إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. كتابات الحانات ..!.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

إن رواد الحانات والمطاعم السياحية غالبا ما تحضر في أذهانهم فكرة الشرب الإبداعي والقهري!، باعتبار أن في تقدير موقف من يوصفون بكونهم "يحبون الركوب على الأحمر" يرون إن تناول الكحول ينفذ ويحفز ويشجع بأي شكل من الأشكال على فعل الخلق الإبداعي !!.

  تؤثر السلوكيات الإدمانية على جميع العلاقات الاجتماعية لهؤلاء المبدعين .

 هنالك عناصر  بارزة و قضايا الأنثروبولوجية التي تنبثق من هذه الممارسات الإيثيلية والإبداعية .

 يتم تنفيذ التفكير في الهوس في سياق الأنشطة الإبداعية من خلال الكتابة المرتبطة باستهلاك الكحول .

 سيكون الأمر بداية، تحديد ماهية فعل الشرب بأكبر قدر ممكن، وإبراز الخصائص المعينة الموصولة بهذا الفعل: الكمية، النوعية، التضحية، بلوغ مرحلة وهم الخلق.

   من أجمل النصوص الأدبية  "جولة بين حانات البحر المتوسّط"  التّي تُعرف أيضا باسم:"مسافر المركب النّشوان" لكاتبه خالد الذكر عليّ الدّوعاجي،مجموعة قصص نُشرت متسلسلة في "مجلّة العالم الأدبي" من سبتمبر 1935 .

 المجموعة رحلة مبهجة حافلة بروح شاعرية قوية مفعمة بالمرح والسخرية والعبث البريء لسائح يسافر، سنة 1933 عبر شواطئ المتوسط.

 لمن لا يعرف علي الدوعاجي،اعتبره توفيق بكار أبو القصة التونسية كما  وصفه محمد فريد غازي أنه أفضل كاتب قصة قصيرة في العالم العربي .

 لا تختلف مقاهي وحانات تونس عن تلك التي يكتشفها أي مسافر إلى عواصم المتوسّط، لكن لنا في تونس مقاه أو مطاعم حانات عُرفت بقبلة الكتاب والمبدعين والمثقفين، أغلبها في قلب العاصمة ضمن مربّع المركز حيث شارع بورقيبة .

 في بداية اكتشافي لذلك المبدع الراحل أولاد احمد وبعد أن سهّلت عليه رحلة القدوم  إلى العاصمة من سيدي بوزيد، أسرّ لي برغبته الشديدة أن يختلط  بشعراء  ومثقفي العاصمة ويتعرّف عليهم، أول ما فكّر فيه وبحث عنه الفضاء أو بالأحرى المقهى الحانة الملتقى للمبدعين فأجبته إنها تلك المواجهة لمعهد كارنو بشارع باريس  .

 لا أحد كان يتصوّر سعادة شاعر "نحب البلاد" بالجلوس لأول مرّة في حياته مع أسماء برزت على الساحة من بينها منصف المزغني وأحمد حاذق العرف ومحمد العوني الخ ..

 كان أولاد احمد سعيدا في غاية السرور بملاقاة هؤلاء الذين ذكرت.

صادف يوما أن دخل علي في مكتبي في حالة حزن شديد، بعد أن تناول نصيبا من الأحمر، بادرته بالسُؤال عن سبب حالته هذه، تردّد في البداية عن الإجابة، ثم قال لي انّه أهين في كرامته، عندما أراد مجالسة مجموعة من الشعراء والكتاب في المقهى الحانة  قبلوا ذلك، سحب ورقة من جيبه كتب فوقها أبياتا من الشعر  ليقرأها  عليهم، لكن ما راعه إلا أن افتكوا الورقة من يده وضعوها فوق الطاولة، حتى صادف مرور بائع متجول بيده سطل  فول اشتروا منه نصيبا لم يجدوا إلا ورقة قصيدة أولاد احمد ليصبوا  عليها  بما أحزّ كثيرا في نفسه وهم غير مبالين بفعلتهم .

  بالنسبة لي أدركت أنّ أولاد احمد في مواجهة اكبر رهان في حياته وهو أن يبرز ويفوق إبداعا كلّ هؤلاء الذين أهانوه أو لم يرحّبوا بمجالسته لهم .

 وكان قراري أن أكون اكبر سند لهذا الشاعر الذي كم من "شويعر" تآمر عليه أو خطّط للإطاحة به كما حصل في انقلاب إخراجه من إدارة بيت الشعر حيث كان المقرّ يمثل كلّ  حياته إلى حدّ انّه وفي لحظة غضب هدّد بالإضرار بنفسه .

أعرف شخصا توقف عن التدخين والشرب وممارسة الحب والمداعبة،أصبح بصحة جيدة حتى انتحر .

