إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

طغى عليها الطابع السياسي والعلاقة مع السلطة.. الانتخابات المحلية تقسم القراءات والمواقف.. !

 

تونس – الصباح

تباينت قراءات ومواقف مختلف مكونات الطبقة السياسية في تونس المعارضة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد أو الداعمة والمساندة له، حول انتخابات المجالس المحلية في جزئها الأول الذي انتظم يوم الأحد 24 ديسمبر الجاري وتقييم نسبة المشاركة فيها خاصة أن فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أكد أن الهيئة ليست مسؤولة عن نسبة الإقبال ولا يجب الاستهانة والاستخفاف بعدد المشاركين في الانتخابات المحلية التي أعلنت عنها نفس الهيئة وكانت في حدود 11.66 %.

ولعل ما ميز جل هذه المواقف والقراءات هو غياب الموضوعية أو الاستناد إلى الأدوات والآليات العلمية في التفسير والفهم والتقييم وبناء الموقف، وطغيان النفس السياسي والانحياز لمواقف كل جهة صادر عنها هذا التقييم والموقف في البيانات الحزبية الصادرة في الغرض أو التصريحات والقراءات الفردية لسياسيين. لذلك كانت هذه القراءات حمالة لمواقفهم المعارضة للنظام القائم والمسار والسياسية التي يعمل سعيد على تكريسها.

ويذكر أن نسبة الإقبال على الانتخابات في تونس ما انفكت تتراجع من موعد لآخر باعتبار أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في العام الماضي كانت في حدود 11.4  % لكن أكد بوعسكر إن النسبة تصل إلى 14.6% إذ ما قيست على أساس "الناخبين المسجلين طوعا" في القوائم الانتخابية، في حين أن البقية تم تسجيلهم تلقائيا بمجرد بلوغهم السن القانونية للانتخاب وهي 18 عاما.

وسجلت هذه الانتخابات توسع قائمة الأحزاب والقوى السياسية والمدنية الرافضة لها أو التي انخرطت في الدعوة لمقاطعتها بعد التحاق بعض من كانوا داعمين للمسار ومشاركين في الانتخابات التشريعية التي دارت في ديسمبر 2022، بصفوف المعارضة بعد أن أعلنت عن مقاطعتها لانتخابات المجالس المحلية ودعت التونسيين إلى اتخاذ نفس موقف المقاطعة.

واختلفت القراءات للنتائج بين من يعتبرها محترمة وناجحة وبين من يعتبر نسبة المشاركة متواضعة ومقبولة والبعض الآخر يراها ضعيفة ولا ترتقي لفرض نتائجها على عامة التونسيين وربط ذلك بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في تونس في هذه المرحلة، على اعتبار أن من أسباب عدم المشاركة فيها هو الشعور بالإحباط في ظل عدم قدرة النظام الحالي على تغيير الوضع المتردي وحلحلة الأزمات كغيره من الأنظمة السابقة وعدم قدرته أيضا على القطع مع السياسيات السابقة. في المقابل يذهب آخرون إلى حد التشكيك في صحة نتائج هذه الانتخابات  خاصة أن المواقف تراوحت بين البيانات الرسمية للأحزاب والقوى السياسية وبين المواقف التي عبر عنها السياسيين.

ولئن اعتبر محمود بن مبروك عضو المكتب السياسي لمسار 25 جويلية أن نسب المشاركة في الانتخابات المعلن عنها من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محترمة وتؤكد نجاح هذا الموعد الانتخابي الجديد بما يمثله من مواصلة لتركيز المؤسسات والهياكل الهادفة لتكريس الجمهورية الجديدة، فإن جبهة الخلاص لم تخف تشكيكها في نتائج هذه الانتخابات وكل متعلقاتها، وفق ما أكده في ندوة صحفية عقدتها أول أمس للغرض وقال أثناء رئيسها نجيب الشابي إن نسبة المشاركة المعلنة من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مضخّمة. معتبرا أن نسبة المشاركة لم تكن مفاجئة في ظل عزوف الشعب التونسي عن السياسة. وأرجع العزوف في هذه الانتخابات المحلية إلى أزمة فقدان المواد الأساسية الضرورية وغياب الأفق وإقصاء الوسائط السياسية المدنية وعدم تشريكها في هذا المسار.

من جانبه أصدر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد بيانا اعتبر فيه أنّ هذه المجالس كغيرها من الهيئات السابقة صوريّة وفاقدة لأيّة شرعية شعبيّة بعد أن سجلت اللجنة المركزية للحزب إقبالا ضعيفا على الانتخابات الأخيرة، وعلى اعتبار أنها "تندرج ضمن مسار تسعى عبره السلطة إلى تهميش العمل السياسي واختزال القضايا الأساسية للتونسي في جوانب إجرائيّة قانونية"، وفق ما تضمنه نفس البيان.

