إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في غياب محكمة دستورية.. هل تضمن قانون المالية أحكاما تتعارض مع الدستور؟

 

تونس- الصباح

صدر قانون المالية لسنة 2024 في الرائد الرسمي الأخير وذلك بعد ختمه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، وذهب في اعتقاد بعض النواب والمتابعين للجلسة العامة البرلمانية المنعقدة الأسبوع الماضي بقصر باردو للتصويت على الفصول الواردة فيه، أن رئيس الجمهورية قد يمارس حق الرد لأن مجلس نواب الشعب مرر أحكاما مخالفة للدستور والقانون الأساسي للميزانية وذلك بالنظر إلى أن رئيس الجمهورية هو الضامن لاحترام الدستور، كما أنه هو الوحيد في الوقت الراهن الذي يحتكر تأويل أحكام الدستور نظرا لغياب الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي وقع حذفها بمقتضى الفصل 21 من الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، ولعدم تركيز المحكمة الدستورية المنصوص عليها بالباب الخامس من الدستور.

وأتاح الفصل 78 من دستور 2022 لرئيس الجمهورية حق رد مشروع قانون المالية إلى مجلس نواب الشعب لقراءة ثانية خلال اليومين المواليين لمصادقة المجلس عليه، وجاء في هذا الفصل أنه في صورة الرد يجتمع المجلس للتداول ثانية خلال الأيام الثلاثة الموالية لممارسة حق الرد.

وكانت ممثلة الوظيفة التنفيذية، وزيرة المالية سهام البوغديري عبرت بصفة صريحة خلال الجلسة العامة المذكورة عن رفضها بعض مقترحات التعديل التي تقدم بها النواب لمشروع قانون المالية وأهمها الفصل الإضافي الذي تم اقتراحه من قبل نواب كتلة الخط  الوطني السيادي والمتعلق بإحداث صندوق وطني للإصلاح التربوي. ففضلا عن انتقاد الوزيرة لصياغة الفصل قالت إنه يتعارض مع أحكام الدستور والقانون الأساسي للميزانية، ولكن رغم ذلك حظي هذا الفصل بموافقة الأغلبية المطلوبة.

حيث نص قانون المالية المنشور بالرائد الرسمي بتاريخ 12 ديسمبر الجاري في الفصل 15 على أن "يحدث صندوق وطني للإصلاح التربوي. ويموّل هذا الصندوق من:

أ ـ تبرعات التونسيات والتونسيين في الداخل والخارج،

ب ـ نسبة 0.5% من أرباح المؤسسات التربوية الخاصة من مدارس ومعاهد وكليات ومراكز تكوين،

ج ـ نسبة 0.25% من أرباح الشركات البترولية وشركات التأمين والبنوك والفضاءات التجارية الكبرى والصيدليات.

وينفق من هذا الصندوق على مختلف العمليات المتعلّقة بالإصلاح التربوي من:

أ ـ الأنشطة المتعلّقة بتشخيص واقع المنظومة التربوية،

ب ـ الأنشطة المتعلّقة بهندسة البرامج والمناهج البديلة،

ج ـ إعداد الفضاءات التربوية لتكون جاهزة لتحقيق الأهداف البيداغوجية المرجوة من عملية الإصلاح التربوي.

آمر الصرف لهذا الصندوق: رئيس المجلس الأعلى للتربية وتسند هذه المهمة إلى السيد وزير التربية مؤقّتا إلى حين تعيين رئيس للمجلس الأعلى للتربية".

تطوير المنظومة القضائية

إضافة إلى الفصل المتعلق بصندوق الإصلاح التربوي، هناك فصل آخر مشوب بعدم الدستورية وهو يتعلق بإحداث حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية.  إذ نص الفصل 13 من قانون المالية لسنة 2024 على ما يلي: "يفتح بدفاتر أمين المال العام للبلاد التونسية حساب خاص في الخزينة يطلق عليه اسم "حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية" للمساهمة في تمويل البرامج الرامية إلى تحسين المرفق القضائي العدلي. ويتولى الوزير المكلف بالعدل الإذن بالدفع لمصاريف الحساب وتكتسي نفقات الحساب صبغة تقديرية. تضبط تدخلات الحساب بأمر.

يمول حساب "دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية" بـ:

- مبلغ "الديسيمات" الإضافية للخطايا والعقوبات المالية المنصوص عليها بالأمر المؤرخ في 17 جوان 1954 والمستخلصة فعليا،

- معلوم على الأذون على العرائض وعلى الأوامر بالدفع، يوظف بمقدار 10 دنانير على مطالب الأذون وعلى مطالب الأوامر بالدفع وعلى عرائض الطعون في الأذون والأوامر المذكورة.

يدفع هذا المعلوم بواسطة وصل طبقا لأحكام الفصل 128 رابعا من مجلة معاليم التسجيل والطابع الجبائي ويرفق بمطلب الإذن أو بمطلب الأمر بالدفع أو بعريضة الطعن.

- نسبة 30% من المعاليم المدفوعة مقابل الإجراءات المنصوص عليها بالجدول رقم 1 من الفصل الأول من الأمر الرئاسي عدد 298 لسنة 2022 المؤرخ في 28 مارس 2022 المتعلق بضبط مقدار المعاليم مقابل الخدمات المسداة من قبل المركز الوطني لسجل المؤسسات وطرق استخلاصها.

- الموارد المتأتية من معاليم الخدمات المسداة من قبل الهياكل العدلية التي يمكن أن تخصص للحساب طبقا للتشريع أو التراتيب الجاري بها العمل.

