إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

فيما فشلت سابقاتها.. هل تنجح حكومة الحشاني في تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية؟

 

تونس- الصباح

مرة أخرى يطفو الفصل 96 من المجلة الجزائية المثير للجدل على سطح الأحداث من جديد، هذا الفصل الذي يخيف جل الإداريين في تونس باعتباره سيفا مسلطا على رقابهم ويحال على معناه عدد كبير من المسؤولين الكبار في الدولة مباشرين أو سبق أن تحملوا مناصب في الوظيفة العمومية أو في مؤسسات أو منشآت بالقطاع العام، بتهم يتعلق أغلبها بشبهات إساءة التصرف في المال العام، واستغلال موظّف عمومي صفته لاستخلاص فائدة لنفسه أو لغيره والإضرار بالإدارة..

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد تحدّث أول أمس مجددا، عن الفصل المذكور، وقال إن "بعض المرافق العمومية لا تعمل بصفة طبيعية تحت ذريعة الفصل 96"، مشيرا إلى أنه "سيتم تعديله في أقرب الآجال حتى لا يتعلل أي شخص بهذا الفصل مجددا."

تعهدت جل الحكومات التي جاءت بعد 2011، أو عبّرت عن نيتها تغيير هذا الفصل وتنقيحه، لكنها فشلت، وهناك حكومات باشرت فعلا عملية تنقيحه وأحيلت من أجل ذلك مشاريع قوانين للبرلمان لكن لسبب ما فشلت في تمريرها، على غرار حكومة إلياس الفخفاخ (2020)، ثم حكومة هشام المشيشي، التي فشلت بدورها في تمرير التنقيح للمصادقة على البرلمان، قبل أن تنفض حكومة نجلاء بودن الغبار عن نفس الفصل، لكن الى حد اليوم ما يزال المسار متوقفا في حدود النقاش والمشاورات..

وتهدف مبادرات التنقيح إلى إدخال بعض المرونة في أحكام الفصل وتوضيح بعض جوانبه الغامضة القابلة للتأويل، على اعتبار أن طريقة صياغته كبلت أصحاب القرار في الإدارة التونسية وجعلته يترددون في اتخاذ قرارات أو المصادقة على صفقات أو مشاريع بسبب خوفهم من وقوعهم تحت طائلة الفصل 96 في صورة اكتشاف إخلالات لاحقا..

ويتضمن الفصل في الظاهر جريمة واحدة لكنّه في الواقع يتضمن ستة جرائم فرعية وهي جريمة استغلال الصفة لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه، جريمة استغلال الصفة لاستخلاص فائدة لا وجه لها للغير، جريمة استغلال الصفة للإضرار بالإدارة، جريمة مخالفة التراتيب لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه، جريمة مخالفة التراتيب لاستخلاص فائدة لا وجه لها للغير، وجريمة مخالفة التراتيب للإضرار بالإدارة.

وبالعودة إلى مسار تنقيح الفصل الذي يعتبر من أقدم الفصول القانونية (المجلة الجزائية تعود إلى سنة 1913)، يتضح أن حكومة بودن كانت قد شرعت في عملية دراسة تنقيحه منذ أكثر من عام ونصف، دون أن تتمكن من صياغة مشروع نص نهائي بشأنه.

ثم جاء رئيس الحكومة الحالي أحمد الحشاني، ليؤكد خلال إلقائه بيان الحكومة أمام البرلمان بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام المقبل، تعهد الحكومة مجددا بتقديم مشروع قانون بخصوص تنقيح هذا الفصل، وقال إنه سيتم "استكمال التشاور (مع البرلمان) حول مراجعة الفصل 96 من المجلة الجزائية وأيضا الفصل 411 من المجلة التجارية فيما يتعلق بإصدار شيك بدون رصيد"..

كما سبق أن شرع البرلمان الحالي في مناقشة مقترحات قوانين تقدمت بها مجموعتان من النواب تعلقت بتنقيح الفصل 96، لكن يبدو من تصريحات بعض رؤساء اللجان البرلمانية المعنية مثل لجنة التشريع العام ورئيس البرلمان تنتظر من الحكومة إحالة مشروع قانون في هذا الغرض، خلال الفترة القليلة المقبلة.

وفي هذا السياق كشفت لجنة التشريع العام بالبرلمان قبل أسبوع في بلاغ لها، أنه تم خلال جلسة لها إدراج مقترحين قانونين يتعلقان بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ضمن برنامج العمل للفترة القادمة..