كما اعتبرت حركة النهضة في بيان صادر عنها، أن النتائج المصرّح بها في انتخابات المجالس المحلية (11.66 بالمائة) تثبت عدم شرعية هذه المجالس وعدم تمثيلها لإرادة الغالبية العظمى من الشعب التونسي وفشلا ذريعا في تعبئة الرأي العام لصالح المشروع السياسي للسلطة. منتقدة مضي السلطة القائمة في "فرض مسار لا يحظى إلا بدعم أقلية غير قادرة على إدارة الدولة فضلا عن نيل ثقة المواطنين"، في نفس البيان.

فيما اعتبر حزب العمال في بيان أصدره قبل موعد إجراء الانتخابات المحلية بيومين أن من يشارك في ما وصفه بـ''مهزلة'' المجلس المحلي فإنه يصوّت للعبث والاستبداد. ودعا الجميع إلى مقاطعة هذه الانتخابات.

كما ذهب حسام الحامي، المنسق العام لائتلاف صمود إلى أن نسبة المشاركة الضعيفة في هذه الانتخابات تعكس في جوانب منها عزوف التونسيين عن الانخراط في خيارات المرحلة السياسية ورفضهم لها في ظل تواصل المعاناة وغياب الحلول للأزمات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. في المقابل شكك عبد اللطيف المكي أمين عام حزب "عمل وإنجاز"، في عدد المشاركين في الانتخابات المعلن عنه من قبل الهيئة وتأكيد عدة هياكل وهيئات مدنية مراقبة ذات صلة بالمجال.

في سياق متصل وصف رئيس شبكة مراقبون سليم بوزيد، نسبة المشاركة في انتخابات المجالس المحلية بالضعيفة جدّا، داعيا إلى ضرورة تفسير أسباب عزوف التونسيين على المشاركة في الانتخابات وصعوبة إقناعهم بضرورة القيام بالواجب الانتخابي، عبر دراسات معمقة.

ويرى بوزيد أنّ الآليات التي تمّ استعمالها لمشاركة المواطن في الشأن العام غير مطابقة مع هذه الغاية، حيث أثّر إلغاء التناصف الأفقي والعمودي وغياب التمويل العمومي وعدم إشراك الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني على نتائج الانتخابات التي كانت ضعيفة جدا.

وهو تقريبا ما ذهبت له بعض المتابعين للشأن الوطني وذلك من أجل البحث عن الحلول الممكنة لتدارك ذلك في الاستحقاقات الانتخابية القادمة خاصة أن الأنظار والاهتمامات تتجه إلى الانتخابات الرئاسية تونس 2024 بعد أن أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أنها ستكون في خريف العام المقبل.

نزيهة الغضباني

طغى عليها الطابع السياسي والعلاقة مع السلطة..   الانتخابات المحلية تقسم القراءات والمواقف.. !

 

تونس – الصباح

تباينت قراءات ومواقف مختلف مكونات الطبقة السياسية في تونس المعارضة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد أو الداعمة والمساندة له، حول انتخابات المجالس المحلية في جزئها الأول الذي انتظم يوم الأحد 24 ديسمبر الجاري وتقييم نسبة المشاركة فيها خاصة أن فاروق بوعسكر، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أكد أن الهيئة ليست مسؤولة عن نسبة الإقبال ولا يجب الاستهانة والاستخفاف بعدد المشاركين في الانتخابات المحلية التي أعلنت عنها نفس الهيئة وكانت في حدود 11.66 %.

ولعل ما ميز جل هذه المواقف والقراءات هو غياب الموضوعية أو الاستناد إلى الأدوات والآليات العلمية في التفسير والفهم والتقييم وبناء الموقف، وطغيان النفس السياسي والانحياز لمواقف كل جهة صادر عنها هذا التقييم والموقف في البيانات الحزبية الصادرة في الغرض أو التصريحات والقراءات الفردية لسياسيين. لذلك كانت هذه القراءات حمالة لمواقفهم المعارضة للنظام القائم والمسار والسياسية التي يعمل سعيد على تكريسها.

ويذكر أن نسبة الإقبال على الانتخابات في تونس ما انفكت تتراجع من موعد لآخر باعتبار أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في العام الماضي كانت في حدود 11.4  % لكن أكد بوعسكر إن النسبة تصل إلى 14.6% إذ ما قيست على أساس "الناخبين المسجلين طوعا" في القوائم الانتخابية، في حين أن البقية تم تسجيلهم تلقائيا بمجرد بلوغهم السن القانونية للانتخاب وهي 18 عاما.

وسجلت هذه الانتخابات توسع قائمة الأحزاب والقوى السياسية والمدنية الرافضة لها أو التي انخرطت في الدعوة لمقاطعتها بعد التحاق بعض من كانوا داعمين للمسار ومشاركين في الانتخابات التشريعية التي دارت في ديسمبر 2022، بصفوف المعارضة بعد أن أعلنت عن مقاطعتها لانتخابات المجالس المحلية ودعت التونسيين إلى اتخاذ نفس موقف المقاطعة.