ـ الهبات والموارد الخصوصية المسندة لفائدة المحاكم العدلية وفقا للتشريع أو التراتيب الجاري بها العمل".

ولم يقع اقتراح هذا الفصل من قبل عدد من نواب كما هو الحال بالنسبة إلى الصندوق الوطني للإصلاح التربوي سالف الذكر بل ورد ضمن الصيغة الأصلية لمشروع قانون المالية المقدمة من قبل الحكومة وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة في صيغته الأصلية.

وبالعودة إلى مداولات المجلس حول مشروع قانون المالية لسنة 2024 يمكن الإشارة إلى أنه جاء في تقرير لجنة المالية والميزانية الذي قرأه مقرر اللجنة عصام البحري الجابري أن عميد المحامين اعتبر خلال جلسة استماع نظمتها اللجنة يوم 16 نوفمبر 2023  أن الأحكام الواردة في الفصل المتعلق بإحداث حساب خاص في الخزينة لدعم تطوير العدالة والمتعلقة بإقرار معاليم جديدة مخالفة للدستور وخاصة الفصل 124 منه الذي أوجب تيسير اللجوء إلى العدالة وكفل للمواطن مبدأ التقاضي على درجتين. وبيّن العميد أن المعلوم الجديد من شأنه إثقال كاهل المتقاضين وحق المحامي في النيابة أمام المحاكم واعتبر أن تخصيص جزء من الخطايا يضر بحقوق المتهم الشرعية، وذكّر بأن نفس هذه المقترحات سبق لوزارة المالية أن تقدمت بها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020 وتم العدول عنها واقترح حذف الفصل أو تعديله في اتجاه حذف النقاط التي تمسّ من مبادئ تسهيل النفاذ للعدالة ومن مسألة خصم أجزاء من الخطايا المدفوعة لفائدة تطوير القضاء ودعا إلى التفكير في نصوص تمكن من تعبئة موارد الدولة واستخلاص الديون المثقلة بإجراءات تضمن العدالة الجبائية دون المساس بحق المواطن في التقاضي.

حق الملكية

وأبدى بعض المهتمين بالشأن العام استغرابهم من تمرير الفصل 65  من قانون المالية الوارد تحت عنوان تحويل المبالغ المالية المجمدة لحسابات الخزينة العامة للبلاد التونسية وقالوا إنه مشوب بعدم الدستورية ويضرب حق الملكية، لكن بالعودة إلى الفصل 29 من الدستور نجد أن حق الملكية فيه لم يرد على الإطلاق بل نص على أن "حق الملكية مضمون، ولا يمكن الحد منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون".

وجاء في الفصل 65 من قانون المالية لسنة 2024 ما يلي: "يتعين على البنوك، التصريح لدى أمين المال العام للبلاد التونسية خلال الخمسة عشر يوما الأولى من كل ثلاثية مدنية بالمبالغ المالية المرصودة بالحسابات المفتوحة لديها والراجعة لأشخاص من ذوي الجنسية التونسية ولتنظيمات وكيانات تم تكوينها طبقا للتشريع الجاري به العمل بالبلاد التونسية ومدرجين بقرارات تجميد سارية المفعول خلال الثلاثية السابقة وذلك حسب نموذج تعدّه الإدارة وإيداع هذه المبالغ بالحساب الجاري للخزينة لدى البنك المركزي التونسي وذلك في نفس الأجل المذكور أعلاه. وتودع الأموال المجمعة بهذا العنوان ببند خاص يحدث بكتابات الخزينة العامة للبلاد التونسية بعمليات الخزينة. وتطبق الأحكام المشار إليها أعلاه على حسابات الأشخاص والتنظيمات والكيانات المشار إليهم بالفقرة الأولى من هذا الفصل والمدرجين بقرارات تجميد سارية المفعول ابتداء من غرة جانفي 2024.

يتعيّن على البنوك، التصريح لدى أمين المال العام للبلاد التونسية بالمبالغ المالية المرصودة بالحسابات المفتوحة لديها والراجعة لأشخاص من ذوي الجنسية التونسية ولتنظيمات وكيانات تم تكوينها طبقا للتشريع الجاري به العمل بالبلاد التونسية ومدرجين بقرارات تجميد سارية المفعول في تاريخ 31 ديسمبر 2023 وذلك حسب نموذج تعدّه الإدارة وإيداع هذه المبالغ بالحساب الجاري للخزينة لدى البنك المركزي التونسي وذلك في أجل أقصاه 15 أفريل 2024. وتودع الأموال المجمعة بهذا العنوان ببند خاص يحدث بكتابات الخزينة العامة للبلاد التونسية بعمليات الخزينة.

يكون تحويل المبالغ المالية المشار إليها بهذا الفصل بصفة مؤقتة إلى حين رفع إجراء تجميد الحساب المعني على أن تتولى البنوك إعلام أمين المال العام بما يفيد رفع التجميد في أجل أقصاه 5 أيام من تاريخ تلقي الإذن برفع التجميد وذلك قصد إرجاع المبالغ المجمدة إلى الحسابات المفتوحة لديها.

تعاقب كل مؤسسة معنية بتطبيق أحكام هذا الفصل بخطية تساوي 10% من المبالغ المجمدة وغير المحولة في صورة عدم التصريح بهذه المبالغ أو التصريح بها بصفة مغلوطة أو منقوصة أو في صورة التصريح بها دون تحويلها إلى خزينة الدولة. وتتوّلى سلطة الإشراف والمراقبة الراجعة لها بالنظر المؤسسات المعنية بتطبيق هذه الأحكام معاينة هذه المخالفة وتطبيق الخطية المشار إليها أعلاه.

