الدبلوماسية، هي المؤسسة التي تباشر ممارستها سياسة الشؤون الخارجية، هي واحدة من أقدم علامات الحضارة .
قد نحتاج أحيانا إلى إعادة اكتشاف أسس هذه الديبلوماسية وأهدافها بما يتجاوز الأساطير والغموض والأحكام المسبقة والآراء، واكتشاف وظائفها في العلاقات الثنائية والمحافل المتعددة الأطراف: المعلومات، والمفاوضات الدائمة، وديناميكية التمثيل، ومنطق المعاملة بالمثل، والمطالبة بالاعتراف الخ ..
إنّ الأسّ الأول في العمل الدبلوماسي هو الرصانة والحذر والصبر ومعرفة حقيقية بالقوانين المعمول بها في هذه البيئة الخاصة للغاية وعدم ردّ الفعل أو إطلاق الاتهامات جزافا .
علاوة على ذلك، يجب على الدبلوماسي أن يظهر التضحية بالنفس والتواضع والتفاني وعدم ردّ الفعل، وأن يتصرف في الظل دون أن يحاول التألق والبروز تحت الأضواء .
كانت الدبلوماسية تمارس في البداية من قبل مبعوثي الملك إلى أحد نظرائه. لقد تطورت الوظيفة، ويمكننا أن نقول اليوم إن الدبلوماسية، التي كانت في يوم من الأيام مهنة حكرا على نبلاء القوم، فتحت أبوابها الآن للأشخاص من كلّ الطبقات بما في ذلك الأسر المتواضعة، وأصبحت الكفاءة هي المعيار الوحيد في اختيار الديبلوماسيين لعلّ ذلك من أسباب وراء ضرورة وضع مدونة أخلاقيات سلوك للدبلوماسيين .
أذكر حادثة، ارتبطت باسم الحبيب بورقيبة الابن عندما تولّى وزارة الخارجية، فهو يطلب من فريق الوزارة كلّما تمّ ترشيح موظّف أو شخص لسفارة تونسية بالخارج إلا ويستضيفه على فنجان قهوة في مكتبه ويتبادل أطراف الحديث معه، والحكمة من وراء ذلك هو اختيار هذا الشخص الذي سيمثل صورة تونس بالخارج ومدى اطلاعه على تاريخها وثقافتها وكذلك طبيعة النظام السياسي فيها .
صادف يوما أن تمّ الاختيار على شخصية عروبية مثقفة، كان أديبا متواضعا لترشيحه لمسؤولية إحدى السفارات، التقاه بورقيبة الابن فسأله عن مدى اطلاعه على أوضاع سياسة تونس، فلم يجد سفير المستقبل إلا أن بدا يشتم من يوصفون بمعارضي الزعيم بورقيبة ويسيء لبعض الشخصيات بالذم والقدح وكذلك مناطق جهات معينة بالبلاد، صدم هذا الموقف بورقيبة الابن وشكره على حضوره وألغى قرار تعيينه !!.
لهذا ينبغي للدبلوماسية أن تكون فناً أكثر من كونها موقفا. سيكون من العار أن يكون العكس هو الصحيح لأن عامة الناس، الذين نادراً ما يخطئون، يربطون مواقفهم الشخصية وحس الاتصال والعلاقات العامة، والتوازن، والمظهر الجميل بالدبلوماسية التي يمثلها إطار المهمة .
نحن نرى أن معرفة كيفية العيش في بيئة دبلوماسية، بعيدًا عن كونها موردا ثانويا، يجب إعادة التركيز عليها من أجل صفاتها.
ليطرح السّؤال الأهم هل يمكننا الاستغناء عن الأخلاق في العلاقات الديبلوماسية والدولية؟ في مواجهة الدبلوماسيين "الواقعيين"، الذين يرون أن الدول تتصرف بالضرورة "كل رجل لنفسه" !!.
فاحترام نطاق القيم، ومراعاة أخلاقيات الحياة الشخصية التي نعرضها في البيئة المهنية والتي تعتمد على مصادر الأخلاق والنظافة والمواطنة الصالحة، كلها أمور ضرورية لبناء دبلوماسي جيد.
إنّ الدولة واحدة، ولها هرم ورئيس واحد، هو الذي يحدّد علامات طريق أي سياسة ديبلوماسية وأي علاقات دولية ومع من وكيف بالنسبة للبلاد، والوزير ليس إلا وسيلة تنفيذ وتجسيد لهذه السياسة .