وكان النائب بالبرلمان ومقرر لجنة التشريع العام ظافر الصغيري قد أكد في تصريح إذاعي خلال شهر سبتمبر الماضي، أن من الأولويات التشريعية التي سينظر فيها مجلس نواب الشعب مع العودة البرلمانية هي تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية وقانون الصرف ومجلة الاستثمار، مشيرا إلى أن المجلس حث الحكومة على تقديم مشاريع القوانين وأكد أنها تأخرت جدا وآن الأوان لعرضها..

قضايا بالجملة على معنى الفصل 96

يذكر أن الحكومات السابقة أعلنت في عديد المناسبات نيتها تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية، والذي تمت بموجبه محاكمة عدد من الوزراء والولاة والمديرين العامين وعدد من الإطارات الإدارية، كما أحيل على نفس الفصل عدد من النقابيين مثل الكاتب العام نقابة شركة تونس للطرقات السيارة..

وكان آخر المحالين على معنى هذا الفصل رئيس جامعة كرة القدم وديع الجريء، الذي تلاحقه قضايا وفق المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة شكري حمدة بتهم تتعّلق بالفساد المالي داخل الجامعة، وتحديدا بعدم شرعية العقد المبرم بين الجامعة والمدير الفني باعتبار الملف حالة من الحالات التي ينطبق عليها الفصل 96 من المجلة الجزائية.

الملفت للانتباه، أن رئيس الحكومة الأسبق الياس الفخفاخ الذي حاول تنقيح الفصل 96 سبق أن أحيل بدوره على القضاء من أجل شكايات ضده على معنى نفس الفصل، قبل أن يبرئه القضاء منها..

وينص الفصل الذي يعود آخر تنقيح له إلى سنة 1985 على ما يلي:

"يعاقب بالسجن مدة 10 أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكّلف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما.."

سيف مسلط على رقاب المتصرفين العموميين

ويتفق اليوم جل الخبراء ورجال القانون والسياسيين والمسؤولين الحكوميين على أن صيغة الفصل لم تعد ملائمة لتطور التشريع التونسي وخاصة ثبوت مساوئه العديدة على مستوى تعطيل تنفيذ المشاريع التنموية وتشجيع الاستثمار..

وسبق مثلا أن دعا رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية عماد الحزقي على هامش ملتقى انتظم في شهر ماي 2023 حول نظام مسؤولية المتصرف العمومي نظمته محكمة المحاسبات، إلى ضرورة مراجعة الفصل 96 وقال"هذا الفصل أصبح بمثابة المسلسل رغم عرض مشروع مراجعته والمصادقة سابقا."

وقال أيضا:"لم يصدر النص الجديد منذ حكومة هشام المشيشي إلى اليوم دون توضيح أسباب عدم صدور الصيغة الجديدة للفصل 96 الذي تعتبر فصوله بمثابة السيف المسلط على المتصرفين العموميين".

وسبق أن طالبت هيئات مهنية على غرار عمادة المهندسين، بتنقيح الفصل 96 خاصة بعد إيقافات طالت مهندسين، بسبب تعمد الخلط بين الأخطاء المهنية وجرائم الفساد، ما ينجرُّ عنه من إحجام عن المبادرة والاجتهاد صلب الإدارة خوفًا من احتمال التعرّض للمساءلة.

وعادة ما يتهم الفصل 96 بكونه معرقلا للاستثمار ومكبلا للإدارة التونسية، وعُرف أكثر بعد 2011، إذ التجأ إليه القضاء بكثرة في قضايا متصلة بشبهات فساد مالي وإداري تورط فيها أفراد من عائلات الرئيس الأسبق بن علي وأصهاره وإطارات عليا بالإدارة، وتواصل تطبيقه في عهد جل الحكومات بهدف مكافحة الفساد في عدة قضايا ما تزال مرفوعة لدى المحاكم.

وصفه سياسيون بـ"الدابة السوداء" لإطارات الدولة ولكل من يجد نفسه في موقع قرار وخاصة لحظة الإمضاء على قرارات رسمية حكومية أو توقيع اتفاقيات تمويل أو مشاريع صفقات واستثمار وغيرها من القرارات الإدارية المشابهة، وهو حاليا مصدر خوف لجل الموظفين، وهو بمثابة السيف المسلط على رقابهم، حتى أن البعض منهم بات يرفض التوقيع على قرارات إدارية حساسة خشية من تتبعات جزائية بمقتضى مضمون الفصل.

