إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ممنوع من الحياد.. غزة.. عاصمة العالم ..

 

ساعات قليلة ونودع عاما ونستقبل آخر والأكيد أن نهاية العام 2023 وبداية عام 2024 ستكون غزة عنوانها الأبرز مع دخول حرب الإبادة الجماعية في القطاع شهرها الثالث دون مؤشرات واضحة حول قرب نهاية النزيف وانتهاء العدوان الذي وجد في المظلة الأمريكية الداعمة له و"الفيتو" الأمريكي حصنا له وضوءا أخضر لمواصلة جرائمه..، غزة عاصمة العالم ومحور اهتمام شعوب الأرض التي تكتشف مع كل يوم يمضي حجم المعاناة والظلم الذي يسلط على أهل غزة وعلى أهل كل فلسطين منذ عقود.. صور أطفال غزة الذين يعودون للحياة من تحت الأنقاض تجتاح المواقع الاجتماعية وتنقل حكاية أطفال غزة في رحلتهم اليومية مع الموت والقصف والاغتيالات الممنهجة في البيوت والمدارس والخيم والمشافي... غزة كبيت لحم لم تتزين في أعياد الميلاد ولم يزرها الأب نويل ولم يوزع اللعب والهدايا والحلوى على أطفالها.. أطفال غزة كبروا على وقع الحروب ونشأوا وهم يصارعون من اجل البقاء ومن اجل التمسك بالأرض التي يرفضون التخلي عنها..

قد لا تزيد مساحة غزة عن حي من أحياء مدينة صغيرة في أي مكان من العالم وهي برغم موقعها على البحر فهي مدينة محاصرة ومعزولة وأهلها ممنوعون من ابسط ضروريات الحياة هذا طبعا في "زمن السلم" أما في زمن الحرب كما هو الحال منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر، فغزة تعيش تحت القصف الإسرائيلي المتواصل وقد تحولت مبانيها ومؤسساتها إلى خراب  فيما يكابد الأحياء من أهلها من اجل لقمة العيش المطعمة بالدم.. قد لا نبالغ أن غزة اليوم عاصمة العالم وأنها العنوان الأبرز والأهم في مختلف النشرات الإخبارية والصحف العالمية.. وقد باتت غزة تنافس العواصم الكبرى في حضورها الإعلامي الذي لا يتأخر وباتت صور أطفالها في معاناتهم اليومية مع رحلة الموت التي تلاحقهم في كل مكان وشهادات أطبائها ومسعفيها وطلبتها وشعرائها وأدبائها ونسائها وأراملها والثكالى وهم يطلقون صرخات الإغاثة التي لا مجيب لها سيدة المشهد بكل لغات العالم... وفي الوقت الذي تتزين فيه مختلف عواصم العالم شرقا أو غربا  بالأضواء والألعاب النارية استعدادا لأعياد الميلاد واحتفالا بحلول العام الجديد تعيش غزة على وقع قصف الصواريخ المستمر الذي يضيء سمائها حتى انه يخيل للمشاهد المتسمر خلف الشاشات وكأن غزة أيضا لا تتخلف عن الاحتفالات بأعياد الميلاد  ولكن مع فارق مهم وهو أن غزة تدفع الثمن من دماء وأرواح أهلها وأطفالها وشبابها ورجالها ونسائها ومساجدها وكنائسها ومستشفياتها وكل ما يرمز للحياة فيها..

يجمع الخبراء والملاحظون وأهل غزة الذين يشهدون على فظاعات الاحتلال أن الحرب الراهنة مختلفة عن كل الحروب السابقة التي عرفتها غزة وسبق للإعلامي وائل الدحدوح الذي كشف لنا في حوار سابق أن غزة تعيش حربا غير مسبوقة في كل ما يواجهه الأهالي من تصفية عرقية ومن عقوبات جماعية ومن إصرار على تركيع واهانة من بقي من الأهالي..