فوجئت ببيان الخارجية التونسية الأخير الذي قالت انّه يندرج:"في إطار إنارة الرأي العام وحقه في الإطلاع على المعلومة الصحيحة في كنف الشفافية والوضوح وفي إطار التصدّي للمغالطات التي يتناولها أشخاص فاقدون لكل مصداقية مطلوبون من العدالة وفارون إلى الخارج وأصبحوا يستقون أخبارهم الزائفة ممن تعلقت بهم ملفات تأديبية وسوء تسيير يحاولون بكل السبل ترويجها للتغطية على تجاوزاتهم ومؤامراتهم الدنيئة لتعطيل الإدارة وضرب دواليب الدولة"، قد يكون إلى حدّ الآن تقدير الموقف عاديا وسليما، لكن إذا واصلنا الاطلاع على فحوى هذا البيان نكتشف ما يستوجب التوضيح ، اقصد تحديدا تلك الجملة التي يتهم فيها الوزير صراحة وبعيدا عن واجب التحفظ زملاءه بالفساد، إذ جاء في نصّ البيان ما يلي:"على عكس ما شهدته في السنوات الماضية، لسوء التصرف والهروب من المسؤولية والمحاباة"!!. ويكرّر نفس الجملة في نفس البيان في موضع آخر ولكن أكثر حدَة وتفصيلا بما يشير القول إلى ما يلي :"على عكس ما شهدته الوزارة طوال عقود ماضية وخاصة خلال السنوات الثلاث السابقة (يقصد مرحلة الوزير الذي سبقه عثمان الجارندي) من سوء تصرّف وهروب من المسؤولية وسياسة ممنهجة من التهميش والإقصاء طالت العديد من أعوانها وإطاراتها مما انعكس سلبا على صورة تونس وعلى حضورها في المحافل الدولية والإقليمية ".
أراد رجل أن يطلق زوجته، فقيل له: ما يسوؤك منها؟ قال: العاقل لا يهتك ستر زوجته .
فلما طلقها قيل له: لِمَ طلّقتها؟ .
قال: ما لي وللكلام فيمن صارت أجنبية !!.
يرويها: ابو بكر الصغير
الدبلوماسية، هي المؤسسة التي تباشر ممارستها سياسة الشؤون الخارجية، هي واحدة من أقدم علامات الحضارة .
قد نحتاج أحيانا إلى إعادة اكتشاف أسس هذه الديبلوماسية وأهدافها بما يتجاوز الأساطير والغموض والأحكام المسبقة والآراء، واكتشاف وظائفها في العلاقات الثنائية والمحافل المتعددة الأطراف: المعلومات، والمفاوضات الدائمة، وديناميكية التمثيل، ومنطق المعاملة بالمثل، والمطالبة بالاعتراف الخ ..
إنّ الأسّ الأول في العمل الدبلوماسي هو الرصانة والحذر والصبر ومعرفة حقيقية بالقوانين المعمول بها في هذه البيئة الخاصة للغاية وعدم ردّ الفعل أو إطلاق الاتهامات جزافا .
علاوة على ذلك، يجب على الدبلوماسي أن يظهر التضحية بالنفس والتواضع والتفاني وعدم ردّ الفعل، وأن يتصرف في الظل دون أن يحاول التألق والبروز تحت الأضواء .
كانت الدبلوماسية تمارس في البداية من قبل مبعوثي الملك إلى أحد نظرائه. لقد تطورت الوظيفة، ويمكننا أن نقول اليوم إن الدبلوماسية، التي كانت في يوم من الأيام مهنة حكرا على نبلاء القوم، فتحت أبوابها الآن للأشخاص من كلّ الطبقات بما في ذلك الأسر المتواضعة، وأصبحت الكفاءة هي المعيار الوحيد في اختيار الديبلوماسيين لعلّ ذلك من أسباب وراء ضرورة وضع مدونة أخلاقيات سلوك للدبلوماسيين .
أذكر حادثة، ارتبطت باسم الحبيب بورقيبة الابن عندما تولّى وزارة الخارجية، فهو يطلب من فريق الوزارة كلّما تمّ ترشيح موظّف أو شخص لسفارة تونسية بالخارج إلا ويستضيفه على فنجان قهوة في مكتبه ويتبادل أطراف الحديث معه، والحكمة من وراء ذلك هو اختيار هذا الشخص الذي سيمثل صورة تونس بالخارج ومدى اطلاعه على تاريخها وثقافتها وكذلك طبيعة النظام السياسي فيها .
