سَتُمطِرُ الأرض يوما رغم شِحَّتَها ومن بُطونِ المآسي يُولد الأمل!
من ضمن لقاءاتي مع هذه المجموعة رفيعة المستوى السياسي والثقافي، كان الأبرز هو التقائي بالسيد لطفي نعمان، لأنه، ومن أول حديث، أصرَّ أن يروي لي قصة جدِّه السيد أحمد محمد النعمان. القصة طويلة وشيِّقة ولكنني سوف أختصرها فقط في ذكرأنه، لما سَحَبت الدولة اليمنية من جدِّه، السيد النعمان الجنسية اليمنية وجواز سفره الدبلوماسي، مع أنه كان من أعضاء المجلس الرئاسي، وُجِد زعيم عربي واحد، كانت له الشجاعة أن يرسل له على الفور، جوازا دبلوماسيا مانحا إياه الجنسية التونسية. بالطبع، أصدقائي القراء، كلكم فهمتم أنني كنت أقصد الزعيم بورقيبة.
ووجب عليَّ أن أذكر هنا مدى امتنان حفيده السيد لطفي نعمان، إلى اليوم، بما قام به زعيمنا بورقيبة في أواخر الستينيات من القرن الماضي.
خلاصة القول إن ذكرى الزعماء الحقيقيين تبقى دائما ناصعة البياض وتُردِّدها الأجيال، جيلا بعد جيل. فلا خوف على تاريخهم مهما حاول البعض طمسه أو تشويهه، فسوف يوجد دائما مَن يذكرهم بخير، ليس فقط من أبناء وبنات دولتهم بل وحتى مِن دول أخرى.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يُمكن لأي قيادي أن يضمن أن يذكره التاريخ دائما بخير؟ وهذا السؤال يكتسي حدَّة عالية، في ظل العدوان الغاشم للمحتل الإسرائيلي ليس على الشعب الفلسطيني فقط، بل على الإنسانية جمعاء. فمثلما قال زعيم جنوب إفريقيا الخالد، "نلسون مندلا": "إن حرمان الناس من حقوقهم الإنسانية هو تحد لإنسانيتهم". وبخرق العدو الصهيوني لكل حقوق الفلسطينيين، فقد تحدى إنسانيتنا جميعا.
وفي ظل هذه الأحداث والأفعال التي سوف تبقى راسخة في الأذهان إلى الأبد لمدى وحشيتها وبشاعتها، سوف يُسجِّل التاريخ كل المواقف المُسانِدة وأيضا المتخاذلة والمُتواطئة. فالسكوت، في مثل هذه الظروف يُعاد خيانة عظمى، لن ينساها التاريخ، بل سوف تُدرَّس في كل مدارس هذه المنطقة، والعالم.
إذا، أن تكون رجلا أو امرأة دولة، أن تكون قياديا أو قيادية، ليس بالهيِّن ولا بالمُتاح، لأغلبية قادة هذا العالم. فللقيادي صفات وخصال ومهارات نَحس بها ونراها من أول وهلة، وبمجرد إعلان هذا القيادي أو القيادية، على نيتهم في تحمل أي مسؤولية، من إدارة أصغر معتمدية إلى ترؤس دولة، أو حزب أو جمعية، أو أية مؤسسة. فالقيادي يُفكر، وينصت، ويتكلم، ويتحرك، ويتخذ المواقف المبنية على قيمه ومبادئه، كقيادي وليس كأي شخص عادي، يمكن أن يسمح لنفسه بارتكاب أخطاء فادحة في التواصل أو في أخذ القرارات.
فعلا، على القيادي أن يعلم أن أي قرار، أو موقف، هو مُسجَّل عليه في صفحات دفاترالتاريخ التي لا تمَّحي مهما طال الزمان أم قَصُرَ.
فالسياسة ليست "فنَّ الممكن" مثلما يُحبذ البعض تعريفها، لأن هذا التعريف يَنزع عن السياسي الحسَّ بالمسؤولية ويكتفي بإقناع نفسه أنه "ليس بالإمكان، أحسن مما كان". السياسة، حسب قناعتي الشخصية، هي مواقف، وأقوال مأثورة، وأفعال تبني الأوطان وتآزر المظلومين، وتحفظ لكل فرد كرامته وعزة نفسه وتضمن له كل حقوقه وحرياته، في كل الأزمان وعلى كل شبر من هذه الأرض الطيبة. السياسة هي مسؤولية إدارة الشأن العام، وأمانة مصير شعب، شعب وضع مستقبله بين أيدي مَن وَعَدَ بعدم خيانة الأمانة!