تطبّق أحكام هذا الفصل مع مراعاة الحالات المنصوص عليها بالفصلين 45 و104 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرّخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال والمنقح والمتمم بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019.

لهذا الغرض وعند تلقّي البنك الإذن برفع التجميد عن مبالغ محددة لتسديد المصاريف الضرورية أو الاستثنائية فإنه يتولى إعلام أمين المال العام للبلاد التونسية بذلك في أجل أقصاه 5 أيام من تاريخ تلقي هذا الإذن. ويقوم أمين المال العام للبلاد التونسية بتحويل المبالغ المحددة إلى حساب الشخص المجمدة أمواله.

غير أنه في الحالة التي يكون فيها التجميد مستندا لقرار من الهياكل الأممية المختصة فإن الإذن يجب أن يتضمن ما يفيد إعلام تلك الهياكل وعدم اعتراضها في الآجال القانونية المحددة لذلك والمنصوص عليها بالفصل 104 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال والمنقّح والمتمّم بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019. وفي هذه الحالة يتولى البنك إعلام أمين المال العام للبلاد التونسية بذلك في أجل أقصاه 5 أيام من تاريخ تلقي هذا الإذن".

فرسان الميزانية

وإضافة إلى هذه الفصول هناك أحكام أخرى وصفها بعض النواب بأنها من فرسان الميزانية لكنها حظيت بالموافقة وبالتالي تم إدراجها في قانون المالية لسنة 2024، ونظرا لغياب المحكمة الدستورية لم يتسن للنواب خاصة الذين صوتوا ضد مشروع قانون المالية أو الذين احتفظوا بأصواتهم كما لم يتسن لرئيس الجمهورية الطعن بعدم دستوريته.  وحسب الفصل 78 من الدستور:" يجوز لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء مجلس نواب الشعب أو لثلث أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، خلال الأيام الثلاثة الموالية لمصادقة المجلس للمرة الثانية بعد الرد أو بعد انقضاء آجال ممارسة حق الرد دون حصوله، الطعن بعدم الدستورية في أحكام قانون الماليّة أمام المحكمة الدستورية التي تبت في أجل لا يتجاوز الأيام الخمسة الموالية للطعن. إذا قضت المحكمة بعدم الدستورية، تحيل قرارها إلى رئيس الجمهورية الذي يحيله بدوره إلى رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، في أجل لا يتجاوز يومين اثنين من تاريخ قرار المحكمة. ويصادق المجلسان على المشروع خلال الأيام الثلاثة الموالية لتوصلهما بقرار المحكمة الدستورية. عند إقرار دستورية المشروع أو عند المصادقة عليه ثانية إثر الرد أو عند انقضاء آجال الـــرد وآجال الطعن بعدم الدستورية، يختم رئيس الجمهورية مشروع قانون الماليّة في أجل يومين. وفي كل الحالات يتم الختم في أجل لا يتعدى 31 من شهر ديسمبر. إذا لم تتم المصادقة على مشروع قانون الماليّة في أجل 31 من شهر ديسمبر، يمكن تنفيذ المشروع في ما يتعلق بالنفقات، بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد بمقتضى أمر، وتستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل".

وبعد صدور دستور 2022 وانطلاق مجلس نواب الشعب في ممارسة وظيفته التشريعية تعالت أصوات العديد من أعضائه للمطالبة بالتسريع في تركيز المحكمة الدستورية لكي يتمكن النواب أو رئيس الجمهورية من الطعن  بعدم دستورية مشاريع القوانين، حتى أن هناك منهم وفي مقدمتهم النائبة بسمة الهمامي بادروا بتقديم مقترح قانون يتعلق بإحداث المحكمة الدستورية لكن مكتب البرلمان لم يحله على اللجنة المختصة وهو ما جعل بعض النواب يشددون خلال نقاش ميزانية رئاسة الجمهورية على ضرورة التسريع في تركيز المحكمة، وهناك من النواب من فكر حتى في إحياء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.

عدم دستورية قوانين سابقة

ويذكر أنه بعد تركيز الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي وقع بعثها بمقتضى القانـــــون الأساسي عدد 14 لسنـــة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 وتعيين أعضائها بمقتضى القــــــــرار الجمــهوري عدد 89 لسنة 2014 المــــــؤرخ في 22 أفريل 2014 تولت الهيئة المذكورة البت في العديد من الطعون في مشاريع القوانين ومنها تلك المتعلقة بمشاريع قوانين المالية ومشاريع قوانين المالية التعديلية.

ففي سنة 2020 نظرت الهيئة في طعن في مشروع القانــون عدد 139 لسنة 2020 المتعلق بالمصادقة على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 من قبل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بتاريخ 27 نوفمبر 2020، وتقدم بعريضة الطعن آنذاك النواب سامية حمّودة عبّو، شكري الذويبي، هشام عجبوني، سلمى معالج، عبد الرزاق عويدات، نجم الدين بن سالم، نعمان العش، كمال الحبيب، نزار مخلوفي، محمد ضياء الدين بن عمر، عبد السلام بن عمارة، منيرة العياري، محمد بونني، هيكل المكي، ليلى الحداد، فرحات الراجحي، حاتم القروي، حاتم بوبكري، سالم قطاطة، بدر الدين القمودي، حسام موسى، رضا الزغمي، رضا الدلاعي، خالد الكريشي، محسن عرفاوي، زهير المغزاوي، نبيل حجي، أنور بالشاهد، منجي الرحوي، محمد عمار، أمل السعيدي.