غزة لم تتوقف عن الكلام وعن مخاطبة العالم وعن استنهاض الهمم والمطالبة بالاحتكام للعدالة الدولية وللقانون الدولي الإنساني وبإيقاف الظلم المسلط عليها.. ولكن صوت غزة لا يبلغ مسامع العالم وتحديدا صناع القرار فيه ومن يواصلون تمويل الاحتلال بكل أنواع الدعم العسكري واللوجستي لمواصلة حربه المسعورة.. منذ بداية الحرب رصدت إدارة بايدن لحليفها الإسرائيلي 270 مليارا والقادم أكثر.. والمساعدات تشمل الطائرات والسفن وآلاف أنظمة الأسلحة والذخائر، مثل قذائف الدبابات وقنابل الطائرات المتخصصة والطائرات دون طيار ومعدات الرؤية الليلية والرادارات وحتى المركبات المدرعة وسيارات الإسعاف... لم تدخر تل أبيب ومعها واشنطن جهدا لدفع العالم لتبني رواية الاحتلال ومع ذلك فان الدعاية الإسرائيلية فشلت هذه المرة والقنوات الإسرائيلية والأمريكية عجزت عن إخفاء جرائم جيش الاحتلال والتستر على ما يقترفه في حق أهالي غزة وفي حق الأسرى من اهانات وتعذيب وتحقير حتى بلغ الأمر تشويه جثث الموتى وتدنيسهم وسرقة أعضائهم.. لم يبق لحكومة ناتنياهو وإرهاب الدولة الذي يمارسه ما يخفي به جرائمه التي تجند لتوثيقها جيوش من الحقوقيين والمدنيين لعرضها على الجنائية الدولية.. يشعر ناتنياهو بدعم شريكه بايدن بقوة لا حدود لها تصور له انه بإمكانه مواصلة جرائمه في غزة وتدميرها تدميرا كليا.. وقد يكون لهذا الإحساس ما يبرره إذ وفي الوقت الذي يتخلى العالم عن غزة ويخذلها القاصي والداني يجد كيان الاحتلال الغارق في دماء الفلسطينيين المجال مناسبا لمواصلة استعراض مظاهر الغطرسة والتعالي وممارسة القتل والإبادة ...

غزة بما فيها من رائحة الموت والدم تنبض بالحياة وأطفالها يحلمون بغد بلا حرب يستحمون فيه ويأكلون ولا يجوعون ويذهبون فيه إلى مدارسهم ويلعبون مع رفاقهم وينامون في فراش نظيف وينتظرون العيد.. نعم شئنا أم أبينا ستظل غزة عاصمة العالم تتحدث عن حالها وتنقل شهادتها وتواصل ملحمتها مهما تنكر لها وخذلها ونسيها دعاة القيم والمبادئ الإنسانية الزائفة..

اسيا العتروس

ممنوع من الحياد..   غزة.. عاصمة العالم ..

 

ساعات قليلة ونودع عاما ونستقبل آخر والأكيد أن نهاية العام 2023 وبداية عام 2024 ستكون غزة عنوانها الأبرز مع دخول حرب الإبادة الجماعية في القطاع شهرها الثالث دون مؤشرات واضحة حول قرب نهاية النزيف وانتهاء العدوان الذي وجد في المظلة الأمريكية الداعمة له و"الفيتو" الأمريكي حصنا له وضوءا أخضر لمواصلة جرائمه..، غزة عاصمة العالم ومحور اهتمام شعوب الأرض التي تكتشف مع كل يوم يمضي حجم المعاناة والظلم الذي يسلط على أهل غزة وعلى أهل كل فلسطين منذ عقود.. صور أطفال غزة الذين يعودون للحياة من تحت الأنقاض تجتاح المواقع الاجتماعية وتنقل حكاية أطفال غزة في رحلتهم اليومية مع الموت والقصف والاغتيالات الممنهجة في البيوت والمدارس والخيم والمشافي... غزة كبيت لحم لم تتزين في أعياد الميلاد ولم يزرها الأب نويل ولم يوزع اللعب والهدايا والحلوى على أطفالها.. أطفال غزة كبروا على وقع الحروب ونشأوا وهم يصارعون من اجل البقاء ومن اجل التمسك بالأرض التي يرفضون التخلي عنها..

