إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

البشير الشريف قلم لا ينضب.. قراءة في كتاب "عوامل التقدم والرقي في المجتمع الإسلامي"

 

عوامل التقدم والرقي في المجتمع الإسلامي عنوان جديد للمربي والمناضل والنقابي الأستاذ البشير الشريف وسيكون لزاما الإشارة بداية إلى أن الأستاذ عندما أهداني نسخة من الكتاب كان يؤكد "أن الكتابة متنفس له وأنها أهم الأسباب التي تساعده على تحدي الصعوبات في هذه المرحلة من العمر وهو التسعيني الذي تعود طوال حياته على النشاط والتحرك والبذل والعطاء.. الكتاب صدر عن "دار سحنون للنشر" وهو كتاب أنيق من الحجم المتوسط، ويشتمل على أكثر من مائتي صفحة مبوبة على خمسة أبواب أولها الإسلام دين وحضارة، والثاني في الأخلاق الإسلامية، والثالث في الزكاة والرابع في التربية الإسلامية والخامس عن مكانة المرأة.

الأستاذ البشير الشريف أو عم بشير كما تعودنا أن نناديه له إنتاج غزير من الكتب والمقالات في مجالات السياسة والأدب والدين ومن بينها الكتاب الذي نقدمه "عوامل التقدم والرقي في المجتمع الإسلامي من القرآن الكريم والسنة النبوية"، وهو مجموع من المقالات التي نشرها على امتداد سنوات من العمل في مجال التربية الكتاب من السهل الممتنع يجمع بين الأسلوب العلمي والأسلوب التربوي وهو يتوجه بالخطاب إلى مختلف الأجيال.

 قدم الكتاب المرحوم  الشيخ  عثمان بطيخ وزير الشؤون الدينية الأسبق الذي قال في صاحب الكتاب أنه "يتطرق إلى روائع الحضارة الإسلامية أيام مجدها زمن كبار المفكرين والفلاسفة من أمثال ابن خلدون وابن رشد والخوارزمي وجابر ابن حيان، كما يتطرق إلى العلماء المعاصرين من الشرق والغرب ويعتبر أن الفكر العربي الإسلامي مازال خلاقا مبدعا"..، والمتأمل في الكتاب يجد أن الباب الأول وهو حول الإسلام دين وحضارة هو أطول الأبواب الخمسة وهو يشدد على مسألة الاعتدال والوسطية والانفتاح في الإسلام. وربما استشعر البشير الشريف ما يعيشه مجتمعنا من تناقضات صارخة ومن قطيعة مع عقلية المثابرة والعمل والاجتهاد فقد سلط اهتمامه على هذا الجانب وشدد على أهمية العلم والمعرفة والعمل معتبرا أن "بلادنا دخلت معركة مصيرية من أجل كسب رهان النهضة الاقتصادية الشاملة والتأهيل الشامل حتى يتسنى لها تبوأ مقعدها اللائق بين الأمم الناهضة (ص 39)، ويعتبر أن الطبيب الذي يهمل في علاج مريض والمهندس الذي لا يهتم بأسس البناء الصحيحة والمدرس الذي يهمل في تعليم تلاميذه وغير ذلك، هم مسؤولون شرعا عن إهمالهم في ذلك حتى ولو لم يحاسبوا جنائيا.. ويعتبر البشير الشريف أن الإسلام حرص منذ بدايته على العمل وإتقانه ودفع إليه الإنسان دفعا باعتباره هو الحياة ودونه تتوقف الحياة. كما يربط قيمة العمل بقيمة الوقت الذي هو ثمين وهام جدا ولكن نراها للأسف تحولت عند الكثير من المسلمين إلى شأن تافه حتى أن بعض التقارير تشير إلى أن متوسط عمل العامل لا يتجاوز النصف الساعة وهو ما جعله يتوقف عند حادثة طرد الخليفة عمر ابن الخطاب بعض المتواكلين المنقطعين للعبادة في المسجد فيما يعتمدون على غيرهم لتوفير احتياجاتهم، وقوله مقولته الشهيرة "إن السماء لا تمطر ذهبا".

ومن موقعه يضع البشير الشريف الإصبع على الداء في معركة التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي ويعتبر انه فات العرب والمسلمين ثورة الصناعة وثورة انتشار النووي وثورة صناعة الكمبيوتر والالكترونيات ودخول العالم عصر ثورة المعلومات وأنه عندما تنتشر تكنولوجيات الاتصال ستؤدي إلى نزع قدرة الدول على المحافظة على أسرارها وهذا يعني أن القوة سوف تنتقل إلى أياد أخرى وعندما تصبح رقيقة صغيرة بحجم الظفر يصبح بإمكان قاذفة الصواريخ المضادة للطائرات التي يحملها شخص واحد قادرة على إسقاط طائرة بعشرات الملايين... الكتاب يراوح بين الديني والثقافي وبين العلمي والتكنولوجي، ويحذر من مخاطر تأخر العرب وتخليهم عن التعليم الراقي والمعارف التي تبقى أهم الأسلحة لمعانقة الرقي والازدهار ...

والكتاب يظل متعة للقارئ سواء كان تلميذا أو أستاذا والكل يجد فيه غايته باعتبار أن صاحب الكتاب صاحب القلم السخي الذي لا ينضب شاهد على العصر وله من تجارب الحياة في مختلف المجالات التربوية والإدارية والنقابية والنضالية ما يجعله مؤهلا للحديث في مسائل قد تبدو معقدة  ولكنه يقدمها للقارئ بطريقة مغرية وذلك هو المبدع دوما البشير الشريف الذي لا يتوقف عن الكتابة والإمتاع والمؤانسة ...