رفيق بن عبد الله

فيما فشلت سابقاتها..  هل تنجح حكومة الحشاني في تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية؟

 

تونس- الصباح

مرة أخرى يطفو الفصل 96 من المجلة الجزائية المثير للجدل على سطح الأحداث من جديد، هذا الفصل الذي يخيف جل الإداريين في تونس باعتباره سيفا مسلطا على رقابهم ويحال على معناه عدد كبير من المسؤولين الكبار في الدولة مباشرين أو سبق أن تحملوا مناصب في الوظيفة العمومية أو في مؤسسات أو منشآت بالقطاع العام، بتهم يتعلق أغلبها بشبهات إساءة التصرف في المال العام، واستغلال موظّف عمومي صفته لاستخلاص فائدة لنفسه أو لغيره والإضرار بالإدارة..

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد تحدّث أول أمس مجددا، عن الفصل المذكور، وقال إن "بعض المرافق العمومية لا تعمل بصفة طبيعية تحت ذريعة الفصل 96"، مشيرا إلى أنه "سيتم تعديله في أقرب الآجال حتى لا يتعلل أي شخص بهذا الفصل مجددا."

تعهدت جل الحكومات التي جاءت بعد 2011، أو عبّرت عن نيتها تغيير هذا الفصل وتنقيحه، لكنها فشلت، وهناك حكومات باشرت فعلا عملية تنقيحه وأحيلت من أجل ذلك مشاريع قوانين للبرلمان لكن لسبب ما فشلت في تمريرها، على غرار حكومة إلياس الفخفاخ (2020)، ثم حكومة هشام المشيشي، التي فشلت بدورها في تمرير التنقيح للمصادقة على البرلمان، قبل أن تنفض حكومة نجلاء بودن الغبار عن نفس الفصل، لكن الى حد اليوم ما يزال المسار متوقفا في حدود النقاش والمشاورات..

وتهدف مبادرات التنقيح إلى إدخال بعض المرونة في أحكام الفصل وتوضيح بعض جوانبه الغامضة القابلة للتأويل، على اعتبار أن طريقة صياغته كبلت أصحاب القرار في الإدارة التونسية وجعلته يترددون في اتخاذ قرارات أو المصادقة على صفقات أو مشاريع بسبب خوفهم من وقوعهم تحت طائلة الفصل 96 في صورة اكتشاف إخلالات لاحقا..

ويتضمن الفصل في الظاهر جريمة واحدة لكنّه في الواقع يتضمن ستة جرائم فرعية وهي جريمة استغلال الصفة لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه، جريمة استغلال الصفة لاستخلاص فائدة لا وجه لها للغير، جريمة استغلال الصفة للإضرار بالإدارة، جريمة مخالفة التراتيب لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه، جريمة مخالفة التراتيب لاستخلاص فائدة لا وجه لها للغير، وجريمة مخالفة التراتيب للإضرار بالإدارة.

وبالعودة إلى مسار تنقيح الفصل الذي يعتبر من أقدم الفصول القانونية (المجلة الجزائية تعود إلى سنة 1913)، يتضح أن حكومة بودن كانت قد شرعت في عملية دراسة تنقيحه منذ أكثر من عام ونصف، دون أن تتمكن من صياغة مشروع نص نهائي بشأنه.

ثم جاء رئيس الحكومة الحالي أحمد الحشاني، ليؤكد خلال إلقائه بيان الحكومة أمام البرلمان بمناسبة مناقشة مشروع ميزانية الدولة للعام المقبل، تعهد الحكومة مجددا بتقديم مشروع قانون بخصوص تنقيح هذا الفصل، وقال إنه سيتم "استكمال التشاور (مع البرلمان) حول مراجعة الفصل 96 من المجلة الجزائية وأيضا الفصل 411 من المجلة التجارية فيما يتعلق بإصدار شيك بدون رصيد"..

كما سبق أن شرع البرلمان الحالي في مناقشة مقترحات قوانين تقدمت بها مجموعتان من النواب تعلقت بتنقيح الفصل 96، لكن يبدو من تصريحات بعض رؤساء اللجان البرلمانية المعنية مثل لجنة التشريع العام ورئيس البرلمان تنتظر من الحكومة إحالة مشروع قانون في هذا الغرض، خلال الفترة القليلة المقبلة.

وفي هذا السياق كشفت لجنة التشريع العام بالبرلمان قبل أسبوع في بلاغ لها، أنه تم خلال جلسة لها إدراج مقترحين قانونين يتعلقان بتنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ضمن برنامج العمل للفترة القادمة..

وكان النائب بالبرلمان ومقرر لجنة التشريع العام ظافر الصغيري قد أكد في تصريح إذاعي خلال شهر سبتمبر الماضي، أن من الأولويات التشريعية التي سينظر فيها مجلس نواب الشعب مع العودة البرلمانية هي تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية وقانون الصرف ومجلة الاستثمار، مشيرا إلى أن المجلس حث الحكومة على تقديم مشاريع القوانين وأكد أنها تأخرت جدا وآن الأوان لعرضها..