*خبيرة أممية
ذكرى الزعماء الحقيقيين تبقى دائما ناصعة البياض وتُردِّدها الأجيال.. فلا خوف على تاريخهم مهما حاول البعض طمسه أو تشويهه
بقلم :خديجة توفيق معلَّى(*)
أنهيت لقائي الأسبوع الفارط مع سِتِين مواطنا يمنيا ويمنية، بأبيات من قصيدة الشاعر اليمني البردوني:
"لا تَحسَب الأرضَ عن إنِجَابهِا عَقِرت في كلِّ صَخر سَيأتي للفِدَا جَبلُ
سَتُمطِرُ الأرض يوما رغم شِحَّتَها ومن بُطونِ المآسي يُولد الأمل!
من ضمن لقاءاتي مع هذه المجموعة رفيعة المستوى السياسي والثقافي، كان الأبرز هو التقائي بالسيد لطفي نعمان، لأنه، ومن أول حديث، أصرَّ أن يروي لي قصة جدِّه السيد أحمد محمد النعمان. القصة طويلة وشيِّقة ولكنني سوف أختصرها فقط في ذكرأنه، لما سَحَبت الدولة اليمنية من جدِّه، السيد النعمان الجنسية اليمنية وجواز سفره الدبلوماسي، مع أنه كان من أعضاء المجلس الرئاسي، وُجِد زعيم عربي واحد، كانت له الشجاعة أن يرسل له على الفور، جوازا دبلوماسيا مانحا إياه الجنسية التونسية. بالطبع، أصدقائي القراء، كلكم فهمتم أنني كنت أقصد الزعيم بورقيبة.
ووجب عليَّ أن أذكر هنا مدى امتنان حفيده السيد لطفي نعمان، إلى اليوم، بما قام به زعيمنا بورقيبة في أواخر الستينيات من القرن الماضي.
خلاصة القول إن ذكرى الزعماء الحقيقيين تبقى دائما ناصعة البياض وتُردِّدها الأجيال، جيلا بعد جيل. فلا خوف على تاريخهم مهما حاول البعض طمسه أو تشويهه، فسوف يوجد دائما مَن يذكرهم بخير، ليس فقط من أبناء وبنات دولتهم بل وحتى مِن دول أخرى.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يُمكن لأي قيادي أن يضمن أن يذكره التاريخ دائما بخير؟ وهذا السؤال يكتسي حدَّة عالية، في ظل العدوان الغاشم للمحتل الإسرائيلي ليس على الشعب الفلسطيني فقط، بل على الإنسانية جمعاء. فمثلما قال زعيم جنوب إفريقيا الخالد، "نلسون مندلا": "إن حرمان الناس من حقوقهم الإنسانية هو تحد لإنسانيتهم". وبخرق العدو الصهيوني لكل حقوق الفلسطينيين، فقد تحدى إنسانيتنا جميعا.
وفي ظل هذه الأحداث والأفعال التي سوف تبقى راسخة في الأذهان إلى الأبد لمدى وحشيتها وبشاعتها، سوف يُسجِّل التاريخ كل المواقف المُسانِدة وأيضا المتخاذلة والمُتواطئة. فالسكوت، في مثل هذه الظروف يُعاد خيانة عظمى، لن ينساها التاريخ، بل سوف تُدرَّس في كل مدارس هذه المنطقة، والعالم.
إذا، أن تكون رجلا أو امرأة دولة، أن تكون قياديا أو قيادية، ليس بالهيِّن ولا بالمُتاح، لأغلبية قادة هذا العالم. فللقيادي صفات وخصال ومهارات نَحس بها ونراها من أول وهلة، وبمجرد إعلان هذا القيادي أو القيادية، على نيتهم في تحمل أي مسؤولية، من إدارة أصغر معتمدية إلى ترؤس دولة، أو حزب أو جمعية، أو أية مؤسسة. فالقيادي يُفكر، وينصت، ويتكلم، ويتحرك، ويتخذ المواقف المبنية على قيمه ومبادئه، كقيادي وليس كأي شخص عادي، يمكن أن يسمح لنفسه بارتكاب أخطاء فادحة في التواصل أو في أخذ القرارات.
فعلا، على القيادي أن يعلم أن أي قرار، أو موقف، هو مُسجَّل عليه في صفحات دفاترالتاريخ التي لا تمَّحي مهما طال الزمان أم قَصُرَ.
فالسياسة ليست "فنَّ الممكن" مثلما يُحبذ البعض تعريفها، لأن هذا التعريف يَنزع عن السياسي الحسَّ بالمسؤولية ويكتفي بإقناع نفسه أنه "ليس بالإمكان، أحسن مما كان". السياسة، حسب قناعتي الشخصية، هي مواقف، وأقوال مأثورة، وأفعال تبني الأوطان وتآزر المظلومين، وتحفظ لكل فرد كرامته وعزة نفسه وتضمن له كل حقوقه وحرياته، في كل الأزمان وعلى كل شبر من هذه الأرض الطيبة. السياسة هي مسؤولية إدارة الشأن العام، وأمانة مصير شعب، شعب وضع مستقبله بين أيدي مَن وَعَدَ بعدم خيانة الأمانة!