أما في سنة 2018 فبتت الهيئة الوقتية في عريضة طعن بعدم دستورية مشروع القانون عدد 72 لسنة 2018 المتعلّق بقانون المالية لسنة 2019 والمصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب بتاريخ 10 ديسمبر 2018، وتم تقديم العريضة من قبل المنذر بلحاج علي والراحل الطيب المدني وفاطمة المسدّي  وأميرة الزوكاري وكمال هراغي  ومحمد عبد اللاّوي وألفة الجويني  وشاكر العيادي وأسماء أبو الهناء وعماد أولاد جبريل ولمياء الغربي  وتوفيق الجملي و طارق الفتيتي وهدى تقيّة والخنساء بن حراث ورضا الزغندي وشكيب باني ومحمد رمزي خميس وحسام بونني ونجلاء السعداوي ومحمد الفاضل بن عمران وفيصل خليفة  ودرّة اليعقوبي وعبد الرؤوف الشابي ومحمد القاهري ونورة العامري  وسماح بوحوال ومحمد الأمين كحلول ونوال طياش وابتهاج بن هلال ولمياء المليح  ومراد الحمايدي ونزار عمامي وعمار عمروسية وأيمن العلوي  ومباركة عواينيّة براهمي وعبد المومن بلعانس وفتحي الشامخي وزياد الأخضر و منجي الرحوي  وسعاد البيّولي الشفّي ووفاء مخلوف وعلي بالأخوة وعبد القادر بن ضيف اللّه  وحمد الخصخوصي ومحمد الحامدي وريم الثايري وعبد الوهاب الورفلي ومنير الحمدي ويوسف الجويني وعدنان الحاجي وياسين العياري وريم محجوب وجيلاني الهمامي وأحمد الصديق وزهير المغزاوي وصبري دخيل وسالم الأبيض ونعمان العش وسامية حمودة عبو وغازي الشّواشي  وفيصل التبّيني ورضا شرف الدّين ونذير بن عمّو وسفيان طوبال وأنس الحطاب ونور الدّين المرابطي ونور الدين بن عاشور وعبد العزيز القطّي وطارق البرّاق وهيكل بلقاسم وشفيق العيادي وكمال الذوّادي  وحسن العماري وسماح دمّق ومنجي الحرباوي.

وفي نفس السنة تولت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين البت في عريضة طعن في دستورية مشروع قانون المالية التكميلي عدد 73 لسنة 2018 التي رفعتها مجموعة من النّواب بمجلس نواب الشعب يمثلها النائب المنذر بلحاج علي بتاريخ 26 نوفمبر 2018.

وقبلها بسنتين تولت الهيئة البت في عريضة الطّعن في قانون الماليّة لسنة 2016 التي تقدّم بها مجموعة من النّواب منجي الرحوي وشفيق العيادي وطارق البراق وعبد المؤمن بلعانس وعمار عروسية ومراد حمايدي وجيلاني الهمامي وأيمن العلوي ونزار عمامي وزياد الأخضر وسعاد بيولي الشفي ومباركة براهمي وأحمد الصديق وهيكل بلقاسم وفتحي شامخي وسامية عبّو وزهير المغزاوي ومبروك الحريزي ونعمان العشّ وإبراهيم بن سعيد وصبري الدخيل وعماد الدايمي وسالم لبيض وغازي الشواشي وفيصل التبيني ورضا الدلاعي وريم الثايري ومحمد الحامدي وأحمد الخصخوصي وعدنان الحاجي وإياد الدهماني.

وفي أواخر سنة 2014  بتت الهيئة الوقتية في عريضة الدعوى التي تقدم بها النائب بمجلس نواب الشعب فيصل التبيني بتاريخ 18 ديسمبر 2014 والمضمنة تحت عدد 09/2014 والرامية إلى طلب القضاء بعدم دستورية الفصل 19 من مشروع قانون المالية لسنة 2015 المصادق عليه بتاريخ 10 ديسمبر 2014 لمخالفته للفصول 10 و15 و20 و21 و40 و41 و49 من الدستور التونسي وذلك برفضها شكلا لأن العريضة تضمنت اسم التبيني فقط.

طعن مقدم من الرئيس

وفي نفس الفترة نظرت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في عريضة طعن بعدم دستورية مشروع قانون المالية لسنة 2015 تقدم بها رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي وذلك قبل نصف شهر من أداء الرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي اليمين.  ورسمت هذه العريضة بتاريخ 15 ديسمبر 2014 وتضمنت طلب التصريح بعدم دستورية الفصول 11 و12 و13  من مشروع قانون المالية لسنة 2015  على اعتبار أنها من فرسان الميزانية وبعدم دستورية الفصل 28 من مشروع قانون المالية لسنة 2015 لمساسه بحق الملكية وذلك في مخالفة صريحة لأحكام دستور 2014، وبعد الإطلاع على رد تقدم به رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر  قضت الهيئة الوقتية آن ذاك بقبول الطعن شكلا وفي الأصل بعدم دستورية الفصول 11 و 12 و 13 و28 وفصلها من مشروع قانون المالية لسنة 2015 وإحالتها لرئيس الجمهورية لعرضها على مجلس نواب الشعب للتداول فيها ثانية وختمه لمشروع قانون المالية فيما زاد عن ذلك وصدر هذا القرار بتاريخ 22 ديسمبر 2014 بمقر الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بباردو برئاسة خالد العياري وعضوية  محمد فوزي بن حماد، عبد اللطيف خراط، لطفي طرشونة وليلى الشيخاوي.