صادف يوما أن تمّ الاختيار على شخصية عروبية مثقفة، كان أديبا متواضعا لترشيحه لمسؤولية إحدى السفارات، التقاه بورقيبة الابن فسأله عن مدى اطلاعه على أوضاع سياسة تونس، فلم يجد سفير المستقبل إلا أن بدا يشتم من يوصفون بمعارضي الزعيم بورقيبة ويسيء لبعض الشخصيات بالذم والقدح وكذلك مناطق جهات معينة بالبلاد، صدم هذا الموقف بورقيبة الابن وشكره على حضوره وألغى قرار تعيينه !!.
لهذا ينبغي للدبلوماسية أن تكون فناً أكثر من كونها موقفا. سيكون من العار أن يكون العكس هو الصحيح لأن عامة الناس، الذين نادراً ما يخطئون، يربطون مواقفهم الشخصية وحس الاتصال والعلاقات العامة، والتوازن، والمظهر الجميل بالدبلوماسية التي يمثلها إطار المهمة .
نحن نرى أن معرفة كيفية العيش في بيئة دبلوماسية، بعيدًا عن كونها موردا ثانويا، يجب إعادة التركيز عليها من أجل صفاتها.
ليطرح السّؤال الأهم هل يمكننا الاستغناء عن الأخلاق في العلاقات الديبلوماسية والدولية؟ في مواجهة الدبلوماسيين "الواقعيين"، الذين يرون أن الدول تتصرف بالضرورة "كل رجل لنفسه" !!.
فاحترام نطاق القيم، ومراعاة أخلاقيات الحياة الشخصية التي نعرضها في البيئة المهنية والتي تعتمد على مصادر الأخلاق والنظافة والمواطنة الصالحة، كلها أمور ضرورية لبناء دبلوماسي جيد.
إنّ الدولة واحدة، ولها هرم ورئيس واحد، هو الذي يحدّد علامات طريق أي سياسة ديبلوماسية وأي علاقات دولية ومع من وكيف بالنسبة للبلاد، والوزير ليس إلا وسيلة تنفيذ وتجسيد لهذه السياسة .
فوجئت ببيان الخارجية التونسية الأخير الذي قالت انّه يندرج:"في إطار إنارة الرأي العام وحقه في الإطلاع على المعلومة الصحيحة في كنف الشفافية والوضوح وفي إطار التصدّي للمغالطات التي يتناولها أشخاص فاقدون لكل مصداقية مطلوبون من العدالة وفارون إلى الخارج وأصبحوا يستقون أخبارهم الزائفة ممن تعلقت بهم ملفات تأديبية وسوء تسيير يحاولون بكل السبل ترويجها للتغطية على تجاوزاتهم ومؤامراتهم الدنيئة لتعطيل الإدارة وضرب دواليب الدولة"، قد يكون إلى حدّ الآن تقدير الموقف عاديا وسليما، لكن إذا واصلنا الاطلاع على فحوى هذا البيان نكتشف ما يستوجب التوضيح ، اقصد تحديدا تلك الجملة التي يتهم فيها الوزير صراحة وبعيدا عن واجب التحفظ زملاءه بالفساد، إذ جاء في نصّ البيان ما يلي:"على عكس ما شهدته في السنوات الماضية، لسوء التصرف والهروب من المسؤولية والمحاباة"!!. ويكرّر نفس الجملة في نفس البيان في موضع آخر ولكن أكثر حدَة وتفصيلا بما يشير القول إلى ما يلي :"على عكس ما شهدته الوزارة طوال عقود ماضية وخاصة خلال السنوات الثلاث السابقة (يقصد مرحلة الوزير الذي سبقه عثمان الجارندي) من سوء تصرّف وهروب من المسؤولية وسياسة ممنهجة من التهميش والإقصاء طالت العديد من أعوانها وإطاراتها مما انعكس سلبا على صورة تونس وعلى حضورها في المحافل الدولية والإقليمية ".
أراد رجل أن يطلق زوجته، فقيل له: ما يسوؤك منها؟ قال: العاقل لا يهتك ستر زوجته .