واختلفت القراءات للنتائج بين من يعتبرها محترمة وناجحة وبين من يعتبر نسبة المشاركة متواضعة ومقبولة والبعض الآخر يراها ضعيفة ولا ترتقي لفرض نتائجها على عامة التونسيين وربط ذلك بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في تونس في هذه المرحلة، على اعتبار أن من أسباب عدم المشاركة فيها هو الشعور بالإحباط في ظل عدم قدرة النظام الحالي على تغيير الوضع المتردي وحلحلة الأزمات كغيره من الأنظمة السابقة وعدم قدرته أيضا على القطع مع السياسيات السابقة. في المقابل يذهب آخرون إلى حد التشكيك في صحة نتائج هذه الانتخابات  خاصة أن المواقف تراوحت بين البيانات الرسمية للأحزاب والقوى السياسية وبين المواقف التي عبر عنها السياسيين.

ولئن اعتبر محمود بن مبروك عضو المكتب السياسي لمسار 25 جويلية أن نسب المشاركة في الانتخابات المعلن عنها من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محترمة وتؤكد نجاح هذا الموعد الانتخابي الجديد بما يمثله من مواصلة لتركيز المؤسسات والهياكل الهادفة لتكريس الجمهورية الجديدة، فإن جبهة الخلاص لم تخف تشكيكها في نتائج هذه الانتخابات وكل متعلقاتها، وفق ما أكده في ندوة صحفية عقدتها أول أمس للغرض وقال أثناء رئيسها نجيب الشابي إن نسبة المشاركة المعلنة من طرف الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مضخّمة. معتبرا أن نسبة المشاركة لم تكن مفاجئة في ظل عزوف الشعب التونسي عن السياسة. وأرجع العزوف في هذه الانتخابات المحلية إلى أزمة فقدان المواد الأساسية الضرورية وغياب الأفق وإقصاء الوسائط السياسية المدنية وعدم تشريكها في هذا المسار.

من جانبه أصدر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد بيانا اعتبر فيه أنّ هذه المجالس كغيرها من الهيئات السابقة صوريّة وفاقدة لأيّة شرعية شعبيّة بعد أن سجلت اللجنة المركزية للحزب إقبالا ضعيفا على الانتخابات الأخيرة، وعلى اعتبار أنها "تندرج ضمن مسار تسعى عبره السلطة إلى تهميش العمل السياسي واختزال القضايا الأساسية للتونسي في جوانب إجرائيّة قانونية"، وفق ما تضمنه نفس البيان.

كما اعتبرت حركة النهضة في بيان صادر عنها، أن النتائج المصرّح بها في انتخابات المجالس المحلية (11.66 بالمائة) تثبت عدم شرعية هذه المجالس وعدم تمثيلها لإرادة الغالبية العظمى من الشعب التونسي وفشلا ذريعا في تعبئة الرأي العام لصالح المشروع السياسي للسلطة. منتقدة مضي السلطة القائمة في "فرض مسار لا يحظى إلا بدعم أقلية غير قادرة على إدارة الدولة فضلا عن نيل ثقة المواطنين"، في نفس البيان.

فيما اعتبر حزب العمال في بيان أصدره قبل موعد إجراء الانتخابات المحلية بيومين أن من يشارك في ما وصفه بـ''مهزلة'' المجلس المحلي فإنه يصوّت للعبث والاستبداد. ودعا الجميع إلى مقاطعة هذه الانتخابات.

كما ذهب حسام الحامي، المنسق العام لائتلاف صمود إلى أن نسبة المشاركة الضعيفة في هذه الانتخابات تعكس في جوانب منها عزوف التونسيين عن الانخراط في خيارات المرحلة السياسية ورفضهم لها في ظل تواصل المعاناة وغياب الحلول للأزمات والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. في المقابل شكك عبد اللطيف المكي أمين عام حزب "عمل وإنجاز"، في عدد المشاركين في الانتخابات المعلن عنه من قبل الهيئة وتأكيد عدة هياكل وهيئات مدنية مراقبة ذات صلة بالمجال.

في سياق متصل وصف رئيس شبكة مراقبون سليم بوزيد، نسبة المشاركة في انتخابات المجالس المحلية بالضعيفة جدّا، داعيا إلى ضرورة تفسير أسباب عزوف التونسيين على المشاركة في الانتخابات وصعوبة إقناعهم بضرورة القيام بالواجب الانتخابي، عبر دراسات معمقة.

ويرى بوزيد أنّ الآليات التي تمّ استعمالها لمشاركة المواطن في الشأن العام غير مطابقة مع هذه الغاية، حيث أثّر إلغاء التناصف الأفقي والعمودي وغياب التمويل العمومي وعدم إشراك الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني على نتائج الانتخابات التي كانت ضعيفة جدا.

وهو تقريبا ما ذهبت له بعض المتابعين للشأن الوطني وذلك من أجل البحث عن الحلول الممكنة لتدارك ذلك في الاستحقاقات الانتخابية القادمة خاصة أن الأنظار والاهتمامات تتجه إلى الانتخابات الرئاسية تونس 2024 بعد أن أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر أنها ستكون في خريف العام المقبل.

نزيهة الغضباني