سعيدة بوهلال

في غياب محكمة دستورية..   هل تضمن قانون المالية أحكاما تتعارض مع الدستور؟

 

تونس- الصباح

صدر قانون المالية لسنة 2024 في الرائد الرسمي الأخير وذلك بعد ختمه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد، وذهب في اعتقاد بعض النواب والمتابعين للجلسة العامة البرلمانية المنعقدة الأسبوع الماضي بقصر باردو للتصويت على الفصول الواردة فيه، أن رئيس الجمهورية قد يمارس حق الرد لأن مجلس نواب الشعب مرر أحكاما مخالفة للدستور والقانون الأساسي للميزانية وذلك بالنظر إلى أن رئيس الجمهورية هو الضامن لاحترام الدستور، كما أنه هو الوحيد في الوقت الراهن الذي يحتكر تأويل أحكام الدستور نظرا لغياب الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي وقع حذفها بمقتضى الفصل 21 من الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بتدابير استثنائية، ولعدم تركيز المحكمة الدستورية المنصوص عليها بالباب الخامس من الدستور.

وأتاح الفصل 78 من دستور 2022 لرئيس الجمهورية حق رد مشروع قانون المالية إلى مجلس نواب الشعب لقراءة ثانية خلال اليومين المواليين لمصادقة المجلس عليه، وجاء في هذا الفصل أنه في صورة الرد يجتمع المجلس للتداول ثانية خلال الأيام الثلاثة الموالية لممارسة حق الرد.

وكانت ممثلة الوظيفة التنفيذية، وزيرة المالية سهام البوغديري عبرت بصفة صريحة خلال الجلسة العامة المذكورة عن رفضها بعض مقترحات التعديل التي تقدم بها النواب لمشروع قانون المالية وأهمها الفصل الإضافي الذي تم اقتراحه من قبل نواب كتلة الخط  الوطني السيادي والمتعلق بإحداث صندوق وطني للإصلاح التربوي. ففضلا عن انتقاد الوزيرة لصياغة الفصل قالت إنه يتعارض مع أحكام الدستور والقانون الأساسي للميزانية، ولكن رغم ذلك حظي هذا الفصل بموافقة الأغلبية المطلوبة.

حيث نص قانون المالية المنشور بالرائد الرسمي بتاريخ 12 ديسمبر الجاري في الفصل 15 على أن "يحدث صندوق وطني للإصلاح التربوي. ويموّل هذا الصندوق من:

أ ـ تبرعات التونسيات والتونسيين في الداخل والخارج،

ب ـ نسبة 0.5% من أرباح المؤسسات التربوية الخاصة من مدارس ومعاهد وكليات ومراكز تكوين،

ج ـ نسبة 0.25% من أرباح الشركات البترولية وشركات التأمين والبنوك والفضاءات التجارية الكبرى والصيدليات.

وينفق من هذا الصندوق على مختلف العمليات المتعلّقة بالإصلاح التربوي من:

أ ـ الأنشطة المتعلّقة بتشخيص واقع المنظومة التربوية،

ب ـ الأنشطة المتعلّقة بهندسة البرامج والمناهج البديلة،

ج ـ إعداد الفضاءات التربوية لتكون جاهزة لتحقيق الأهداف البيداغوجية المرجوة من عملية الإصلاح التربوي.

آمر الصرف لهذا الصندوق: رئيس المجلس الأعلى للتربية وتسند هذه المهمة إلى السيد وزير التربية مؤقّتا إلى حين تعيين رئيس للمجلس الأعلى للتربية".

تطوير المنظومة القضائية

إضافة إلى الفصل المتعلق بصندوق الإصلاح التربوي، هناك فصل آخر مشوب بعدم الدستورية وهو يتعلق بإحداث حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية.  إذ نص الفصل 13 من قانون المالية لسنة 2024 على ما يلي: "يفتح بدفاتر أمين المال العام للبلاد التونسية حساب خاص في الخزينة يطلق عليه اسم "حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية" للمساهمة في تمويل البرامج الرامية إلى تحسين المرفق القضائي العدلي. ويتولى الوزير المكلف بالعدل الإذن بالدفع لمصاريف الحساب وتكتسي نفقات الحساب صبغة تقديرية. تضبط تدخلات الحساب بأمر.

يمول حساب "دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية" بـ:

- مبلغ "الديسيمات" الإضافية للخطايا والعقوبات المالية المنصوص عليها بالأمر المؤرخ في 17 جوان 1954 والمستخلصة فعليا،

- معلوم على الأذون على العرائض وعلى الأوامر بالدفع، يوظف بمقدار 10 دنانير على مطالب الأذون وعلى مطالب الأوامر بالدفع وعلى عرائض الطعون في الأذون والأوامر المذكورة.

يدفع هذا المعلوم بواسطة وصل طبقا لأحكام الفصل 128 رابعا من مجلة معاليم التسجيل والطابع الجبائي ويرفق بمطلب الإذن أو بمطلب الأمر بالدفع أو بعريضة الطعن.

- نسبة 30% من المعاليم المدفوعة مقابل الإجراءات المنصوص عليها بالجدول رقم 1 من الفصل الأول من الأمر الرئاسي عدد 298 لسنة 2022 المؤرخ في 28 مارس 2022 المتعلق بضبط مقدار المعاليم مقابل الخدمات المسداة من قبل المركز الوطني لسجل المؤسسات وطرق استخلاصها.

- الموارد المتأتية من معاليم الخدمات المسداة من قبل الهياكل العدلية التي يمكن أن تخصص للحساب طبقا للتشريع أو التراتيب الجاري بها العمل.

ـ الهبات والموارد الخصوصية المسندة لفائدة المحاكم العدلية وفقا للتشريع أو التراتيب الجاري بها العمل".