حكاياتهم  .. كتابات الحانات ..!.

 

يرويها: أبو بكر الصغير

إن رواد الحانات والمطاعم السياحية غالبا ما تحضر في أذهانهم فكرة الشرب الإبداعي والقهري!، باعتبار أن في تقدير موقف من يوصفون بكونهم "يحبون الركوب على الأحمر" يرون إن تناول الكحول ينفذ ويحفز ويشجع بأي شكل من الأشكال على فعل الخلق الإبداعي !!.

  تؤثر السلوكيات الإدمانية على جميع العلاقات الاجتماعية لهؤلاء المبدعين .

 هنالك عناصر  بارزة و قضايا الأنثروبولوجية التي تنبثق من هذه الممارسات الإيثيلية والإبداعية .

 يتم تنفيذ التفكير في الهوس في سياق الأنشطة الإبداعية من خلال الكتابة المرتبطة باستهلاك الكحول .

 سيكون الأمر بداية، تحديد ماهية فعل الشرب بأكبر قدر ممكن، وإبراز الخصائص المعينة الموصولة بهذا الفعل: الكمية، النوعية، التضحية، بلوغ مرحلة وهم الخلق.

   من أجمل النصوص الأدبية  "جولة بين حانات البحر المتوسّط"  التّي تُعرف أيضا باسم:"مسافر المركب النّشوان" لكاتبه خالد الذكر عليّ الدّوعاجي،مجموعة قصص نُشرت متسلسلة في "مجلّة العالم الأدبي" من سبتمبر 1935 .

 المجموعة رحلة مبهجة حافلة بروح شاعرية قوية مفعمة بالمرح والسخرية والعبث البريء لسائح يسافر، سنة 1933 عبر شواطئ المتوسط.

 لمن لا يعرف علي الدوعاجي،اعتبره توفيق بكار أبو القصة التونسية كما  وصفه محمد فريد غازي أنه أفضل كاتب قصة قصيرة في العالم العربي .

 لا تختلف مقاهي وحانات تونس عن تلك التي يكتشفها أي مسافر إلى عواصم المتوسّط، لكن لنا في تونس مقاه أو مطاعم حانات عُرفت بقبلة الكتاب والمبدعين والمثقفين، أغلبها في قلب العاصمة ضمن مربّع المركز حيث شارع بورقيبة .

 في بداية اكتشافي لذلك المبدع الراحل أولاد احمد وبعد أن سهّلت عليه رحلة القدوم  إلى العاصمة من سيدي بوزيد، أسرّ لي برغبته الشديدة أن يختلط  بشعراء  ومثقفي العاصمة ويتعرّف عليهم، أول ما فكّر فيه وبحث عنه الفضاء أو بالأحرى المقهى الحانة الملتقى للمبدعين فأجبته إنها تلك المواجهة لمعهد كارنو بشارع باريس  .

 لا أحد كان يتصوّر سعادة شاعر "نحب البلاد" بالجلوس لأول مرّة في حياته مع أسماء برزت على الساحة من بينها منصف المزغني وأحمد حاذق العرف ومحمد العوني الخ ..

 كان أولاد احمد سعيدا في غاية السرور بملاقاة هؤلاء الذين ذكرت.

صادف يوما أن دخل علي في مكتبي في حالة حزن شديد، بعد أن تناول نصيبا من الأحمر، بادرته بالسُؤال عن سبب حالته هذه، تردّد في البداية عن الإجابة، ثم قال لي انّه أهين في كرامته، عندما أراد مجالسة مجموعة من الشعراء والكتاب في المقهى الحانة  قبلوا ذلك، سحب ورقة من جيبه كتب فوقها أبياتا من الشعر  ليقرأها  عليهم، لكن ما راعه إلا أن افتكوا الورقة من يده وضعوها فوق الطاولة، حتى صادف مرور بائع متجول بيده سطل  فول اشتروا منه نصيبا لم يجدوا إلا ورقة قصيدة أولاد احمد ليصبوا  عليها  بما أحزّ كثيرا في نفسه وهم غير مبالين بفعلتهم .

  بالنسبة لي أدركت أنّ أولاد احمد في مواجهة اكبر رهان في حياته وهو أن يبرز ويفوق إبداعا كلّ هؤلاء الذين أهانوه أو لم يرحّبوا بمجالسته لهم .

 وكان قراري أن أكون اكبر سند لهذا الشاعر الذي كم من "شويعر" تآمر عليه أو خطّط للإطاحة به كما حصل في انقلاب إخراجه من إدارة بيت الشعر حيث كان المقرّ يمثل كلّ  حياته إلى حدّ انّه وفي لحظة غضب هدّد بالإضرار بنفسه .

أعرف شخصا توقف عن التدخين والشرب وممارسة الحب والمداعبة،أصبح بصحة جيدة حتى انتحر .