أسيا العتروس 

البشير الشريف قلم لا ينضب..   قراءة في كتاب "عوامل التقدم والرقي في المجتمع الإسلامي"

 

عوامل التقدم والرقي في المجتمع الإسلامي عنوان جديد للمربي والمناضل والنقابي الأستاذ البشير الشريف وسيكون لزاما الإشارة بداية إلى أن الأستاذ عندما أهداني نسخة من الكتاب كان يؤكد "أن الكتابة متنفس له وأنها أهم الأسباب التي تساعده على تحدي الصعوبات في هذه المرحلة من العمر وهو التسعيني الذي تعود طوال حياته على النشاط والتحرك والبذل والعطاء.. الكتاب صدر عن "دار سحنون للنشر" وهو كتاب أنيق من الحجم المتوسط، ويشتمل على أكثر من مائتي صفحة مبوبة على خمسة أبواب أولها الإسلام دين وحضارة، والثاني في الأخلاق الإسلامية، والثالث في الزكاة والرابع في التربية الإسلامية والخامس عن مكانة المرأة.

الأستاذ البشير الشريف أو عم بشير كما تعودنا أن نناديه له إنتاج غزير من الكتب والمقالات في مجالات السياسة والأدب والدين ومن بينها الكتاب الذي نقدمه "عوامل التقدم والرقي في المجتمع الإسلامي من القرآن الكريم والسنة النبوية"، وهو مجموع من المقالات التي نشرها على امتداد سنوات من العمل في مجال التربية الكتاب من السهل الممتنع يجمع بين الأسلوب العلمي والأسلوب التربوي وهو يتوجه بالخطاب إلى مختلف الأجيال.

 قدم الكتاب المرحوم  الشيخ  عثمان بطيخ وزير الشؤون الدينية الأسبق الذي قال في صاحب الكتاب أنه "يتطرق إلى روائع الحضارة الإسلامية أيام مجدها زمن كبار المفكرين والفلاسفة من أمثال ابن خلدون وابن رشد والخوارزمي وجابر ابن حيان، كما يتطرق إلى العلماء المعاصرين من الشرق والغرب ويعتبر أن الفكر العربي الإسلامي مازال خلاقا مبدعا"..، والمتأمل في الكتاب يجد أن الباب الأول وهو حول الإسلام دين وحضارة هو أطول الأبواب الخمسة وهو يشدد على مسألة الاعتدال والوسطية والانفتاح في الإسلام. وربما استشعر البشير الشريف ما يعيشه مجتمعنا من تناقضات صارخة ومن قطيعة مع عقلية المثابرة والعمل والاجتهاد فقد سلط اهتمامه على هذا الجانب وشدد على أهمية العلم والمعرفة والعمل معتبرا أن "بلادنا دخلت معركة مصيرية من أجل كسب رهان النهضة الاقتصادية الشاملة والتأهيل الشامل حتى يتسنى لها تبوأ مقعدها اللائق بين الأمم الناهضة (ص 39)، ويعتبر أن الطبيب الذي يهمل في علاج مريض والمهندس الذي لا يهتم بأسس البناء الصحيحة والمدرس الذي يهمل في تعليم تلاميذه وغير ذلك، هم مسؤولون شرعا عن إهمالهم في ذلك حتى ولو لم يحاسبوا جنائيا.. ويعتبر البشير الشريف أن الإسلام حرص منذ بدايته على العمل وإتقانه ودفع إليه الإنسان دفعا باعتباره هو الحياة ودونه تتوقف الحياة. كما يربط قيمة العمل بقيمة الوقت الذي هو ثمين وهام جدا ولكن نراها للأسف تحولت عند الكثير من المسلمين إلى شأن تافه حتى أن بعض التقارير تشير إلى أن متوسط عمل العامل لا يتجاوز النصف الساعة وهو ما جعله يتوقف عند حادثة طرد الخليفة عمر ابن الخطاب بعض المتواكلين المنقطعين للعبادة في المسجد فيما يعتمدون على غيرهم لتوفير احتياجاتهم، وقوله مقولته الشهيرة "إن السماء لا تمطر ذهبا".

ومن موقعه يضع البشير الشريف الإصبع على الداء في معركة التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي ويعتبر انه فات العرب والمسلمين ثورة الصناعة وثورة انتشار النووي وثورة صناعة الكمبيوتر والالكترونيات ودخول العالم عصر ثورة المعلومات وأنه عندما تنتشر تكنولوجيات الاتصال ستؤدي إلى نزع قدرة الدول على المحافظة على أسرارها وهذا يعني أن القوة سوف تنتقل إلى أياد أخرى وعندما تصبح رقيقة صغيرة بحجم الظفر يصبح بإمكان قاذفة الصواريخ المضادة للطائرات التي يحملها شخص واحد قادرة على إسقاط طائرة بعشرات الملايين... الكتاب يراوح بين الديني والثقافي وبين العلمي والتكنولوجي، ويحذر من مخاطر تأخر العرب وتخليهم عن التعليم الراقي والمعارف التي تبقى أهم الأسلحة لمعانقة الرقي والازدهار ...

والكتاب يظل متعة للقارئ سواء كان تلميذا أو أستاذا والكل يجد فيه غايته باعتبار أن صاحب الكتاب صاحب القلم السخي الذي لا ينضب شاهد على العصر وله من تجارب الحياة في مختلف المجالات التربوية والإدارية والنقابية والنضالية ما يجعله مؤهلا للحديث في مسائل قد تبدو معقدة  ولكنه يقدمها للقارئ بطريقة مغرية وذلك هو المبدع دوما البشير الشريف الذي لا يتوقف عن الكتابة والإمتاع والمؤانسة ...

أسيا العتروس