ولم يقع اقتراح هذا الفصل من قبل عدد من نواب كما هو الحال بالنسبة إلى الصندوق الوطني للإصلاح التربوي سالف الذكر بل ورد ضمن الصيغة الأصلية لمشروع قانون المالية المقدمة من قبل الحكومة وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب خلال الجلسة العامة في صيغته الأصلية.

وبالعودة إلى مداولات المجلس حول مشروع قانون المالية لسنة 2024 يمكن الإشارة إلى أنه جاء في تقرير لجنة المالية والميزانية الذي قرأه مقرر اللجنة عصام البحري الجابري أن عميد المحامين اعتبر خلال جلسة استماع نظمتها اللجنة يوم 16 نوفمبر 2023  أن الأحكام الواردة في الفصل المتعلق بإحداث حساب خاص في الخزينة لدعم تطوير العدالة والمتعلقة بإقرار معاليم جديدة مخالفة للدستور وخاصة الفصل 124 منه الذي أوجب تيسير اللجوء إلى العدالة وكفل للمواطن مبدأ التقاضي على درجتين. وبيّن العميد أن المعلوم الجديد من شأنه إثقال كاهل المتقاضين وحق المحامي في النيابة أمام المحاكم واعتبر أن تخصيص جزء من الخطايا يضر بحقوق المتهم الشرعية، وذكّر بأن نفس هذه المقترحات سبق لوزارة المالية أن تقدمت بها ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020 وتم العدول عنها واقترح حذف الفصل أو تعديله في اتجاه حذف النقاط التي تمسّ من مبادئ تسهيل النفاذ للعدالة ومن مسألة خصم أجزاء من الخطايا المدفوعة لفائدة تطوير القضاء ودعا إلى التفكير في نصوص تمكن من تعبئة موارد الدولة واستخلاص الديون المثقلة بإجراءات تضمن العدالة الجبائية دون المساس بحق المواطن في التقاضي.

حق الملكية

وأبدى بعض المهتمين بالشأن العام استغرابهم من تمرير الفصل 65  من قانون المالية الوارد تحت عنوان تحويل المبالغ المالية المجمدة لحسابات الخزينة العامة للبلاد التونسية وقالوا إنه مشوب بعدم الدستورية ويضرب حق الملكية، لكن بالعودة إلى الفصل 29 من الدستور نجد أن حق الملكية فيه لم يرد على الإطلاق بل نص على أن "حق الملكية مضمون، ولا يمكن الحد منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون".

وجاء في الفصل 65 من قانون المالية لسنة 2024 ما يلي: "يتعين على البنوك، التصريح لدى أمين المال العام للبلاد التونسية خلال الخمسة عشر يوما الأولى من كل ثلاثية مدنية بالمبالغ المالية المرصودة بالحسابات المفتوحة لديها والراجعة لأشخاص من ذوي الجنسية التونسية ولتنظيمات وكيانات تم تكوينها طبقا للتشريع الجاري به العمل بالبلاد التونسية ومدرجين بقرارات تجميد سارية المفعول خلال الثلاثية السابقة وذلك حسب نموذج تعدّه الإدارة وإيداع هذه المبالغ بالحساب الجاري للخزينة لدى البنك المركزي التونسي وذلك في نفس الأجل المذكور أعلاه. وتودع الأموال المجمعة بهذا العنوان ببند خاص يحدث بكتابات الخزينة العامة للبلاد التونسية بعمليات الخزينة. وتطبق الأحكام المشار إليها أعلاه على حسابات الأشخاص والتنظيمات والكيانات المشار إليهم بالفقرة الأولى من هذا الفصل والمدرجين بقرارات تجميد سارية المفعول ابتداء من غرة جانفي 2024.

يتعيّن على البنوك، التصريح لدى أمين المال العام للبلاد التونسية بالمبالغ المالية المرصودة بالحسابات المفتوحة لديها والراجعة لأشخاص من ذوي الجنسية التونسية ولتنظيمات وكيانات تم تكوينها طبقا للتشريع الجاري به العمل بالبلاد التونسية ومدرجين بقرارات تجميد سارية المفعول في تاريخ 31 ديسمبر 2023 وذلك حسب نموذج تعدّه الإدارة وإيداع هذه المبالغ بالحساب الجاري للخزينة لدى البنك المركزي التونسي وذلك في أجل أقصاه 15 أفريل 2024. وتودع الأموال المجمعة بهذا العنوان ببند خاص يحدث بكتابات الخزينة العامة للبلاد التونسية بعمليات الخزينة.

يكون تحويل المبالغ المالية المشار إليها بهذا الفصل بصفة مؤقتة إلى حين رفع إجراء تجميد الحساب المعني على أن تتولى البنوك إعلام أمين المال العام بما يفيد رفع التجميد في أجل أقصاه 5 أيام من تاريخ تلقي الإذن برفع التجميد وذلك قصد إرجاع المبالغ المجمدة إلى الحسابات المفتوحة لديها.

تعاقب كل مؤسسة معنية بتطبيق أحكام هذا الفصل بخطية تساوي 10% من المبالغ المجمدة وغير المحولة في صورة عدم التصريح بهذه المبالغ أو التصريح بها بصفة مغلوطة أو منقوصة أو في صورة التصريح بها دون تحويلها إلى خزينة الدولة. وتتوّلى سلطة الإشراف والمراقبة الراجعة لها بالنظر المؤسسات المعنية بتطبيق هذه الأحكام معاينة هذه المخالفة وتطبيق الخطية المشار إليها أعلاه.

تطبّق أحكام هذا الفصل مع مراعاة الحالات المنصوص عليها بالفصلين 45 و104 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرّخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال والمنقح والمتمم بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019.

