثقافتين العربية والغربية أغاني "أم كلثوم" في عمله الأخير والذي حمل عنوان أحد روائع كوكب الشرق "برضاك" ونحن في محراب الفن يدعونا الصلعاني للتفكير والتجديد عبر المسرح في رؤيتنا لعالم تخلى عن إنسانيته متسلحا بثقافة الكراهية والحقد والفكر الواحد ..  

مسرحية "برضاك" من إنتاج المسرح الوطني عن نصّ، دراماتورجيا وإخراج الأسعد الصلعاني وكوريغرافيا قيس بولعراس الذي كان مساعد الإخراج في هذا العمل وأمضى وسينوغرافيا وتصميم الإضاءة صبري عتروس كما ضم الفريق التقني كل من أسامة سعيدي في تصميم صوت، إيهاب مندرة (توضيب الإضاءة)، هاني بن الحامدي (توضيب الصوت)، إيهاب مندرة وغسّان ستي في توضيب المسرح وصممت ملابس العرض مروى المنصوري فيما قام بتوضيب الإنتاج رضوان بوليفة والذي تشرف عليه فاتن الجوادي وجسد بطولة "برضاك"  بهرام علوي، أيمن سليطي، أمان الله توكابري، منار طنقور، محمد عثموني وأميرة لوبيري.  

نجلاء قموع