منذ علق مقر هيئة مكافحة الفساد في 20 أوت 2021 لم تتوقف مطالب توفير الحماية للمبلغين عن الفساد الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة التنكيل والتشفي. وتوجهت عديد المطالب والشكايات لرئاسة الجمهورية لطلب توضيح مصير مكافحة الفساد في البلاد ومن ورائه مصير المبلغين عن الفساد في غياب هيكل محدد يمكن اللجوء إليه للتبليغ والحماية.
وربما يكون استقبال وزيرة العدل أول أمس لعدد من المبلغين عن الفساد والاستماع إلى مشاغلهم بادرة نحو فتح ملف التبليغ عن الفساد الذي يكتنفه الغموض منذ اغلاق مقر هيئة مكافحة الفساد.
جاء في بلاغ وزارة العدل أن الوزيرة ليلى جفال استقبلت "ثلة من المبلغين عن الفساد الذين طرحوا للسيدة الوزيرة عددا من مشاغلهم وخاصة في علاقة ببعض الصعوبات التي يواجهونها بمناسبة قيامهم بالإبلاغ عن بعض الممارسات التي تمثل ضربا من ضروب الفساد والإضرار بالمصلحة الوطنية والمال العام في عدد من القطاعات، مع طلب تطوير الإطار القانوني بخصوص حماية المبلغين".
حرب تحرير
ولعل ما صدر عن الوزيرة حينما اعتبرت مسار مكافحة الفساد "حرب تحرير وطنية "،وجد فيه البعض ربما بداية اهتمام بموضوع المبلغين ومصير هيئة الفساد والقوانين الخاصة بمكافحة الفساد بعد صمت طويل.
وقد أكدت الوزيرة في هذا السياق "على أهمية حماية المبلغين عن الفساد وضرورة تكريس ذلك على أرض الواقع طبقا لما يقتضيه تطبيق القانون و انسجاما مع خيارات الدولة الثابتة في التصدي لكافة مظاهر الفساد والتلاعب بالمال العام و الإضرار بالمصلحة الوطنية العليا، معتبرة أن مسار مكافحة الفساد ونهب المال العام هو جزء من حرب التحرير الوطني التي أكد عليها سيادة رئيس الجمهورية في عديد المناسبات".
تشير بيانات سابقة صادرة عن المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد ان أكثر من 400 شخص يواجهون صعوبات وحالات تنكيل جراء تبليغهم عن حالات فساد بعد كشف هويتهم.
واعتبرت المنظمة أن غلق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أدى الى "تقصير الأجهزة المكلفة بإنفاذ القوانين والى زيادة الصعوبات التي يواجهها المبلغون عن الفساد الذين يتم كشف هويتهم والتنكيل بهم ".
وانتقد كثيرون المسار المعتمد من قبل مسار 25 جويلية في علاقة بملف الفساد عندما اقدم على غلق مقر الهيئة وصمت عن توضيح الصورة والخطوات القادمة في مجال مكافحة الفساد رغم تأكيد رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة على أولوية وأهمية التصدي للفاسدين والفساد الذي استشري في البلاد وفي كل القطاعات والمجالات.
وبمناسبة اليوم العالمي للتبليغ عن الفساد أصدرت منظمة أنا يقظ بيانا في في 23 جوان الفارط ،"استهجنت" فيه ما وصفته ب" التعارض في سياسة الدولة التونسيّة تجاه مكافحة الفساد فمن جهة يصرّح الرئيس أنّه "لا بدّ من حماية المبلّغين عن الفساد" في لقاءه مع وزيرة العدل بتاريخ 8 ماي 2023 لكنّه لا يحرّك ساكنا أمام تواصل غلق مقرات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد وتوقّفها تماما عن النظر والبت في مطالب اسناد الحماية للمبلّغين الّذي يتلقون التهديدات ويتعرضون للضغوطات والطرد وكل الممارسات الإنتقاميّة والكيديّة بسبب تحلّيهم بالشجاعة والنزاهة واشارتهم للفساد" وفق نص البيان.