لهذا الغرض وعند تلقّي البنك الإذن برفع التجميد عن مبالغ محددة لتسديد المصاريف الضرورية أو الاستثنائية فإنه يتولى إعلام أمين المال العام للبلاد التونسية بذلك في أجل أقصاه 5 أيام من تاريخ تلقي هذا الإذن. ويقوم أمين المال العام للبلاد التونسية بتحويل المبالغ المحددة إلى حساب الشخص المجمدة أمواله.

غير أنه في الحالة التي يكون فيها التجميد مستندا لقرار من الهياكل الأممية المختصة فإن الإذن يجب أن يتضمن ما يفيد إعلام تلك الهياكل وعدم اعتراضها في الآجال القانونية المحددة لذلك والمنصوص عليها بالفصل 104 من القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 المؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال والمنقّح والمتمّم بالقانون الأساسي عدد 9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019. وفي هذه الحالة يتولى البنك إعلام أمين المال العام للبلاد التونسية بذلك في أجل أقصاه 5 أيام من تاريخ تلقي هذا الإذن".

فرسان الميزانية

وإضافة إلى هذه الفصول هناك أحكام أخرى وصفها بعض النواب بأنها من فرسان الميزانية لكنها حظيت بالموافقة وبالتالي تم إدراجها في قانون المالية لسنة 2024، ونظرا لغياب المحكمة الدستورية لم يتسن للنواب خاصة الذين صوتوا ضد مشروع قانون المالية أو الذين احتفظوا بأصواتهم كما لم يتسن لرئيس الجمهورية الطعن بعدم دستوريته.  وحسب الفصل 78 من الدستور:" يجوز لرئيس الجمهورية أو لثلث أعضاء مجلس نواب الشعب أو لثلث أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم، خلال الأيام الثلاثة الموالية لمصادقة المجلس للمرة الثانية بعد الرد أو بعد انقضاء آجال ممارسة حق الرد دون حصوله، الطعن بعدم الدستورية في أحكام قانون الماليّة أمام المحكمة الدستورية التي تبت في أجل لا يتجاوز الأيام الخمسة الموالية للطعن. إذا قضت المحكمة بعدم الدستورية، تحيل قرارها إلى رئيس الجمهورية الذي يحيله بدوره إلى رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم، في أجل لا يتجاوز يومين اثنين من تاريخ قرار المحكمة. ويصادق المجلسان على المشروع خلال الأيام الثلاثة الموالية لتوصلهما بقرار المحكمة الدستورية. عند إقرار دستورية المشروع أو عند المصادقة عليه ثانية إثر الرد أو عند انقضاء آجال الـــرد وآجال الطعن بعدم الدستورية، يختم رئيس الجمهورية مشروع قانون الماليّة في أجل يومين. وفي كل الحالات يتم الختم في أجل لا يتعدى 31 من شهر ديسمبر. إذا لم تتم المصادقة على مشروع قانون الماليّة في أجل 31 من شهر ديسمبر، يمكن تنفيذ المشروع في ما يتعلق بالنفقات، بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد بمقتضى أمر، وتستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل".

وبعد صدور دستور 2022 وانطلاق مجلس نواب الشعب في ممارسة وظيفته التشريعية تعالت أصوات العديد من أعضائه للمطالبة بالتسريع في تركيز المحكمة الدستورية لكي يتمكن النواب أو رئيس الجمهورية من الطعن  بعدم دستورية مشاريع القوانين، حتى أن هناك منهم وفي مقدمتهم النائبة بسمة الهمامي بادروا بتقديم مقترح قانون يتعلق بإحداث المحكمة الدستورية لكن مكتب البرلمان لم يحله على اللجنة المختصة وهو ما جعل بعض النواب يشددون خلال نقاش ميزانية رئاسة الجمهورية على ضرورة التسريع في تركيز المحكمة، وهناك من النواب من فكر حتى في إحياء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين.

عدم دستورية قوانين سابقة

ويذكر أنه بعد تركيز الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي وقع بعثها بمقتضى القانـــــون الأساسي عدد 14 لسنـــة 2014 المؤرخ في 18 أفريل 2014 وتعيين أعضائها بمقتضى القــــــــرار الجمــهوري عدد 89 لسنة 2014 المــــــؤرخ في 22 أفريل 2014 تولت الهيئة المذكورة البت في العديد من الطعون في مشاريع القوانين ومنها تلك المتعلقة بمشاريع قوانين المالية ومشاريع قوانين المالية التعديلية.

ففي سنة 2020 نظرت الهيئة في طعن في مشروع القانــون عدد 139 لسنة 2020 المتعلق بالمصادقة على مشروع قانون المالية التعديلي لسنة 2020 من قبل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب بتاريخ 27 نوفمبر 2020، وتقدم بعريضة الطعن آنذاك النواب سامية حمّودة عبّو، شكري الذويبي، هشام عجبوني، سلمى معالج، عبد الرزاق عويدات، نجم الدين بن سالم، نعمان العش، كمال الحبيب، نزار مخلوفي، محمد ضياء الدين بن عمر، عبد السلام بن عمارة، منيرة العياري، محمد بونني، هيكل المكي، ليلى الحداد، فرحات الراجحي، حاتم القروي، حاتم بوبكري، سالم قطاطة، بدر الدين القمودي، حسام موسى، رضا الزغمي، رضا الدلاعي، خالد الكريشي، محسن عرفاوي، زهير المغزاوي، نبيل حجي، أنور بالشاهد، منجي الرحوي، محمد عمار، أمل السعيدي.