قد لا تزيد مساحة غزة عن حي من أحياء مدينة صغيرة في أي مكان من العالم وهي برغم موقعها على البحر فهي مدينة محاصرة ومعزولة وأهلها ممنوعون من ابسط ضروريات الحياة هذا طبعا في "زمن السلم" أما في زمن الحرب كما هو الحال منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر، فغزة تعيش تحت القصف الإسرائيلي المتواصل وقد تحولت مبانيها ومؤسساتها إلى خراب  فيما يكابد الأحياء من أهلها من اجل لقمة العيش المطعمة بالدم.. قد لا نبالغ أن غزة اليوم عاصمة العالم وأنها العنوان الأبرز والأهم في مختلف النشرات الإخبارية والصحف العالمية.. وقد باتت غزة تنافس العواصم الكبرى في حضورها الإعلامي الذي لا يتأخر وباتت صور أطفالها في معاناتهم اليومية مع رحلة الموت التي تلاحقهم في كل مكان وشهادات أطبائها ومسعفيها وطلبتها وشعرائها وأدبائها ونسائها وأراملها والثكالى وهم يطلقون صرخات الإغاثة التي لا مجيب لها سيدة المشهد بكل لغات العالم... وفي الوقت الذي تتزين فيه مختلف عواصم العالم شرقا أو غربا  بالأضواء والألعاب النارية استعدادا لأعياد الميلاد واحتفالا بحلول العام الجديد تعيش غزة على وقع قصف الصواريخ المستمر الذي يضيء سمائها حتى انه يخيل للمشاهد المتسمر خلف الشاشات وكأن غزة أيضا لا تتخلف عن الاحتفالات بأعياد الميلاد  ولكن مع فارق مهم وهو أن غزة تدفع الثمن من دماء وأرواح أهلها وأطفالها وشبابها ورجالها ونسائها ومساجدها وكنائسها ومستشفياتها وكل ما يرمز للحياة فيها..

يجمع الخبراء والملاحظون وأهل غزة الذين يشهدون على فظاعات الاحتلال أن الحرب الراهنة مختلفة عن كل الحروب السابقة التي عرفتها غزة وسبق للإعلامي وائل الدحدوح الذي كشف لنا في حوار سابق أن غزة تعيش حربا غير مسبوقة في كل ما يواجهه الأهالي من تصفية عرقية ومن عقوبات جماعية ومن إصرار على تركيع واهانة من بقي من الأهالي..

غزة لم تتوقف عن الكلام وعن مخاطبة العالم وعن استنهاض الهمم والمطالبة بالاحتكام للعدالة الدولية وللقانون الدولي الإنساني وبإيقاف الظلم المسلط عليها.. ولكن صوت غزة لا يبلغ مسامع العالم وتحديدا صناع القرار فيه ومن يواصلون تمويل الاحتلال بكل أنواع الدعم العسكري واللوجستي لمواصلة حربه المسعورة.. منذ بداية الحرب رصدت إدارة بايدن لحليفها الإسرائيلي 270 مليارا والقادم أكثر.. والمساعدات تشمل الطائرات والسفن وآلاف أنظمة الأسلحة والذخائر، مثل قذائف الدبابات وقنابل الطائرات المتخصصة والطائرات دون طيار ومعدات الرؤية الليلية والرادارات وحتى المركبات المدرعة وسيارات الإسعاف... لم تدخر تل أبيب ومعها واشنطن جهدا لدفع العالم لتبني رواية الاحتلال ومع ذلك فان الدعاية الإسرائيلية فشلت هذه المرة والقنوات الإسرائيلية والأمريكية عجزت عن إخفاء جرائم جيش الاحتلال والتستر على ما يقترفه في حق أهالي غزة وفي حق الأسرى من اهانات وتعذيب وتحقير حتى بلغ الأمر تشويه جثث الموتى وتدنيسهم وسرقة أعضائهم.. لم يبق لحكومة ناتنياهو وإرهاب الدولة الذي يمارسه ما يخفي به جرائمه التي تجند لتوثيقها جيوش من الحقوقيين والمدنيين لعرضها على الجنائية الدولية.. يشعر ناتنياهو بدعم شريكه بايدن بقوة لا حدود لها تصور له انه بإمكانه مواصلة جرائمه في غزة وتدميرها تدميرا كليا.. وقد يكون لهذا الإحساس ما يبرره إذ وفي الوقت الذي يتخلى العالم عن غزة ويخذلها القاصي والداني يجد كيان الاحتلال الغارق في دماء الفلسطينيين المجال مناسبا لمواصلة استعراض مظاهر الغطرسة والتعالي وممارسة القتل والإبادة ...

غزة بما فيها من رائحة الموت والدم تنبض بالحياة وأطفالها يحلمون بغد بلا حرب يستحمون فيه ويأكلون ولا يجوعون ويذهبون فيه إلى مدارسهم ويلعبون مع رفاقهم وينامون في فراش نظيف وينتظرون العيد.. نعم شئنا أم أبينا ستظل غزة عاصمة العالم تتحدث عن حالها وتنقل شهادتها وتواصل ملحمتها مهما تنكر لها وخذلها ونسيها دعاة القيم والمبادئ الإنسانية الزائفة..

اسيا العتروس