كما ذكرت "أنا يقظ" بالفصل 19 من القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلّق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين الذي ينص على أنه "تسند الحماية بقرار من الهيئة ويتمّ تنفيذ قرارات الحماية بالتنسيق مع السلطات العمومية المعنية بتوفيرها"، مذكرة غي الآن ذاته بأنه "ومنذ 20 أوت 2021 تاريخ غلق الهيئة، لم يتمكّن أي مبلّغ من الحصول على الحماية وحتى أحكام المحكمة الإداريّة القاضيّة بإسناد الحماية يعجز أصحابها عن تنفيذها شأنها شأن الأغلبيّة من أحكام المحكمة الإداريّة الّتي تلتفت الإدارة عن احترامها وتفرغها من قيمتها القانونيّة، وهنا نؤكّد أنّ القانون يعتبر "تعطيل تنفيذ الأحكام القضائيّة" شكلا من أشكال الفساد وهو مجرّم بمقتضى الفصل 315 من المجلّة الجزائيّة"
إعادة فتح هيئة مكافحة الفساد
ودعت منظمة أنا يقظ رئيس الجمهورية إلى اعادة فتح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد معتبرة أن "حماية المبلّغين لا تسند بالخطابات وعلى اللّقاءات المصوّرة إذ يجب أن تترجم الأقوال إلى أفعال كأن تُعطى الأولوية العاجلة لإنشاء آليات حماية فعّالة بهدف ضمان سلامتهم وسلامة عائلاتهم واستقرارهم الوظيفي حماية لكرامتهم".
ليست هذه الدعوة الوحيدة لتوضيح مصير هيئة مكافحة الفساد ومن ورائخا مصير المبلغين عن الفساد وكل القوانين ذات الصلة . فقد دعت بدورها سابقا المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد رئيس الجمهورية قيس سعيد الى "إرجاع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الى النشاط أو الى تكوين لجنة مشتركة بين رئاستي الجمهورية والحكومة لحماية المبلغين عن الفساد بشكل عاجل".
وشددت المنظمة في بيان أصدرته، في فيفري الفارط ، على ان "هذه الخطوة تأتي في اطار رد الاعتبار للمبلغين عن الفساد وجبر ضررهم واتخاذ اجراءات عاجلة ضد الفاسدين الذين يواصلون التنكيل بهم وذلك احتراما للفصل 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد".
في الإطار ذاته قام بدر الدّين الڤمودي النائب في البرلمان عن كتلة الخطّ الوطني السّيادي بتوجيه أسئلة كتابيّة لرئيسة الحكومة موضوعها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وتساءل النائب "هل فكرت الحكومة في عودة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للعمل أو بعث هيئة جديدة بديلة لها تضطلع بمهامها؟ وأي مصير لمئات الموظفين، الذين كانوا متعاقدين مع الهيئة؟ وماهي سياسة الحكومة لحماية المبلغين، الذين يعانون الهرسلة والملاحقة القضائية والتنكيل نتيجة إثارتهم لملفات فساد"
تجدر الإشارة إلى أن منظمة الشفافية الدولية كانت قد أعلنت في جانفي الفارط اعن نتائج مؤشر مدركات الفساد لسنة 2022. واحتلّت تونس "المرتبة 85 عالمياً من أصل 180 دولة، وهي أدنى مرتبة تحتلّها تونس منذ سنة 2012. كما تحصلت تونس على معدل 40 نقطة من أصل 100 نقطة أي بتراجع إجمالي أربع نقاط كاملة مقارنة بالسنة الفارطة، وهو أدنى عدد يسند لتونس منذ 7 سنوات".
واعتبرت المنظمة هذا الارتفاع القياسي لمدركات الفساد في القطاع العام يعود إلى عدة أسباب من أهمها "غلق مقرات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ، ممّا أدى إلى هرسلة الخبراء والشهود والمبلغين في القطاع العام من جهة وعزوف زملائهم الموظفين عن التبليغ مخافة التنكيل بهم، من جهة أخرى".