أما في سنة 2018 فبتت الهيئة الوقتية في عريضة طعن بعدم دستورية مشروع القانون عدد 72 لسنة 2018 المتعلّق بقانون المالية لسنة 2019 والمصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب بتاريخ 10 ديسمبر 2018، وتم تقديم العريضة من قبل المنذر بلحاج علي والراحل الطيب المدني وفاطمة المسدّي  وأميرة الزوكاري وكمال هراغي  ومحمد عبد اللاّوي وألفة الجويني  وشاكر العيادي وأسماء أبو الهناء وعماد أولاد جبريل ولمياء الغربي  وتوفيق الجملي و طارق الفتيتي وهدى تقيّة والخنساء بن حراث ورضا الزغندي وشكيب باني ومحمد رمزي خميس وحسام بونني ونجلاء السعداوي ومحمد الفاضل بن عمران وفيصل خليفة  ودرّة اليعقوبي وعبد الرؤوف الشابي ومحمد القاهري ونورة العامري  وسماح بوحوال ومحمد الأمين كحلول ونوال طياش وابتهاج بن هلال ولمياء المليح  ومراد الحمايدي ونزار عمامي وعمار عمروسية وأيمن العلوي  ومباركة عواينيّة براهمي وعبد المومن بلعانس وفتحي الشامخي وزياد الأخضر و منجي الرحوي  وسعاد البيّولي الشفّي ووفاء مخلوف وعلي بالأخوة وعبد القادر بن ضيف اللّه  وحمد الخصخوصي ومحمد الحامدي وريم الثايري وعبد الوهاب الورفلي ومنير الحمدي ويوسف الجويني وعدنان الحاجي وياسين العياري وريم محجوب وجيلاني الهمامي وأحمد الصديق وزهير المغزاوي وصبري دخيل وسالم الأبيض ونعمان العش وسامية حمودة عبو وغازي الشّواشي  وفيصل التبّيني ورضا شرف الدّين ونذير بن عمّو وسفيان طوبال وأنس الحطاب ونور الدّين المرابطي ونور الدين بن عاشور وعبد العزيز القطّي وطارق البرّاق وهيكل بلقاسم وشفيق العيادي وكمال الذوّادي  وحسن العماري وسماح دمّق ومنجي الحرباوي.

وفي نفس السنة تولت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين البت في عريضة طعن في دستورية مشروع قانون المالية التكميلي عدد 73 لسنة 2018 التي رفعتها مجموعة من النّواب بمجلس نواب الشعب يمثلها النائب المنذر بلحاج علي بتاريخ 26 نوفمبر 2018.

وقبلها بسنتين تولت الهيئة البت في عريضة الطّعن في قانون الماليّة لسنة 2016 التي تقدّم بها مجموعة من النّواب منجي الرحوي وشفيق العيادي وطارق البراق وعبد المؤمن بلعانس وعمار عروسية ومراد حمايدي وجيلاني الهمامي وأيمن العلوي ونزار عمامي وزياد الأخضر وسعاد بيولي الشفي ومباركة براهمي وأحمد الصديق وهيكل بلقاسم وفتحي شامخي وسامية عبّو وزهير المغزاوي ومبروك الحريزي ونعمان العشّ وإبراهيم بن سعيد وصبري الدخيل وعماد الدايمي وسالم لبيض وغازي الشواشي وفيصل التبيني ورضا الدلاعي وريم الثايري ومحمد الحامدي وأحمد الخصخوصي وعدنان الحاجي وإياد الدهماني.

وفي أواخر سنة 2014  بتت الهيئة الوقتية في عريضة الدعوى التي تقدم بها النائب بمجلس نواب الشعب فيصل التبيني بتاريخ 18 ديسمبر 2014 والمضمنة تحت عدد 09/2014 والرامية إلى طلب القضاء بعدم دستورية الفصل 19 من مشروع قانون المالية لسنة 2015 المصادق عليه بتاريخ 10 ديسمبر 2014 لمخالفته للفصول 10 و15 و20 و21 و40 و41 و49 من الدستور التونسي وذلك برفضها شكلا لأن العريضة تضمنت اسم التبيني فقط.

طعن مقدم من الرئيس

وفي نفس الفترة نظرت الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين في عريضة طعن بعدم دستورية مشروع قانون المالية لسنة 2015 تقدم بها رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي وذلك قبل نصف شهر من أداء الرئيس المنتخب الباجي قائد السبسي اليمين.  ورسمت هذه العريضة بتاريخ 15 ديسمبر 2014 وتضمنت طلب التصريح بعدم دستورية الفصول 11 و12 و13  من مشروع قانون المالية لسنة 2015  على اعتبار أنها من فرسان الميزانية وبعدم دستورية الفصل 28 من مشروع قانون المالية لسنة 2015 لمساسه بحق الملكية وذلك في مخالفة صريحة لأحكام دستور 2014، وبعد الإطلاع على رد تقدم به رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر  قضت الهيئة الوقتية آن ذاك بقبول الطعن شكلا وفي الأصل بعدم دستورية الفصول 11 و 12 و 13 و28 وفصلها من مشروع قانون المالية لسنة 2015 وإحالتها لرئيس الجمهورية لعرضها على مجلس نواب الشعب للتداول فيها ثانية وختمه لمشروع قانون المالية فيما زاد عن ذلك وصدر هذا القرار بتاريخ 22 ديسمبر 2014 بمقر الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين بباردو برئاسة خالد العياري وعضوية  محمد فوزي بن حماد، عبد اللطيف خراط، لطفي طرشونة وليلى الشيخاوي.

سعيدة بوهلال