قضايا بالجملة على معنى الفصل 96

يذكر أن الحكومات السابقة أعلنت في عديد المناسبات نيتها تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية، والذي تمت بموجبه محاكمة عدد من الوزراء والولاة والمديرين العامين وعدد من الإطارات الإدارية، كما أحيل على نفس الفصل عدد من النقابيين مثل الكاتب العام نقابة شركة تونس للطرقات السيارة..

وكان آخر المحالين على معنى هذا الفصل رئيس جامعة كرة القدم وديع الجريء، الذي تلاحقه قضايا وفق المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة شكري حمدة بتهم تتعّلق بالفساد المالي داخل الجامعة، وتحديدا بعدم شرعية العقد المبرم بين الجامعة والمدير الفني باعتبار الملف حالة من الحالات التي ينطبق عليها الفصل 96 من المجلة الجزائية.

الملفت للانتباه، أن رئيس الحكومة الأسبق الياس الفخفاخ الذي حاول تنقيح الفصل 96 سبق أن أحيل بدوره على القضاء من أجل شكايات ضده على معنى نفس الفصل، قبل أن يبرئه القضاء منها..

وينص الفصل الذي يعود آخر تنقيح له إلى سنة 1985 على ما يلي:

"يعاقب بالسجن مدة 10 أعوام وبخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة الموظف العمومي أو شبهه وكل مدير أو عضو أو مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية أو الجمعيات ذات المصلحة القومية أو بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية أو الشركات التي تساهم الدولة في رأس مالها بصفة مباشرة أو غير مباشرة بنصيب ما أو الشركات التابعة إلى الجماعات العمومية المحلية مكّلف بمقتضى وظيفه ببيع أو صنع أو شراء أو إدارة أو حفظ أي مكاسب استغلّ صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو إلحاق الضرر المشار إليهما.."

سيف مسلط على رقاب المتصرفين العموميين

ويتفق اليوم جل الخبراء ورجال القانون والسياسيين والمسؤولين الحكوميين على أن صيغة الفصل لم تعد ملائمة لتطور التشريع التونسي وخاصة ثبوت مساوئه العديدة على مستوى تعطيل تنفيذ المشاريع التنموية وتشجيع الاستثمار..

وسبق مثلا أن دعا رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية عماد الحزقي على هامش ملتقى انتظم في شهر ماي 2023 حول نظام مسؤولية المتصرف العمومي نظمته محكمة المحاسبات، إلى ضرورة مراجعة الفصل 96 وقال"هذا الفصل أصبح بمثابة المسلسل رغم عرض مشروع مراجعته والمصادقة سابقا."

وقال أيضا:"لم يصدر النص الجديد منذ حكومة هشام المشيشي إلى اليوم دون توضيح أسباب عدم صدور الصيغة الجديدة للفصل 96 الذي تعتبر فصوله بمثابة السيف المسلط على المتصرفين العموميين".

وسبق أن طالبت هيئات مهنية على غرار عمادة المهندسين، بتنقيح الفصل 96 خاصة بعد إيقافات طالت مهندسين، بسبب تعمد الخلط بين الأخطاء المهنية وجرائم الفساد، ما ينجرُّ عنه من إحجام عن المبادرة والاجتهاد صلب الإدارة خوفًا من احتمال التعرّض للمساءلة.

وعادة ما يتهم الفصل 96 بكونه معرقلا للاستثمار ومكبلا للإدارة التونسية، وعُرف أكثر بعد 2011، إذ التجأ إليه القضاء بكثرة في قضايا متصلة بشبهات فساد مالي وإداري تورط فيها أفراد من عائلات الرئيس الأسبق بن علي وأصهاره وإطارات عليا بالإدارة، وتواصل تطبيقه في عهد جل الحكومات بهدف مكافحة الفساد في عدة قضايا ما تزال مرفوعة لدى المحاكم.

وصفه سياسيون بـ"الدابة السوداء" لإطارات الدولة ولكل من يجد نفسه في موقع قرار وخاصة لحظة الإمضاء على قرارات رسمية حكومية أو توقيع اتفاقيات تمويل أو مشاريع صفقات واستثمار وغيرها من القرارات الإدارية المشابهة، وهو حاليا مصدر خوف لجل الموظفين، وهو بمثابة السيف المسلط على رقابهم، حتى أن البعض منهم بات يرفض التوقيع على قرارات إدارية حساسة خشية من تتبعات جزائية بمقتضى مضمون الفصل.

رفيق بن عبد الله