م.ي
تونس-الصباح
منذ علق مقر هيئة مكافحة الفساد في 20 أوت 2021 لم تتوقف مطالب توفير الحماية للمبلغين عن الفساد الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة التنكيل والتشفي. وتوجهت عديد المطالب والشكايات لرئاسة الجمهورية لطلب توضيح مصير مكافحة الفساد في البلاد ومن ورائه مصير المبلغين عن الفساد في غياب هيكل محدد يمكن اللجوء إليه للتبليغ والحماية.
وربما يكون استقبال وزيرة العدل أول أمس لعدد من المبلغين عن الفساد والاستماع إلى مشاغلهم بادرة نحو فتح ملف التبليغ عن الفساد الذي يكتنفه الغموض منذ اغلاق مقر هيئة مكافحة الفساد.
جاء في بلاغ وزارة العدل أن الوزيرة ليلى جفال استقبلت "ثلة من المبلغين عن الفساد الذين طرحوا للسيدة الوزيرة عددا من مشاغلهم وخاصة في علاقة ببعض الصعوبات التي يواجهونها بمناسبة قيامهم بالإبلاغ عن بعض الممارسات التي تمثل ضربا من ضروب الفساد والإضرار بالمصلحة الوطنية والمال العام في عدد من القطاعات، مع طلب تطوير الإطار القانوني بخصوص حماية المبلغين".
حرب تحرير
ولعل ما صدر عن الوزيرة حينما اعتبرت مسار مكافحة الفساد "حرب تحرير وطنية "،وجد فيه البعض ربما بداية اهتمام بموضوع المبلغين ومصير هيئة الفساد والقوانين الخاصة بمكافحة الفساد بعد صمت طويل.
وقد أكدت الوزيرة في هذا السياق "على أهمية حماية المبلغين عن الفساد وضرورة تكريس ذلك على أرض الواقع طبقا لما يقتضيه تطبيق القانون و انسجاما مع خيارات الدولة الثابتة في التصدي لكافة مظاهر الفساد والتلاعب بالمال العام و الإضرار بالمصلحة الوطنية العليا، معتبرة أن مسار مكافحة الفساد ونهب المال العام هو جزء من حرب التحرير الوطني التي أكد عليها سيادة رئيس الجمهورية في عديد المناسبات".
تشير بيانات سابقة صادرة عن المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد ان أكثر من 400 شخص يواجهون صعوبات وحالات تنكيل جراء تبليغهم عن حالات فساد بعد كشف هويتهم.
واعتبرت المنظمة أن غلق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أدى الى "تقصير الأجهزة المكلفة بإنفاذ القوانين والى زيادة الصعوبات التي يواجهها المبلغون عن الفساد الذين يتم كشف هويتهم والتنكيل بهم ".
وانتقد كثيرون المسار المعتمد من قبل مسار 25 جويلية في علاقة بملف الفساد عندما اقدم على غلق مقر الهيئة وصمت عن توضيح الصورة والخطوات القادمة في مجال مكافحة الفساد رغم تأكيد رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة على أولوية وأهمية التصدي للفاسدين والفساد الذي استشري في البلاد وفي كل القطاعات والمجالات.
وبمناسبة اليوم العالمي للتبليغ عن الفساد أصدرت منظمة أنا يقظ بيانا في في 23 جوان الفارط ،"استهجنت" فيه ما وصفته ب" التعارض في سياسة الدولة التونسيّة تجاه مكافحة الفساد فمن جهة يصرّح الرئيس أنّه "لا بدّ من حماية المبلّغين عن الفساد" في لقاءه مع وزيرة العدل بتاريخ 8 ماي 2023 لكنّه لا يحرّك ساكنا أمام تواصل غلق مقرات الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد وتوقّفها تماما عن النظر والبت في مطالب اسناد الحماية للمبلّغين الّذي يتلقون التهديدات ويتعرضون للضغوطات والطرد وكل الممارسات الإنتقاميّة والكيديّة بسبب تحلّيهم بالشجاعة والنزاهة واشارتهم للفساد" وفق نص البيان.
كما ذكرت "أنا يقظ" بالفصل 19 من القانون عدد 10 لسنة 2017 المتعلّق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين الذي ينص على أنه "تسند الحماية بقرار من الهيئة ويتمّ تنفيذ قرارات الحماية بالتنسيق مع السلطات العمومية المعنية بتوفيرها"، مذكرة غي الآن ذاته بأنه "ومنذ 20 أوت 2021 تاريخ غلق الهيئة، لم يتمكّن أي مبلّغ من الحصول على الحماية وحتى أحكام المحكمة الإداريّة القاضيّة بإسناد الحماية يعجز أصحابها عن تنفيذها شأنها شأن الأغلبيّة من أحكام المحكمة الإداريّة الّتي تلتفت الإدارة عن احترامها وتفرغها من قيمتها القانونيّة، وهنا نؤكّد أنّ القانون يعتبر "تعطيل تنفيذ الأحكام القضائيّة" شكلا من أشكال الفساد وهو مجرّم بمقتضى الفصل 315 من المجلّة الجزائيّة"
إعادة فتح هيئة مكافحة الفساد
ودعت منظمة أنا يقظ رئيس الجمهورية إلى اعادة فتح الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد معتبرة أن "حماية المبلّغين لا تسند بالخطابات وعلى اللّقاءات المصوّرة إذ يجب أن تترجم الأقوال إلى أفعال كأن تُعطى الأولوية العاجلة لإنشاء آليات حماية فعّالة بهدف ضمان سلامتهم وسلامة عائلاتهم واستقرارهم الوظيفي حماية لكرامتهم".
ليست هذه الدعوة الوحيدة لتوضيح مصير هيئة مكافحة الفساد ومن ورائخا مصير المبلغين عن الفساد وكل القوانين ذات الصلة . فقد دعت بدورها سابقا المنظمة التونسية للتنمية ومكافحة الفساد رئيس الجمهورية قيس سعيد الى "إرجاع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الى النشاط أو الى تكوين لجنة مشتركة بين رئاستي الجمهورية والحكومة لحماية المبلغين عن الفساد بشكل عاجل".
وشددت المنظمة في بيان أصدرته، في فيفري الفارط ، على ان "هذه الخطوة تأتي في اطار رد الاعتبار للمبلغين عن الفساد وجبر ضررهم واتخاذ اجراءات عاجلة ضد الفاسدين الذين يواصلون التنكيل بهم وذلك احتراما للفصل 33 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد".
في الإطار ذاته قام بدر الدّين الڤمودي النائب في البرلمان عن كتلة الخطّ الوطني السّيادي بتوجيه أسئلة كتابيّة لرئيسة الحكومة موضوعها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وتساءل النائب "هل فكرت الحكومة في عودة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للعمل أو بعث هيئة جديدة بديلة لها تضطلع بمهامها؟ وأي مصير لمئات الموظفين، الذين كانوا متعاقدين مع الهيئة؟ وماهي سياسة الحكومة لحماية المبلغين، الذين يعانون الهرسلة والملاحقة القضائية والتنكيل نتيجة إثارتهم لملفات فساد"
تجدر الإشارة إلى أن منظمة الشفافية الدولية كانت قد أعلنت في جانفي الفارط اعن نتائج مؤشر مدركات الفساد لسنة 2022. واحتلّت تونس "المرتبة 85 عالمياً من أصل 180 دولة، وهي أدنى مرتبة تحتلّها تونس منذ سنة 2012. كما تحصلت تونس على معدل 40 نقطة من أصل 100 نقطة أي بتراجع إجمالي أربع نقاط كاملة مقارنة بالسنة الفارطة، وهو أدنى عدد يسند لتونس منذ 7 سنوات".
واعتبرت المنظمة هذا الارتفاع القياسي لمدركات الفساد في القطاع العام يعود إلى عدة أسباب من أهمها "غلق مقرات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ، ممّا أدى إلى هرسلة الخبراء والشهود والمبلغين في القطاع العام من جهة وعزوف زملائهم الموظفين عن التبليغ مخافة التنكيل بهم، من جهة أخرى".